يوم الخامس من آب يوم انبثاق اليسار الكردي في سوريا وعموم كردستان

ربحان رمضان *
الخامس من آب عام 1965 يوما ً مميزا ً لرفاق وأصدقاء اليسار في الحركة الكردية السورية فقد تداعى الرفاق بقيادة مؤسس البارتي المرحوم القائد المناضل عثمان صبري لعقد كونفرانس آب التاريخي وانبثاق الإتجاه اليساري في الحركة الوطنية الكردية في سوريا الذي دعى إلى الاستمرار في النضال من أجل تحقيق الحقوق القومية في سوريا (من ثقافية وسياسية واجتماعية) ، مع اعتبار البارتي أنه الطليعة الواعية للشعب الكردي في سوريا وأحد الافصائل الأساسية فصائل الحركة الكردستانية قاطبة .
لقد ربط الحزب في نضاله مابين العام والخاص ، واعتبر أن نضال الشعب الكردي في سوريا هو من اجل الديمقراطية والمساواة بين الشعبين الكردي والعربي ومن أجل تأمين الحقوق القومية والاجتماعية للشعب الكردي في سوريا، وربط نضاله بعجلة النضال التحرري في العالم كله ..

وميز في نضاله الأعداء الحقيقيين للشعب الكردي فطرح موضوعة الاضطهاد الطبقي والقومي ، وربط نضال الشعب الكردي بنضال الشعب العربي في صراعهما مع السلطات التي طرحت المشاريع الاستثنائية المجحفة بحق الأكراد سيما قانون الإحصاء الاستثنائي الذي جرى في محافظة الحسكة عام 1962 وجرد بموجبه حوالي 120 ألف مواطن كردي من جنسيتهم السورية ، ففتح اليسار حوارا ً جادا ً مع القوى الوطنية السورية وعلى رأسها الشيوعيون السوريون وشخصيات عربية متنورة ، وعقد مؤتمره الثاني في العشرين من تموز عام  1966 حيث تم فيه اقرار البرنامج السياسي وانتخب المؤتمرون  المرحوم القائد (عثمان صبري) سكرتيراً عاما ً للحزب ، وفي الخامس عشر من تشرين الأول 1969  انعقد المؤتمر الثاني للحزب وتم  انتخاب صلاح بدر الدين سكرتيراً للحزب .

بعد اتفاقية آذار /1970 التاريخية التي عقدت بين قيادة الثورة الكردية والحكومة العراقية حاولت القيادة في شقي الحزب أن يتوحد الحزبان  ، فعقد المؤتمر الوطني الأول في ناوبردان بكردستان العراق فلم تنجح المحاولة ، و عقد البارتي اليساري كونفرانسه العاشر بمدينة دمشق في عام 1971 معلنا ً الاستمرار في الخط اليساري الذي رسمه في كونفرانس الخامس من آب 1965 وأضاف كلمة اليساري في آخر اسمه فأصبح معروفا ً بالبارتي الديمقراطي الكردي في سوريا ” اليساري ” وقام  بتوسيع علاقاته السياسية فشملت فصائل كردية من كردستان العراق وايران (المرحوم قاسملو) وتركيا الحزب الديمقراطي الكردستاني *، وفصائل وطنية سورية كحزب الاتحاد الاشتراكي العربي بقيادة الدكتور جمال الأتاسي ، وحركة القوميين العرب بقيادة الأستاذ عبد الغني قنوت في سوريا ، والشيوعيين العرب (الحزب الشيوعي العربي “الماركسي – اللينيني “) وحزب العمل الاشتراكي العربي ، ، وبدأت علاقة كفاحية مع الفصائل الوطنية الفلسطينية كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (بقيادة الدكتور جورج حبش ) والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بقيادة الأستاذ نايف حواتمه والجبهة الثورية لتحرير فلسطين بقيادة أبو شهاب ..

والأحزاب اللبنانية وعلى رأسها حزب الشهيد كمال جنبلاط ، إضافة إلى منظمة العمل الشيوعي (محسن ابراهيم) وحزب العمل الاشتراكي العربي (حمدان) والحزب الشيوعي اللبناني (نقولا الشاوي والشهيد جورج حاوي) ومعروف سعد ، وقليلات ..

،  والحزب الاشتراكي اليمني بقيادة عبد الفتاح اسماعيل ، جبهة التحرير الأرتيرية بقيادة أحمد ناصر ، والجبهة الشعبية لتحرير أرتيريا بقيادة الرئيس الحالي لأرتيريا أسيوس أفورقي   إضافة إلى الأحزاب الشيوعية في الدول الاشتراكية حيث استطاع حزب الاتحاد الشعبي ومن خلال تلك العلاقات تأمين منح دراسية للطلبة الأكراد .

في العشرين من يوليو (تموز) عام 1973 عقد المؤتمر الثالث الذي تبنى فيه الرفاق النظرية الماركسية – اللينينية  واعتبر الحزب نضاله جزء من نضال الطبقة العاملة في سوريا و كردستان و العالم كله ، واعتبر نفسه جزءا ً من العملية الثورية العالمية ، وطرح حينها برنامجا ً حول الجبهة الوطنية المتحدة ، وحصل الحزب على منح طلابية في البلدان الاشتراكية فبدأ بارسال الطلبة على حسابه الخاص للإكمال دراساتهم العليا على أمل العودة إلى الوطن من أجل المساهمة في البناء والنضال من أجل تحقيق أهداف الحزب .

إثر نشر منشورات حزبية ضد الحزام والإحصاء ُأعتقل كل من الرفيقان يوسف ديبو (عضو في المكتب السياسي) والرفيق عادل خضر (عادل اليزيدي) في فرع مخابرات أمن الدولة ، وتقدما للمحاكمة ، وأفرج عنهما بعد ثلاثة أشهر ..

وكان محامي دفاعهما الأستاذ جريس الهامس أمين عام الحزب الشيوعي العربي الماركسي – اللينيني  ****  .

هرب عادل إلى خارج البلاد وبقي الرفيق يوسف إلى جانب الرفيق عصمت يعمل في العلاقات الخارجية للحزب إلى أن خرجا معا ً بعد المؤتمر الرابع للحزب بحزب جديد بقي بنفس الاسم (البارتي اليساري) .

ففي العاشر من كانون الثاني عام 1975 عقد المؤتمر الرابع و أكد المؤتمرون فيه على الاستمرار في مساره التقدمي الكردي والوطني ، ووقف الحزب موقفا ً حاسما ً تجاه القضايا الوطنية والمؤثرة في حياة البلاد ، وطرح برنامجي الجبهة التقدمية الكردية في سوريا والجبهة الكردستانية وتم ترجمة البرنامج الثاني إلى اللغات الفرنسية والانكليزية والتركية .

كما خرج المؤتمر بقرار تغيير اسم الجريدة من (دنكي كرد ) إلى (اتحاد الشعب) التي أصبحت النشرة الأكثر رواجا ً بين العمال والفلاحين وبقية فئات الشعب الكردي إضافة إلى الصحف المنطقية وهي   تشيا (الجبل) في منطقية حلب ، هفكاري (التضامن ) في منطقية الجزيرة ، واليساري في دمشق .****

وعقد المؤتمر الخامس للحزب في الخامس من آب لعام 1980 والذي خرج بقرارات مهمة وأهمها اقرار خطة لبناء العلاقات السياسية مع كل القوى الوطنية والتقدمية في سوريا وكردستان والشرق الأوسط والعالم مع توسع جغرافية تلك العلاقة التي شملت أحزابا ً ثورية جديدة أهمها (حزب العمل الشيوعي في سوريا) وحاول بناء العلاقة مع كافة أحزاب جبهة النظام بما فيها حزب البعث نفسه حيث ترأس الأستاذ كمال أحمد أمين عام حزب البارتي الحليف وفدا ً باسم التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا لمقابلة أمين فرع حزب البعث في مدينة الحسكة  غير أنه وللأسف لم يتم اللقاء لتهرب أمين الفرع حينها  ، كما أقر ّ المؤتمر قرارا ً يقضي بتغيير اسمه من حزب البارتي اليساري إلى حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا .

وفعلا ً قام أول تحالف كردي بين حزبين حليفين على الساحة الوطنية السورية في عام 1982 بين حزب الاتحاد الشعبي الكردي والبارتي الديمقراطي الكردي في سوريا ، وترك باب العلاقات الثنائية مفتوحا ً لكلا الحزبين ، ثم أضيف حزبا ً ثاثا ً هو البارتي اليساري بقيادة المرحوم عصمت فتح الله ” وكان لي شرف المشاركة في التوقيع على كلا التحالفين ” وجرت فعاليات مشتركة كثيرة أثناء قيام التحالف الأول سيما في الانتخابات التشريعية وفي احتفالات ومظاهرة نوروز لعام 1986 والتي سقط أثناءها الشهيد سليمان آدي شهيدا ً فكان أول شهيد من أجل القضية الكردية في سوريا .

وتكررت نداءات الحزب في كل مؤتمراته والتي كان آخرها المؤتمر التاسع والذي عقد في في اواخر شباط / 2001 وتم فيه تعديل بنود المنهاج والنظام الداخلي , واقرار (( مشروع وحده الحركة الوطنيه الكرديه (( في سوريه )) والتوجه نحو تعزيز وتطوير التحالف الديموقراطي الكردي .

الخامس من آب ليس  ذكرى لمناسبة إنبثاق تيار اليسار الكردي في سوريا فحسب ، وإنما هو مناسبة للدعوة إلى رص الصفوف ، والاتحاد ، والنضال من أجل إطلاق حرية المعتقلين السياسيين في سوريا والنضال إلى جانب بقية الفصائل الوطنية الكردية لتحقيق أهداف الحركة الوطنية الكردية التي تتفق في شعار : الديمقراطية للبلاد ، والحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا .

 مناسبة لاستنهاض طاقات الشعب التي لاتنضب ..

مناسبة للوقوف مليا ً لاسترجاع الذاكرة والبحث عن أسباب التشرذم والشقاق والخلاف بين فصائل الحركة الكردية ، وشحذ الهمم من أجل غد أفضل من خلال النضال السلمي الدؤوب من أجل انتزاع حقوقنا القومية والاعتراف بشعبنا ضمن الدستور وضمن القوانين التي توضع للبلاد كقومية ثانية في البلاد ، غير طارئة ، تعيش على أرضها التاريخية منذ آلاف السنين ..

مناسبة للنضال جنبا ً إلى جنب مع بقية فصائل المعارضة الوطنية من أجل سوريا ديمقراطية – علمانية تتسع لكل السوريين .

—————–

[1] *  عضو اللجنة المركزية لحزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا .

2 ** كان لهذا الحزب ممثلا له في دمشق نناديه بالرفيق صورو ، وهو مهندس معماري من مدينة ط لجة ”  واسمه الحقيقي الأول (عثمان..)

3 ***  حسبما أورد الرفيق جميل ايزولي في مذكراته .

ولما خرج الأستاذ جلال طالباني من كردستان العراق عام 1974انتقل إلى بيروت ، وعن طريق رفاق البارتي اليساري وصل دمشق * * .

4 ****وللأسف خرجت بعد المؤتمر بفترة قصيرة مجموعة بقيادة المرحوم عصمت فتح الله والأستاذ يوسف ديبو أسمت نفسها بنفس الاسم (البارتي الديمقراطي الكردي اليساري في سوريا) وقد تلقت المساعدة من أحزاب (شقيقة) حيث صرح لي الأستاذ عادل مراد أثناء احتفال بعيد النوروز أقمناه في منطقة الغوطة بدمشق وذلك خلال تواجده في دمشق بين صفوف الحزب الاشتراكي الكردستاني  (سفير العراق في رومانيا حاليا ً) أنه سلم المرحوم عصمت فتح الله خمسة آلاف ليرة ســورية لشراء مطبعة للحزب وذلك كهدية من الأســـتاذ جلال طالباني (رئيس العراق الحالي) ..

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…