قراءة كردية لخطاب الرئيس السوري.. المكتومون نتاج التزاوج بين المواطنين والمجردين من الجنسية

شلال كدو

    استحوذ خطاب القسم الذي القاه الرئيس السوري بشار الأسد أمام مجلس الشعب بتاريخ 17/7/2007 بمناسبة –  فوزه –  في الاستفتاء الرئاسي ، الذي أجري في شهر أيار مايو الماضي   – استحوذ- على اهتمام الرأي العام الكردي السوري أكثر من غيره ، لما تضمنه هذا الخطاب من تهديد ووعيد صريحين للكرد لأول مرة في تاريخ سورية ، حيث أشار الرئيس الى قضية الكرد المجردين من الجنسية السورية نتيجة مشروع الاحصاء الاستثنائي الجائر ، الذي أجري في محافظة الحسكة العام 1962  ووعد بحل هذه القضية ، لكن بشروط  قاسية جداً، اذ فصل بين قضية المجردين من الجنسية والمكتومين ، الذين يعدون بعشرات الألوف وليسوا إلا نتاج التزاوج والتكاثر بين طرفي المعادلة ( الأجانب المجردين من الجنسية و المواطنيين ).
   لقد كان نبرة التهديد واضحة في خطاب الرئيس عندما قال بـ”أن أي مطالبة بحل مشكلة المكتومين –  بعد حل مشكلة المجردين من الجنسية طبعاً –  يعتبر هزاً لاستقرار الوطن ” و كأن استقرار الوطن يرتكز على حرمان هؤلاء الفقراء من حقوقهم و الاستمرار في إ ذلالهم  و اضطهادهم ، لذلك نرى بأن هناك اجماع بين المراقبين و المحللين السياسيين و أغلب المتتبعين و المهتمين بالشأن الكردي السوري و كذلك الشأن السوري العام ، بأن خطاب القسم أتى مخيباً لآمال الكرد الذين كانوا يعلقون بعضاً من الأمل على إيجاد نوع من الحل لقضيتهم العادلة في ظل الظروف التي تجتاح العالم و المنطقة برمتها ، إلا أنه يبدو أن السلطات في  سوريا ما زالت بعيدة عن التأثر بمحيطها و كذلك بوضعها الداخلي الذي يزداد احتقاناً يوماً بعد آخر ، وهي غير آبهة بما يجري في الداخل السوري و كذلك في محيطها الخارجي ، و مازالت متعنتة و متمسكة بنهجها القديم / الجديد الرامي الى الاستمرار في  حرمان الشعب الكردي من أبسط حقوقه من خلال الابقاء على المشاريع العنصرية الاستثنائية المطبقة بحقه منذ عقود طويلة ، لا بل التوسع في تلك المشاريع و لاسيما مشروع الحزام العربي السيء الصيت ، إذ لجأت السلطات مؤخراً الى ابرام عقود مع أكثر من مئة و خمسين عائلة عربية لمنحها الأراضي التي سلبت من الفلاحين الكرد أبان تطبيق مشروع الحزام الآنف الذكر ، وذلك استمراراً  وتوسعاً في تعريب المناطق الكردية بغية خلق الفتن والتفرقة العنصرية المعمول بها من قبل السلطات منذ زمن بعيد بين أبناء البلد الواحد .
   أن أي حل لمآساة الكرد المجردين من الجنسية ، يجب ان يكون شاملاً  لسائر المجردين منها ، و لا يجوز الفرق بين المجردين و المكتومين ، لأن الغالبية العظمى من المكتومين ، هم  نتاج التزاوج بين الذين يملكون الجنسية والمجردين منها كما هو مذكور آنفاً ، و يصبح أبناء  وسليلوا هذا الثنائي العجيب الغريب مكتومين تلقائياً حسب القوانين السورية الاستثنائية ، التي تنفرد بها المناطق الكردية دون غيرها، و لنفترض جدلاً منح الجنسية الى امرأة مجردة منها وهي متزوجة من شخص يحمل الجنسية أصلاً ، فهل يعقل أن نقول بأن أبناء هذين الزوجين – مكتومين بالطبع – هجروا من العراق أو من تركيا لأسباب سياسية أو معيشية ، وأن المطالبة بحل مشكلتهم تعتبر ضرباً أو إخلالاً بالوحدة الوطنية!!!!؟؟.


  ان القضية الكردية في سوريا لا تنحصر بالطبع بقضية الهوية او الجنسية و لا بقضية المكتومين والمجردين ، بل هي قضية شعب يربو تعداد سكانه على ثلاثة ملايين نسمة ويعيش على أرضه التاريخية منذ مئات السنين إن لم نقل الآلاف من السنين ، ولهذا الشعب كامل الحقوق القومية و الوطنية والديمقراطية أسوة ببقية مكونات الشعب السوري ، وان استثننائه من حقوقه –  كما هو عليه الحال الآن في سوريا –  ليس الا اشباعاً للرغبات الشوفينية الحاقدة تماشياً مع نهج و آيديولوجية حزب البعث الحاكم ، الذي لا يستطيع قبول الآخر المختلف معه اثنياً و ثقافياً  و يعمل على الغائه و صهره ضمن بوتقة العروبة منذ وصوله الى سدة الحكم في البلاد.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…