إبراهيم اليوسف
من أوصل الوثائق إلى” الأمنستي؟” في بيروت
إذا كنت واحداً ممن كتبوا على نحو علني، ومن ضمن الوطن، عما وصلني وعرفت ورأيت من وقائع الانتفاضة، مستعرضاً إرهاب النظام في مواجهة انتفاضة شعبنا في الثاني عشر من آذار، وذكرت الكثير الذي يمكن قوله- بهذا الصدد- وهو ما قرأه متابعي، سواء عبر موقعي الإلكتروني الذي لم يعد له من أثر، أو عبر المواقع الإلكترونية التي كنت أكتب فيها، أو عبر المداخلات التلفزيونية لصالح بعض الفضائيات ومنها: روج تي في- على نحو لافت ومن خلال” ك ت ف”، على نطاق أضيق، فإن هناك ما كنت شاهداً عليه، ومازلت لم أصرِّح به، حتى الآن، رغم مرور عشرين سنة على الانتفاضة، والسقوط الجزئي لآلة الرعب الذي دعاني أن أتناول ما يتعلق بي، وكنت شاهداً عليه، أو ما يتعلق بأشخاص كان لهم دور كبير وزال الخوف عنهم، بعد سفرهم إلى أوربا، كما حالة أول من وصلنا – الفيديو المصور- من قبله، عندما التقيته في أربيل/ هولير2013 وهو مسعود بريك، وهكذا بالنسبة لبعض شباب فرقة رابرين: نصرالدين أحمي وحسن خانيسوري، ومازال هناك ما لم أقله بعد، ومن بينه ما يتعلق بالوثائق التي أوصلناها عبر أقراص” الفلوبي” من قامشلي إلى بيروت- عبر حلب، ومن كان يرافقنا؟ وكيف بدأت الرحلة؟
عبدالحميد خليل دور كبير
وموعد مع موفد أمنستي
أسجِّل للصديق عبدالحميد خليل دوره الكبير، منذ اليوم الأول لانتفاضة آذار، إذ قام بإرسال مبلغ مالي من- في ألمانيا- وأرسله كتعزية لأسر الشهداء- عن طريقي والشهيد مشعل- وقد تم تخصيص جزء منه لتأمين نفقات وفد منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني الذي أجرى زيارة ميدانية إلى مدينة قامشلي بالتنسيق مع الشهيد مشعل، بعد أن أبدى بعضهم تحفظاته على استقدامه- عندما كنا الثلاثة في بيتي أ. فيصل يوسف- الشهيد مشعل- أنا- إلا إن الشهيد مشعل أصر على مبادرة الوفد الذي أقام ندوة في منزلي*، وكان الراحل إسماعيل عمر الداعم الأكبر- كما تناهى إلي- لنفقات إقامة الوفد***- لأنني لم أتدخل في ذلك، ولم أقابل الوفد إلا في بيتي، إذ أعلمني في الأسابيع التالية، بأن هناك موفداً من أمنستي سيصل بيروت، لاستحالة دخول سوريا، وإجراء اللقاءات بشفافية، ولابدَّ من تشكيل لجنة أو مجموعة من الشخصيات: رجالاً ونساء للقاء بالموفد. حقيقة تم تهرّب بعضهم من أداء المهمة، وكان هناك من لم تسمح ظروفه بالسفر- كما حالة الشهيد مشعل- بسبب المنع، إلا إن هناك من وافق على السفر من أبناء وبنات قامشلي بالإضافة إلى حفيظ عبدالرحمن في حلب ومعه أحد معتقلي الانتفاضة من أبناء عفرين.
وثائق حية
أعلمنا أ. عبدالحميد أن الموفد القادم إلى بيروت في حاجة إلى اللقاء بشهود عيان، كما إنه في حاجة إلى وثائق حية: فيديوهات وصور وأسماء وأرقام، فدفع بنا الحماس أن نوافق على المهمة، إذ أعد حفيظ كل ما يلزم من حلب، باعتباره يتقن الاشتغال على الكمبيوتر، ويجيد تفريغ الوثائق على أقراص- الفلوبي- بالإضافة إلى ما كان في حوزتي وما استطاع الإيميل حمله من وثائق، فقد كان حفيظ في حلب أثناء الانتفاضة، وهكذا بالنسبة إلى زميل آخر من أبناء عفرين **حددنا له موعداً آخر في اليوم الذي يلي لقاءنا، باعتباره من أوائل أعضاء أسرة ماف في حلب- عفرين*. الفلوبيات التي كنا نحملها ضمت كل ما طلبه موفد أمنستي، قبل أن ينطلق من أوربا باتجاه بيروت ليلتقينا.
تشكيل موفد من بضعة أشخاص
بالتنسيق بيني و الشهيد مشعل التمو وحفيظ عبدالرحمن تم تشكيل موفد إلى بيروت، ضم بضعة أشخاص. ثلاثة من قامشلي واثنان من حلب وعفرين، بعد أن أعلمني أ. عبدالحميد بأن” منظمة أمنستي” طلبت اللقاء بوفود سورية، وأنه في اليوم الفلاني سيتم اللقاء بنا. اعتذر الصديق مشعل عن مرافقتنا، لأنه كان في حاجة إلى وثيقة- السماح بالسفر من الجهات المانعة لسفره كما قال لنا- لذلك اتفقت مع الزميلة ” “، والزميلة ” “، بالإضافة إلى الزميل حفيظ عبدالرحمن ومن معه ممثلين عن حلب وعفرين وانطلقت من قامشلي إلى حلب، ومعي ما أعددته من وثائق، لألتقي ب- حفيظ – في بيته، وننطلق من بيته بعد تناول العشاء إلى كراج المدينة متوجهين إلى- بيروت بوساطة أحد الباصات، لتنطلق بنا الحافلة صوب بيروت ويدي على قلبي، خوفاً على حفيظ- باعتباره وحيد والديه ومسؤولاً عن أسرة يزيد أفرادها عن عشرة أشخاص، إلا إن ما حدث أنه- وكالعادة- تم توقيف الباص في النقطة الحدودية السورية- اللبنانية، ودخل رجلا أمن الباص، فانتشلت- الفلوبي من بين يدي حفيظ على أن أضعه في الشق الفاصل بين كرسيينا إلا إن الفلوبي- سقط أرضاً، وأصدر صوتاً تردد صداه ودوي ارتطامه بأرضية الباص في الحافلة التي سادها الصمت والخوف، لأن كل سوري. كل من على الأرض المسماة سوريا: مطلوب الرأس أنى دعت الضرورة ، وبات بعضهم ينظر إلينا، فطلبوا منا النزول ليتم تفتيش داخل الباص، بينما انصرف آخرون لتفتيش داخل الباص، كل ما حاولته هو أنني دفعت بالفلوبي أسفل الكرسي بقدمي، كآخر ما يمكن فعله.
حالة خوف وانتظار
دخل رجلا الأمن الحافلة وبدأا يفتشان جيوب الكراسي، وأرفف الباص، وتأخرا هناك حوالي عشر دقائق والركاب ينتظرون إنجاز التفتيش حتى تواصل الحافلة التوجه صوب بيروت. كل لشأنه، وأنا وحفيظ بينهما ننتظر مصيرنا المجهول، إذ قلت له وهو ينفث دخان سيكارته قلقاً باعتبار الفلوبي تحت كرسيينا:
إن وجدوا الفلوبيات فلا تعترف بمعرفتي
رد علي هو الآخر:
بل سأقول إنه عائد إلي
قلت له لا وقت للحوار لا أريد أن يكون هناك أكثر من ضحية
بعد الانتهاء من التفتيش سمح لنا عناصر الحاجز بالعودة إلى الحافلة، فتنفسنا الصعداء، وعدنا نسترد هدوءنا- تدريجياً- داعين الله أن نصل بيروت ونؤدي مهمتنا بسلام. عاد الركاب إلى وضعهم الطبيعي السابق لنزولنا في نقطة التفتيش، إذ من بينهم من عاد إلى النوم، ومنهم من راح يواصل أحاديثه التي توقفت منذ وصولنا نقطة التفتيش، بينما نتكلم حفيظ وأنا عن نجاتنا بأعجوبة- بفضل الله تعالى- من هذا الموقف الذي تم.
نحو الفندق…… :
استقلنا سيارة، أنا وحفيظ وتوجهنا إلى- فندق”…”******* في منطقة الحمرا- و الذي نزل فيه الموفد المشكلين من: نيل سيموندس وزميل آخر، قدمنا لهم ما بين أيدينا من وثائق، وسردنا لهم ما جرى لنا على الطريق، كما تحدث لهما حفيظ عما عنده، كما رويت لهما ما لدي من مستجدات بعد لقائنا الأول الذي تم قبل أسابيع في باريس مع نيل، بعد وصولنا بحوالي ساعة ونصف وصلت زميلتانا القادمتان من قامشلي. روتا لنا معاناتهما في الطريق بسبب تعب السفر، إذ كنا مطمئنين من طرفهما باعتبارهما لم تكونا تحملان أية وثائق كما جوان. وتم تخصيص حوالي ساعة للقاء الزميلتين بالموفد، وحان وقت الغداء إذ تناولنا الطعام معاً في أحد المطاعم القريبة، ورفضت الزميلتان أخذ نفقاتهما من الموفد، بينما استلمنا حفيظ وأنا المصاريف في حدود أقل من خمسين دولاراً: مصاريف الذهاب والإياب.
حفيظ عاد سريعاً، فور انتهاء اللقاء، ليلتحق بعمله في حلب- في إحدى ورش التريكو بينما بقيت هناك إلى المساء، إذ استقبلت الصديقة د. سامية السلوم وإبراهيم بركات اللذين التقيتهما، وسرنا معاً- على كورنيش البحر- إلى أن حان موعد انطلاق حافلة العودة التي ستتعطل في- منبج- التي كان يقيم فيها صديقي الشيوعي البدوي الجميل: محمد يحيى العليوي الحمود الذي توفي في حادث سير وهو يقود سيارته من السعودية باتجاه مسقط رأسه، وهو ما علمت به بعد سنوات طويلة في السلمية عن طريق مدرسين من منبج كانوا معنا أثناء تصحيح أوراق الثانوية الزراعية.
زميلتانا نامتا ليلتهما في بيروت- وعلى نفقتهما الخاصة- كما أتصور، لأنهما كانتا جد متعبتين بسبب وعثاء السفر، وحالة الغثيان التي تعرضت لها إحداهما، لتعودا بعدها سالمتين إلى- قامشلي- تحدثانني- على نحو سريع- عن معاناة العودة، وليبقى أمر الرحلة سراً لا يدريه أحد غيرنا، كأحد آلاف الأسرار المماثلة، في رحلة مواجهة آلة النظام، بأساليبنا السلمية: كتابياً وحقوقياً…!
حقيقة، كنت أتوقع بسبب التقادم الزمني أن هيثم المالح لم يكن مع الوفد الذي أقام ندوة في بيتنا:
رابط آخر لمقالات الصديق سيامند ميرزو عثرت عليه وأنا أبحث عن مقاله السابق عن الندوة يتحدث عن ضغوط النظام بشكل مباشر أو عبر أدواته على كل من عمل في الدفاع عن أهلهم:
**
لم أتمكن من التواصل به لأخذ موافقته في كتابة اسمه بينما موفد الجزيرة فقد تمَّ تأجيل ذكر أسمائهم، بل أسمائهن، إلى وقت آخر، بسبب الظروف الأمنية، بعد تواصلي مع جميعهم خلال الأيام الماضية!
الصديق حسو عفريني تعاون معنا منذ بدايات الانتفاضة- في مدنا بأسماء معتقلي عفرين وحلب- وحتى بداية الثورة السورية إلا إنه لم يكن من عداد الوفد!
روى لي الصديق فايز سارة كيف تمت المبادرة لزيارة قامشلي ومحاولة الدعوة إلى فك الحصار عن الكرد في أصعب لحظات عنف النظام وحصاره وأتمنى منه كما طلبت منه في لقائنا هذا الكتابة عن ذلك والنداء موجه لأعضاء الوفد
للتاريخ التقريرالذي كتبه موفد منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان عدَّ الوثيقة الأكثر أهمية لأنها كتبت بأيدي ناشطين غيركرد رغم ماعليها من ملاحظات.
****
استعنت بالناقدة الصديقة د. سامية السلوم لتذكيري باسم الفندق وسيتم تثبيته في المجلد الأول من مدونة الانتفاضة.
*****
ما خلا بيانات حزبية رغم نداءاتنا وتذكيرنا بالانتفاضة لم نقرأ إلا بيانات قليلة لإحياء المناسبة من دون أية أنشطة ميدانية على أمل إقامتها خلال ما تبقى من أشهر السنة من قبل الغيارى باعتبارنا دعونا لاعتبار العام 2024 سنة الذكرى العشرين للانتفاضة وسيكون من بينها احتفالات بذكرى تأسيس الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد- منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف
******
يسجل للمفكرإبراهيم محمود ما كتبه في إطار الذكرى العشرين للانتفاضة من مقالات كثيرة كامتداد لما كتبه على امتداد عشرين سنة كلما دعا الأمر وفي كل مناسبة وله كتاب في ذلك عن الانتفاضة
ويسجل للصديق الفنان الكاتب خليل مصطفى عمله منذ سنة بشكل متواصل ويومي في إطار أخذ شهادات عن الانتفاضة، إلى جانب مساهماته السابقة في الكتابة عن الانتفاضة وسعتبركتابه جد مهم إلى جانب كتابي المعد عن شهادات العشرات من الأصدقاء والذي سأنشره في المجلد الثاني عما قريب قبل المجلد الأول تنفيذاً لوعدي مع أصحاب الشهادات التي وصلني بعضها منذ حوالي ست سنوات وسأنشر أسماء أصحابها عما قريب جداً؟!
*
التبرعات المرسلة كان قد تم جمعها من المشاركين في المظاهرة الاحتجاجية التي تمت في برلين من قبل أهلنا في الخارج بعد الساعات الأولى للانتفاضة وأرسلت عن طريق أ. عبدالحميد خليل