نعم فعلوها العراقيون، وفاز العراق بكأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه الكروي.
رسالة قوية تحمل في طياتها قوة، وجبروت أرض الرافدين، وصلابة السواد، وعظمة جبال كردستان، وحكمة الفرات، وكرم دجلة.
رسالة عزة، وفخار لأبناءه الذين ظلوا تواقين لغد جديد، وفرح حقيقي يعم العراق كل العراق، من زاخو، وهولير، ودهوك، والموصل، وكركوك، إلى البصرة، والرمادي، والنجف الأشرف، وكربلاء، والأنبار، إلى بغداد، والعمارة، والكوت، والسماوة.
نشيد رياضي عراقي، يروي للتاريخ أسطورة آشورية، ملحمة كلدانية، أغنية كردية، وقصيدة شعر عربية، فوز حققته ميزوبوتاميا بكل ألوانها، وأطيافها، وقومياتها.
تلك الكرة المنفوخة بهواء وحدت أبناء العراق في لوحة رياضية أبدعها رسامون بارعون، ورياضيون خارقون، مسرحية لعب كل واحدٍ منهم دوره باتقان، ونالوا فخراً جائزتهم، وحققوا انتصاراً على الخوف، والإرهاب، والموت، والتخريب.
قبل أن يكون فوزاً في مبارة رياضية.
نجحت كرة القدم في رسم ابتسامة على شفتي طفل فقد والده في تفجير إرهابي، هدف خلق سعادة في عيون نساء ترملن من أزواجهن، فوز ملئ قلوب أمهات ثكالى، وأدخل السعادة في أفئدة أباء انتحبوا أبناءهم في غمرة هذا المستنقع الكئيب، المليء بجثث، وقتلى، وأشلاء متناثرة في كل بقعة من أرض الرافدين، ولكن نجحوا في إيقاف العمليات الإنتحارية الإرهابية، حتى ولو للحظات فقط.
فوحدت الرياضة العراقيين لساعات في حين يفرقهم إرهابي في لحظات.
شتان بين الاثنين هذا يحول الوجود عدماً، ويقلب الفرح حزناً.
في حين خلق الرياضيون من الآلم سعادة، ومن الكآبة، والفشل أملاً، ومن الهزيمة انتصاراً، وفوزاً قوياً.
بدون شك النجاح الرياضي يأتي من نجاح إداري، ومن نجاح التجربة العراقية الجديدة، هذا التجربة التي يعمل فيها روادها بكل ما أوتيوا من قوة وإيمان، وكأنهم ينحتون في الصخر، لكي يبنون عراقاً حقيقياً جديداً، يليق بعظمة حضاراته، وقدسية ترابه، وقداسة أوليائه وأصحابه.
عراقاً قادراً على أن يستعيد دوره كأبز القوى السياسية، والاقتصادية، وحتى الرياضية.
في منطقة الشرق الأوسط، والعالم أجمع.
فهل يتعلم الساسة العراقيون من رياضييهم، ويصبحوا كتلة واحدة، ودرعاً واحداً، في مواجهة الخطر المحدق بأرضهم ووطنهم؟؟؟ هل يصبحوا أمة واحدة، وجداراً واحداً، وحارساً واحداً، لحماية مرماهم من أن يسجل الإرهاب فيه أهدافه؟؟؟ هل ينجح السياسيون في بناء حكومة، ونظام واحد، مكون من كل أبناءه، وأطيافه، وقومياته، كما هو الحال في فريقهم الرياضي المزركش كما لوحة فسيفساء عراقية أصيلة؟؟؟ هل تفعلها السياسة كما فعلتها الرياضة، في توحيد العراقيين كفريق واحد، ضد الذين يحاولون جاهدين أن يخسر العراق مباراياته مع الظلاميين، والقتلى، والمجرمين؟؟؟ ألف ألف مبروك للعراق، والعراقيين، وكل مشجعيهم هذا الفوز العظيم، الذي طالما كانوا يتوقون إليه، وفعلوها رغم الظروف القاسية التي يمرونها بها.
نعم رغم كل ذلك فعلوها، وفازوا فوزاً عظيماً.