هل نحن أمام أنصهار العادات والتقاليد والموروثات الفكرية في بوتقة الثقافة الغربية ..!!

دلدار بدرخان 
– من المعروف أن العادات و الثقافات والمورثات الفكرية التي تتوارثها البشرية عن آبائها وأجدادها تختلف في جوهرها ومكنوناتها باختلاف الإثنيات و القوميات والأعراق ، و تختلف في تفاصيلها باختلاف البيئة و المناطق والقصبات ، فلكل مجموعة بشرية عاداتها وتقاليدها وموروثاتها الفكرية تتميّز بها عن الآخرين، ولعل الحدود الجغرافية التي ينحدر منها الفرد كانت إحدى السمات و الركائز الأولية في معرفة تكوينات ثقافة الفرد و ملكاته الفكرية و أصول تعبيره وتعامله  مع الأفراد ، بالإضافة إلى أنه بشكلٍ أو بآخر كانت تُحدد شكل ونمط هذه العادات و هذه التقاليد و تتأثر في بعض جزئياتها بدين الفرد ومعتقداته الفكرية والروحية .
– لكن مع بروز عصر الحداثة والإنترنيت و ظهور شبكات التواصل الإجتماعي على أختلاف عناوينها و مسمياتها وأشكالها أصبحت هذه الموروثات و التي كانت تحدد نمط و شخصية الفرد وأصول تفكيره تتلاشى وتتبدد شيئاً فشيئاً لتتوحد باتجاه ” وحدة الثقافات والعادات و التقاليد ” بحيث باتت أقرب إلى الثقافة الغربية وبوتيرة متسارعة و غير معهودة ، ولعل السنوات القادمة ستكون تأثيراتها أكثر عمقاً نحو المزيد من التوحد والتمازج بين هذه الثقافات التي قد تحطم مجموعة الثقافات والتقاليد البائدة التي لطالما كانت تُمثّل جوهر الإنسان و كينونته و اختلافه .
– و يمكننا أن نشاهد الأثر الكبير الذي أحدثته هذه المواقع وسلطتها في إزالة حدود التواصل بين الأفراد ، بحيث بات من السهل بمكان أن يتواصل أي شخص يقطن في أقصى الشرق إن كان من خلال المتابعة أو المشاهدة أو التواصل المباشر مع أشخاص يقطنون في أقصى الغرب ، و يمكنهم استعمال أية لغة كانت فيما بينهم من خلال الترجمات التي توفرها مواقع الكوكل وغيرها من المواقع ، ويمكنهم بذلك تبادل الثقافات وتبني عادات وتقاليد جديدة قد تكون غريبة بعض الشيئ بالنسبة لنا في بادئ الأمر حتى تصبح فيما بعد من الأمور الإعتيادية والمستساغة لدينا .
– ومن بين تلك العادات و التقاليد المكتسبة وأكثرها مرئية ووضوحاً لنا هو التشبه بعادات الغرب من خلال اللباس والمظهر الخارجي و أصول التعامل والتواصل بين الأفراد نفسها .
– فالآن يمكن رؤية التغيير الحاصل في عاداتنا وتقاليدنا بكل تجلياته في مناسباتنا و أعراسنا التي باتت من الصعوبة أن تميّز بينها وبين أعراس الغرب ومناسباتهم ، أو رؤية التغيير في شكل تعاملنا وتواصلنا مع بعضنا البعض ، وأصبح من الصعوبة أن يزور أحدهم قريب له أو صديق بدون موعد مسبق أو إتصال هاتفي يحدد موعده قبل أيام وأسابيع بخلاف ما كان عليه سابقاً ، وفي السياق نفسه باتت الصلات والروابط الأسرية شبه معدومة ، ولعل الوسيلة المتبقية فيما بينهم هي الهاتف وهذه المواقع ، وحتى التواصل بالهاتف يتبدد ويندثر شيئاً فشيئاً ليصبح التواصل شبه معدوم ومن الماضي لأن المصالح باتت السمة الرئيسية و الأساسية في التعامل والتواصل بين الأفراد كما هو الحال في الغرب ، وحتى في موضوع الزواج والطلاق أصبحنا قريبين جداً من ثقافة الغرب تجاه هذه المؤسسة الأسرية ، وأصبح البعض يستسيغ موضوع الشواذ الجنسي ويضع المبررات المنطقيه له ، و وكذلك الأمر مسألة المساكنة والمعاشرة بين الرجل والمرأة قبل الزواج .
– اليوم يمكننا القول وبدون أدنى شك أننا أمام تغيير شامل في الثقافات والعادات ونحو توحيد هذه الثقافات واندماجها معاً لتصبح نسخة فوتوكوبية عن ثقافة الغرب وتصبح ثقافة العالم موحدة ومتطابقة أكثر .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…