نوري حسن
حقيقة إن الجماهير السورية لديها خبرة في الإنتخابات التي تشهدها سوريا في ظل الأحكام العرفية ، وتحديداً منذ إستيلاء حزب البعث على دفة الحكم في البلاد ، وقد ترسخت لديها قناعة حول طبيعة هذه الإنتخابات ونتائجها التي في جوهرها عبارة عن مسرحيات هزلية معروفة النتائج قبل خوضها من قبل هذا الفصيل الذي يدّعي المعارضة أو ذاك ، رغم العمليات التجميلية ورتوشاتها التي لا تلفت النظر ، وما شهدتها سوريا هذا العام بدءاً من إنتخابات مجلس (الشعب) ومروراً بعملية إستفتاء الرئيس السوري وإنتهاءً بإنتخابات الإدارة المحلية التي جرت في جميع المدن والبلدات السورية خلال يومي 26 و27 من هذا الشهر
حقيقة إن الجماهير السورية لديها خبرة في الإنتخابات التي تشهدها سوريا في ظل الأحكام العرفية ، وتحديداً منذ إستيلاء حزب البعث على دفة الحكم في البلاد ، وقد ترسخت لديها قناعة حول طبيعة هذه الإنتخابات ونتائجها التي في جوهرها عبارة عن مسرحيات هزلية معروفة النتائج قبل خوضها من قبل هذا الفصيل الذي يدّعي المعارضة أو ذاك ، رغم العمليات التجميلية ورتوشاتها التي لا تلفت النظر ، وما شهدتها سوريا هذا العام بدءاً من إنتخابات مجلس (الشعب) ومروراً بعملية إستفتاء الرئيس السوري وإنتهاءً بإنتخابات الإدارة المحلية التي جرت في جميع المدن والبلدات السورية خلال يومي 26 و27 من هذا الشهر
إلا خير شاهد على عدم شرعية هذه الإنتخابات وبطلانها لأسباب عديدة معروفة لدى كل متتبع ومراقب سياسي ولا داعي لذ كرها مراراً، ولكن الشيء الذي يستحق الذكر ويقتضي الوقوف أمامه هي ظاهرة عدم إيلاء الجماهير السورية بسائر شرائحها أية إهتمام بهذه الإنتخابات ، ويتضح ذلك جلياً أولاً من خلال نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه الموقع الإلكتروني السوري (كلنا شركاء) مع مجموعة من أبناء مدينة حمص و شمل معظم الشرائح التي تقطن أحياء تلك المدينة قبل اجراء الإنتخابات بعدة أيام تبين بان 23 % منهم أجابوا بانهم لتاريخه لم يسمعوا بموعد إنتخابات الإدارة المحلية وأكثر من 75 % أعلنوا مقاطعتهم لها ، مما يدّل على عدم وجود أي إهتمام بها في هذه المدينة السورية التي تأتي في المرتبة الثالثة من الأهمية على جميع الاصعدة بعد مدينتي دمشق وحلب ، ثانياً النبأ المنشور في نفس الموقع الإلكتروني المذ كور أعلاه والذي يؤكد على عدم وجود أي إهتمام بهذه الإنتخابات لدى الجماهير الكوردية أيضاً (لا يظهر أي شيء يدّل على أنه هناك إنتخابات في مدينة قامشلي ، لا لافتات ولا لوحات جدارية أو صور أو برامج إنتخابية متعلقة بهذه الإنتخابات ، سوى خيمة واحدة في القامشلي بحي الكورنيش وفيها بعض الكراسي ويجتمع فيها بعض الاشخاص ليلاً وهذه الخيمة لقائمة ائتلاف الوطني الديمقراطي) ، علماً الكل يدّرك مدى أهمية مدينة قامشلو لدى الشعب الكوردي في كوردستان سوريا لإنها في الحقيقة تعتبر قلب كوردستان سوريا والمركز الأساسي للحركة الكوردية وقلعة الصمود التي إندلعت منها الشرارة الاولى لإنتفاضة آذار المجيدة عام 2004 ، ثالثاً اللقاء التلفزيوني الذي أجرته قناة روج الكوردية مع أحد أقطاب الفصائل الكوردية المشاركة في هذه الإنتخابات والذي كشف بنفسه حقيقة هذه الإنتخابات من خلال أقواله المتضمنة عدم أهمية هذه الإنتخابات نظرا للموقف اللامبالي للجماهير الكوردية منها اولا ولكون نتائجها معروفة سلفاً ثانياً ولعدم وجود أي اختلاف بينها وبين الدورات السابقة ثالثاً سواءً من حيث عدم الالتزام بمبادئ الديمقراطية واللجؤ الى أسلوب التزوير وتسخير جميع طاقات الدولة من أجل دعم قائمة الجبهة الوطنية التقدمية ورديفتها قائمة الظل .
استناداً على هذه االمعطيات قررت معظم القوى الوطنية والديمقراطية السورية بجميع أطيافها الكوردية والعربية والآشورية في الداخل والخارج مقاطعتها لهذه الإنتخابات وفي المقدمة مجموعة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي وكذلك بعض الفصائل الكوردية التي تعمل خارج إطار الهيئة المشتركة للتحالف الديمقراطي الكوردي والجبهة الديمقراطية الكوردية ، ولكن من المؤسف والمخيب للآمال إعلان بعض الفصائل الكوردية مشاركتها في هذه الإنتخابات ، متحدية بذلك مشاعر الجماهير الكوردية وضاربة بتطلعاتها وآمالها عرض الحائط، لأن المشاركة بحد ذاتها لا تجدي ولا تنفع بأعتبارها انتخابات غير مستقلة وغير شرعية لاجراءها في ظل الأحكام العرفية السيئة الصيت ، والفائزون فيها مهما يكن انتماءهم السياسي فهم مقيدون بالتعليمات الصادرة إليهم وليس بمقدورهم إتخاذ أي قراراً دون أخذ موافقة الجهات الأمنية التي تحكم رقاب الشعب والعباد طيلة أربعة عقود من الدهر.
فمثلاً ولنفرض جدلاً وخرقا لأساليب المتبعة في الدورات الإنتخابية السابقة تمكّن قائمة إئتلاف الوطني الديمقراطي في بلدة عامودة والتي تتألف من مجموعة من الكوادر المثقففة والفعّالة من الفوز بجميع المقاعد ، فهل ستوافق الجهات الأمنية ومن ثم السلطات التنفيذية على فوزها ؟ وهل ستسمح لها بإدارة بلدتها ؟ وهل ستوافق على إنتخاب رئيسالها ؟ لأنه من المتعارف عليه دائماً ومنذ / 35 /عاماً أي منذ الدورة الأولى لإنتخابات الإدارة المحلية التي جرت في سوريا عام 1972ولتاريخه لا يسمح بتاتا لأي مواطن سوري مهما ينل من الأصوات الإنتخابية أن يرأس بلدية من بلديات المدن والقرى السورية ما لم يكن عضواً عاملاً في حزب البعث الحاكم ، فكيف ستسمح السلطات السورية لقائمة ائتلاف الوطني الديمقراطي في مدينة عامودة بذلك ؟ اللهم إلا إذا كانت تضم في صفوفها عناصر بعثية وهذا أيضاً غير مسموح به لدى السلطات السورية ومنافيا للنظام الداخلي لحزب البعث السوري الشمولي ، ولا يجرأ أي عنصر بعثي على إتخاذ مثل هذا القرار المصيري ، لإنه سيتعرض على أثره لأقصى الاجراءات الحزبية والمسلكية ، علماً بأن معظم العناصر المنتمية إلى صفوف حزب البعث مهما تكن إنتماءها القومي فهي غير مستعدة في الظرف الراهن للإقدام على مثل هذه المخاطرة لا بل هذه المغامرة ، لكونها أصلا لا تؤمن بمبدأ التضحية ونكران الذات وهي في الحقيقة مصنفة في خانة المرتزقة والمتطفلين .
استناداً على هذه االمعطيات قررت معظم القوى الوطنية والديمقراطية السورية بجميع أطيافها الكوردية والعربية والآشورية في الداخل والخارج مقاطعتها لهذه الإنتخابات وفي المقدمة مجموعة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي وكذلك بعض الفصائل الكوردية التي تعمل خارج إطار الهيئة المشتركة للتحالف الديمقراطي الكوردي والجبهة الديمقراطية الكوردية ، ولكن من المؤسف والمخيب للآمال إعلان بعض الفصائل الكوردية مشاركتها في هذه الإنتخابات ، متحدية بذلك مشاعر الجماهير الكوردية وضاربة بتطلعاتها وآمالها عرض الحائط، لأن المشاركة بحد ذاتها لا تجدي ولا تنفع بأعتبارها انتخابات غير مستقلة وغير شرعية لاجراءها في ظل الأحكام العرفية السيئة الصيت ، والفائزون فيها مهما يكن انتماءهم السياسي فهم مقيدون بالتعليمات الصادرة إليهم وليس بمقدورهم إتخاذ أي قراراً دون أخذ موافقة الجهات الأمنية التي تحكم رقاب الشعب والعباد طيلة أربعة عقود من الدهر.
فمثلاً ولنفرض جدلاً وخرقا لأساليب المتبعة في الدورات الإنتخابية السابقة تمكّن قائمة إئتلاف الوطني الديمقراطي في بلدة عامودة والتي تتألف من مجموعة من الكوادر المثقففة والفعّالة من الفوز بجميع المقاعد ، فهل ستوافق الجهات الأمنية ومن ثم السلطات التنفيذية على فوزها ؟ وهل ستسمح لها بإدارة بلدتها ؟ وهل ستوافق على إنتخاب رئيسالها ؟ لأنه من المتعارف عليه دائماً ومنذ / 35 /عاماً أي منذ الدورة الأولى لإنتخابات الإدارة المحلية التي جرت في سوريا عام 1972ولتاريخه لا يسمح بتاتا لأي مواطن سوري مهما ينل من الأصوات الإنتخابية أن يرأس بلدية من بلديات المدن والقرى السورية ما لم يكن عضواً عاملاً في حزب البعث الحاكم ، فكيف ستسمح السلطات السورية لقائمة ائتلاف الوطني الديمقراطي في مدينة عامودة بذلك ؟ اللهم إلا إذا كانت تضم في صفوفها عناصر بعثية وهذا أيضاً غير مسموح به لدى السلطات السورية ومنافيا للنظام الداخلي لحزب البعث السوري الشمولي ، ولا يجرأ أي عنصر بعثي على إتخاذ مثل هذا القرار المصيري ، لإنه سيتعرض على أثره لأقصى الاجراءات الحزبية والمسلكية ، علماً بأن معظم العناصر المنتمية إلى صفوف حزب البعث مهما تكن إنتماءها القومي فهي غير مستعدة في الظرف الراهن للإقدام على مثل هذه المخاطرة لا بل هذه المغامرة ، لكونها أصلا لا تؤمن بمبدأ التضحية ونكران الذات وهي في الحقيقة مصنفة في خانة المرتزقة والمتطفلين .
لذا فان التغريد خارج السرب يلحق الأذى بصاحبه ويعرضه لإتهامات هو بغنى عنها ، فالمشاركة في مثل هذه الإنتخابات في ظل الأحكام العرفية عقيمة ولاينجم عنها سوى نتائج وخيمة ، ولا تصب بتاتاً في خدمة المصلحة الوطنية والقومية العليا ، مهما تكن المبررات والذرائع ، لأن تجربة الإنتخابات المّرة في سوريا أثبتت للقاصي والداني ، بانه ليس باستطاعة أي حزب مهما يدّعي بانه يتمتع بنفوذ جماهيري أن ينافس حزب البعث والسلطة السورية في مثل هذه الإنتخابات بالشكل المطلوب لكونهما يعتمدان على الأساليب المنافية لأبسط مبادئ الديمقراطية ويسخران جميع طاقات الدولة من أجل فوز جميع قوائم ما تسمى بالجبهة الوطنية التقدمية والسائرين في فلكها ، لذلك فإن الحركة الوطنية الكوردية تملك خبرة في هذا المجال ، رغم إقدامها مرات عديدة على خوض الإنتخابات تحت ذرائع وهمية ولكنها أقتنعت تماماً بعدم الجدوى من المشاركة في الإنتخابات وإن المشاركة فيها لا يستفيد منها سوى النظام الذي يحكم البلاد بالحديد والنار ، حيث يحاول بشتى السبل ان يستغل مثل هذه الإنتخابات ويثبت من خلالها للمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان بإنه نظام ديمقراطي ويؤمن بالتعددية السياسية ، وإن مشاركة بعض القوى الوطنية وخاصة الكوردية منها في هذه الإنتخابات تساهم بشكل او بآخر في خلق انطباع خاطئ لدى هذه المنظمات ، والذي مفاده بان المؤسسات التي تنبثق عنها هي مؤسسات دستورية وديمقراطية لا غبار عليها ، ولكن في الحقيقة مهما تلّون النظام السوري كالحرباء فهويته معروفة لدى المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان ولكل القوى المحبة للخير والسلام والمناهضة للإرهاب وممارسته الوحشية ، وإن مشاركة بعض القوى الكوردية في مهزلة الإنتخابات لا تبيّض الوجه الأسود للنظام ، ولا تخفي على أحد سياساته الشيوفينية المتبعة ازاء الشعب الكوردي المحروم من أبسط حقوقه الديمقراطية والانسانية ، هذه المشاركة التي تلجأ إليها بعض الفصائل الكوردية نتيجة أعتبارات عدة ولكنها في الحقيقة برأي تلحق الضرر بها وتسيء إلى سمعتها انطلاقاً من المقولة (الذي يجرب المجرّب يكون عقله مخرّب) لذا فإن أفضل ردٍ على ترهات النظام وألاعيبه البهلوانية ومؤامرته المكشوفة ومسرحياته الفاشلة هو الإتفاق الكوردي الكوردي أولاً من خلال ترتيب البيت الكوردي ورص صفوفه وتوحيد كلمته وبناء مرجعيته الوطنية المنشودة ومن ثم التنسيق ثانياً مع القوى الوطنية والديمقراطية السورية بجميع أطيافها في الداخل والخارج والتي تناضل من أجل غدٍ أفضل للشعب السوري والعمل أيضاً من أجل الإتيان بنظام ديمقراطي تعددي يقر بتحقيق العدالة والمساواة بين أبناء الشعب السوري بجميع مكوناته العرقية والمذهبية ، وأن يعترف دستورياً بالوجود القومي للشعب الكوردي على أرضه التاريخية إلى جانب الإتفاق معا ً على مقاطعة هذه الإنتخابات الهزيلة في ظل الأحكام العرفية الجائرة .