كفاح محمود كريم
Kmk_info@yahoo.com
منذ البدء كنا وكانوا هنا وهناك، أينما تواجدنا وتواجدوا، كنا الأقرب إلى بعضنا عبر كل ما جمعنا في التاريخ والجغرافية، وفي الحروب والعلوم والآداب، حتى تشابكت أحداثنا ومن ثم مشاعرنا وأحاسيسنا، واختلطت دماؤنا وهي تنزف في حروب دخلناها معا من اجل العرب أو من اجل الدين أو ربما تحالفت عشائرنا وقبائلنا لتحارب مجاميعا أخر من نفس الأعراق أو غيرها
Kmk_info@yahoo.com
منذ البدء كنا وكانوا هنا وهناك، أينما تواجدنا وتواجدوا، كنا الأقرب إلى بعضنا عبر كل ما جمعنا في التاريخ والجغرافية، وفي الحروب والعلوم والآداب، حتى تشابكت أحداثنا ومن ثم مشاعرنا وأحاسيسنا، واختلطت دماؤنا وهي تنزف في حروب دخلناها معا من اجل العرب أو من اجل الدين أو ربما تحالفت عشائرنا وقبائلنا لتحارب مجاميعا أخر من نفس الأعراق أو غيرها
كما اختلطت حينما تناسبنا فامتزجت أنسابنا وألواننا وسحناتنا حتى لم تعد تفرق بين العربي والكوردي في العراق وسوريا ما لم يتحدثا.
لم يكن هناك أي صراع بين العرب والكورد، بل ليس للكورد إخوة وأصحاب غير العرب، وكذا العرب أيضا في علاقتهم مع الكورد، لقد كان الصراع مع الأنظمة السياسية التي حكمت الكورد والعرب معا، وكانا الشعبين ضحية تلك الأنظمة الدكتاتورية وأساليبها القمعية والظالمة.
لقد قال البارزاني مصطفى القائد التاريخي للكورد منذ الأيام الأولى للثورة إننا لا نحارب العرب بل نقاوم تلك السلطات والنظم السياسية الدكتاتورية الظالمة والقاسية، وكان يوصي أركان ثورته ورجال حربه بان لا يخلطوا بين الشعب وما تقوم به تلك الأنظمة الدكتاتورية البائسة، بل كان يطلب التعامل مع أسرى تلك الحروب بأنهم متورطون لا حول لهم ولا قوة، واعتبارهم مواطنين وإكرامهم وإطلاق سراحهم فور استسلامهم أو أسرهم.
إن العرب لا يتحملون وزر تلك الأنظمة وجرائمها، لأنهم هم أيضا من ضحاياها، ولقد أثبتت مجريات الأحداث عبر التاريخ بأن الشعبين العربي والكوردي هم اقرب الشعوب إلى بعضهما، في التاريخ والجغرافية والمجتمع والعلاقات الإنسانية الأخرى، وقد اختلطت دماؤهم في كل مراحل التاريخ والحياة حتى لا تكاد تفرق بينهما.
وفي أول عملية اختيار بين خيارين لا ثالث لهما في مشكلة ولاية الموصل ( إقليم كوردستان الحالي ) بين الاتحاد مع العرب في مملكة العراق أو الانتماء إلى تركيا بعد إقصاء فكرة الاستقلال قسرا، اختار الكورد الاتحاد مع العرب في مملكة العراق تحت مبدأ المشاركة في مطلع القرن الماضي، ورفضوا أن يكونوا جزءً من الكيان التركي آنذاك، لسبب واحد هو أنهم اختاروا الأقرب إلى قلوبهم وعقولهم وتاريخهم.
إن ما تعرض له الكورد عبر تاريخهم من حروب شنتها الأنظمة الدكتاتورية والشوفينية، زادتهم قوة وإيمانا بقضيتهم وبعلاقتهم التاريخية النقية مع الشعب العربي.
ولم تترك رغم مأساتها ( أي تلك الحروب القاسية ) أي أثرٍ للحقد أو الانتقام أو ما يبعد الأخ عن أخيه.
ولعل ما حدث إبان انتفاضة آذار 1991 وما بعدها، حينما تحررت كوردستان من دكتاتورية النظام السابق وكيفية التعامل مع عشرات الآلاف من الجنود وحتى مع الكثير من الموظفين العرب العاملين في محافظات الإقليم، دليل على عظمة ونقاء الشعب الكوردي وعلاقته التاريخية مع الشعب العربي.
ونتذكر باعتزاز تلك الأخلاقيات النبيلة والسامية التي ميزت علاقة الكورد بالعرب بعد سقوط النظام وسقوط أكثر من فيلقين من فيالق الجيش العراقي في اسر قوات البيشمه ركه والشعب الكوردي، وكيفية التعامل معها بشكل نبيل يرتقي إلى مستوى تلك العلاقة التاريخية بين الشعبين الشقيقين، حتى مع قيادات كثيرة لحزب البعث من التي لم تتلوث أياديها بدماء شعب كوردستان.
أن أصدقاء ومناصري الكورد في الشرق الأوسط معظمهم من العرب، وهذه فلسطين ومنظماتها المناضلة تشهد روعة ومتانة العلاقة بين الشعبين والثورتين الكوردية والفلسطينية منذ انبثاقهما وتعاون معظم المنظمات الفلسطينية مع الثورة الكوردية في كثير من المجالات، وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها، وكأنما صلاح الدين ما زال يصلي إماما بالجميع.
ولم يبقَ متسع من ثرى الشام والعراق وفلسطين والكنانة حتى طوى آلافا مؤلفة من خيرة مقاتلي الكورد في حروب العرب والمسلمين عبر قرون وقرون، فاختلطت الدماء والرفات، وامتلأت مقابر الشهداء رجالا جاءوا من كوردستان دفاعا عن العروبة والإسلام.
وكما يذكر التاريخ رجالات الكورد في حياة العرب، فان التاريخ عامة والكوردي بشكل خاص سيذكر باعتزاز أولئك الرجال والنساء من العرب الذين تبنوا قضية الكورد وناصروها، بل وتعرضوا من اجلها إلى أشد المخاطر والويلات من قبل الأنظمة السياسية المعادية للعرب والكورد على حدٍ سواء.
وحتى في العراق أبان الحرب القذرة التي شنها النظام السابق، فلقد سجل التاريخ والأحداث وذاكرة الشعبين عشرات وربما المئات من المواقف الخلاقة والنبيلة لكثير من الجنود والضباط الذين كانوا يرفضون همجية النظام ومؤسساته الخاصة في تعاملهم مع شعب كوردستان، وإزاء ذلك فقد الكثير من هؤلاء مواقعهم أو فروا هاربين لكي لا يتحملوا وزر تلك الجرائم البشعة.
ولعل الكثير يتذكر المئات من البيشمه ركه العرب في مختلف المنظمات والأحزاب الوطنية العراقية ممن كانت كوردستان وأحضان الكورد ملاذا آمنا وكريما لهم ولعوائلهم، وساحة لانطلاقهم في مقاومة الظلم والدكتاتورية مع وجود الاختلاف الفكري والسياسي بينهم وبين الثورة الكوردية، إضافة إلى المئات منهم ممن آمنوا بقضية الكورد وحقوقهم وناضلوا بالسلاح مع إخوتهم لتحقيق أهداف الشعب في الحرية والانعتاق.
ومن لم تسنح له الحياة وضروفها لحمل البندقية دفاعا عن القضية الإنسانية للكورد، فقد حمل قلمه سلاحا نافذا في عواصم العرب من بيروت إلى القاهرة، ولعل ذاكرة العرب والكورد تتذكر العشرات من تلك الأقلام الحرة والمناضلة من اجل القضية الكوردية وحرية الشعب الكوردي ومعاناته، ولست هنا بصدد تعداد تلك القوافل من الإخوة العرب في بيروت وعمان والقاهرة ودمشق ودبي والرياض وطرابلس الغرب وبقية عواصم الدول العربية، إذ لن تكفيها صفحات مقالنا هذا لتدوينها كأشخاص وأفراد، بالإضافة إلى كل القوى الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي التي ناضلت منذ تأسيسها في بداية القرن الماضي وحتى هذا اليوم من اجل القضية الكوردية وشرعيتها وحلها سلميا وإدانة كل الحروب التي وقعت ضدها.
ولعلنا نتذكر المئات من الديمقراطيين العرب الذين اعتقلوا وسجنوا وتعذبوا واعدموا من اجل مواقفهم من القضية والثورة الكوردية.
وبصرف النظر عن مواقف الكثير من القوى المضادة والشوفينية التي لا تخلو منها كل شعوب الأرض، فان ما بين العرب والكورد أقوى وأمتن من أن تناله مواقفهم وحتى حروبهم الأكثر قساوة وعنصرية في الأنفال السوداء، فقد كانا أي العرب والكورد بمستو إنساني راقي ونبيل في الساعات الأولى لانتفاضة الربيع في آذار 1991 حينما تحولت بيوت ومساجد كوردستان إلى أحضان دافئة لآلاف مؤلفة من الجنود والضباط والموظفين الذين تخلى عنهم صدام حسين يواجهون مصيرهم!
وكذلك ما حصل بعد انهيار وهزيمة دولة البعث وهروب قيادتها العسكرية وقائدها العام في نيسان 2003 وسقوط فيلقين من فيالق الجيش العراقي السابق أسيرا في كوردستان، لقد ارتقت مشاعر الأخوة والإنسانية فتجاوزت أحقاد وجروح الحرب وآلامها، وأصبح هؤلاء الأسرى ضيوف أهليهم في كوردستان معززين ومكرمين، على خلفية ما زرعه البارزاني الخالد من أن الصراع ليس بين العرب والكورد، بل بين أولئك الطغاة العنصريون والأحرار في كوردستان، وليس بين أفراد الجيش المغلوبين على امرهم والمغرر بهم، والمضللين في معارفهم ووعيهم عن الكورد ودورهم في تاريخ العرب والعراق.
في لحظة نسي الجميع كل تلك الحروب القذرة التي شنتها الأنظمة البائسة ضد شعب كوردستان، لكي تندمل الجروح وتستمر حركة الحياة الجديدة باتجاه الشمس والنور، وتحولت كوردستان إلى ملاذ آمن لكل تلك الآلاف المؤلفة من المغرر بهم من جنود جيش يحارب ستين عاما دون أن يدرك لماذا يحارب ومع من يتحارب؟
واليوم؛ حينما ضاقت الأرض بسكانها في بغداد والبصرة وكل العراق من طوفانات الدم والتقاتل الطائفي المقيت تحولت كوردستان كما هي في كل مرة إلى حضن دافئ وحنون لأبناء العراق من عربه سنة وشيعة وصابئة وتركمان وكلدان وآشوريين، تمنح الجميع دفأ حنانها وبريق نقائها ونبل إنسانيتها في أروع تعانق بين العراقيين في بلاد الكورد وموطن الشمس والجبال، كوردستان الجمال والحب والعراق الجديد.
لم يكن هناك أي صراع بين العرب والكورد، بل ليس للكورد إخوة وأصحاب غير العرب، وكذا العرب أيضا في علاقتهم مع الكورد، لقد كان الصراع مع الأنظمة السياسية التي حكمت الكورد والعرب معا، وكانا الشعبين ضحية تلك الأنظمة الدكتاتورية وأساليبها القمعية والظالمة.
لقد قال البارزاني مصطفى القائد التاريخي للكورد منذ الأيام الأولى للثورة إننا لا نحارب العرب بل نقاوم تلك السلطات والنظم السياسية الدكتاتورية الظالمة والقاسية، وكان يوصي أركان ثورته ورجال حربه بان لا يخلطوا بين الشعب وما تقوم به تلك الأنظمة الدكتاتورية البائسة، بل كان يطلب التعامل مع أسرى تلك الحروب بأنهم متورطون لا حول لهم ولا قوة، واعتبارهم مواطنين وإكرامهم وإطلاق سراحهم فور استسلامهم أو أسرهم.
إن العرب لا يتحملون وزر تلك الأنظمة وجرائمها، لأنهم هم أيضا من ضحاياها، ولقد أثبتت مجريات الأحداث عبر التاريخ بأن الشعبين العربي والكوردي هم اقرب الشعوب إلى بعضهما، في التاريخ والجغرافية والمجتمع والعلاقات الإنسانية الأخرى، وقد اختلطت دماؤهم في كل مراحل التاريخ والحياة حتى لا تكاد تفرق بينهما.
وفي أول عملية اختيار بين خيارين لا ثالث لهما في مشكلة ولاية الموصل ( إقليم كوردستان الحالي ) بين الاتحاد مع العرب في مملكة العراق أو الانتماء إلى تركيا بعد إقصاء فكرة الاستقلال قسرا، اختار الكورد الاتحاد مع العرب في مملكة العراق تحت مبدأ المشاركة في مطلع القرن الماضي، ورفضوا أن يكونوا جزءً من الكيان التركي آنذاك، لسبب واحد هو أنهم اختاروا الأقرب إلى قلوبهم وعقولهم وتاريخهم.
إن ما تعرض له الكورد عبر تاريخهم من حروب شنتها الأنظمة الدكتاتورية والشوفينية، زادتهم قوة وإيمانا بقضيتهم وبعلاقتهم التاريخية النقية مع الشعب العربي.
ولم تترك رغم مأساتها ( أي تلك الحروب القاسية ) أي أثرٍ للحقد أو الانتقام أو ما يبعد الأخ عن أخيه.
ولعل ما حدث إبان انتفاضة آذار 1991 وما بعدها، حينما تحررت كوردستان من دكتاتورية النظام السابق وكيفية التعامل مع عشرات الآلاف من الجنود وحتى مع الكثير من الموظفين العرب العاملين في محافظات الإقليم، دليل على عظمة ونقاء الشعب الكوردي وعلاقته التاريخية مع الشعب العربي.
ونتذكر باعتزاز تلك الأخلاقيات النبيلة والسامية التي ميزت علاقة الكورد بالعرب بعد سقوط النظام وسقوط أكثر من فيلقين من فيالق الجيش العراقي في اسر قوات البيشمه ركه والشعب الكوردي، وكيفية التعامل معها بشكل نبيل يرتقي إلى مستوى تلك العلاقة التاريخية بين الشعبين الشقيقين، حتى مع قيادات كثيرة لحزب البعث من التي لم تتلوث أياديها بدماء شعب كوردستان.
أن أصدقاء ومناصري الكورد في الشرق الأوسط معظمهم من العرب، وهذه فلسطين ومنظماتها المناضلة تشهد روعة ومتانة العلاقة بين الشعبين والثورتين الكوردية والفلسطينية منذ انبثاقهما وتعاون معظم المنظمات الفلسطينية مع الثورة الكوردية في كثير من المجالات، وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها، وكأنما صلاح الدين ما زال يصلي إماما بالجميع.
ولم يبقَ متسع من ثرى الشام والعراق وفلسطين والكنانة حتى طوى آلافا مؤلفة من خيرة مقاتلي الكورد في حروب العرب والمسلمين عبر قرون وقرون، فاختلطت الدماء والرفات، وامتلأت مقابر الشهداء رجالا جاءوا من كوردستان دفاعا عن العروبة والإسلام.
وكما يذكر التاريخ رجالات الكورد في حياة العرب، فان التاريخ عامة والكوردي بشكل خاص سيذكر باعتزاز أولئك الرجال والنساء من العرب الذين تبنوا قضية الكورد وناصروها، بل وتعرضوا من اجلها إلى أشد المخاطر والويلات من قبل الأنظمة السياسية المعادية للعرب والكورد على حدٍ سواء.
وحتى في العراق أبان الحرب القذرة التي شنها النظام السابق، فلقد سجل التاريخ والأحداث وذاكرة الشعبين عشرات وربما المئات من المواقف الخلاقة والنبيلة لكثير من الجنود والضباط الذين كانوا يرفضون همجية النظام ومؤسساته الخاصة في تعاملهم مع شعب كوردستان، وإزاء ذلك فقد الكثير من هؤلاء مواقعهم أو فروا هاربين لكي لا يتحملوا وزر تلك الجرائم البشعة.
ولعل الكثير يتذكر المئات من البيشمه ركه العرب في مختلف المنظمات والأحزاب الوطنية العراقية ممن كانت كوردستان وأحضان الكورد ملاذا آمنا وكريما لهم ولعوائلهم، وساحة لانطلاقهم في مقاومة الظلم والدكتاتورية مع وجود الاختلاف الفكري والسياسي بينهم وبين الثورة الكوردية، إضافة إلى المئات منهم ممن آمنوا بقضية الكورد وحقوقهم وناضلوا بالسلاح مع إخوتهم لتحقيق أهداف الشعب في الحرية والانعتاق.
ومن لم تسنح له الحياة وضروفها لحمل البندقية دفاعا عن القضية الإنسانية للكورد، فقد حمل قلمه سلاحا نافذا في عواصم العرب من بيروت إلى القاهرة، ولعل ذاكرة العرب والكورد تتذكر العشرات من تلك الأقلام الحرة والمناضلة من اجل القضية الكوردية وحرية الشعب الكوردي ومعاناته، ولست هنا بصدد تعداد تلك القوافل من الإخوة العرب في بيروت وعمان والقاهرة ودمشق ودبي والرياض وطرابلس الغرب وبقية عواصم الدول العربية، إذ لن تكفيها صفحات مقالنا هذا لتدوينها كأشخاص وأفراد، بالإضافة إلى كل القوى الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي التي ناضلت منذ تأسيسها في بداية القرن الماضي وحتى هذا اليوم من اجل القضية الكوردية وشرعيتها وحلها سلميا وإدانة كل الحروب التي وقعت ضدها.
ولعلنا نتذكر المئات من الديمقراطيين العرب الذين اعتقلوا وسجنوا وتعذبوا واعدموا من اجل مواقفهم من القضية والثورة الكوردية.
وبصرف النظر عن مواقف الكثير من القوى المضادة والشوفينية التي لا تخلو منها كل شعوب الأرض، فان ما بين العرب والكورد أقوى وأمتن من أن تناله مواقفهم وحتى حروبهم الأكثر قساوة وعنصرية في الأنفال السوداء، فقد كانا أي العرب والكورد بمستو إنساني راقي ونبيل في الساعات الأولى لانتفاضة الربيع في آذار 1991 حينما تحولت بيوت ومساجد كوردستان إلى أحضان دافئة لآلاف مؤلفة من الجنود والضباط والموظفين الذين تخلى عنهم صدام حسين يواجهون مصيرهم!
وكذلك ما حصل بعد انهيار وهزيمة دولة البعث وهروب قيادتها العسكرية وقائدها العام في نيسان 2003 وسقوط فيلقين من فيالق الجيش العراقي السابق أسيرا في كوردستان، لقد ارتقت مشاعر الأخوة والإنسانية فتجاوزت أحقاد وجروح الحرب وآلامها، وأصبح هؤلاء الأسرى ضيوف أهليهم في كوردستان معززين ومكرمين، على خلفية ما زرعه البارزاني الخالد من أن الصراع ليس بين العرب والكورد، بل بين أولئك الطغاة العنصريون والأحرار في كوردستان، وليس بين أفراد الجيش المغلوبين على امرهم والمغرر بهم، والمضللين في معارفهم ووعيهم عن الكورد ودورهم في تاريخ العرب والعراق.
في لحظة نسي الجميع كل تلك الحروب القذرة التي شنتها الأنظمة البائسة ضد شعب كوردستان، لكي تندمل الجروح وتستمر حركة الحياة الجديدة باتجاه الشمس والنور، وتحولت كوردستان إلى ملاذ آمن لكل تلك الآلاف المؤلفة من المغرر بهم من جنود جيش يحارب ستين عاما دون أن يدرك لماذا يحارب ومع من يتحارب؟
واليوم؛ حينما ضاقت الأرض بسكانها في بغداد والبصرة وكل العراق من طوفانات الدم والتقاتل الطائفي المقيت تحولت كوردستان كما هي في كل مرة إلى حضن دافئ وحنون لأبناء العراق من عربه سنة وشيعة وصابئة وتركمان وكلدان وآشوريين، تمنح الجميع دفأ حنانها وبريق نقائها ونبل إنسانيتها في أروع تعانق بين العراقيين في بلاد الكورد وموطن الشمس والجبال، كوردستان الجمال والحب والعراق الجديد.
ولأول مرة منذ سنين طوال تزدحم كوردستان ومؤسساتها الثقافية والفكرية والسياسية والاستثمارية من كل البلدان العربية وعلى رأسها جمهورية مصر العربية ولبنان والأردن والأمارات العربية المتحدة، في انفتاح عربي كبير على إقليم كوردستان في كافة المجالات، لترى المواطنين الكورد والكوردستانيون هنا أكثر حبا وتعاطفا معهم دون غيرهم، ألم اقل لكم ليس للكورد إخوة وأصحاب مثل العرب والعكس صحيح!.