صلاح بدرالدين
في العصور القديمة وقبل الاكتشافات العلمية كما نراها اليوم كان ” الحمام الزاجل ” الوسيلة المتبعة الأكثر استخداما الى جانب حاملي البريد – الخطي والشفوي – من الفرسان لتبادل الرسائل حول شروط الحرب والسلام ، بين المتصارعين ، وحتى مابين الحلفاء ، وكذلك أداء مهام استخباراتية في الخطوط الخلفية للجبهات ، وفي حروب عصرنا الراهن المحدودة بين المتصارعين مباشرة أحيانا ، وعبر الوكلاء المحليين في اغلب الأحيان ، يقوم الصاروخ ، والمسيرة – الدرون – حديثا بنقل المواقف السياسية ، او الإشارة الى الطلبات ، والرغبات بين الأطراف ، وهذا مايحصل تحديدا بين كل من إسرائيل من جهة وايران ، وحزب الله ، والحوثيين ، والفصائل الشيعية العراقية ، والنظام السوري ، وكذلك بين الولايات المتحدة الامريكية ، والغرب عامة ، وبين روسيا ، وايران ، وكل الأطراف الدولية والإقليمية ذات الصلة بالملين الفلسطيني والسوري .
” أصفهان نصفي جيهان “
في الروايات ، والقصص الإيرانية القديمة ترد على الدوام عبارة ” أصفهان نصفي جيهان ” كاشارة الى الأهمية البالغة للمدينة بانها تساوي نصف العالم ، او انها تقع في مركز العالم ، وهي منذ فجر اليوم مثار اختلافات في وسائل الاعلام ( تلقت ضربة إسرائيلية – ولم تتلقى ) في الحالتين وكما كان تقييم الضربة الافتراضية الإيرانية لإسرائيل قبل أيام ( لم يصل سوى صاروخ واحد ولم ينفجر ، وخسارة إسرائيل من ضربات ٣٦٠ صاروخ ومسيرة كانت جرح طفلة عربية في جنوب إسرائيل ) أقول في الحالتين الضربات الافتراضية من الجانبين مجرد رسائل – ويقول البعض – انها ودية ، وترمي الى التقارب ، والتوافق ، وتحديد خيوط وقواعد العلاقات المستقبلية بين الطرفين على قاعدة المصالح المشتركة .
فحوى الرسائل المتبادلة
١ – الرسالة الإيرانية كانت موجهة الى أربعة اطراف : الطرف الأمريكي وضمنه الغربي عموما ، ومفادها اننا سنلتزم برغباتكم في عدم توسيع الصراع في المنطقة ، ولن نهدد وجود إسرائيل ، على امل العودة الى مفاوضات – النووي – في فيننا ، الطرف الإسرائيلي ومفادها لن نكون طرفا مباشرا في حربكم على غزة ولن نحيد عن درب – إدارة الازمة – الطرف العربي ومفادها بما انكم أصحاب القضية الفلسطينية وتعتبرونها لفظيا انها القضية المركزية ولاتحركون ساكنا بل تؤيدون إسرائيل في صراعها مع ايران فلن نكون بعد اليوم ( كاثوليك اكثر من البابا ) ، الطرف الروسي ومفادها اننا وقفنا معكم في حربكم ضد أوكرانيا ، وزودناكم بالاف المسيرات ، ولكنكم لم تدعمونا في الدفاع عن مصالحنا بالشرق الأوسط ، وتتلاعبون بدولها ، لذلك سنصون مصالحنا مع أمريكا والغرب .
٢ – الرسالة الاسرائيلية أيضا كانت موجهة الى الأطراف التالية : الى الحليف الأساسي أمريكا ومفادها حسنا سنلبي رغبتكم في عدم إيذاء ايران ، وتاليا عدم توسيع الصراع ، طبعا المستفيد من ذلك حكومة نتانياهو ، وهو شخصيا بعد محاولات تلميع بعض معارضيه وهو الان يتمتع بالافضلية القصوى حسب مراكز استطلاعات الراي ، كما انه سيمضي في خططه حول رفح ، الى ايران ومفادها تاريخيا لم يكن بيننا أي عداء ، وليس بيننا حدود مشتركة مختلف عليها ، ويمكننا التوافق حول مجمل القضايا ، كما ان القسم الأكبر من اعدائنا هم أعداء مشتركون ، ولسنا بوارد القضاء لا على حزب الله ، ولا على الحوثيين ، ولا على – دميتكم – نظام الأسد ، الى حركة حماس ومفادها صراعنا الأساسي معكم ، ولن نترككم آمنين .
قد يتساءل البعض وماذا عن الكرد في كل مايجري وهم في قلب مناطق الصراع ؟ والجواب سيقتصر علينا نحن الكرد السورييون : أحزاب طرفي الاستقطاب التي تتصدر المشهد الكردي السوري مازالت مشغولة بالحفلات ، والتعازي . وتخوين البعض الاخر ، والاستمرار في التبعية للمحاور ، وتوزيع مغانم السطو على النفط والغاز ، وتنتظر المصير الأسود ، والاندثار تحت ارجل الكبار .