صبري رسول
قد لا يلحق المُتابع بالرّد على أكاذيب تُنشر لكثرتها، لكن بعض المواقف يجب أن يضعها المرء تحت المجهر.
الردّ على ما ورد في كلام السّيد آلدار خليل من مهمّة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي أشعل عدة ثورات في وجه الأنظمة العراقية التي تنكّرت للحق الكُردي، بل تمادت في استخدام العنف المسلّح ضد الشّعب الكردي، واستخدم النظام البائد الأسلحة الكيماوية لإبادة هذا الشّعب.
الذي وقف في وجه طغيان تلك الأنظمة العنصرية كانت الثّورات الكردية التي أشعل فتيلها الأول ذلك الحزب الذي يدّعي – من هو جاهل بحقائق التّاريخ – بأنّه من صنع بريطانيا.
لا أعرف مدى فهم السّيد آلدار بالحقائق التاريخية عن النضال القومي الكُردي. وهل قرأ حقّاً تاريخ هذا الحزب النّضالي العريق؟ أجزم بأنّه لم يقرأ سوى «ترّهات وشذرات» صاغها صنّاع الفتن «SAVAMA» في طهران. بل لم أنّه لم يقرأ عن تاريخ المنطقة وعن النضال الكردي في العصر الحديث، ثم يأتي ويُناظِر فيه عن جهلٍ أسود، وهذا لا يليق بمن يقوم بالنضال القومي الكُردي.
هل يعلم السّيد آلدار أن الحزب الديمقراطي الكردستاني تأسّس في 16 آب عام 1946 بقيادة مصطفى البارزاني، في منزل (سعيد فهيم) بمدينة بغداد وبشكل سري، وشارك (70) ممثلاً؟ وكان اسمه (الحزب الديمقراطي الكردي) ولكن تغيير في المؤتمر الثالث بتاريخ 26/1/1953 المنعقد في مدينة كركوك إلى (الحزب الديمقراطي الكوردستاني).
جاء تأسيس الحزب تلبية لمتطلبات المرحلة في النضال الكُردي بعد انهيار جمهورية كردستان في مهاباد، ولعب حزب هيوا (1938) و حزب رزكاري (1945) دوراً كبيراً في نشر الوعي القومي، وتوّج بولادة هذا الحزب.
طبيعة وظروف المرحلت دفعت بالشّخصيات الوطنية إلى التّفكير جدياً بأهمية تأسيس حزب يناضل من أجل الحقوق الكردية، ورغم صعوبة المرحلة في ذلك التاريخ إلا أنّ النضوج السياسي كان كافياً لصياغة شعار المرحلة في المؤتمر التأسيسي: «حق الشّعب الكُردي في نيل حقوقه القومية والدّيمقراطية ضمن الوحدة الوطنية للعراق». بينما حتى الآن لا يستطيع السّيد آلدار ورهطه الاتفاق على شعار ثابت يلائم هذه المرحلة الدقيقة من التاريخ الكُردي.
ما ذكره المذكور في المقطع المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي محضّ افتراء وقد تكون أجهزة «SAVAK» أبدعت له في صياغته، لكن فات منهم أنّ الدّولة البريطانيا تؤرشف تاريخها، وأن الثّورات المتلاحقة في كردستان التي يقطف الكُرد ثمارها الآن وفي كلّ مكان تُثبتُ الافتراء الذي لا ينطلي على أحد.
ألم تحن الآوان أنْ يعودَ السّيد آلدار إلى القيم الكُردية ويفتح صفحة جديدة بعد كل الكوارث التي حلّت بالكُرد، أم لم يشفِ غليله بعد؟
كما أنّ هناك نقطة أخرى يمكن الإشارة إليها:
يدّعي في حديثه وكأنّه خبير في التّاريخ: بأنّ البريطانيين هم أسّسوا « « PDK ولم يتم تأسيسه على يد الكُرد، والغاية هي قطع الطّريق أمام بناء حركة قومية تحررية.
كيف يقتنع القطيع الرّاكض وراءه بهذا الكلام الذي يدلّ إلى جهلٍ فظيع بالتّاريخ النّضالي للحركة التّحررية الكردية؟ وهل لديه مشاريع لبناء أي دولة كردية، أو لديه استعداد لذكر الحقّ الكُردي في العقود الاجتماعية التي طرحها؟
كيف لهم الدفاع عنه، وهو لا يملك أي دليل تاريخي على إثبات كلامه، بينما هناك عشرات الدّرسات والأبحاث الفكرية والتّاريخية أنجزها الكُرد في شهادات الدكتوراه والماجستير وفي كثير من الجامعات العراقية والدّولية عن هذه المسألة. هل الدّورة التي خضع لها آلدار كلّفته بنشر الأكاذيب التّاريخية؟ هناك وثائق تاريخية تحتفظ بها كثير من المكتبات الكُردية والعراقية والعالمية، تدحض كلامه.
هناك اعتقادٌ عميقٌ لدى الكثيرين أنّ هذا التَّصريح الذي جاء على لسانه في مقابلته، أمرٌ مستهجنٌ للغاية، ويأتي في سياقِ مشروعٍ خطيرٍ يستهدف تشويه الرّموز الكردية، على مراحل عدة، ولن يكون هذا التصريح الأخير، بل أنه مقدمة لبرنامج كبير يحمله في جعبته للمنطقة الكردية.
ما ذكره آلدار خليل مجرد محاولة فاشلة لتشويه التاريخ النضالي والقومي لهذا الحزب العريق الذي فاز بعدة جولاتٍ عسكرية وسياسية على حكام الأنظمة العراقية الفاشية وانتزع منهم اتفاقيات كانت مؤلمة لهم، وأي محاولة لتشويه هذا النضال إنما يخدم أعداء الكُرد في هذه المرحلة.