بير رستم
المقدمة:
مسودة المشروع المقترح للمؤتمر القادم والمطروح للنقاش والدراسة يعتبر خطوة متقدمة وأكثر نضجاً مما يمكن اعتباره منهاجاً حالياً للحزب وذلك لعدة اعتبارات؛ أولاً: من حيث الفكرة والمبدأ وطرحها قبل المؤتمر بفترة لكي يتسنى للجميع دراسته وإبداء الملاحظات بتأني وإنه لمن الأفضل أن يتم طرحه من خلال الإعلام الحزبي وأيضاً مواقع الانترنت لكي يتسنى لكل من يود دراسته أن يبدي ملاحظاته بخصوصه.
المقدمة:
مسودة المشروع المقترح للمؤتمر القادم والمطروح للنقاش والدراسة يعتبر خطوة متقدمة وأكثر نضجاً مما يمكن اعتباره منهاجاً حالياً للحزب وذلك لعدة اعتبارات؛ أولاً: من حيث الفكرة والمبدأ وطرحها قبل المؤتمر بفترة لكي يتسنى للجميع دراسته وإبداء الملاحظات بتأني وإنه لمن الأفضل أن يتم طرحه من خلال الإعلام الحزبي وأيضاً مواقع الانترنت لكي يتسنى لكل من يود دراسته أن يبدي ملاحظاته بخصوصه.
وثانياً: لما يحمله من مضامين وعلى جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية وأيضاً الاقتصادية ويعتبر طرحه في هذه المرحلة ضرورة تاريخية وكخطوة متقدمة في رسم ملامح السياسة المستقبلية للحزب.
ولكن ورغم كل هذا وذاك – وحسب قراءتنا ورؤيتنا – ما زال مسودة المشروع يعاني بعض الخلل حيث يجب الوقوف عندها.
وكمحاولة لتلافي بعضها سوف نحاول أن نناقش تلك المسائل للوصول إلى أفضل ما يمكن أن يكون.
– بدايةً كان يجب وضع دراسة كاملة عن الشعب الكردي وكوردستان وتعرضها للاحتلال والتقسيم عبر مختلف مراحل التاريخ والوقوف مفصلاً عند الجزء الملحق بالدولة السورية، وذلك في بداية المشروع – المنهاج لكي يتسنى لمن يود الاضطلاع على مسيرة هذا الشعب أن يتخذه مرجعاً ومصدراً لدراسته والتعرف عليه؛ أي كان الأجدر أن تقف المقدمة عند المراحل والمحطات التاريخية للشعب الكردي وخاصةً – كما قلنا سابقاً – في هذا الجزء المعروف بـ(جنوب غرب كوردستان) وتحديداً في النصف الأخير من القرن الماضي وذلك كمدخل للتعريف بالقضية الكردية عموماً ومن النواحي التاريخية والجغرافية والسياسية وأيضاً الثقافية والاجتماعية.
ولكن ورغم كل هذا وذاك – وحسب قراءتنا ورؤيتنا – ما زال مسودة المشروع يعاني بعض الخلل حيث يجب الوقوف عندها.
وكمحاولة لتلافي بعضها سوف نحاول أن نناقش تلك المسائل للوصول إلى أفضل ما يمكن أن يكون.
– بدايةً كان يجب وضع دراسة كاملة عن الشعب الكردي وكوردستان وتعرضها للاحتلال والتقسيم عبر مختلف مراحل التاريخ والوقوف مفصلاً عند الجزء الملحق بالدولة السورية، وذلك في بداية المشروع – المنهاج لكي يتسنى لمن يود الاضطلاع على مسيرة هذا الشعب أن يتخذه مرجعاً ومصدراً لدراسته والتعرف عليه؛ أي كان الأجدر أن تقف المقدمة عند المراحل والمحطات التاريخية للشعب الكردي وخاصةً – كما قلنا سابقاً – في هذا الجزء المعروف بـ(جنوب غرب كوردستان) وتحديداً في النصف الأخير من القرن الماضي وذلك كمدخل للتعريف بالقضية الكردية عموماً ومن النواحي التاريخية والجغرافية والسياسية وأيضاً الثقافية والاجتماعية.
– وإضافةً إلى ذلك فهناك بعض المغالطات الاصطلاحية البنيوية في المشروع – المسودة ومنها مفهوم “الأشقاء” بين الشعبين الكردي والعربي؛ حيث يورد في مسودة المشروع ما يلي: “وقد ترك هذا التلاحم النضالي بين الشعبين الشقيقين ( أي الكردي والعربي والتنويه من عندنا) سجلاً خالداً حافلاً بالمآثر العظيمة”.
فإذا عدنا إلى مسألة الأعراق وتكويناتها وتشكيلاتها فإننا سوف نستبعد مصطلح “الشقيق” الذي يربط بين العرب والكورد في المسودة لنبدله بمصلح آخر كالصداقة أو الجيرة؛ فعرقياً العلاقات الكردية العربية لا تندرج تحت مفهوم “الشقيق” والمرتبط بأصل واحد مشترك بل هما شعبان يتجاوران جغرافياً وفي أفضل الحالات يكونان صديقين، مع العلم إن الكورد عانوا الاحتلال بشقيه الإسلامي والعروبي من قبل هذا الجار وحيث أن المقدمة نفسها تؤكد على هذه النقطة وذلك عندما تقول في فقرةٍ أخرى “بأن القضية الكردية في سوريا هي قضية الشعب الكردي وتحرره من الاضطهاد القومي”.
فإذا عدنا إلى مسألة الأعراق وتكويناتها وتشكيلاتها فإننا سوف نستبعد مصطلح “الشقيق” الذي يربط بين العرب والكورد في المسودة لنبدله بمصلح آخر كالصداقة أو الجيرة؛ فعرقياً العلاقات الكردية العربية لا تندرج تحت مفهوم “الشقيق” والمرتبط بأصل واحد مشترك بل هما شعبان يتجاوران جغرافياً وفي أفضل الحالات يكونان صديقين، مع العلم إن الكورد عانوا الاحتلال بشقيه الإسلامي والعروبي من قبل هذا الجار وحيث أن المقدمة نفسها تؤكد على هذه النقطة وذلك عندما تقول في فقرةٍ أخرى “بأن القضية الكردية في سوريا هي قضية الشعب الكردي وتحرره من الاضطهاد القومي”.
– الملاحظة الأخرى التي نود الوقوف عندها والواردة في المقدمة: هي مسألة رسم الحدود والجغرافية؛ جغرافية المنطقة أي منطقة الشرق الأوسط.
ليس صحيحاً إن هذه الحدود رسمت فقط لتقاطعها “وفق مصالح ورغبات الدول الاستعمارية بموجب معاهدة (سايكس بيكو) وتعديلاتها..” كما يورد في مقدمة مسودة المشروع، بل أيضاً وفق مصالح ورغبات بعض شعوب المنطقة مثل كل من الشعوب العربية والتركية والفارسية وإن بدرجات متفاوتة وعلى حساب بعض الشعوب الأخرى التي هي أيضاً تعتبر من الأعراق الأصيلة وغير المهجرة إليها كالشعب الكردي وأيضاً الأرمني والأمازيغي وغيرهم كالمسألة الفلسطينية.
ليس صحيحاً إن هذه الحدود رسمت فقط لتقاطعها “وفق مصالح ورغبات الدول الاستعمارية بموجب معاهدة (سايكس بيكو) وتعديلاتها..” كما يورد في مقدمة مسودة المشروع، بل أيضاً وفق مصالح ورغبات بعض شعوب المنطقة مثل كل من الشعوب العربية والتركية والفارسية وإن بدرجات متفاوتة وعلى حساب بعض الشعوب الأخرى التي هي أيضاً تعتبر من الأعراق الأصيلة وغير المهجرة إليها كالشعب الكردي وأيضاً الأرمني والأمازيغي وغيرهم كالمسألة الفلسطينية.
– وأيضاً هناك نقطة أخرى لفتت انتباهنا في المقدمة وذلك عند الحديث عن مسألة تقسيم جغرافية المنطقة؛ حيث يورد بخصوص تقسيم كوردستان وإلحاق جزء منها بالدولة السورية الحديثة ما يلي: “ولم يستثن الشعب الكردي بأرضه التاريخية من هذا المخطط الاستعماري فتم تقسيمه في إطار الكيانات التي برزت على أنقاض الإمبراطورية العثمانية وكان أن أرتبط جزء من الشعب الكردي بسوريا”.
ما نلاحظه ومن خلال السرد والسياق اللفظي والمعنوي بأن المقدمة تحاول أن تناور على المعنى لتتهرب من وضع النقاط على الحروف وتسمية المسميات بأسمائها؛ حيث كان الأجدر بالمقدمة أن تقول: أرتبط جزء من كوردستان بسوريا وليس “جزء من الشعب الكردي بسوريا” وذلك كون الموضوع يتعلق بتقسيم الجغرافية الكردية (كوردستان) وإلحاق جزء منها بجغرافيا جديدة (سوريا)، هذه من حيث المعنى.
أما من حيث اللفظ والسياق اللغوي، فإن مصطلح “الشعب الكردي” هو مصطلح اجتماعي سوسيولوجي بينما مصطلح “سوريا” هو مصطلح جغرافي بيولوجي ولا يجوز – هنا – الربط بينهما؛ فإما أن نقول: أرتبط جزء من الشعب الكردي بالشعب العربي في سوريا أو نقول: أرتبط جزء من الجغرافية الكردية (جنوب غرب كوردستان) بالدولة السورية الحديثة.
المنهاج:
كانت تلك بخصوص المقدمة، أما هنا فسوف نقف عند مواد وفقرات المنهاج وبشيء من التروي والتفصيل.
ونبدأ بالمادة الأولى والمتعلقة باسم الحزب: الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي).
إننا نرى أنه الأنسب بل الأدق أن يكون “الديمقراطي الكردستاني” وذلك لاعتبارات عدة.
أولاها: إنه الاسم الأقدم للحزب وكون “البارتي” يعتبر نفسه الوريث الشرعي أو بشكل أدق هو الامتداد الطبيعي لذاك التنظيم الذي أسس في منتصف القرن الماضي (1957) لذلك فمن الأجدر أن يعود الحزب إلى أسمه القديم؛ ألا وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي).
ذاك كان من الجانب التاريخي، أما من ناحية الجغرافية الكردية الملحقة بالدولة السورية والتأكيد على كردستانيتها – مع الحرص والتأكيد على وحدة سوريا ودون المزايدة بالشعارات والمناداة بتقسيم البلاد – فإنه يستوجب علينا أن نربط أسم الحزب بهذه الجغرافية وبالتالي جعله كردستانياً.
وآخراً وليس أخيراً فإن تواجد العناصر الغير كوردية والتي تقيم وتعيش ضمن المناطق الكردية والتي لها كل الحق أن تناضل ضمن صفوف الحركة السياسية الكردية عندما تؤمن ببرامجها ومناهجها السياسية فإنه وبالتالي يوجب علينا أن نجعل الحزب كردستانياً وليس كردياً عرقياً فقط ليتسنى لهؤلاء الانخراط في صفوف الحزب.
وأخيراً فإن نهج (البارتي) ذو البعد الكردستاني وتقاطعه وعلاقاته مع الأحزاب الكردستانية الأخرى يحتم علينا أن نجعل أسم الحزب: البارتي الديمقراطي الكردستاني في سوريا.
وهناك في المادة الرابعة من مسودة المنهاج نقطة يجب الوقوف عندها وتوضيحها؛ ألا وهي مسألة “النهج البارزاني الخالد” والاستفادة منها والتي تميز “البارتي” عن بقية الأطراف والفصائل السياسية الأخرى في الحركة الوطنية الكردية في سوريا.
فباعتقادنا إن هذه النقطة بحاجة إلى بعض التوضيح والشرح والوقوف عند المعالم البارزة والأساسية في سلوك ونهج الحركة الوطنية الكردية في إقليم كوردستان العراق وتحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني في ظل القيادة البارزانية مما جعلنا نسلك ذاك الدرب كنهج سياسي وطني كردستاني.
وهذه النقطة يمكن أن تأتي في سياق التعريف بالحزب؛ فلذلك يجب على المسودة أن تضم فقرة وفي مقدمة المنهاج للتعريف بالحزب وتاريخه السياسي والنضالي.
وفي المادة الخامسة ورغم الموقف الإيجابي والتحليل الدقيق لواقع ووجود الشعب الكردي في هذا الإقليم الملحق بالدولة السورية وعلى أنهم؛ أي الكورد يعيشون على أرضهم التاريخية وهم يشكلون ثاني قومية في البلد وبنسبة 15% وهكذا فهي؛ أي القضية الكردية هي قضية أرض وشعب – ومن دون أقواس – وعلينا أن نقولها ونؤكد عليها، لا أن نضعها بين قوسين وكأننا في شكٍ وريبٍ من ذلك، بل أنه علينا أن نعمل على تأكيد ذلك وتثبيتها في الدساتير السورية اللاحقة.
وهنا نود أن نوضح مسألة – نعتقد إنها في غاية الأهمية – لبعض الأخوة والرفاق في صفوف الحركة الوطنية الكردية ممن يخافون من تدويل مصطلح الإقليم الكردي الملحق بالدولة السورية أو مما يعرف حالياً في الأوساط الثقافية والسياسية الكردية بـ(جنوب غرب كوردستان أو كوردستان سوريا) ويبدلونها بمدلولات ومصطلحات شتى وهكذا فهم يترددون من استخدامه إما خوفاً أو (تجريحاً لمشاعر البعض – بالأدق الأغلبية – من الأخوة والأصدقاء العرب)، إن كانوا في السلطة أو المعارضة؛ إعلان دمشق نموذجاً، بأن مصطلح كوردستان سوريا هو مصطلح جغرافي، مثلها مثل مصطلح عفرين وجبل العلويين وأرمنستان وغيرها من جغرافيات العالم، وذلك قبل أن يكون مصطلحاً سياسياً وإنه وعلى الرغم من جيوسياسية المصطلح فهو لا يعني الانفصال والانقسام وخاصةً في ظل هذه الأجواء والمناخات التي تتوجه فيها العالم نحو التوحد والتكتلات الجيواقتصادية الضخمة كالاتحاد الأوربي، بل إن مصطلح (كوردستان) هو تسمية المسميات بأسمائها وتأكيدٌ على الهوية.
وكذلك وفي المادة المذكورة سابقاً وتحت فقرة “وإزاء هذه الأوضاع الشاذة جداً يناضل الحزب من أجل: أولاً – على الصعيد السياسي: أ- تحقيق الإدارة الذاتية للمناطق الكردية”.
إننا نعتقد بأن هذه الفقرة بحاجة إلى المزيد من التوضيح والتفصيل في المسائل الجزئية والقانونية؛ ولذلك نقترح أن يتم تشكيل لجنة من القانونيين لدراسة هذه النقطة تحديداً وغيرها من المسائل الإدارية لنخرج بأفضل الصيغ القانونية والحقوقية الممكنة وهكذا نبتعد قدر الممكن عن الغموض والضبابية والتي هي صفة برامج ومناهج أحزابنا السياسية في الحركة الوطنية الكردية في سوريا عموماً.
وفي المادة العاشرة، وعلى الرغم من تأكيد المسودة وفي أكثر من مكان على “إزالة جميع المشاريع الشوفينية من حزام وإحصاء ومعالجة آثارها وتداعياتها، والتعويض عن المتضررين منها”، فإنه يجب التأكيد في هذه المادة على ذلك مرةً أخرى، وبالتالي فإننا نقترح إضافة هذه الفقرة إلى تلك المادة: (إزالة كافة آثار الحزام العربي؛ من إعادة الأراضي التي سلبت من الفلاحين الكورد وغيرهم إلى أصحابها الحقيقيين وتعويضهم مادياً وأيضاً إعادة المستوطنون من العرب الغمر إلى مناطق سكناهم القديمة).
أما المادة التاسعة عشر والتي توضح موقف الحزب تجاه الأجزاء الأخرى من كوردستان ونضالات شعبنا فيها والتي يمكن تلخيصها تحت مصطلح الموقف الكردستاني للبارتي، فإنه يأتي على ذكر المسألة باختصار جد شديد وبرأينا إنه يحتاج إلى صياغة جديدة ولا يضر إن وقفنا بشيء من التفصيل عند بعض القضايا والمسائل السياسية الأساسية هناك وأيضاً موقف ودور الكتل السياسية البارزة على الساحات تلك ودور الأنظمة الغاصبة في قمع إرادة شعبنا لنيل حقه في تقرير مصيره أسوةً بجميع شعوب العالم وهكذا يجب الوقوف عند تجربة إقليم كوردستان العراق بشكلٍ موسع واستخلاص الدروس والتجارب منها والاستفادة منها، وكان يمكن تلافي كل هذه المسائل في مقدمة المنهاج كما نوهنا سابقاً.
وبخصوص قضايا الشعوب والأقوام التي تعيش بجوار الكورد ونضالها فلقد وقف المسودة وفي أكثر من مادة عندها ومنها المادة الحادية والعشرون حيث تقول: “يؤيد البارتي نضال الشعوب العربية في سبيل إكمال تحررها القومي والاجتماعي والاقتصادي وتحقيق التغييرات الديمقراطية فيها من أجل تجاوز الأنظمة الاستبدادية والشمولية وبناء أنظمة ديمقراطية علمانية (مدنية) ذات طابع مؤسساتي..
الخ”.
وكذلك في المادة الرابعة والعشرون تقول المسودة: “يؤيد البارتي النضال العادل للشعب الفلسطيني من أجل ممارسة حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الوطنية المستقلة ذات على أرضه كما يؤيد نضال جميع شعوب المنطقة في ضمان حقها في تقرير مصيرها وإنجاز تحررها السياسي والاقتصادي”.
ما نلاحظه في المادتين السابقتين إنهما يعطيان الخصوصية للقضايا العربية ولا شك إنها عائدة لنقطتين؛ أولاً كوننا نتجاور ونتعايش في سوريا مع الأخوة العرب وهذه تفرض فضاءً معرفياً ومناخاً سياسياً محدداً ناهيك عن موازين القوة والضعف في السياسة، أما النقطة الأخرى والتي ساهمت في أن تكون للقضايا العربية بعض هذه الخصوصية فهي عائدة إلى العقلية السياسية الكلاسيكية في البارتي والتي تكلست في بعض الجوانب والقضايا ولذلك فهي تأتي وتمر من دون البحث والجدل فيها وهل هي موائمة لمنطق العصر واليوم أم لا.
طبعاً لا يعني هذه أن نترك قضايا الشعوب المجاورة وراء ظهورنا ونتنكر لها، ولكن يجب أن نكون موضوعيين ومنصفين وعقلانيين في طرحنا السياسي؛ فليس من المعقول اللفظي والمعنوي السياسي والعقلاني أن تسبق القضية الفلسطينية قضايا جميع شعوب العالم في فكرنا السياسي كما هو وارد في مسودة المشروع وذلك في المادة السابقة، بل كان الأدق أن تأتي الصياغة على الشكل المعاكس التالي: بأن (البارتي يؤيد نضال جميع شعوب المنطقة في ضمان حقها في تقرير مصيرها وإنجاز تحررها السياسي والاقتصادي ومنها الشعوب الفلسطينية والأمازيغية والأرمنية والآشورية والتركمانية وغيرها) وكذلك بالنسبة للمادة الحادية والعشرون وبدل عبارة “يؤيد البارتي نضال الشعوب العربية في سبيل إكمال تحررها القومي والاجتماعي والاقتصادي وتحقيق التغييرات الديمقراطية..
الخ” فإن صياغة (يؤيد البارتي نضال شعوب المنطقة في سبيل إكمال تحررها..
الخ” هي الأشمل والأكثر تعبيراً عن القضية.
وأيضاً هناك نقاط غير واردة في المسودة وكان يجب الوقوف عندها وبشيء من التفصيل وذلك مثل: حقوق (الأقليات) القومية الأخرى والمتواجدة في سوريا كالأرمن والآشوريين والدروز وغيرهم من الأعراق والطوائف والمذاهب الدينية، وأيضاً مسألة حرية المعتقدات الدينية والمذهبية، ليكون “الدين لله والوطن للجميع” ومن دون أي تهميش كما هو الواقع في يومنا وما يحصل للديانة الأيزيدية (خير) دليل على ذلك.
ويمكن أن تشمل المقدمة؛ مقدمة المنهاج السياسي للحزب بعض هذه الجوانب وذلك عند الحديث عن واقع سوريا والمكونات القومية التي تحتضنها وتاريخ كل منها في المنطقة ودورهم عبر مراحل التاريخ المختلفة.
وكذلك كان يجب أن تقف المقدمة عند ظاهرة التكتلات والانشقاقات التي عانى الحركة الوطنية الكردية منها وتحديداً البارتي وتحليل دوافعها وأسبابها وما تتحمله القيادة السياسية للبارتي وذلك نتيجةً لسوء إدارة الأزمات في الحزب بعيداً عن مفهوم “كل الحق على الطليان” وبالتالي تحميل تلك الكتل كل أسباب الانشقاق والنأي بالبارتي عن تحمل (ولو)10% عشرة بالمائة من تلك الأسباب وذلك للوصول إلى صيغ تقر بحق الكتل أو التيارات السياسية بالوجود حتى داخل البارتي ولكن على شرط الخضوع لرأي الأكثرية الانتخابية مع احترام رأي الأقلية وترك المجال أمام (الأقلية) تلك لتعمل وتقول رأيها بكل علنية وشفافية ولربما في مراحل أخرى لاحقة هي التي تنال الأغلبية الانتخابية.
ما نلاحظه ومن خلال السرد والسياق اللفظي والمعنوي بأن المقدمة تحاول أن تناور على المعنى لتتهرب من وضع النقاط على الحروف وتسمية المسميات بأسمائها؛ حيث كان الأجدر بالمقدمة أن تقول: أرتبط جزء من كوردستان بسوريا وليس “جزء من الشعب الكردي بسوريا” وذلك كون الموضوع يتعلق بتقسيم الجغرافية الكردية (كوردستان) وإلحاق جزء منها بجغرافيا جديدة (سوريا)، هذه من حيث المعنى.
أما من حيث اللفظ والسياق اللغوي، فإن مصطلح “الشعب الكردي” هو مصطلح اجتماعي سوسيولوجي بينما مصطلح “سوريا” هو مصطلح جغرافي بيولوجي ولا يجوز – هنا – الربط بينهما؛ فإما أن نقول: أرتبط جزء من الشعب الكردي بالشعب العربي في سوريا أو نقول: أرتبط جزء من الجغرافية الكردية (جنوب غرب كوردستان) بالدولة السورية الحديثة.
المنهاج:
كانت تلك بخصوص المقدمة، أما هنا فسوف نقف عند مواد وفقرات المنهاج وبشيء من التروي والتفصيل.
ونبدأ بالمادة الأولى والمتعلقة باسم الحزب: الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي).
إننا نرى أنه الأنسب بل الأدق أن يكون “الديمقراطي الكردستاني” وذلك لاعتبارات عدة.
أولاها: إنه الاسم الأقدم للحزب وكون “البارتي” يعتبر نفسه الوريث الشرعي أو بشكل أدق هو الامتداد الطبيعي لذاك التنظيم الذي أسس في منتصف القرن الماضي (1957) لذلك فمن الأجدر أن يعود الحزب إلى أسمه القديم؛ ألا وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي).
ذاك كان من الجانب التاريخي، أما من ناحية الجغرافية الكردية الملحقة بالدولة السورية والتأكيد على كردستانيتها – مع الحرص والتأكيد على وحدة سوريا ودون المزايدة بالشعارات والمناداة بتقسيم البلاد – فإنه يستوجب علينا أن نربط أسم الحزب بهذه الجغرافية وبالتالي جعله كردستانياً.
وآخراً وليس أخيراً فإن تواجد العناصر الغير كوردية والتي تقيم وتعيش ضمن المناطق الكردية والتي لها كل الحق أن تناضل ضمن صفوف الحركة السياسية الكردية عندما تؤمن ببرامجها ومناهجها السياسية فإنه وبالتالي يوجب علينا أن نجعل الحزب كردستانياً وليس كردياً عرقياً فقط ليتسنى لهؤلاء الانخراط في صفوف الحزب.
وأخيراً فإن نهج (البارتي) ذو البعد الكردستاني وتقاطعه وعلاقاته مع الأحزاب الكردستانية الأخرى يحتم علينا أن نجعل أسم الحزب: البارتي الديمقراطي الكردستاني في سوريا.
وهناك في المادة الرابعة من مسودة المنهاج نقطة يجب الوقوف عندها وتوضيحها؛ ألا وهي مسألة “النهج البارزاني الخالد” والاستفادة منها والتي تميز “البارتي” عن بقية الأطراف والفصائل السياسية الأخرى في الحركة الوطنية الكردية في سوريا.
فباعتقادنا إن هذه النقطة بحاجة إلى بعض التوضيح والشرح والوقوف عند المعالم البارزة والأساسية في سلوك ونهج الحركة الوطنية الكردية في إقليم كوردستان العراق وتحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني في ظل القيادة البارزانية مما جعلنا نسلك ذاك الدرب كنهج سياسي وطني كردستاني.
وهذه النقطة يمكن أن تأتي في سياق التعريف بالحزب؛ فلذلك يجب على المسودة أن تضم فقرة وفي مقدمة المنهاج للتعريف بالحزب وتاريخه السياسي والنضالي.
وفي المادة الخامسة ورغم الموقف الإيجابي والتحليل الدقيق لواقع ووجود الشعب الكردي في هذا الإقليم الملحق بالدولة السورية وعلى أنهم؛ أي الكورد يعيشون على أرضهم التاريخية وهم يشكلون ثاني قومية في البلد وبنسبة 15% وهكذا فهي؛ أي القضية الكردية هي قضية أرض وشعب – ومن دون أقواس – وعلينا أن نقولها ونؤكد عليها، لا أن نضعها بين قوسين وكأننا في شكٍ وريبٍ من ذلك، بل أنه علينا أن نعمل على تأكيد ذلك وتثبيتها في الدساتير السورية اللاحقة.
وهنا نود أن نوضح مسألة – نعتقد إنها في غاية الأهمية – لبعض الأخوة والرفاق في صفوف الحركة الوطنية الكردية ممن يخافون من تدويل مصطلح الإقليم الكردي الملحق بالدولة السورية أو مما يعرف حالياً في الأوساط الثقافية والسياسية الكردية بـ(جنوب غرب كوردستان أو كوردستان سوريا) ويبدلونها بمدلولات ومصطلحات شتى وهكذا فهم يترددون من استخدامه إما خوفاً أو (تجريحاً لمشاعر البعض – بالأدق الأغلبية – من الأخوة والأصدقاء العرب)، إن كانوا في السلطة أو المعارضة؛ إعلان دمشق نموذجاً، بأن مصطلح كوردستان سوريا هو مصطلح جغرافي، مثلها مثل مصطلح عفرين وجبل العلويين وأرمنستان وغيرها من جغرافيات العالم، وذلك قبل أن يكون مصطلحاً سياسياً وإنه وعلى الرغم من جيوسياسية المصطلح فهو لا يعني الانفصال والانقسام وخاصةً في ظل هذه الأجواء والمناخات التي تتوجه فيها العالم نحو التوحد والتكتلات الجيواقتصادية الضخمة كالاتحاد الأوربي، بل إن مصطلح (كوردستان) هو تسمية المسميات بأسمائها وتأكيدٌ على الهوية.
وكذلك وفي المادة المذكورة سابقاً وتحت فقرة “وإزاء هذه الأوضاع الشاذة جداً يناضل الحزب من أجل: أولاً – على الصعيد السياسي: أ- تحقيق الإدارة الذاتية للمناطق الكردية”.
إننا نعتقد بأن هذه الفقرة بحاجة إلى المزيد من التوضيح والتفصيل في المسائل الجزئية والقانونية؛ ولذلك نقترح أن يتم تشكيل لجنة من القانونيين لدراسة هذه النقطة تحديداً وغيرها من المسائل الإدارية لنخرج بأفضل الصيغ القانونية والحقوقية الممكنة وهكذا نبتعد قدر الممكن عن الغموض والضبابية والتي هي صفة برامج ومناهج أحزابنا السياسية في الحركة الوطنية الكردية في سوريا عموماً.
وفي المادة العاشرة، وعلى الرغم من تأكيد المسودة وفي أكثر من مكان على “إزالة جميع المشاريع الشوفينية من حزام وإحصاء ومعالجة آثارها وتداعياتها، والتعويض عن المتضررين منها”، فإنه يجب التأكيد في هذه المادة على ذلك مرةً أخرى، وبالتالي فإننا نقترح إضافة هذه الفقرة إلى تلك المادة: (إزالة كافة آثار الحزام العربي؛ من إعادة الأراضي التي سلبت من الفلاحين الكورد وغيرهم إلى أصحابها الحقيقيين وتعويضهم مادياً وأيضاً إعادة المستوطنون من العرب الغمر إلى مناطق سكناهم القديمة).
أما المادة التاسعة عشر والتي توضح موقف الحزب تجاه الأجزاء الأخرى من كوردستان ونضالات شعبنا فيها والتي يمكن تلخيصها تحت مصطلح الموقف الكردستاني للبارتي، فإنه يأتي على ذكر المسألة باختصار جد شديد وبرأينا إنه يحتاج إلى صياغة جديدة ولا يضر إن وقفنا بشيء من التفصيل عند بعض القضايا والمسائل السياسية الأساسية هناك وأيضاً موقف ودور الكتل السياسية البارزة على الساحات تلك ودور الأنظمة الغاصبة في قمع إرادة شعبنا لنيل حقه في تقرير مصيره أسوةً بجميع شعوب العالم وهكذا يجب الوقوف عند تجربة إقليم كوردستان العراق بشكلٍ موسع واستخلاص الدروس والتجارب منها والاستفادة منها، وكان يمكن تلافي كل هذه المسائل في مقدمة المنهاج كما نوهنا سابقاً.
وبخصوص قضايا الشعوب والأقوام التي تعيش بجوار الكورد ونضالها فلقد وقف المسودة وفي أكثر من مادة عندها ومنها المادة الحادية والعشرون حيث تقول: “يؤيد البارتي نضال الشعوب العربية في سبيل إكمال تحررها القومي والاجتماعي والاقتصادي وتحقيق التغييرات الديمقراطية فيها من أجل تجاوز الأنظمة الاستبدادية والشمولية وبناء أنظمة ديمقراطية علمانية (مدنية) ذات طابع مؤسساتي..
الخ”.
وكذلك في المادة الرابعة والعشرون تقول المسودة: “يؤيد البارتي النضال العادل للشعب الفلسطيني من أجل ممارسة حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الوطنية المستقلة ذات على أرضه كما يؤيد نضال جميع شعوب المنطقة في ضمان حقها في تقرير مصيرها وإنجاز تحررها السياسي والاقتصادي”.
ما نلاحظه في المادتين السابقتين إنهما يعطيان الخصوصية للقضايا العربية ولا شك إنها عائدة لنقطتين؛ أولاً كوننا نتجاور ونتعايش في سوريا مع الأخوة العرب وهذه تفرض فضاءً معرفياً ومناخاً سياسياً محدداً ناهيك عن موازين القوة والضعف في السياسة، أما النقطة الأخرى والتي ساهمت في أن تكون للقضايا العربية بعض هذه الخصوصية فهي عائدة إلى العقلية السياسية الكلاسيكية في البارتي والتي تكلست في بعض الجوانب والقضايا ولذلك فهي تأتي وتمر من دون البحث والجدل فيها وهل هي موائمة لمنطق العصر واليوم أم لا.
طبعاً لا يعني هذه أن نترك قضايا الشعوب المجاورة وراء ظهورنا ونتنكر لها، ولكن يجب أن نكون موضوعيين ومنصفين وعقلانيين في طرحنا السياسي؛ فليس من المعقول اللفظي والمعنوي السياسي والعقلاني أن تسبق القضية الفلسطينية قضايا جميع شعوب العالم في فكرنا السياسي كما هو وارد في مسودة المشروع وذلك في المادة السابقة، بل كان الأدق أن تأتي الصياغة على الشكل المعاكس التالي: بأن (البارتي يؤيد نضال جميع شعوب المنطقة في ضمان حقها في تقرير مصيرها وإنجاز تحررها السياسي والاقتصادي ومنها الشعوب الفلسطينية والأمازيغية والأرمنية والآشورية والتركمانية وغيرها) وكذلك بالنسبة للمادة الحادية والعشرون وبدل عبارة “يؤيد البارتي نضال الشعوب العربية في سبيل إكمال تحررها القومي والاجتماعي والاقتصادي وتحقيق التغييرات الديمقراطية..
الخ” فإن صياغة (يؤيد البارتي نضال شعوب المنطقة في سبيل إكمال تحررها..
الخ” هي الأشمل والأكثر تعبيراً عن القضية.
وأيضاً هناك نقاط غير واردة في المسودة وكان يجب الوقوف عندها وبشيء من التفصيل وذلك مثل: حقوق (الأقليات) القومية الأخرى والمتواجدة في سوريا كالأرمن والآشوريين والدروز وغيرهم من الأعراق والطوائف والمذاهب الدينية، وأيضاً مسألة حرية المعتقدات الدينية والمذهبية، ليكون “الدين لله والوطن للجميع” ومن دون أي تهميش كما هو الواقع في يومنا وما يحصل للديانة الأيزيدية (خير) دليل على ذلك.
ويمكن أن تشمل المقدمة؛ مقدمة المنهاج السياسي للحزب بعض هذه الجوانب وذلك عند الحديث عن واقع سوريا والمكونات القومية التي تحتضنها وتاريخ كل منها في المنطقة ودورهم عبر مراحل التاريخ المختلفة.
وكذلك كان يجب أن تقف المقدمة عند ظاهرة التكتلات والانشقاقات التي عانى الحركة الوطنية الكردية منها وتحديداً البارتي وتحليل دوافعها وأسبابها وما تتحمله القيادة السياسية للبارتي وذلك نتيجةً لسوء إدارة الأزمات في الحزب بعيداً عن مفهوم “كل الحق على الطليان” وبالتالي تحميل تلك الكتل كل أسباب الانشقاق والنأي بالبارتي عن تحمل (ولو)10% عشرة بالمائة من تلك الأسباب وذلك للوصول إلى صيغ تقر بحق الكتل أو التيارات السياسية بالوجود حتى داخل البارتي ولكن على شرط الخضوع لرأي الأكثرية الانتخابية مع احترام رأي الأقلية وترك المجال أمام (الأقلية) تلك لتعمل وتقول رأيها بكل علنية وشفافية ولربما في مراحل أخرى لاحقة هي التي تنال الأغلبية الانتخابية.
(*) هذه القراءة قدمت للحزب قبل انعقاد المؤتمر العاشر له وإجراء التعديلات التي تمت الموافقة عليه.
جندريسه-2007