مشعل التمو
في قربة الحركة الحزبية الكوردية , الكلاسيكية , ليس بمعنى الوجود والهدف , بل بمعنى الشخوص واليات العمل ومستوى الفكر والرؤية للحدث السياسي وكيفية اتخاذ القرار حياله , في تلك القربة , فكر ثيولوجي كبل الإنسان الكوردي في عقله وأخرجه من معادلة الإرادة والقوة والمعنى , حيث بات الإطار التاريخي لهذه الحركة ترتيبا أكثر منه تأسيسا سياسيا ومعرفيا وثقافيا , حيث انتفاء الدور , بانتفاء وعي التأسيس ومطلب التأسيس وانحصار الدور بانتفاء إرادة الفعل , إرادة الوجود وبالأحرى انتفاء إرادة قوة الوجود , والبقاء رهين ضعف الذات وخنوعها , ودائرة الاستكانة وشعورها المأساوي وثقافة استجداء الضحية .
بمعنى هناك في سياقات متناثرة أفعالا صميمية , تختزل طاقة الشعب الكوردي , سواء بانتهاكها , أو بتصميتها , أو بفوضى تدميرية في فعلها وسلوكها , والهدف واحد متوحد في إخراج هذه الطاقة من معادلة القوة , ومن فعل الإرادة , لتكون إما مستلبة أو مصدرة خارج الحدود الجغرافية , الحدود المحددة لمعاناة الشعب الكوردي وقضية وجوده فوق أرضه التاريخية .
إن جٌل أحزابنا الحزبية لا تريد أقوياء , بل ضعفاء متسولين , محني الهامات , يرضون بلعب دور التابع للحاكم بمشيئة الله , الذي ينبري الواحد منهم للدفاع عن قائده الملهم وشخصيته الفذه وضرورته التاريخية وانجازاته القومية والوطنية الذي لولاه لضاع الشعب الكوردي , لكنه الفذ صمد رغم حملات التضليل المسعورة – الخاسئة – فالمسيرة مستمرة والانجازات الانشقاقية والتسولية تتراكم , ومن يقترب من طوطمنا فهو مسعور ومتوتر وحاقد وصنيعة هذا وذاك من رجالات الأمن السوري والى ما هنالك من نعوت وصفات يبدع فيها عقل الكلاسيكية الكوردية وخيولها الهرمة والتي تقاعد أمثالها من الحياة من زمن طويل , حقيقة أيها السادة , نحن نحترمكم ونقدر ما قدمتموه وسنصنع لكل منكم تمثالا في ساحة عامة يليق بمقامكم , كل ما نرجوه هو أن تتكرموا على هذا الشعب وتزيحوا الجدب والقحط عن حقل وجوده ومنحى سياسته , ولتكن دعوات الحرية والديمقراطية ووجود شعب كوردي على أرضه غير مقلقة لكم , وتعاقب الأجيال الطبيعي غير مقض لمضاجعكم , وكفوا جزاكم الله خيرا عن اللهاث وراء عقد الصفقات مهما كانت مسمياتها , سواء مرجعية أو أي حالة تجمع زعماء التراث وتديم بقائهم , نعم أيها السادة لقد بات الشعب الكوردي في سوريا بحاجة إلى نقاهة من صانعي الموجات والاستثمارات المتقلبة , فالمرجعية المنشودة مهما علا ضجيج مبتكريها , لم تعد تستطيع تلميع الاستكانة والتمترس خلف هيئات منتقصة الفعل والإرادة الشعبية كالجامعة العربية وما شابهها من اطر وهيئات كوردية , باتت خارج زمانها ومكانها وهدف نضالها القومي .
نقولها وبصوت يلامس عنان السماء , نعم أيها السادة , لا شيء مطلق , ومن الضرورة مراجعة وتقييم هذا الواقع المفروض بقوة اللحظة الحزبية , وليس بفعل اللحظة الوطنية , الحزبية التقليدية , التي رعت وتبنت السقوط الهستيري للقيم , ويريد البعض إعادة إنتاجها , وإخراجها من معادلها المعرفي أو الابستمولوجي وحتى إطارها الممارساتي , وهي حالة لا تحسد عليها من حيث الغموض المعرفي وفقدانها لأي منهج في التحليل أو القراءة السياسية , واعتقد بان ما تملكه تلك الحزبيات هو تقنية القلق العبثي واحتفاءها بالهامش والمبتذل والمقموع , متجاوزة بذلك كل القوانين الوضعية وعابثة بمنطق الحياة وتعاقب الأجيال فيه .
أن جدية الحوار مع الذات أو الأخر ناظمها الفهم العقلاني لمفهوم الاختلاف , وسويات تجسيد هذا الفهم في الرؤية والطرح السياسي والسلوك العملي , وهي معادلة لا زالت تئن تحت وطأة الفهم الحزبي للاختلاف , الذي ينطلق من الأنا المركزية , حيث التفنن في مسيرة البقاء , بات ناظم بعض الحزبيات الكوردية المتطابقة مع برامج الفضائية السورية في عدائية طرحها لموضوعة الاختلاف السياسي والثقافي , وأساليب تجسيدها الملتوية في نفي الأخر وإقصاء المختلف , سواء جاء تحت مسميات قروية أو بدائية , سواء جاء تحت مسمى المرجعية أو احتكار المشروعية .
أن جدية الحوار مع الذات أو الأخر ناظمها الفهم العقلاني لمفهوم الاختلاف , وسويات تجسيد هذا الفهم في الرؤية والطرح السياسي والسلوك العملي , وهي معادلة لا زالت تئن تحت وطأة الفهم الحزبي للاختلاف , الذي ينطلق من الأنا المركزية , حيث التفنن في مسيرة البقاء , بات ناظم بعض الحزبيات الكوردية المتطابقة مع برامج الفضائية السورية في عدائية طرحها لموضوعة الاختلاف السياسي والثقافي , وأساليب تجسيدها الملتوية في نفي الأخر وإقصاء المختلف , سواء جاء تحت مسميات قروية أو بدائية , سواء جاء تحت مسمى المرجعية أو احتكار المشروعية .
أن الاختلاف مطلوب الآن , لإنضاج الحياة السياسية , وإيضاح الكثير من المفاهيم المعرفية التي لا زالت الحركة الحزبية غير معنية بفهمها أو استيعاب محدداتها , ناهيك عن أن البحث والاحتماء بمعادلات الاستقطاب والتضاد والصراع , قد يحقق أغراض حزبية آنية , لكنه يحقق البعثرة والشروخ المجتمعية , أكثر مما هي موجودة وملموسة , حتى أن البعض من عديمي الفعل والفاعلية , بات – وفق تعبير مطاع صفدي – يكذب شروق الشمس لأنها لم تشرق من قريته .
أن ادعاء الوصاية على الحقيقة أو الحرية أو امتلاك المشروعية , هي ثقافة منغلقة على ذاتها , يغلب عليها الطابع الريفي المحافظ , والمنشد إلى ماضيه ليتستر على حقيقته الجزئية , وتبقى هذه الثقافة بشخوصها , مبنية على أسس وركائز بناء القبيلة الحزبية , وخاضعة لتشابك علاقاتها الاجتماعية والسياسية , وهي ثقافة الضعفاء , ثقافة الجهل بالوقائع , وبمنطق الأشياء , وبمخاضات المجتمع الكوردي الذي لم يعد ثباته الحزبي الظاهري معيارا لحراكه الفعلي , الذي لا بد وان يحفر فضاء سياسي يتناسب مع حراكه ويعبر عن مضمونه , وبالضد من كل الهيكلية الحزبية ومشروعيتها الهزيلة .
——–
* عن المستقبل / جريدة سياسية غير دورية التي يصدرها تيار المستقبل الكردي– العدد 9 شباط 2007