m.qasim@hotmail.com
تتصاعد الأحداث بقوة –إعلاميا على الأقل- حول إقرار البرلمان التركي السماح للجيش للهجوم على كردستان العراق – وليس شمال العراق كما يرد على ألسنة الكثيرين من الإعلاميين والسياسيين–
ولا نعني بذلك أن ننفي صفة (الشمال العراقي) عن المنطقة، فهي كذلك واقعا بالرغم من خصوصية، كونه كر دستانا أيضا كإقليم فدرالي ضمن العراق.
ولكننا نعتقد، أن تركيا لم تكن لتتهافت على الهجوم على هذا الشمال بصفته تلك فقط.
– كما أن استحقاق التصويت على الدستور المطروح من قبل العدالة والتنمية، من المشكلات التي فرضت تنازلات على (رجب طيب أردوغان) للعسكر؛ مقابل السماح للجيش للقيام بحركة توفر له انتعاشا، بعد أن كاد يحجَم بحكم الفوز الكاسح للعدالة والتنمية –وهذا فوّت الفرصة أمام الجيش لاحتمال القيام بانقلاب عسكري –كما حصل في السنوات الماضية-
فكان اتفاقا –على مضض- بين الطرفين، على تبادل بعض المواقع والمكاسب..!
ولكن، ما هي الجدوى من مثل هذا التفاهم، في ظل واقع صارخ من المعاناة الشعبية –كرديا- لحرمانهم من حقوقهم المدنية، والاعتراف بحقوقهم القومية المميزة – وهم يشكلون حوالي/ 25 / مليونا، وربما أكثر.
منذ أكثر من قرن، عندما أسس أتاتورك –أشد الدكتاتوريات عتوا في مطلع القرن العشرين، والذي فرض مفاهيمه الخاصة بالحديد والنار على الشعب في تركيا بفئاته وقومياته وطوائفه…الخ.
ومنها، فرضه الدستور باسم العلمانية، والذي حاصر عبره الإسلام- بما أوتي من قوة وذكاء..- فضلا عن إعطاء الجيش القوة الدستورية للتدخل في كل اتجاه جديد ممكن، بحكم التطور في الحياة والمفاهيم، مما فرض جمودا عقائديا وفكريا على الواقع في الدولة التركية – ودائما لصالح جيش يمسك بزمام الأمور كما يشتهي.
هذه المسألة، أبقت على واقع متخلف حتى العظم- كما يقال- في منطقة جنوب شرق تركيا- كردستان تركيا- وشعار أتاتورك يطن في الأسماع: ((هنيئا لمن يكون تركيا)) وهذه عبارة علق عليها المحلل اللبناني المختص بالشؤون التركية-الدكتور محمد نورالدين- بالقول: ((قد مللت من تكرار هذه المقولة)) الخاطئة كنظرة سياسية إلى التعامل مع قضايا الشعوب داخل المجتمعات، التي يحكم فيها شعب على غيره.
وهذا ما حصل في البلاد العربية أيضا، والتي لم تعترف بأية قومية مختلفة ضمن البلاد التي يحكمونها وخاصة الدولة القومية (منذ انبثاق الفكر السياسي الناصري والبعثي وغيرهما)، وهو ما يشير إليه الدكتور نورالدين أيضا.
وهذا الواقع بالذات، كان الدافع –أو المهيئ –لانبثاق حركات سياسية كردية-ويسارية أيضا..- كانت ذروتها –p.k.k- والتي استُثمرت من النظام السوري كورقة ضغط ضد تركيا خلال استضافته لعبد الله أوجلان- ولا يستبعد وجود دور أميركي بشكل ما..في هذه الحالة بقصد قرص الاتجاه التركي نحو الطموح الحلم، الذي بدا واضحا في حركات (أربكانية)-نسبة إلى نجم الدين أربكان- مع دول المنطقة..
هذا من الناحية الداخلية في تركيا بشكل سريع..
فما هو التحليل للأحداث من منظور السياسة الدولية؟
بتقديري، أن هذه الأحداث –في الحصيلة – يفسرها القول الشائع: ((اشتدي أزمة تنفرجي)).
أميركا لن تضحي بوجودها في المنطقة لترضي تركيا، التي أصبح خطرها الإستراتيجي على أميركا أكبر من أي دولة في المنطقة (وقد فقدت أهميتها كدولة هامة في الحدود الجنوبية للاتحاد السوفييتي السابق- بعد انهياره، وحاجته لأمد طويل حتى يشكل قدرة مهددة لأميركا إستراتيجيا..).
فتركيا وريثة الحكم العثماني –الخلافة الإسلامية، التي يكاد التيار الإسلامي يتجه إلى إحيائها، بعد التأكد من ضعف العرب على القدرة على إدارة الخلافة الإسلامية المطلوبة من الاتجاهات الإسلامية، خاصة وأن النظام الإسلامي في صدر الخلافة العثمانية، كان جديرا باحترام المسلمين له على الرغم من كل ما ناله من تشويه متعمد من قبل الاستعمار الغربي وأدواته –المباشرين أو غير المباشرين، قاصدين أو غير قاصدين…- النافخين في كير القوموية –عربا وغير عرب..-
فالحركة القومية في أوروبا، جاءت كحالة منبثقة من واقع التطور الاجتماعي والسياسي، ولكنها في الشرق كانت بتحريض من الاستعمار الغربي، وتقليد من شعوبها للغرب- كما هي حالها دائما، حتى في المرحلة الراهنة أيضا، وللأسف- وكان الهدف هو تحطيم قدرة الخلافة العثمانية، التي تشكل القوة المخيفة –دائما- على أساس إسلامي للغرب.
وتركيا، تحيط بها مجموعة دول ناطقة باللغة التركية – دول الاتحاد السوفييتي السابق- إضافة إلى البوسنة والهرسك وبعض الأقاليم المتاخمة.
وهي، تسيطر على جزء من جزيرة قبرص، ذات الأهمية الإستراتيجية عسكريا، رغم صغرها.
وهي تتقارب مع الاتحاد الأوروبي، الذي يشكل منافسا دائما وإستراتيجيا –مع القابلية العلمية والتكنولوجية والقدرة -أو التراكم في الخبرة السياسية.
وهي فوق هذا، دولة في محيط إسلامي يمكن أن تلعب دورا مؤثرا بشكل أو بآخر، خاصة أن عوامل الاقتصاد – التجارة خاصة والصناعة..- منتعشة فيها، وتشكل حالة إستراتيجية في المنطقة.
ولا ننسى الموقع الجيوسياسي في اتجاهات ذات حدين، سلبيا وإيجابيا بالنسبة للمصالح الأميركية.
كلها عوامل تصب في خانة الطموح التركي إلى إمبراطورية، كانت تدير معظم العالم الإسلامي في مرحلة ما.
فلمَ لا تكون كذلك في المرحلة القادمة- طبعا في المنظور الأميركي-؟.
ألم يسع (نجم الدين أربكان) رئيس الوزراء التركي الأسبق، إلى محاولة الجمع بين ثماني دول في المنطقة للتأسيس لشيء من هذا القبيل؟ وربما كان ذلك من الأسباب المباشرة لتحرك الجيش ضده – سواء بحركة ذاتية- بحجة حماية العلمانية المزعومة (الأتاتوركية الطورانية))، أو بإيحاء خارجي –أميركي أو بريطاني.
ومن جهة ثالثة، فإن أميركا – كما يبدو- تخطط لشرق أوسط آمن في المرحلة القادمة من تاريخه لاستثماراتها الاقتصادية، بعد أن أصبحت القطب الوحيد في العالم.
ألم تفرض على بريطانيا وفرنسا المشاركتين في حماية المنطقة الآمنة(الملاذ الآمن) في شمال العراق (كردستان العراق) الانسحاب بهدوء، ليخلو لها الجو، فتقوم بما قامت به – فيما بعد- بالهجوم على العراق- الهجوم، الذي ظلت فرنسا تعترض عليه حتى وصل ساركوزي إلى الحكم، فتناغم مع السرب الأمريكي؟
في الواقع الداخلي التركي، عدة عوامل لا بد من الإشارة إليها:
* صراع مباشر وغير مباشر –لا يزال سياسيا في سلوكه- بين حزب العدالة الحاكم، وبين الجيش والقوى القومية المتطرفة.وهو صراع غلب فيه حزب العدالة بفوزه الكاسح انتخابيا، وتولي أحد قيادييه رئاسة الجمهورية (عبد الله غل).
وها هو ذا اليوم، يستفتي من أجل تغيير الدستور أيضا، خارج رغبة خصومه..!
* صراع دموي منذ العام 1984 مع القوة الكردية الأقوى، حزبيا وعسكريا (p.k.k)، كلف المجتمع التركي – كردا وتركا- أكثر من ثلاثين ألف قتيل.
فضلا عما رافق ذلك من انعدام الاستقرار والأمان، والخسائر الاقتصادية.
( بعض التحليلات تذهب إلى تناغم تركي مع نشاطات pkk في بدايات نشوئه، كوسيلة لشل القوى الحزبية الكردية الأخرى، وقد حصل ذلك واقعيا).
في العلاقة التركية مع الخارج، من منظورين:
1- المنظور التركي – والذي يتقاطع تحليليا مع النظرة الأميركية -بشكل ما-وإن اختلف القصد والمرام:
تركيا، دولة قديمة وقوية وذات إرث تاريخي كبير وعظيم، منذ أن وضع (أرطغرل بك) الأساس لدولة، أصبحت الإمبراطورية- أو (الخلافة العثمانية).
وعندما انهارت هذه الدولة على يد الغرب الاستعماري مطلع القرن العشرين، كان أتاتورك- في دعوته الطورانية- من أهم أدواته في ذلك، إلى جانب الحركات القومية، التي أنعشها الغرب نفسه، بدءاً من قوى غير إسلامية – المسيحيون خاصة- وفي لبنان بالذات، ثم سوريا(ميشيل عفلق نموذجا فكريا سياسيا رائدا).
ويشير البعض، إلى دور اليهود-ويهود الدونمة خاصة- في هذا الأمر، طبعا بالتناغم مع الغرب المتطلع إلى القضاء على (الرجل المريض)، أي الخلافة العثمانية.
واستنادا لهذه الحقيقة التاريخية والمعطيات الراهنة، فإن تركيا قد انتعشت كقوة تتطلع إلى إحياء ماض مجيد عاشته، (وربما أخطأ أتاتورك في خطوته الاستبدادية والمتطرفة بالقضاء على الدولة التاريخية لتركيا، من منظور تركي إسلامي على الأقل).
وربما هذا الفشل الإداري سياسيا وحضاريا في تركيا بعد انهيار دولة الخلافة -الإمبراطورية- هو الذي جعل حزب العدالة والتنمية يكتسح القوى الموالية لأتاتورك، في الانتخابات الأخيرة للبرلمان، وتراجع دور القوى الأتاتوركية- إذا جاز التعبير –أمام المد الإسلامي المعتدل، الذي ينعش الذاكرة التركية على أمجاده الماضية.
برز هذا النزوع واضحا، في المرحلة التي تولى فيها (نجم الدين اربكان) أستاذ (أردوغان) السياسي والحزبي، قبل أن ينفصل عنه في إنشاء حزب (العدالة والتنمية).
لقد تحرك (أربكان) في المحيط الإسلامي- ومنه العربي-، والمحيط الناطق باللغة التركية في دول الاتحاد السوفييتي السابق، في محاولة إنشاء تكتل على ضوء ذلك –بدا وكأنه اقتصادي- ولكن الخلفية السياسية له كانت واضحة.
وربما كانت هذه الخطوة، القشة التي قصمت ظهر البعير – كما يقال- عندما تحرك الجيش ضده، وحل حزبه قضائيا، بل وملاحقته أيضا، فاستغل أردوغان اللحظة لتأسيس حزبه (العدالة والتنمية).
وعلى الأرجح، كانت أميركا ذات تأثير في هذه الحركة، يؤكد ذلك، نجم الدين أربكان في إحدى لقاءاته الصحفية مع أحد الصحفيين بعد عزله عن الحكم، اتهم فيه أميركا بهذا الإجراء..! ويمكننا القبول بهذا الافتراض عندما نرى كيف أن أمريكا –بعد تحييد تركيا…- لعبت دورا قادها إلى الجلوس في أهم رقعة جغرافية في المنطقة (العراق وأفغانستان…) لترتب منها أحوال المنطقة على الطريقة، التي تخدم مصالحها الإستراتيجية- سياسيا واقتصاديا وعسكريا..-
2- المنظور الأميركي والغربي:
تراقب القوى الغربية – أميركا وأوروبا- هذه التطلعات التركية لإحياء ماضيها.
وهذا، يشكل خطورة على المصالح الغربية، عندما توجد دولة كبيرة- أو قوة كبيرة –عبر تنشيط الخلافة الإسلامية، أو توحيد القوى الناطقة بالتركية، أو ما يشابه ذلك.
لذا فهي لن تذهب بعيدا في دعم هذه الدولة (المخيفة إستراتيجيا).
وهي تخطط – كما يبدو- لشرق أوسط جديد (وربما عالم جديد بدءا من الشرق الأوسط الجديد).
قد يكون الترويج لمفهوم (العولمة) واحداً من الخطوات التمهيدية لذلك.
ولعل أمريكا ستفعل العكس- أي تحمي الكرد – إذا اضطرت- من تهديد تركيا لهم؛ هذا التهديد الذي هو سياسة ثابتة في هذه الدولة، منذ استطاعت أن تبدل معاهدة (سيفر)، التي تعطي حقوقا سياسية واضحة للكرد..، باتفاقية (لوزان) التي حرمت الكرد من كل الحقوق، ومن ثم أشعلت النار مذ ذاك في هذه المنطقة، عبر ثورات كردية وقمع قاس تركي، وصل إلى حد المجازر بحق الكرد والأرمن، كان للكرد الحظ الأوفر منه، بحكم كونهم الهدف الأول، وعددهم أكبر.
الدور الأميركي في المنطقة تغير بالنسبة إلى تركيا، الحليف القوي تاريخيا – إضافة إلى إيران الشاه- في مواجهة المد السوفييتي المحتمل حينها.
وكان من أسباب تغير هذا الدور ما يتعلق بأميركا، ومنها ما يتعلق بتركيا، وكلها متداخلة.
فيما يتعلق بأميركا، فإن الدور التركي السابق في مواجهة الاتحاد السوفييتي، لم يعد ذا أثر بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، الذي يحتاج إلى سنين طويلة قبل أن يستعيد دوره السابق –وقد لا يستعيده أبدا!!
كما أن الدخول الأميركي في المنطقة مباشرة عسكريا–العراق وأفغانستان، واحتمال حل القضية الفلسطينية…الخ- يوفر لها الفرصة المرادة لوجودها المباشر، مما يقلل من أهمية الدور التركي، بل قد يعرقل مصالح أميركا، باعتبار أن الدولة التركية تتحرك نحو تحقيق مطامحها.
فتركيا الطموحة – مع توفر عوامل تاريخية، واتجاه متنامي شعبيا إسلاميا، قد – بل مؤكد- يدفعها إلى إنعاش الطموح الإمبراطوري المتعارض تماما مع الطموح الأميركي، خاصة وأن إيران ذاتها تنمو في هذا الاتجاه، المختلف مع المصالح الأميركية في يوم ما – مهما قيل عن انسجام ما بين السياسة الإيرانية والسياسة الأميركية، مع وجوب تذكّر أمر هام وحيوي وهو: الخبرة السياسية التركية والإيرانية التاريخية (المخيفة أميركيا)، إذا تحققت القوة الكافية لهما – علميا وتسليحيا متقدما – القوة النووية الإيرانية- والتحالف الإيراني السوري استراتيجيا على أساس مشاعر طائفية ومصالح جيو- إستراتيجية وعسكرية تغض تركيا النظر عنها – بل تباركها إلى حد ما – عبر الاجتماعات الثلاثية المتكررة بين الدول الثلاثة – تركيا سوريا إيران- في محاولة الحد من النشاط الكردي النشط في المنطقة.
ويبدو أن هذا النشاط، لم يعد مجرد تحرك ذاتي كردي للدفاع عن حقوقه المسلوبة، عبر استعمار (دولي) لكردستان التاريخية، كما يصفه البروفيسور إسماعيل بيشكجي في كتابه ((كردستان مستعمرة دولية)).
بل إن العامل الدولي يبدو واضحا في نوع من الاحتضان لهذا النشاط، والذي أصبح متقدما على الأرض (واقعيا).
فكردستان العراق، تكاد تكون دولة- وليس دويلة كما يصفها بعض الإعلاميين العرب بتأثير نفسي- لأن كردستان العراق هي أكبر من كل دول الإمارات العربية التي تسمى دولا – لا دويلات- سياسيا.
وهي إضافة إلى ذلك، ذات نفوذ سياسي في الأوساط الكردية في الدول الأربعة (المستعمِرة لكردستان).
والقول بالزعامة الإقطاعية والتبعية للغرب والعلاقة مع إسرائيل …الخ –وكلها منتوج إعلامي وسياسي عروبي وطوراني وفارسي- لا يغير من الواقع شيئا.
ولعل التصريح الذي أدلى به بشار الأسد- الرئيس السوري- إثر زيارته تركيا منذ أيام قليلة، يلقي الضوء على حقيقة الدور والأثر الكردي.
لقد قال: إن البرلمان التركي اتخذ قراراً إقليميا، ونحن نؤيده.
وكان في خطاب القَسم قد ذكر أن الأشهر الباقية من السنة قد تشهد تغيير العالم.
إنها ليست تصريحات من فراغ، وربما التوتر النفسي هو الذي دفعه إلى الكشف عنها بهذه الطريقة المباشرة.
هذه العوامل (انحسار الدور السوفيتي- الطموح التركي التاريخي الحضاري الديني-النمو الإيراني الديني- تصاعد نمو الراديكالية القومية والدينية المعادية لأميركا في المنطقة بأسماء مختلفة منها: الممانعة والتصدي، و..الخ.
وغيرها- كلها عوامل تجعل أميركا على الخصوص –وربما في نوع من التناغم الأوروبي – بعد أن تيقنت أوروبا من عدم قدرتها على مواجهة أميركا.
وذلك، بدا بشكل جلي في زيارة ساركوزي الأولى إلى الولايات المتحدة، وما نتج عنها من توافق رؤى الطرفين فيما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط.
كل هذا رشح الكرد لأن يكونوا القوة المقترحة لحفظ نوع من التوازن، يراعي استقرار الشرق الأوسط، والدعم للسياسة الغربية من موقع المقتنع به وبفلسفته السياسية، وعلى رأسها الديمقراطية، إضافة إلى قناعة متأخرة بأن اللعبة الدولية يديرها الغرب في العالم، وخاصة أميركا.
هذه الحقيقة، كانت محجوبة عنه لفترة طويلة بتأثيرات دينية إسلامية- وهذه مشكلة من جهة الداخل الاجتماعي، وورقة رابحة من جهة أخرى (كسب تأييد الغرب الضروري لبلوغ طموحاته القومية، وهو القومية الوحيدة الكبيرة في العالم بدون دولة.
يقول بعض المحللين الكرد: مديرو الأنظمة التي تحكم الكرد – كردستان- هم جزارون، متمادون، ظالمون، وتجار جشعون..أما الدول الغربية، فهمّها تجارة جشعة (المصالح).
لذا، فالقبول بجشع تجاري أهون من القبول بجزارين وجشعين معا.
وهذا الشعار يكاد يأخذ مكانه في نفوس الكرد جميعا، بعدما عانوه، وعاشوه من الأهوال، والتي تنتظرهم مرة أخرى، إذا تخلى الغرب عنهم.
لكن الذي يبدو، أن الغرب نفسه، توصل إلى نوع من القناعة في ذلك.
هذا ما يبدو من السلوك الأميركي خاصة في المنطقة، فتكرار إرسال الإشارات إلى تركيا بعدم التدخل في كردستان العراق مؤشر على شيء من هذا.
وإذا قبلنا افتراض التفاهم التركي والأميركي بشكل ما – بحسب أربكان- فإن هذه الحركة التصعيدية نوع من التكتيك، الذي يتيح تنفيسا للجيش ووضعه في مواجهة خطوة فاشلة سلفا – كما حصل في كثير من المحاولات السابقة- مما يتيح –في النهاية –طرح حلول سلمية ومدنية يتقبلها الشعب التركي –القسم المعارض والضعيف واقعيا – والجيش معا، ليساهم ذلك في استقرا المنطقة ودوام الحكم الأردوغاني، وضمان المصالح الأميركية والغربية، واستقرار النفس العربية بعد حل قضية فلسطين.
—-