أحدّثكم عن ماهر شرف الدين: جريح الروح المغترب

إبراهيم محمود
قرأت ” نص الكلمة التي ألقاها الشاعر ماهر شرف الدين صباح هذا اليوم في الكونغرس الأمريكي ” وهي منشورة في موقع ” ولاتي مه ” الأحد: 13-3/ 2024 .
ذكرني هذا الشاعر والكاتب  السوري المتمرد ، وأنا أقرأ كلمته تلك، بأيام جميلة، عرفته فيها عن قرب، حين كان هو والشاعرة ذات الروح الحداثية ” الكاملة الدسم ” زوجته: زينب عساف، في بيروت بين عامي 2007-2010، حسبما أذكر، وكنت أزوره صحبة الصديق فنان الكاريكاتير ” حسن ادلبي ” وأحياناً نلتقي بمفردنا في مقر عمله، ونتواصل معاً بصورة خاصة، حين أصدر صحيفته التي مارست استقطاباً ” الغاوون ” حيث نشرت فيها مقالات عدة وطويلة، وتالياً مجلته الفصلية ذات الملفات ” نقد ” التي شاركت في العديد من محاورها الرئيسة: محمود درويش، أنسي الحاج، محمد الماغوط..
كان كرمه هو ورفيقة دربه في بيته لافتاً، وحدّة طباعه تأتت من معايشته للمناخ الثقافي السائد الذي حفّز فيه روح المغامرة الصاعدة بإرادته العتية، لينشر صحيفته المثيرة باسمها” الغاوون ” وهي التي عرفت بتجاوزها لما يُسمى بـ” الخطوط الحمر ” بدمغتها الرقابية والعرفية.
وحتى فصليته ” نقد ” لم تخف بدعتها، وسعيها إلى المختلف في بيروت التي عرفت بطابعها الحلباتي كثيراً، وفي الوقت نفسها، بتلك الإمكانية للمغامرة لمن لديه القدرة على خوض غمارها.
ماهر شرف الدين، الذي عرفته أولاً من كتابه ذي الطابع السيري ” أبي البعثي ” كان مثيراً في تلك المخيلة القادرة على الجمع بين فوتوغرافيا الواقع، والتحرر من ميكانيكية الصورة الجامدة، بسخونتها، بجرأتها، بقدرتها على المزج بين التاريخي، والثقافي، والسياسي، جون إخفاء حيوية الخيال الشعري لديه، وفي الوقت نفسه كان ترجمان روحه إلى المختلف في عالم متصدع.
حين غادرا بيروت، هو والشاعرة المبدعة ” حيث كتبت عنهما حينها، إلى أميركا، خسرت وجهين أثيرين عن قرب تلمست فيهما الكثير مما كنت أرتاح إليه، وأتواسى به نفسياً.
الحياة تعلّم.. ما أكثر الذين عرفتهم، وعرفوني، وباعد بيننا الزمان ومستجداته العاصفة .
لكن تبقى الذاكرة وهي تستبقي ما يحفّز على التشبث بالحياة، حيث جمرة وهي تشع فيها.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…