د. محمود عباس
نشرت قناة (العربية) مقابلة مع زوجة أبو بكر البغدادي الأولى، والثالثة وأبنته، وقبلها بسنوات مع مساعديه، أعدت مشاهدة المقابلة مع زوجته الأولى أو ما كانت تسمى في السابق أم المؤمنين! ولأهمية المعلومات التي لدى هذه المرأة الداعشية الأولى، يجب أن تكون هناك حلقات أخرى، لتتبين وجهها الحقيقي وليس الغطاء المزيف، وحيث النفاق ومحاولة إظهار البراءة، وعدم معرفتها بالمجازر، والنأي بالنفس عن مسؤوليتها المباشرة أو غير المباشرة عن العديد من قرارات التنظيم، خاصة المتعلقة بالنساء وجرائم السبايا الإيزيديات وعمليات الإتجار بأطفالهن.
ففي جميع الأعراف والقيم الإنسانية ومن بينها الإسلامية، الزوجة لها مكانتها، ودورها كزوجة لا يستهان به في مسيرة الزوج، وبدون أن نتعمق فيما تعرفه هذه المرأة وما فعلته، وهو من واجب المختصين بمسيرة داعش، اكتفيت برأيي التالي فيها بعجالة:
1- أمرأه مثقفة وذكية، لكنها خبيثة تعلم الكثير وشاهدت أكثر مما ذكرته، وسلطتها كانت تتجاوز الأمور العائلية إلى إدارة جانب واسع من أمور التنظيم، بل ولقدرتها على النفاق استطاعت أن تعرض القشور وتغطي اللب، لديها الكثير من التفاصيل، والمطلوب من الدول المعنية بالأمر، وخاصة التي تأذت من مجازر التنظيم الإرهابي، وجرائم زوجها، أن تعرض إلى تحقيقات واسعة من قبل المختصين، وألا تترك مع السمات التي عرضتها من على شاشة العربية.
2- بالنسبة لاتهامها الضابط الكوردي بالرشوة، رغم عدم ابتعاده ولأسباب، يجب التأكد منه قبل تصديقها.
3- أما عن المهدي المنتظر (وهي قناعة تعتمد على الأحاديث المترددة، وبدون سند من النص، مفهوم مستورد من المسيحية، لسنا بصدد هذه الجدلية والتي على الأغلب ظهرت وانتشرت بعد الخلافة الراشدية) عرضتها بذكاء، بينت فيها حنكتها ومعرفتها، ومحاولة إظهار داعش على إنها كانت منظمة تسودها الجهالة وهي لم تكن مقتنعة بها، أي أن تظهر خلافها من على عتبات هذه الفكرة موقفها لتبرأ ذاتها من المسيرة الداعشية الذهنية ومن ثم عملياتها وجرائمها، وإلا لماذا طرحت هذه الفكرة؟
4- التجائها إلى تركيا، وبتلك الطريقة، وفشل التنظيم ثلاث مرات، في الوقت الذي كانت حدود تركيا مشرعة لدخول وخروج الآلاف من أعضاء التنظيم وتجارته!؟ وما سبقها من حيثيات، وحيث أرسال البعض من العائلة وزوجتين وإعادة البقية، وغيرها، خدعة واضحة ما بين التنظيم والمخابرات التركية، للتمويه على الدول المعنية، وخاصة دول التحالف، وإدراك لحيثياته في المستقبل.
وهي خدعة لتبرئة الذات من خلال التبرئة غير المباشرة للسلطة التركية، بل دعم لسلطة أردوغان الإستراتيجي للتنظيم، وإلا فمن شبه المستحيل ألا تعلم المخابرات التركية بأن عائلة البغدادي لاجئة في تركيا، وجميع دول العالم يبحثون عنه وعن كل قريب منه! وتركيا كانت ولا تزال تطلع على تاريخ كل مهاجر سوري إليها!
كيف حصلت على الإقامة والسكن؟ الفبركة بهذه الطريقة الساذجة للتغطية على عملية اللجوء والحصانة والحماية التركية، وثيقة دامغة على الدور التركي الواسع في تدمير سوريا والذي لربما قد يكون على مستوى جرائم بشار الأسد ونظامه، وهو من كان يتحكم بتوجيه المنظمة إلى المنطقة الكوردية حصرا، حتى ويمكن إدانة السلطة التركية باشتراكها غير المباشر في عملية السبايا، خاصة إذا ربطناها بالصفقة التي تمت بين التنظيم وأعضاء القنصلية التركية الذين سلموا إلى دولتهم بدون أن يتم المساس بهم. وبالتأكيد لزوجة زعيم التنظيم علم بكل هذه المجريات ولا يستبعد أن تكون لها دور مهم في عملية تسليم أعضاء القنصلية مقابل مرور النساء الأجانب، وقد كانت حينها الزوجة الوحيدة والتنظيم كان في بداياته وهي على دراية بكل الحيثيات.
5- كانت تساهم في عمل شبكات مرور الآلاف من الأجانب عن طريق مطارات تركيا، ونفيها غير المباشر على دور تركيا لها طوال سنوات سيطرة داعش، كانت مقابل هذا اللجوء، وهي صفقة متبادلة، فلجوئها إلى تركيا تكذب سلطة أردوغان وتغطية غير مباشرة على الدعم التركي المباشر للتنظيم. ويجب على الدول الكبرى والإقليمية التحقيق معها لتثبت الدور التركي، وبها يجب إدانة تركيا بتورطها في المجازر والكوارث التي قام بها التنظيم.
6- نافقت وبخباثة، وبشهادة من ذكرت أسمائهن، حول تعاملها البشع مع الإيزيديات، وعدم معرفتها بما كان زوجها وقادة المنظمة يقومون به من الجرائم بحق الإيزيديات خاصة الأطفال ما دون العاشرة.
قناة العربية فتحت الباب ثانية، ويجب على الدول والمنظمات العالمية الإنسانية، أن تقتحمه بنفس الهمة التي كانت تحارب فيه التنظيم أثناء سطوته، وتحاكم هذه الزوجة كقيادية داعشية مسؤولة عن كل الجرائم، والمجازر، وقضايا السبي، وغيرها. فتركها وزوجاته الأخريات وكل من كان حول البغدادي والعدناني وغيرهم، بدون عقوبة جريمة بحق الإنسانية، وشعوب المنطقة عامة، وبشكل خاص بحق الإيزيديين.
والولايات المتحدة الأمريكية
18/2/2024م