المرجعية.. والرجوع الى نقطة الصفر

بقلم : بلند داوودي

لايخفى على كل متابع للشأن الكردي في سوريا بان الهيئة المشتركة لـ(التحالف والجبهة) كانت قد اطلقت منذ ما يزيد على العام مبادرة هامة تلخصت في الدعوة الى عقد مؤتمر كردي في سوريا تحضره الاحزاب الكردية وشخصيات وطنية كردية ، بهدف التوصل الى رؤية سياسية مشتركة واختيار مرجعية تمثل الشعب الكردية في سوريا ، ومن البديهي ان تحوز مثل هذه المبادرة اهتمام الجماهير الكردية.

وتبعث في نفوسها شيئا من الامل والتفاؤل بتجاوز حالة التشتت والتشرذم المفرط في صفوف حركتها السياسية وتوحيد خطابها السياسي وطي مرحلة المهاترات والصراعات العقيمة ووضع حد للشعارات المزاودة والبراقة ، فضلا عن ان هذه المبادرة تفتح امامها فرصة حقيقية للمشاركة في هذه المحطة التاريخية ..

وبالفعل بادرت (الهيئة المشتركة) من جانبها الى تذليل الكثير من العقبات التي برزت امام انجاز هذه المبادرة شعورا منها بالمسؤولية وتحملت الكثير من الابتزازات التي مارستها لجنة التنسيق والتي افصحت بممارساتها تلك عن مدى تهربها من المشاركة في تلك المبادرة ومن استحقاقاتها ، لابل اصرارها على تعطيلها وعرقلتها باساليبها التضليلية المراوغة ، حيث امضت عدة اشهر في دوامة فرض جماعة ما يسمى بـ(التيار) وبعد تجاوزتلك النقطة ، افتعلت نقاشات بيزنطية اخرى حول كون البيضة من الدجاجة ام العكس ، وتمثلت في كون القضية الكردية في سوريا هي قضية شعب وارض ام لا ؟ ، وبعد تجاوزها ايضا وتجاوز غيرها من العقبات المفبركة والمفتعلة من قبل لجنة التنسيق وافتضاح نواياها ، اضطرت للكشف عن موقفها الحقيقي المتمثل في رفضها الصريح لعقد المؤتمر والدعوة الى الاكتفاء باتفاق بين الاحزاب فقط دون عقد المؤتمر الذي يفترض ان يحضره ممثلي الفعاليات الثقافية والاجتماعية وغيرها من ممثلي الشرائح الاجتماعية الى جانب الاحزاب وبشكل متكافئ معها ..
الحقيقة ان مثل هذا الموقف التسويفي من جانب لجنة التنسيق لم يفاجئنا قط لعلمنا المسبق بمواقفها السابقة تجاه مثل هذه المبادرات المصيرية ، فهي خارج الاجماع الوطني (الكردي ، العربي ، الاثوري) المتمثل في اعلان دمشق للتغيير الديمقراطي السلمي في البلاد ، وهي لاتفوت فرصة الا وتعبر من خلالها عن حقدها تجاه هذا الاعلان الذي اقر في وثيقته الاساسية ولاول مرة بان القضية الكردية هي قضية وطنية ويجب حلها حلا ديمقراطيا عادلا  ، كما انها مازالت خارج الاجماع الكردي وتتهرب من استحقاقاته حتى باتت تعيش عزلة خانقة وخاصة اطراف منه كـ (يكيتي) الذي يتصرف عمليا عكس اسمه والذي تمثلت عزلته مؤخرا وبوضوح في مشاركته المنعزلة في الانتخابات التي جرت خلال هذا العام في وقت قاطعتها عموم الحركة الوطنية وبمختلف تلاوينها ، حيث اسقطت الجماهير الكردية عنه ورقة التوت الاخيرة باحجامها عن المشاركة في التصويت الى جانبه ، واستجابتها لنداء الحركة الكردية التي لم تر اية جدوى من المشاركة في تلك الانتخابات سوى اضفاء الشرعية عليها وعلى الممارسات اللاديمقراطية التي تظهرخلالها..
ومن هنا فان ارخاء الحبل على الغارب من جانب (الهيئة المشتركة) امام ابتزازات لجنة التنسيق والامتثال لشروطها اللاواقعية انما يعيد المبادرة الى نقطة الصفر ، ويساهم في اجهاضها وتحقيق اهداف لجنة التنسيق المتمثلة في الغاء فكرة المؤتمر ، واغلاق الفرصة امام الشخصيات الوطنية المستقلة من المشاركة في صياغة برنامج سياسي واقعي يلبي طموحات شعبنا الكردي ومصلحته القومية والوطنية، وجر الحركة من جديد الى دوامة المهاترات والنقاشات العقيمة حول شعارات براقة فارغة ملتها الجماهير الى حد القرف ، مما يحقق رغبة خصوم الشعب الكردي وحركته السياسية ليس الا ..

!!.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…