حوار متشعب مع الزعيم الكردي السوري حسن صالح

زعامات الكراسي..هل حسن صالح نموذجا..؟

عودنا كل من قادة النظام والمعارضة السورية من كافة مكوناتها ألا يغادر أحدهم كرسي القيادة سوى على آلة حدباء محمول، أو يطاح به من قبل الطامعين بمقعده.

قد يفعلها حسن صالح ويسجل سابقة في تاريخ الحركة الكردية والمعارضة السورية ويسلم مقود السفينة طوعا لقبطان جديد.

ويكاد ينفرد من بين أقرانه بتعبير جديد على الساحة السورية، إذ يقول بمعارضة كردية في سوريا وليس حركة فقط.
رغم عدم وجود إحصائيات حقيقية في سوريا حتى لأشجار الدلب والبلوط، إلا أن بعض المهتمين يؤكدون أن  الشعب الكردي يمثل المجموعة السكانية الثانية، وعليه يكون حسن صالح هو الرجل الثاني في الدولة السورية، ليس لأنه يقود دفة أكبر حزب سياسي في البلاد فحسب، بل لأن رصيد الرجل شعبيا يتجاوز حدود حزبه إلى الأحزاب الكردية الأخرى وبعض أطياف المعارضة العربية الديمقراطية، الأمر الذي يجعله يترك مقود سفينة حزب يكيتي لخليفته التالي دون أخذ ورد.
ولد حسن صالح عام 1947 في قرية تنورية الواقعة شرقا من مدينة قامشلو وتتبع إداريا لناحية تربه سبي (المعرّبة إلى القحطانية).

أنهى تعليمه الابتدائي في مدرستها، ثم تابع تعليمه وحصل على تأهيل تربوي من دار المعلمين بالحسكة عام 1966.

ومن ثم حمل إجازة في الجغرافيا من جامعة دمشق عام 1974.

ولأسباب عنصرية صرف تم إبعاده عن منطقته وعُين معلم لتلاميذ المرحلة الابتدائية في محافظة درعا بين عامي 1966-1969 .

ثم مارس التعليم للمرحلة الإعدادية والثانوية في محافظة الجزيرة، وأخيرا في إحدى ثانويات قامشلو، إلا أنه قدّم استقالته من حقل التعليم عام 1988 احتجاجا على سياسة التمييز تجاه الكرد.
  أما على الصعيد السياسي فقد انخرط حسن صالح في النشاط السياسي منذ كان شابا يافعا، فقد انتسب عام 1965 إلى التنظيم الكردي الأول (البارتي)، وبعد سنة من انتسابه انقسم الحزب لفريقين (يمين ويسار) وفقا للتموضعات التي كانت سائدة آنذاك، وبسبب انتمائه لعائلة فلاحية كادحة وفقيرة وجد حسن صالح نفسه في صفوف الجناح اليساري الذي انقسم بدوره عام 1975.

 وتابع نشاطه في حزب الاتحاد الشعبي الكردي الذي كان له إلتزاما جذريا بالقضية الكردية، وصار بمثابة رئيس الحزب في الداخل، وفي عام 1990 بلغ الخلاف ذروته مع الأمين العام للحزب آنذاك الأستاذ صلاح بدر الدين، فتم ابعاده مع رفاق آخرين عن التنظيم.

ورغم تقدمه سنا وخبرة لا يروق له نعته بالحرس القديم ويفضل حمله راية التغيير والتحديث انسجاما مع طبيعة الحياة والتطور.
وظل مقيما في سوريا رغم أن مئات الأبواب مفتوحة لمغادرته وأسرته ليعيش في بحبوحة أوربية، إلا أنه مازال يعيش حتى اليوم تحت رقابة المخابرات والمخبرين التي ترصد كل تحركاته من جحورها.
نجده رزينا في حواراته لا يسرف في الكلام ولا يدبج، يوجز محاذرا غيفارا مصاحبا غاندي.

 حاولت جاهدا استجراره، بل واستفزازه لضرورات النشاط الصحفي والوصول للمعلومة، إلا أن أجوبته اتسمت بنقد فاضح وتقريع صريح للنظام من أسفله لهامه، وأجاب على كل أسئلتي حول أهم المسائل التي نعتقدها تشغل بال المواطن السوري.

 

حوار مستفيض مع الزعيم الكردي السوري حسن صالح  *

 

 حاوره علي الحاج حسين

 

يقول حسن صالح:

 

·  نحن نعيش في العالم الثالث حيث القيود والمحظورات تحيط بنا، وحتما سيكون لهذا تأثير على أجوبتي.
·  في عام 1990أبعدني عن التنظيم جناح الأمين العام صلاح بدرالدين.
·  كان السيد صلاح مهيمنا على الحزب ويصّر على البقاء في الخارج بحجة احتمال اعتقاله وهناك أسباب هامة أخرى لاداعي لذكرها.
· بيني وبين الأستاذ إسماعيل عمر علاقات صداقة ولم أدفعه للإنشقاق.
·  الرئيس أو القائد الأبدي من مخلفات الماضي، أنا ملتزم بالنظام الداخلي وارفض التمديد، وأرحب بخلفي قريبا.
· أستدعاني الأمن لإبداء موقفي من الأوضاع العامة ووضع شعبنا الكردي ولبيت الدعوة.
· حينما وقعت السلطة في حيص بيص لجأت لمناورة مدروسة وأوهمتنا بأنها جادة في الحوار.
· ألتقينا اللواء مملوك، على أساس أن يحصل لقاء مع الرئيس.

وانتقدني الحزب بسبب وقوعي بالخديعة.
· مازال مروان عثمان عضوا في الحزب وعودته للوطن أكثر نفعا للعملية النضالية.
· الأجهزة الأمنية هي للقمع ولحماية النظام ولا علاقة لنا بها، أما الخزنوي فاغتيل لأسباب سياسية.
·  شاركنا في مؤتمر بروكسل، وطلبنا تأجيل تشكيل المجلس الوطني ورفضنا المشاركة فيه.
· هناك ضرورة لإنجاز تنسيق قومي كردستاني على أساس المصالح المشتركة.
· ينبغي أن نكون حضاريين وأرى أن النضال السلمي أقوى من الكفاح المسلح.
· على البشرية أن تقلّص عدد الجيوش، وتكرّس ثقافة حقوق الإنسان والحرية والسلام.
· نحن لسنا راضين عن العلاقات مع الأنظمة التي تقتسم كردستان وما زال مثال أوجلان مع النظام السوري ماثلا أمام أعيننا.
· في مرحلة حزب البعث، تعرض شعبنا للإقصاء والتهميش وحتى لإنكار الوجود.
· تستند الدراسات العنصرية من قبل السلطات السورية حول مناطق كردستان سوريا إلى خطط تستهدف إنكار وامحاء الوجود القومي الكردي.
· الادّعاء بقدوم الكرد من تركيا مجاف للحقيقة، باستثناء أعداد قليلة.
· لقد حان الوقت لكشف الحقيقة، وأن نعترف جميعا ببعضنا وعلى قدم المساواة ونتفرغ للبناء والمساهمة في الحضارة والتقدم.
· ناقشنا في مؤتمر حزب يكيتي مسألة الفدرالية ولم نقرها، وقررنا النضال من اجل نظام لامركزي وأن تناط إدارة كردستان سوريا بالشعب الكردي.
· النظام الفدرالي(الاتحادي) مناسب لدولة مثل سوريا متعددة القوميات والأديان والطوائف.
· احتل صدام الكويت وجلب أمريكا إلى المنطقة، واستفاد الكرد من الأخطاء القاتلة لنظام صدام.
· اللهم لا تسلط علينا من لايخافك ولايرحمنا …..
· يجب التخلص من فكرة الخناجر المسمومة ومن حق الدول العربية التغني بالبعد القومي وهذا أيضا من حق الكرد.
· باختصار نريد أن يشارك أبناء شعبنا الكردي بحسب نسبتهم السكانية في تشكيل البرلمان والمجالس الأخرى والوزارة على مستوى سوريا، أما كردستان كإقليم تاريخي-جغرافي فينبغي أن يقرر شعبه مصيره بموجب القوانين الدولية.
· يتساءل الكردي والسرياني والآشوري والشركسي والشاشاني والتركماني: لماذا العربية!!!!!!!
· حركتنا تعارض سياسات النظام، وقد حان الوقت لأن تستخدم الحركة الكردية عبارة (المعارضة).
· نحن معارضة كردية ضد سياسات النظام ونريد المشاركة في الحكم حسب نسبتنا العددية.
· لقد كانت انتفاضة 12 آذار رد فعل طبيعي على الاحتقان المتراكم منذ عشرات السنين.
· حاول النظام جرنا لصدام مسلح وبفضل وعي حركتنا الكردية اقتصر النشاط على الاحتجاجات والمظاهرات السلمية.
· لم نعد نعير أي اهتمام لباع “أبو جاسم” الطويلة بعد أن كسرنا حاجز الخوف وفقدت السلطة هيبتها.
· حاورنا أطراف من إعلان دمشق، لكن دون جدوى، وحين يكون موقفهم منا صريحا سيجدوننا أمامهم.
· لم نفوّض السيد صلاح بدر الدين ليمثلنا في جبهة الخلاص، وعلى الجبهة توضيح موقفها والابتعاد عن الجمل التي تحتمل التأويلات.
· ليس لنا ممثل في جبهة الخلاص أو إعلان دمشق، موقفنا من أي طرف يرسم استنادا إلى موقفه من قضية شعبنا.
· منذ عام 2003 أقرّ حزبنا مفهوم (كردستان سوريا) – قضية ارض وشعب، وهناك أحزاب لم تتجرأ بعد على هكذا طرح.
· في كردستان سوريا لا توجد أية مشاكل بين الكرد والعرب والمسيحيين، وإنما تناقضنا هو مع النظام.
· لم نكن يوما نريد دخول (جبهة السلطة) لأنها مسؤولة عن سياسة التمييز والاضطهاد بحق شعبنا، كانت هناك أطراف كردية ترغب بذلك سابقا.
· النظام الغارق في الفساد لن يعمد إلى الإصلاح، أما آلية التغيير فبخروج قوى المعارضة إلى الشارع دون تردد.
· حين تلفظ بشار أسد في وقت حرج بعبارة “الأكراد من النسيج السوري” طار بعض الكرد فرحا، حتى أنّ البعض اقترحوا علي أن نخرج بمسيرات تأييد له.
· ذكر بشار أسد عبارة “الشعب الكردي” في مقابلة يتيمة في قناة الجزيرة، وحذفت هذه الفقرة لما بث التلفزيون السوري المقابلة.
· لم يقتصر حذف الجمل المتعلقة بالكرد على وسائل إعلام السلطة، وإنما شمل أيضا الكرد من الحزب الشيوعي جناح يوسف فيصل امتنعوا عن توزيع جريدتهم في محافظة الجزيرة احتجاجا على حذف ما قاله الرئيس بصدد الكرد.
· يوجد أزمة ثقة إزاء النظام ووعوده ا تبقى حبرا على ورق.
· العديد من الأحزاب متفقة على تسمية 12 اذار انتفاضة.
· لا يوجد خصومة مع الشعب، بل هناك عتب جماهيري على الحركة الكردية لتصعد نضالها.
· المخرج من الواقع المرير هو أن نقتفي أثر انتفاضة آذار والاعتماد على الطاقات الهائلة لشعبنا.
· القيادات الكردية تتحمّل الجزء الرئيسي من أسباب الانقسام، نعاني من أزمة التمسك بالكراسي والقيادات الأبدية في الأحزاب.
· قال اللواء منصورة لمحافظ الحسكة: لقد تمكّنت خلال بقائي في الجزيرة من شقّ صفوف الحركة إلى عشرات الأحزاب، وأنت برصاصة عملت على توحيدهم في يوم واحد.
· مضت مسألة الانقسام بين اليمين واليسار مع الحرب الباردة، حاليا هناك التيار الجاد والتيار القليل الجدية(إن لم نقل المهادن).
· قابل وفد أحزاب الجبهة والتحالف الكرديين السيدة العطار، ولم يجن الكرد من لقاء السيدة العطار شيئا مطلقا.

وقد رفضناه لعدم جدواه.
· داهم الأمن العسكري بحلب، منزل أحد الكرد في حي الشيخ مقصود يوم 2912007 وكسر الباب، واعتقل 12 شخصا من المؤيدين لخط حزبنا.
· النظام غير قابل للإصلاح، والمطلوب هو التغيير الشامل وإنشاء دستور جديد.
· معظم الأنظمة العربية، باتت تشعر بخطورة المشاريع الإيرانية ونشر المذهب الشيعي وخلق صراع طائفي مدّمر.
· حزب الله لم يحقق أي نصر، وإنما تسبّب في إقدام إسرائيل على تدمير لبنان.
· النظام يسمي الهزائم انتصارات، ينتهك حقوق الإنسان ويدعي مصونيتها، يبتلع كل الثروات ويدّعي أنها في أيدي أمينة.
·  مشروع الشرق الأوسط الجديد قادم رغم العقبات.
· الأساس في التغيير يكمن في الصدق والإخلاص والاستعداد الفعلي للتضحية بالإضافة إلى الجرأة.
· لن تنتهي الضغوط على النظام، وقد تؤدّي إلى انهياره، ولا مخرج إلا بالأعتراف بالأخطاء والكفّ عن السياسات الفاشلة، وإفساح المجال لممثلي كافة مكوّنات المجتمع ليشاركوا في صنع القرار، والتأسيس لمجتمع مدني ووضع حد لهيمنة الأجهزة الأمنية.
· النظام يعاني من عزلة دولية وداخلية.

إذا أراد النظام تجنّب الكوارث، عليه الأستجابة لإرادة الشعب.
· من مؤشرات تفاقم الحالة ظهور إعلان دمشق وجبهة الخلاص، وبروز المعارضة الكردية وتزايد الأحتقان.
· معارضة الخارج والداخل يكملان بعضهما بعضا، ونشاطها في الخارج امتداد للمعارضة الداخلية.
· كان عبد الحليم خدام جزءا من النظام واتعظ بالمثل الكردي القائل: ( ابتعد عن الحائط الآيل إلى الانهيار).
· مصلحة الشعب السوري تقتضي تضافر كل الجهود من أجل إنجاز التغيير وليس من الحكمة إقصاء خدام.
· النظام دوما يلوّح بأنه إذا تعرّض للإنهيار فأن حربا داخلية قد تقع، أما إذا ازداد قمع النظام فأنّ المقاومة الديمقراطية ستزداد أيضا.
· خروج خدام على النظام أفضل، لأنه لو بقي وجاهر برأيه لتعرّض لمخاطر شديدة.
· لا نعلم حقيقة وزن وأنصار السيد خدام، ولا نلمس في الداخل وجود لهؤلاء.
· من غير الجائز اتخاذ عبد الحليم خدام ملكة النحل لأنه لم يتجرّأ على المجابهة العلنية داخل الوطن وخرج.
· النظام مصاب بالقلق والخوف، لذلك يغدق الوعود المختلفة ويمارس المناورات.
· اعقل وتوكّل…  يد الله مع الجماعة …!
· لا يشارك أثرياء سوريا بمعارضة النظام لأن أصحاب الرساميل حديثي النعمة، ومن ناهبي ثروات البلاد وهم من أوساط السلطة.
· نحتاج لدستور عصري يحدد صلاحيات الرئيس والنظام الملكي في سوريا مرفوض.
· لا توجد حكمة من حصر شخص الرئيس في دين وحزب معين، هذا يزيد الطين بللا والنظام في عزلة داخليا وخارجيا.
· إنّ رياح التغيير قوية جدّا، ولن تجدي المعيقات ودفن الرؤوس تحت الرمال.
· والتفاصيل في نص المقابلة الشاملة مع الأستاذ حسن صالح في مجلة “منبر سوريا”.
نص الحوار:
هناك من يريد أن نفصّل له أسئلة على مقاسه وإلا فلن يجيب على أسئلتنا..

لا أعتقد أن لدى الأستاذ حسن صالح أسئلة محرّمة، ومع هذا يتوجب السؤال؟
صدري رحب للأسئلة وسوف أجيب حسب قناعتي، ومع ذلك فنحن نعيش في العالم الثالث حيث القيود والمحظورات تحيط بنا، وحتما سيكون لها تأثير على الأجوبة.
تنقلّت بين البارتي واليساري وحزب الاتحاد الشعبي الكردي ومررت بمحطات حزبية مختلفة واستقر بك المطاف في حزب يكيتي، فما هو السبب الذي يمكن أن يؤدي لانتقالك لحزب آخر أو تؤسس حزبا جديدا، وما تعليقك على من ينعتك بالحرس القديم في حزب يكيتي؟
عام 1965انتسبت إلى التنظيم الكردي الأول، لكنني علمت عام 1966بحصول الانقسام بين اتجاه يميني وآخر يساري، وبسبب انتمائي إلى عائلة فلاحية كادحة وفقيرة فمن الطبيعي أن انحاز إلى الصف اليساري الذي انقسم بدوره عام 1975حيث كنت آنذاك ملازما مجندا في الجيش (منقطعا عن العمل التنظيمي)، وتابعت نشاطي في الاتحاد الشعبي لأنه كان الأكثر جذرية والتزاما بالقضية الكردية، وفي عام 1990 تعرضت مع رفاق آخرين للإبعاد عن التنظيم من قبل جناح الأمين العام آنذاك صلاح بدرالدين، وهذا أدى إلى وقوف الأكثرية الساحقة من جسم الحزب إلى جانبي، فتابعت النشاط السياسي بكل ثقة وتصميم.

وتعبير الحرس القديم لا ينطبق علي كثيرا لأنني اقبل التغيير والتحديث انسجاما مع طبيعة الحياة والتطور.

حينما كان السيد صلاح بدر الدين في الخارج كنت بمثابة الأمين العام الفعلي لحزب الاتحاد الشعبي وخرجت عليه في 89/1990 الداخل فما سبب الخلاف معه؟
كان السيد صلاح مهيمنا على الحزب ويصّر على البقاء في الخارج ويرفض العودة إلى الوطن لحضور المحطات الحزبية بحجة احتمال اعتقاله، وكنت أرى ضرورة النضال في الداخل وتحمل تبعات النضال، والاحتكام في حل الخلافات إلى المؤتمر وفق الأصول الديمقراطية.

وهناك أسباب هامة أخرى لاداعي لذكرها.

ما حقيقة أنك من دفع السيد إسماعيل عمر ومن معه للخروج والانشقاق ليؤسسوا حزبا يحمل اسما مشابها؟
هذا غير صحيح، وقد يكون سبب هذا الظن هو وجود علاقات صداقة بيني وبين الأستاذ إسماعيل.

خلفت الأستاذ عبد الباقي يوسف الذي خلف السيد مصطفى عثمان، وانتهت ولايتك، وفي نظامكم الداخلي ما يمنع تكرار الولاية التي استمرت من 2004م.

فهل ستقلدون البعث ولا تتخلى للجيل الشاب؟
مصطفى مناضل صلب حتى الآن (حاليا في أوربا)، وعبد الباقي مناضل عنيد (هو الآن في كردستان العراق).
أنا ملتزم جدا بالنظام الداخلي وأرحب بسكرتير جديد سينتخب قريبا من بين الأعضاء التسعة للجنة السياسية الذين انتخبوا في مؤتمرنا الخامس الأخير، وسوف أسانده واستمر في تفعيل وتصعيد العمل النضالي، إن مقولة بقاء الرئيس أو القائد إلى الأبد لم تعد تنسجم مع هذه المرحلة، فالمياه الراكدة غير مستساغة، والتداول الديمقراطي للسلطة رائع وفاعل.

خلال أربع سنوات شاركت بانشقاقين، فهل هذا ظاهرة صحية، أم أن ذلك كان ثقيلا على جسم الحركة الكردية المتسلط عليها سوط “أبو جاسم” ومن المستفيد من هذا التشرذم؟
في عام 1990 ساهمت في الحفاظ على القسم الأكثر فاعلية من جسم الحزب، أما عام 2000 فقد أعلنا عن إعادة بناء تنظيم يكيتي على أسس جديدة ووفق دراسات مستفيضة استمرت ثلاث سنوات، واعتبرها تحوّلا نوعيّا في الالتزام بخطاب سياسي جريء ومتقدم، وترجمة شعارات النضال إلى واقع ملموس، حيث بدأنا بذلك في مظاهرة صغيرة من مائتي شخص أمام البرلمان السوري(10122002) وكسرنا حاجز الخوف.

تشترك أطياف المعارضة الحزبية بعدم تلبية الدعوات الأمنية والمخابراتية و”شرب القهوة” بالفروع ما لم تقاد قسرا، فلماذا لبيت مؤخرا هكذا دعوة، وهل دعيت بقضية جنائية أم سياسية، أم أن حزبكم يبيح ذلك؟
حزبنا لايخشى الاستدعاءات الأمنية، ونحن نجاهر بمواقفنا اينما كنا وبكل شفافية، فصاحب الحق سلطان، وقد دعيت لإبداء موقفي من الأوضاع العامة ووضع شعبنا الكردي، وبشأن نشاطاتنا وخططنا النضالية المقبلة.

ما حكاية لقائكم المزعوم مع بشار أسد بواسطة سيدة أجلستكم والأستاذ فؤاد عليكو على طاولة الضابط علي مملوك، فهل هي طعما وقعتم بفخه أم سقطة أم مقلب، وأنت المناضل الحذر اليقظ، وهل اعتذرتم لأحد عن هذا أم لا تعتبرونه مشينا؟
اعتقد أن السلطة في تلك الفترة قد خشيت من تصاعد النضال الجماهيري، لاسيما وان حزبنا قد لعب دورا كبيرا في حصول التجمعات الاحتجاجية والمظاهرات الضخمة اثر اختطاف ثم اغتيال الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي في صيف 2005، فلجأت السلطة إلى مناورة مدروسة وأوهمتنا بأنها جادة في الحوار، لكنها تراجعت فورا، على كل حال نحن من جانب ملتزمون بالنضال الجاد ومن جانب آخر نؤمن بالحوار علما بأن التجربة أثبتت أن النظام مناور وفاقد لمصداقيته.
لقد شاركنا مع وفد من حزب آزادي والاتحاد الديمقراطي في لقاء اللواء مملوك، على أساس أن يحصل لقاء مع الرئيس.

وفي مؤتمرنا الأخير سجّل انتقاد بحقنا بسبب انخداعنا بوعود السلطة.

لماذا لم تعلنوا أسباب فصل الأستاذ مروان عثمان من الحزب وهو شخصية ذات ثقل وليس عضوا عاديا فيه وله جماهيره في الشارع الكردي والعربي؟
الأستاذ مروان عثمان لم يفصل من الحزب، وهو مناضل وذو مواقف صلبة، كل ما هنالك كنا نرى أن عودته للوطن أكثر نفعا للعملية النضالية.

ما حقيقة ما يقال عن انشقاقات تحصل لو مدد لكم في مؤتمر نهاية العام 2006م.

ولم ترشحوا ولم تعينوا ولم تنتخبوا سكرتيرا عاما للحزب حتى اليوم، وما حقيقة ما يقال أن السيد فؤاد عليكو إن لم يخلفكم سيقسّم الحزب؟
أنا ارفض التمديد واحترم النظام الداخلي، واعتبر أن الالتفاف على الأنظمة التي نضعها بأنفسنا في بلاد الشرق هي مصيبة كبرى، وان الانتخابات هي الفيصل في تحديد الشخص الذي سيستلم السكرتارية ولا احد من حزبنا يغضب، فنحن عقدنا العزم دون تردد على التطوير والتجديد لنشكّل نموذجا مقبولا في الحركة الكردية وحتى في المعارضة الديمقراطية السورية.
وحسب النظام الداخلي لدينا فأن السكرتير ينتخب بعد استكمال كونفرانسات اللجان المنطقية التي تنتخب ممثليها إلى اللجنة المركزية.

هل لحزبكم علاقات مميزة مع الضابط علي مملوك، وهل تملكون معلومات أدق عن مقتل الشيخ الخزنوي ستبوحون بها في حينه؟
لا علاقة لنا مع أي ضابط أمني، فالأجهزة الأمنية هي للقمع ولحماية النظام، أما المعلومات بشأن استشهاد الشيخ معشوق، فيمكن الوصول إليها إذا شكّلت لجنة مختصة محايدة للتحقيق، ونحن نعتقد أن الاغتيال كان سياسيا.

وفق نظام حزبكم الداخلي السكرتير ينتخب لمرة واحدة، وهل ذلك ينطبق على كافة هيئات ومنظمات الحزب وهل ستعدلونه أسوة بتعديل الدستور السوري بخمس دقائق؟
سوف يستمر انتخاب السكرتير بهذا الشكل حاليا، أما منظمات الحزب فبأمكانها تغيير أي مسؤول إذا لم يبد الكفاءة والنشاط.

كنتم ماركسيا عتيا في الاتحاد الشعبي وكيف توفقون ذلك اليوم في الممارسة العملية بعد وفاة الاتحاد السوفييتي؟
لم نعد ملتزمين بالماركسية، وشعبنا مضطر لتأجيل الصراع الطبقي حتى يتخلص من الاضطهاد، مادمنا نتعرض جميعا للظلم فعلينا توحيد صفوفنا والنضال معا لإنجاز التحرر، ثم لكل حادث حديث.

هل توقف التنسيق بين التحالف الديمقراطي الكردي والجبهة الكردية عند “رؤية مشتركة للحل الديمقراطي للقضية الكردية في سوريا” الوثيقة اليتيمة؟
نأمل أن يتم تصعيد النضال، لأن المسائل النظرية تفقد قيمتها إذا لم تترجم إلى واقع، فخطوة عملية أفضل من ألف برنامج.

ما السبب الحقيقي وراء انسحابكم من مؤتمر بروكسل في الوقت الذي لم تقدروا على تقديم فعالية أفضل منه حتى الآن؟
طلبنا تأجيل تشكيل المجلس الوطني طالما أن معظم أطراف الحركة كانت غائبة، لذلك شاركنا في المؤتمر ورفضنا المشاركة في المجلس.

ألا تخشون أن يفسر الشارع الكردي أنكم تحتكرون العمل السياسي ولا تسمحون بالتسلل لملعبكم حين حاصرتم مؤتمر بروكسل؟
لابدّ من التنسيق والتفاهم والعمل المشترك بين الحركة السياسية وكافة الفعاليات الأخرى، وإذا شاءت الجالية الكردية في الخارج تشكيل منظمات أو عقد مؤتمرات، أو غير ذلك فهذا من حقها، ولكن تمثيلها يقتصر على ذاتها، مالم تخوّل بالتمثيل من قبل الحركة السياسية في داخل الوطن.

ما طبيعة علاقاتكم مع الأحزاب الكردستانية في العراق وتركيا وإيران، وهل هناك تنسيق على الصعيد القومي تعويضا عن عدم التنسيق الوطني؟.
الحدود الدولية، ومصاعب السفر، والعوائق الأمنية، كلها عوامل تحدّ من الالتقاء والتحاور والتنسيق، ورغم ذلك هناك لقاءات محدودة ومتباعدة وبشكل خاص مع أحزاب كردستان العراق.وهناك ضرورة لإنجاز تنسيق قومي كردستاني على أساس المصالح المشتركة، وعلى قاعدة الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبعض.

لماذا التركيز على النضال السياسي وتتجاهلون النضال العسكري؟.
البشرية تعاني الأهوال جرّاء الحروب والنزاعات، وينبغي أن نكون حضاريين، ونحترم حق البشر والكائنات في الحياة، أنا أكره العنف واستخدام القوة، وأرى أن النضال السلمي الجاد أقوى بكثير من الأشكال العنفية التدميرية.

ويجب على البشرية أن تقلّص عدد الجيوش إلى الحد الأدنى، وتكرّس ثقافة حقوق الإنسان والحرية والسلام.

كان أكراد العراق على علاقة وثيقة ببعث سوريا، فهل كنتم على وفاق مع بعث العراق في سبعينات القرن المنصرم؟
نحن لسنا راضين عن تلك العلاقة، وينبغي عدم الاعتماد على الأنظمة التي تقتسم كردستان لأنها تتآمر على الدوام على القضية الكردية ولا يؤمن جانبها، وما زال مثال أوجلان مع النظام السوري ماثلا أمام أعيننا.

ألا ترى إلحاق الصفة القومية بأي حزب يعيده إلى دائرة العصبية والاستعلاء القومي، وهل تقلّدون حزب البعث العربي في ذلك حينما تضيفون لاحقة “كردي” لأسماء أحزابكم؟
مكره أخاك لابطل لقد كان للكرد دور هام جدا في النضال من اجل استقلال سوريا، وتبوؤا مناصبا هامة في الدولة والجيش، لكن بمجيء التيار القومي العربي لاسيما في مرحلة حزب البعث، تعرض شعبنا للإقصاء والتهميش وحتى لإنكار الوجود، ناهيك عن الاضطهاد وسياسة التمييز العنصري، ولم يكن أمامنا مفر من إنشاء تنظيماتنا السياسية للدفاع السلمي عن وجودنا وحقوقنا.

كيف يمكن اعتبار الملف الكردي في سوريا قضية ارض وشعب وليس مسألة حقوق إنسان مغيّبة، وهناك دراسة تاريخية وديموغرافية مشهورة عن الجزيرة تثبت أن معظم أكراد سوريا قدموا من تركيا، بينما تلحون على توطينهم وتدّعون الأغلبية السكانية على حساب السريان-الآشوريين أصحاب الأرض الحقيقيين، أليس هذا استيطانا مبطنا؟
الكرد شعب أصيل ويعيشون على أرضهم التاريخية منذ قرون طويلة، وتلال الجزيرة وكهوف جبل الكرد حافلة بالشواهد التاريخية، لقد عمّر الكرد القرى والمراكز البشرية ومارسوا الزراعة منذ القديم، أما الأقوام الأخرى فلا ننكر وجودها ويمكننا أن نتعايش بأخوّة كما كنا دوما، أما الدراسات العنصرية من قبل السلطات السورية حول مناطق كردستان سوريا، فهي تستند إلى خطط تستهدف إنكار وامحاء الوجود القومي الكردي، ولا تنسى أنّ الأنظمة الحاكمة لأجزاء كردستان تتبع مثل هذه السياسة العقيمة، والتي نجم عنها عدم استقرار الشرق الأوسط وتهديد السلم العالمي واشتعال الحروب والنزاعات، لقد تسببت اتفاقية سايكس-بيكو في تقسيم كردستان ورسمت حدودا دولية جديدة بشكل عشوائي، فما زال السكان الكرد في كل من سوريا والعراق وتركيا يتبادلون الزيارات على جانبي الحدود التي فرّقتهم، إنهم أقارب وتجمعهم صلات عشائرية، أما الادّعاء بقدوم الكرد من تركيا فهذه بعيدة عن الحقيقة تماما، باستثناء أعداد قليلة من الثوّار والملاحقين من قبل السلطات التركية التي مارست الابادة والإعدامات اثر الثورات الكردية وخاصة بعد ثورة الشيخ سعيد، وقد عاد هؤلاء تدريجيا إلى كردستان تركيا.

ألا تعتقد بأنكم تبالغون بتعداد الأكراد الذين لا يزيد عددهم عن بضع قرى وافدة من تركيا وفي المدرسة التي علّم بها الأستاذ رياض الترك في أواسط القرن الماضي لم يكن أكثر من أربع تلاميذ..

فمن أين أتيتم بهؤلاء المهاجرين؟
هناك دراسة لبعض السجلات العثمانية قبل مئات السنين، توضّح بجلاء التركيبة السكانية في المناطق الشمالية والشرقية (حاليا ضمن سوريا) حيث وجود المراكز البشرية الكردية، بالإضافة إلى أقوام أخرى كالسريان والعرب الرحل.ثم إذا اعتبرتنا مهاجرين ونحن على أرضنا فماذا تقول بشأن التاريخ الرسمي العربي الذي يعترف بقدوم هجرات عربية إلى سوريا من قلب وجنوب الجزيرة العربية.

مع الأسف هناك ذهنية قومية عربية تنكر وجود الآخر وفي أحسن الحالات تتعامل معه وفق نظرية الاستعلاء القومي، وقد حان الوقت لكشف الحقيقة، وأن نعترف جميعا ببعضنا وعلى قدم المساواة ونتفرغ للبناء والمساهمة في الحضارة والتقدم.

ما الدليل أنكم على أرض غير عربية، وهل توجد إمكانية فعلية تطبيقية للفيدرالية الكردية في سوريا أو الحكم الذاتي، وهل أقرها مؤتمركم؟
مؤتمرنا ناقش مسألة الفدرالية لكن لم يتمكن من إقرارها رغم وجود تيار قوي مؤيد لها، وقد اقرّ المؤتمر النضال من اجل نظام لامركزي سياسي في سوريا، وأن تكون الشؤون الإدارية والقضائية والتشريعية لمناطق كردستان سوريا بيد الشعب الكردي.
اعتقد أن النظام الفدرالي (الاتحادي) مناسب لدولة مثل سوريا متعددة القوميات والأديان والطوائف، وما الضير في ذلك طالما هذا النظام يحافظ على وحدة البلاد، وهناك أمثلة حية ناجحة للفدراليات في العالم مثل دولة الإمارات، وألمانيا، وأمريكا….

وهاهو العراق والصومال… وقد يكون السودان باتجاه النظام الاتحادي.

ما موقفكم من الاستعانة بقوى أجنبية لحصول الشعب الكردي على حقوقه، وهل تتصلون بالإسرائيليين عبر منظمتكم في الخارج لمساعدتكم؟
نحن نخوض نضالا ديمقراطيا مشروعا بعيدا عن العنف، ونعتمد على قوانا الذاتية وقد اثبت شعبنا أنه مستعد للنضال والتضحية خلال انتفاضة آذار 2004، وآنذاك شعرنا بمساندة من جماهير أجزاء كردستان التي تظاهرت بمئات الألوف، وأخذت قضيتنا تكتسب الاهتمام الإقليمي والعالمي، وحتى قوى المعارضة الوطنية في سوريا زارت قامشلو، واعتبرت القضية الكردية قضية وطنية بامتياز وتتطلب حلولا مناسبة، وأجد أن المصلحة الوطنية العليا لسوريا تتطلب حلا ديمقراطيا للقضية الكردية، لضمان الاستقرار وقطع الطريق أمام أية تدخلات خارجية.

أين أنتم من البراغماتية لدى قيادات كردستان العراق التي أثمرت ونال الكرد حقوقهم وفقا لما يقوله الكاتب الأمريكي سيمون هيرش وذلك من خلال العلاقة الطيبة مع إسرائيل، فما تعليقك؟
نظام صدام القمعي الذي مارس الابادة الجماعية ضد الكرد، وخاض حروبا عبثية مع إيران واحتل الكويت هو الذي جلب أمريكا إلى المنطقة، وليس الكرد، كل ما هنالك أن الكرد استفادوا من الأخطاء القاتلة لنظام صدام، وهناك دعاء للمسلمين في خطب الجمعة يقول: اللهم لا تسلط علينا من لايخافك ولايرحمنا ويبدو أن الله قد استجاب لدعاء البؤساء والمضطهدين، وعلى بقية الأنظمة الاستبدادية أن تستفيد من هذه العبرة وتعود إلى الشعب وتحتكم لانتخابات ديمقراطية في رسم مستقبل بلدانها
ألا ترى أن البعد القومي للملف الكردي في سوريا، وامتداده خارجها بمثابة خنجر سام في خاصرة الأمة العربية؟
لقد دعا مؤتمر القمة العربية في بيروت وغيرها وكذلك الأطراف الرباعية، وخارطة الطريق إلى ضرورة الإقرار بوجود دولتين تتعايشان جنبا إلى جنب أي إسرائيل وفلسطين، ويجب التخلص من فكرة الخناجر المسمومة، فعندما خدم صلاح الدين الإسلام والعروبة، وعندما ساهم الكرد بدور هام في إنجاز وصيانة استقلال كل من سوريا والعراق، كان نصيبهم عند تشكيل دول جديدة في القرن الماضي، التعرض إلى القمع وتجاهل الحقوق من قبل شركائهم العرب.
ألا ترى أن كرد العراق يقومون بدور ايجابي في العراق الجديد، وينأون بأنفسهم عن الاقتتال الداخلي البغيض، علينا أن نعترف بأن من حق الدول العربية التغني بالبعد القومي وهذا أيضا من حق الكرد، من حق الشعب الكردي في سوريا التمتع بحقوقه القومية في إطار الوحدة الداخلية.

كثيرا ما نسمع من بعض السياسيين الكرد مصطلحين: الكردي والكردستاني ما الفرق بينهما؟
الكردي خاص بالكرد، أما الكردستاني فيشمل القوميات الأخرى على ارض كردستان، فإقليم كردستان العراق يضم الأقوام المسيحية والتركمان والكرد وبعض العرب، وفي حالة التسمية الكردستانية يمكن أن ينخرط في الحزب الواحد أجناس متعددة.

بماذا تتلخص حقوق الأكراد في سوريا، وماذا تريدون من سوريا بالتحديد، غرب كردستان أم حكم ذاتي أم فيدرالية أم اقتطاع جزء من سوريا؟
نريد أن يشارك أبناء شعبنا الكردي بحسب نسبتهم السكانية في تشكيل البرلمان والمجالس الأخرى والوزارة على مستوى سوريا، أما كردستان كإقليم تاريخي-جغرافي فينبغي أن يقرر شعبه مصيره وفق القوانين الدولية، وقد شرحت موقف حزبنا في إجابة سابقة.

ما موقفك من اسم الدولة: “الجمهورية العربية السورية”، وهل تسعون لجعلها “العربية الكردية “؟
عندما كنت صغيرا كان اسم الدولة هو الجمهورية السورية، وهذه التسمية مقبولة ولا تثير الحساسيات، فالتسمية العربية تجعل الكردي والسرياني والآشوري والشركسي والشاشاني والتركماني يتساءلون: لماذا!!!!!!!
كل حزب في سوريا وفقا للموضة الجديدة تتبعه مؤسسة مدنية أو حقوقية، فهل هذا للتسول عليها وجمع المعونات من الخارج الذي لا يعطي معونات للأحزاب السياسية، وما حقيقة فرز قيادي من حزبكم ليدير منظمة حقوق إنسان كردية تتبعكم؟
رغم وجود رفاق لنا ضمن منظمات حقوق الإنسان العربية والكردية، إلا أن حزبنا لا يتدخل في شؤونها.

للأحزاب السياسية أجندة سياسية بما في ذلك الوصول للحكم، بينما يقتصر عملكم على رصد انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، فما الفرق بينكم وبين أي منظمة حقوقية أو مؤسسة مجتمع مدني لم تحصل على الترخيص في سوريا؟
نحن نريد المشاركة في الحكم حسب نسبتنا العددية، ونعتبر أنفسنا معارضة كردية لسياسات النظام وأيدينا ممدودة للمعارضة الوطنية العامة لتوحيد الجهود وتصعيد النضال حتى إنجاز التغيير الديمقراطي، الذي يضمن الحقوق القومية للشعب الكردي.

هل تعتقد بان مهمة الأحزاب السياسية هو الشجب والاستنكار والتضامن الانترنيتي فقط، والإنسان السوري بغالبيته لا يملك انترنيت.

وما جدوى نضالكم المثالي في ظل الاستبداد والقمع وقوانين اللاقانون في سوريا؟
استخدام الانترنت مفيد وهام لفضح سياسات النظام، وهذا لايكفي بل يجب الخروج إلى الشارع وتصعيد النضال الديمقراطي، وهذا ما فعلناه لاسيما منذ عام 2002 وحتى الآن.

هل تعتبر ما جرى في 12 آذار فتنة مأجورة وشغب أم انتفاضة شعبية؟
في البداية جرى استفزاز جمهور فريق الجهاد عند ملعب قامشلو، ثم أمر محافظ الحسكة السابق سليم كبول بأطلاق النار على المحتجين المسالمين من الكرد واستشهد البعض، وهذا ما أدى بالكرد إلى القيام بانتفاضة عارمة شملت الجزيرة وكوباني وعفرين والأحياء الكردية في حلب ودمشق.
لقد كانت الانتفاضة رد فعل طبيعي على الاحتقان المتراكم والظلم والاضطهاد منذ عشرات السنين.

ما موقفك من الكفاح المسلح في سوريا؟ ومتى يمكن أن يكون مباحا؟ وألم تكن انتفاضة 12 آذار بمثابة حركة عنف مسلحة؟
انتفاضة آذار لم تصل إلى درجة استخدام السلاح، فهذا خط احمر لدينا، وكان النظام باستخدامه لإطلاق النار على المدنيين العزل، يحاول جر شعبنا إلى العنف الأعمى، وبفضل وعي حركتنا الكردية وإصرارها على الأسلوب السلمي في النضال، اقتصر النشاط الكردي على الاحتجاجات والمظاهرات السلمية.
بإيجاز أنا لست مع العنف مطلقا، وأثناء العشرات من الاحتجاجات التي قدتها، لم أوافق على الرد باستخدام العنف عندما كنا نتعرض للضرب والتعذيب من قبل أجهزة أمن السلطة.

هناك اعتقاد أن المخابرات السورية عملت على تعويم شخصيات جنّدتها في المعارضة السورية، وبما أن أخطرها الحركة الكردية، خرقتها وزرعت ما هب ودب بين صفوفها، كم لديكم من هذه الشتلات وهل ترصدونها وترقبونها بصمت خشية من سطوة باع “أبو جاسم” الطويلة؟
لم نعد نعير أي اهتمام لمثل هذه الأمور، فنضالنا علني وقد كسرنا حاجز الخوف عبر تكرار المظاهرات والاحتجاجات.

يؤكد العارفون أن تقارير المخبرين لم تعد عملا امنيا مدفوع الأجر، ويكتفون بطبطبة كتف المخبر، فهل تعتقدون هذا سيقلل من الاختراقات لأحزابكم؟.
أعتقد أن كسرنا لحاجز الخوف قد خفت من هيبة السلطة، كما أن استمرار الفساد والرشوة من قبل الأجهزة قد ساهم أيضا في الإقلال من هيبتها وسطوتها، ولا تنسى دور الإعلام والانترنت في إدخال الرعب والقلق في قلوب المنتهكين لحقوق الإنسان.

عرفنا أن حزبكم يقدم معونات لبعض محتاجيها بما فيها المالية، فهل تمارسون التجارة لصالح الحزب أو تجبون ضرائب “خوّة” تحت الستار أم تستلمون معونات خارجية؟
لا هذا ولا ذاك، فاعتمادنا على اشتراكات وتبرعات رفاقنا ومؤيدي وأصدقاء حزبنا، ومن الملاحظ أن السخاء في التبرعات يزداد كلما صعّدنا من نضالنا، فالشعوب سخية مع المناضلين المضحين.

يقال أنكم على حوار مع أهل إعلان دمشق، فما الذي استجدّ في نصه حيال الملف الكردي لتتراجعون عن موقفكم وكنتم حتى الأمس “حردانين” من الإعلان وأهله، إلى أين وصلتم؟
قبل أشهر جرى حوار بين لجنة التنسيق الكردي الذي يضم (حزبنا يكيتي، وحزب آزادي، وتيار المستقبل الكردي) وبين أطراف من إعلان دمشق، لكن دون جدوى فالموقف من حل القضية الكردية كقضية ارض وشعب لم يتبدل، وأرى أن من واجب أصحاب إعلان دمشق أن يترجموا طروحاتهم النظرية في مجال النضال من اجل التغيير الديمقراطي إلى حقائق على الأرض ويبدوا موقفا صريحا ومسؤولا من قضية شعبنا، وحينذاك سيجدوننا نتقدم صفوف المعارضة، وبذلك نقوى معا ويسهل علينا جميعا إنجاز مهامنا الوطنية.

صرّح السيد صلاح بدر الدين وهو أحد “صقور” جبهة الخلاص أن أحزاب يكيتي وآزادي والمستقبل الكردية مرشحة للدخول في جبهة الخلاص.

فهل فوضتموه بذلك، وما الذي تغير في موقفكم من الجبهة؟
لم نفوّض السيد صلاح بدر الدين، حيث لنا ممثلونا في الخارج ويتمتعون بالخبرة والكفاءة، أما الجبهة فمن واجبها توضيح موقفها من القضية الكردية والابتعاد عن الجمل العامة التي تحتمل التأويلات.

يقال أن حزب يكيتي يلعب على أكثر من حبل وكما يقول المثل “له بكل عرس قرص” فهناك من يمثلكم سرا في جبهة الخلاص وعبر جسور ممثلين بإعلان دمشق وفي تحالفات وهمية تصل إلى ما خلف المحيط، وتساهمون بولادة تشكيلات لم تولد بعد.

ما هي آلية اتخاذ قراراتكم الحزبية بمثل هذه المسائل وآلية التنسيق بين الخارج والداخل؟ وهل حزبكم طرف في تحالفات لا نعلمها في سوريا أو خارجها؟
لا احد يمثّلنا سواء في جبهة الخلاص أو إعلان دمشق، وإذا اقتنعنا بإبداء موقف يخدم قضيتنا فلن نتردد في ذلك، المهم أن موقفنا من أي طرف يرسم استنادا إلى مستوى موقفه من قضية شعبنا.

أشيع أن تعداد المنخرطين في حزبكم تجاوز الأربعة آلاف عضو، فهل هذا معقول في ظروف الفقر والجوع وانشغال الناس عن السياسة بالبحث عن لقمة العيش، أضف إلى ذلك القمع السائد وكل عشرة أشخاص يشكلون حزبا، أم هذا مجرد دعاية حزبية؟
اعترف لك بأن أعداد المنخرطين في الأحزاب الكردية كان قد انخفض كثيرا لاسيما في مرحلة التسعينات بسبب القصور النضالي، ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين حصل تطور نوعي باعتماد النضال السلمي الميداني الاحتجاجي مما عزز من ثقة الكرد بالأحزاب العملية وفي مقدمتها حزبنا، وحاليا أصبح الفصل بين أعضاء حزبنا والجماهير صعبا، وقد تجلّى دور حزبنا الجماهيري في مظاهرة 21 أيار 2005 اثر اختطاف الشيخ الخزنوي، حيث شارك عشرات الآلاف في المظاهرة التي سارت في شوارع قامشلو وقادها حزبنا بمفرده.

يقال لا تتوافق تصريحات فرع يكيتي بالداخل مع الخارج وبالتحديد حول مفهوم “كردستان سوريا” أليس هذا يوحي بانشقاق ضمني وأنتم بمثابة تنظيمين وليس حزب واحد؟
منذ المؤتمر الرابع لحزبنا عام 2003 أقرّ حزبنا مفهوم (كردستان سوريا) ولا تعارض بين الداخل والخارج وأدبيات حزبنا تتضمن دوما عبارة كردستان سوريا.

إن تأسيس حزب سياسي سوري لا يحتاج أكثر من جهاز كومبيوتر وموقع على الانترنيت، فبماذا تزيدون سين أو عين من الأحزاب حديثة التكوين وأحيانا بياناتهم تكون أبلغ وأخصب وأقوى لهجة منكم ضد النظام، بينما أنتم تحسبون ألف حساب لكل شاردة وواردة، فهل صار حجمكم البشري والعددي معيقا لنشاطكم؟
بالعكس فتزايد جماهيرية وحجم حزبنا عامل مساعد جدا على تطوير وتصعيد النضال الميداني.
نحن نقرن القول بالفعل ونسعى لأن نبقى كذلك، ونرّحب بكل حزب يرفد نضال شعبنا.

تكاد معظم وثائق أحزاب الحركة الكوردية تكون منسوخة عن بعضها، فما سبب وفاقكم النظري وخلافكم التنظيمي وعدم تمكنكم من تشكيل وعاء أو مؤسسة واسعة تضم كل الطيف الكوردي؟
هناك تفاوت في الطرح النظري، فبعض الأحزاب يتضمن برنامجها السياسي ونحن من بينها:
بأن القضية الكردية في كردستان سوريا هي قضية ارض وشعب، وهناك أحزاب لم تتجرأ بعد على هكذا طرح، والاهم من ذلك أن الممارسة والمواقف اليومية مختلفة، فنحن مع المظاهرات وفضح سياسة النظام واعتبار مشروع الحزام العربي مشروعا استيطانيا، وهناك آخرون يكتفون بالبيانات والجرائد وينتظرون الفرج من التطور الطبيعي للأوضاع.
أما بناء إطار شامل للكرد في سوريا فهو مهم، لكن يجب قبل ذلك الاتفاق على رؤية مشتركة لحل القضية والاستعداد للنضال العملي.

البعث يمارس عليكم العنصرية بينما تمارسونها أنتم على العرب والأقليات الموجودة في المناطق الكردية ولا تسمحون لهم الانخراط في صفوف أحزابكم القومية، فما يمنعكم من جعلها كردستانية إن لم تكونوا عنصريين، وما الضمانة أنكم لن تمارسوا التهجير والتطهير العرقي في كوردستان سوريا يوما ما؟
في مؤتمرنا الأخير ناقشنا مسألة جعل اسم الحزب: حزب يكيتي الكردستاني، وبفارق بسيط لم ينجح هذا الطرح في التصويت، وسوف نحاول طرحه مجددا في المستقبل، وعند القبول به سوف يسمح لأبناء القوميات الأخرى الانخراط في صفوف حزبنا، إن الكرد ليسوا عنصريين فصلاح الدين حرر القدس وتسامح مع الذين انتصر عليهم، والبارزاني كان يخلي سبيل عناصر الجيش العراقي الذين يقعون في الأسر، وفي المناطق الكردية في كردستان سوريا لا توجد أية مشاكل بين الكرد والعرب والمسيحيين، وإنما تناقضنا هو مع النظام الذي يضطهدنا، ويحتكر السلطة والثروة.

ربما كانت الحركة الكردية أكثر تنظيما من المعارضة العربية، فهل تعتقدون أنها قادرة على أن تكون المحرك “موتور” المعارضة السورية، ولنا في الجار العراقي مثال؟
الحركة الكردية تستطيع تحريك الشارع الكردي وتساهم في تحريك الشارع السوري عموما، لكن قبل ذلك ينبغي على الإخوة في المعارضة السورية أن يفتحوا حوارا هادئا وجادا مع ممثلي الحركة الكردية للوصول إلى صيغة واضحة لحل القضية الكردية في إطار وحدة البلاد.

وكلما استمر موقف المعارضة ضبابيا من قضية شعبنا، كلما طال أمد عجز المعارضة عن إنجاز مهامها.

يبدو أن المطالب الكردية تفوق حجم الممكن والجائز ولا تتمتع بالبراغماتية، إذ تطورت المطالب الكردية دون تحقيق ما كنتم تطالبون به سابقا (دخول الجبهة الوطنية التقدمية)، على ماذا تعولون برفع السقف؟
لم نكن يوما مع دخول (جبهة السلطة) لأنها بصراحة مسؤولة عن سياسة التمييز والاضطهاد بحق شعبنا، ولا أنكر أنه كانت هناك أطراف كردية ترغب بذلك سابقا، لكن إمعان النظام في سياساته القمعية وتنكره لوجود وحقوق شعبنا، وتصاعد النضال القومي الكردي لاسيما منذ الانتفاضة، جعلت هذا التوجه محاصرا، أما بشأن رفع سقف المطالب الكردية، فنحن لا نخرج عن إطار القوانين والأعراف الدولية بشأن حق الشعوب في تقرير المصير، وبما أننا نجد مصلحتنا في علاقات الشراكة في الوطن المشترك فلا داعي للخوف.

المعارضة تتهم السلطة بالتفرد والاستئثار بالقرار والتوريث وحجتها المادة الثامنة من الدستور والتعيينات والمحسوبية والواسطة والرشوة، فهل أنتم تمارسون الديمقراطية والتداولية بإدارة منظماتكم الحزبية؟
إن النظام يستغل احتكاره للسلطة والثروة ويستعين بأجهزته القمعية لإطالة أمد بقائه وهيمنته، لكن هذا السلوك لا ينسجم مع التطورات السريعة والعاصفة في العالم، ولا مستقبل لمن يسبح عكس التيار، أما في حزبنا فهناك تداول للسكرتارية والانتخابات هي التي تحدد مصير أي مسؤول حزبي، وهذا التوجه مطبق لدينا بدقة منذ عام 2000.

ألا ترى أنكم حينما تتحدثون عن الإصلاح والتغيير في ظل البعث وقيادة رئيس وريث بلا خبرة كما لو أنكم تتحدثون عن طائر الفينيق أو العنقاء، ولم أفهم ماذا تقصدون بقولكم أن يقوم البعث في إصلاح ما أفسده وهو قائم على الفساد ولا يعطي دورا للشعب ليشارك في العملية الوطنية.

فما هي الآلية لتنحية البعث ووضع المخابرات على الرف لتقومون بإصلاح ما أفسده البعث؟
كلامك صحيح، فالغارق في الفساد، لن يعمد إلى الإصلاح، أما آلية التغيير، فتتمثل في السير على نفس طريق كافة شعوب العالم، على قوى المعارضة أن تلتزم بما تطرحه وذلك بالخروج إلى الشارع وتحمل تبعات النضال دون تردد.

حين ورث بشار أسد الكرسي عولتم كثيرا عليه، بل وطرتم فرحا لمجرد أنه تلفظ في وقت حرج بعبارة “الأكراد من النسيج السوري” وروجتم لبوادر إصلاحية وانفراج وإذ هذا الكعك من ذاك العجين والابن لم يختلف عن أبيه، فعلام تعولون اليوم في إنجاز التغيير؟
فعلا طار بعض الكرد فرحا، حتى أنّ البعض اقترحوا علي أن نخرج بمسيرات تأييد، لكنني رفضت ذلك وقلت: علينا الانتظار حتى تترجم الكلمات إلى حقائق… إن النظام كرر وعوده بحل بعض القضايا، لكنه كان يناور، وهذه هي سياسته داخليا وخارجيا، ولامناص أمام مكونات المجتمع السوري سوى النضال لتوفير مستلزمات التغيير.

 يبدو أن التهميش للأكراد ليس من قبل النظام، بل والمعارضة السورية، وهل لك أن تسمي فعالية حقيقية واحدة قمتم بها مع شركائكم في الوطن حتى الآن؟ هل التنسيق مع المعارضة العربية يتوقف عند حدود شرب القهوة وتبادل المجاملات، هل هناك بوادر لوفاق بين المعارضين على الحد الأدنى من القواسم؟
تشاركنا في العديد من المناسبات مثل: يوم حقوق الإنسان- يوم السجين السوري- ذكرى فرض الأحكام العرفية، وبعض المناسبات الخاصة بالكرد، ولكنها لم تكن فاعلة رغم أهميتها، أما القواسم فهي كثيرة لكن ما ينقص الجميع هو الجدية في النضال.

وعد بشار أسد في قسمه السوريين بأنهار من عسل وخمر، وما أن أعتلى الكرسي حتى كشّر عن أنياب أبيه، فقمع وسجن وقتل، ومع ذلك روجتم له بأنه سيعترف بوجودكم كمكون وطني في مقابلة يتيمة في قناة الجزيرة، فما تفسيرك لحذف هذه الفقرة لما بث التلفزيون السوري المقابلة، أليس حنثا وتراجعا لئلا نسميه كذبا؟
لم يقتصر حذف الجمل المتعلقة بالكرد على وسائل إعلام السلطة، وإنما شمل أيضا الشيوعيين، حتى أن بعض الأعضاء الكرد من الحزب الشيوعي جناح يوسف فيصل امتنعوا عن توزيع جريدتهم في محافظة الجزيرة احتجاجا على حذف ما قاله الرئيس بصدد الكرد.
في الحقيقة هناك حاليا أزمة ثقة إزاء النظام ووعوده، النظام يدّعي الإصلاح والتطوير ومكافحة الفساد والقبول بالرأي الآخر وتحسين معيشة الشعب…لكنها تبقى حبرا على ورق.

تتحدثون عن إصلاح النظام وأثقال المعارضة السورية بقضها وقضيضها، لكن ما هي الخطوات العملية لتصلحوا من شأنكم وترميم بيتكم الكردي الداخلي، فهل أعدتم النظر بتراكيب الحركة الكردية وتلمستم سبل معالجة أزمتها الخانقة؟
بدأنا بإصلاح أنفسنا عندما أجرينا حوارات ودراسات مطوّلة حتى تمكناّ من عقد مؤتمرنا الثالث عام 2000، وشرعنا نلتزم بما اتفقنا عليه واكتسبنا الثقة لدى جماهير شعبنا، وعندما قمنا بمظاهرة البرلمان كنا لوحدنا، والآن نشترك في لجنة التنسيق مع آزادي وتيار المستقبل، وبرأيي كلما صعّدنا من نضالنا فسوف نستقطب المزيد من القوى الكردية إلى الساحة النضالية.

لم تتفق أطراف الحركة الكردية حتى الآن على تسمية 12 آذار هل هي أحداث شغب أم انتفاضة فكيف ستتفقون على برامج تطبيقية ذات مصداقية ويلتف حولها الشعب؟
العديد من الأحزاب متفقة على تسمية الانتفاضة، لكن الأهم هو أن جماهير الشعب العريضة هي التي انتفضت وهي تفتخر بتقديم الشهداء والتضحيات، ولاشك أن جماهير شعبنا وفية للمناضلين، ففي مدينة قامشلو يوم إعلان استشهاد الشيخ الخزنوي خرج قرابة 34 مليون إنسان خلف جنازته التي تحولت إلى تظاهرة غضب واستنكار.

هل يوجد خصومة خفية بين الشعب الكردي والحركة الكردية، وهل تتصالحون مع الشعب فيما لو تجاوزتم الأزمة، معتبرا بذلك أن انتفاضة آذار وحّدت الشعب بدون تدخل من القوى السياسية الكردية؟
انتفاضة آذار وحّدت الشعب والحركة معا، لقد كان للحركة الكردية دور هام في تحقيق الوحدة، عندما أصدرت بيانا بعد استشهاد مجموعة من الشباب حول ملعب قامشلو، دعت فيه إلى مسيرة حاشدة خلف جنازات الشهداء يوم 13 آذار 2004 ولبّت الجماهير النداء ثم امتدّت الانتفاضة لتشمل كل المناطق..ومع ذلك فهناك عتب جماهيري على الحركة، فهي تريد من الحركة أن تصعّد نضالها وتخلّصها من وطأة الظلم ومشاريع التمييز العنصري.

لماذا تحبّذون تسمية الحركة الكردية على المعارضة الكردية، وهل تعترضون على المعارضة، أم أنه في حال تصّدق عليكم النظام ببعض حقوقكم ستهادنونه على حساب باقي فئات الشعب السوري؟
الحقوق تؤخذ بالنضال، والنظام لا أمل فيه، وعلينا انتزاع حقوقنا بالوسائل الديمقراطية، حركتنا تعارض سياسات النظام، وقد حان الوقت لأن تستخدم الحركة الكردية عبارة (المعارضة).

الحركة الكوردية السورية في أزمة خانقة، وأنتم شاهد وشريك على ولادتها وتفاقمها، فهل لديكم تصوّر عملي براغماتي للخروج منها؟
القواسم المشتركة لأحزاب الحركة هي تعرّضنا جميعا للإقصاء والتهميش والاضطهاد، والنظام لا يستجيب لحقوق الكرد سواء شددوا في مطالبهم، أو استجدوها، ولا مخرج لنا من الواقع
الأكراد ممزقون وكل حزب انقسم لأحزاب، والخير لقدام، فما يحدث للكرد سببه قيادات الحركة الكردية أم الشعب الكردي، فماذا تقولون لمن شكّل حكومات كردية في المنفى أو من يصوغ دستور الإقليم مثلا؟
القيادات الكردية تتحمّل الجزء الرئيسي من أسباب الانقسام، وأعتقد أننا نعاني من أزمة التمسك بالكراسي والأبدية في الأمانة العامة للأحزاب، نحن بحاجة ماسة إلى الديمقراطية داخل تنظيماتنا.

هل لي أن استخلص بأنه لما جاءكم منصورة كان في الجزيرة عدد قليل من الأحزا ب وغادر تاركا لكم عشرات الأحزاب، فهل خدم القضية الكردية من حيث لا يدري؟
هذا الكلام قيل أيام انتفاضة آذار، فقد تسرّب إلينا، أن اللواء منصورة قال لمحافظ الحسكة الذي أمر بإطلاق النار على الكرد فثارت ثائرتهم: لقد تمكّنت خلال بقائي في الجزيرة من شقّ صفوف الحركة إلى عشرات الأحزاب، وأنت بتصرفك عملت على توحيدهم في يوم واحد.
أنا متفائل إزاء مستقبل قضيتنا، فمنذ عام 2002 وحتى الآن لم تنقطع احتجاجات شعبنا وسوف تتصاعد وتيرة النضال بغض النظر عن التعددية الحزبية المفرطة.

هل تستخدم السلطة الأكراد لضرب الأكراد بشكل من الأشكال في سوريا، وما دور “اليمين” ضد “اليسار”؟
تحاول السلطة باستمرار فعل هذا الشيء، لكن المفاهيم العالمية قد تغيرت والتركيز الآن على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وجواز التدخل العالمي ضد الأنظمة الاستبدادية، وبما أن الحرب الباردة قد مضت وانهارت المنظومة الاشتراكية، فقد مضت معها مسألة الانقسام بين اليمين واليسار، حاليا هناك تفاوت في المواقف بين التيار الجاد والتيار القليل الجدية(إن لم نقل المهادن).

ماذا حققتم من لقاء السيدة العطار مؤخرا مع الوفد الكردي؟
الوفد الكردي الذي قابل السيدة العطار: تألف من أحزاب الجبهة والتحالف الكرديين، ولم يحقق شيئا مطلقا.أما نحن في لجنة التنسيق الكردي فقد رفضنا اللقاء لعدم جدواه.

كيف تقرأ اصطفافات الحركة السياسية الكردية راهنا وما هي الآلية العملية لمعالجة الأزمة، وهل توجد بين ظهرانيكم ملكة النحل الكردية لتقوم بدور الرموز القيادية الموحّدة؟
هناك حاليا الهيئة العامة للجبهة والتحالف، ولجنة التنسيق الكردي، وقوى أخرى، وتوجد محاولات للالتقاء والحوار حول رؤية مشتركة لحل القضية الكردية، ثم بناء مرجعية، وآمل أن نتفق.

لماذا يصر الأكراد ويقسمون أنهم لا يريدون الانفصال وتأسيس دولة وكيف نصدقكم أنكم لا تريدون مساواتكم ببقية بني البشر؟
نريد أن نتمتع بحقوقنا كشعب مميز له خصوصيته، لكن ألا ترى أن دول الإتحاد الأوربي التي انقسمت بعد حروب مدمّرة، تعود الآن لإزالة الحدود وتجمعها المصالح المختلفة، المهم لنا حاليا هو أن نحكم أنفسنا بأنفسنا في إطار وحدة البلاد، وعندما يزول الغبن والظلم والتمييز نهائيا سوف تعود الثقة بين قوميات البلاد.

في مكاتب قادة منظمات حقوق الإنسان والأحزاب السياسية السورية يعلقون صور كل من صدام حسين، جمال عبد الناصر، الملا مصطفى البرزاني، كارل ماركس، سيف ومصحف فما هو شعار السيد حسن صالح؟
أنا لا أميل كثيرا إلى تعليق الصور، حيث ينبغي احترام الإنسان ككائن مقدّس مصان الكرامة، يتمتع بكافة حقوقه حسب الوثائق والقوانين الدولية، أما بشأن مصطفى البارزاني فهو مثال المناضل المخلص الصلب والوفي لشعبه، لذا فهو يحظى باحترام خاص لدى معظم الكرد.

ما تفسيرك لضعف مؤسسات المرأة السورية وعدم تعاطي المعارضة مع هذا الملف خصوصا شيوع الدعارة وتجارة الرقيق الأبيض المتفشية بإشراف الأجهزة المخابراتية في المدن السورية؟
مادامت وتيرة نضال المعارضة محدودة، فأن مفاسد النظام ستتفاقم، ولابد من القول بأنه إذا ظهر النور سيختفي الظلام.

صرّح السفير عماد مصطفى بأنه لن يبقى سجين رأي واحد في سورية، وتلاه مؤكدا وزير الداخلية، ولم يصدق في الميعاد، فهل تتوقعون إغلاقاً كاملاً لملف الاعتقال السياسي ومتى؟
النظام غير جاد في إنهاء ملف الاعتقال السياسي، لذلك ما أن يخلي سبيل البعض حتى يعتقل آخرين، لكي لا تتنفس المعارضة الصعداء، وآخر مثال على الاعتقال هو قيام مجموعة من الأمن العسكري بحلب، بمداهمة منزل أحد الكرد في حي الشيخ مقصود يوم 2912007 وكسر قفل الباب، واعتقال 12 شخصا من المؤيدين لخط حزبنا.

ينقل عن السفير السوري في جنيف قوله إن عقوبة الإعدام هي عقوبة مقرة شرعاً، فمتى كان القانون السوري يعتمد الشريعة، وما موقفك من عقوبة الإعدام في سوريا ومن تطبيق عقوبة الرجم والجلد للزاني وشارب الخمر وليس كل أهل سوريا مسلمين؟
أنا مع فصل الدين عن الدولة، والاحتكام للدساتير، وأنا مع الالتزام بالقيم والأخلاق لضمان الاستقرار والحفاظ على سلامة المجتمعات، أما عقوبة الإعدام فلست معها ولكن لابأس بتنفيذها في حالات خاصة جدا.

تكاد تجمع المعارضة على ترادف كلمتي الإصلاح والتغيير، واراهما متناقضتان لغة، فهل لهما اصطلاح يستوجب التوضيح؟
النظام غير قابل للإصلاح، بعد أن خبره الشعب منذ عقود، والمطلوب هو التغيير الشامل وإنشاء دستور جديد يلبي كافة الطموحات وينسجم مع متطلبات هذه المرحلة
برأيك ما حكاية مزارع شبعا ولما لم تقطع حكومة دمشق الشك باليقين وترسم الحدود بين البلدين؟
اعتقد أن عدم رسم الحدود يساهم في عرقلة جهود تطبيع العلاقات بين البلدين، كما يعطي لإسرائيل الذرائع لتأخير انسحابها من مزارع شبعا.

ما هو ثمن تراجع دمشق وخروجها من الحلف مع إيران الآن، وهل التراجع ممكن أصلا؟
برأيي لو تراجع النظام عن تحالفه مع إيران، فأنه سيرضي معظم الأنظمة العربية، التي باتت تشعر بخطورة المشاريع الإيرانية لاسيما مسألة نشر المذهب الشيعي وخلق صراع طائفي مدّمر ولامبرر له، ولا تلوح في الأفق حاليا أية ملامح لتراجع النظام.

دائما كانت الإدانة لسوريا في كل صغيرة وكبيرة في لبنان، لكن سوريا خرجت واستمرت الاغتيالات السياسية، فمن يحرك البيادق يا ترى؟
للنظام نفوذ كبير في لبنان رغم انسحاب الجيش السوري، أما من نفّذ الاغتيالات فلننتظر المحكمة الدولية.

تسابق الإيرانيون والسوريون لجني ثمار ما سمي نصر حزب الله في لبنان، فهل تسمي بعض منجزات هذا النصر وما نصيب الشعب اللبناني منه، وهل يختلف مفهوم النصر والتدمير والخراب من لغة لأخرى وماذا يعني النصر باللغة العربية ونظيره بالكردية؟
حزب الله لم يحقق أي نصر، وإنما تسبّب في إقدام إسرائيل على تدمير لبنان، مصيبتنا في العديد من الأنظمة العربية أنها تقلب الحقائق فتسمي الهزائم انتصارات، وتنتهك أبسط مبادىء حقوق الإنسان، ثم تدّعي أنها الحامية للحقوق، وتبتلع كل الثروات وتدّعي أن هذه الثروات في أيدي أمينة.

في الوقت الذي قاطع العالم سوريا تم توقيع عشرين معاهدة سورية-سودانية، ومثلها مع إيران والشيشان وبعض دول أمريكا اللاتينية، أليست حنكة سياسية من القيادة السورية لفك العزلة؟
هذه ليست حنكة وليست لصالح الشعب، فمصلحة الشعب توطيد العلاقات مع جميع دول العالم، النظام يعاني من عزلة دولية ومن عزلة داخلية.

ما رأيك بإمكانية تطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وهل ينجح في الوسط الإسلامي والشرق التقليدي وما معوقاته؟
لامفرّ من التغيير الذي سوف يطال كل شيء، فتطور التكنولوجيا وانتشار العولمة لايمكن الوقوف في وجهها، ومشروع الشرق الأوسط الجديد قادم رغم العقبات، ومن بين مستلزمات تسريع تحقيقه إيجاد حلول جذرية للقضايا الساخنة، التي هي سبب معظم الحروب والنزاعات في المنطقة وفي المقدمة القضية الفلسطينية والقضية الكردية.وهذا سيساهم إلى حد كبير في سحب الذرائع لدى التيارات الإسلامية المتطرفة، كما أن على أصحاب مشروع الشرق الأوسط أن يلتزموا جديا بنشر الديمقراطية وثقافة حقوق الإنسان ومكافحة البطالة والفقر، ومراقبة الانتخابات.

أليس الخلافة الإسلامية أقرب تراثيا ومقبولة محليا كما وردت في فقرة تعريف جماعة الإخوان المسلمين: الإنسان المسلم، البيت المسلم، المجتمع أو الشعب المسلم: الحكومة الإسلامية، الدولة الإسلامية الواحدة، الدولة الإسلامية العالمية.

وهل هي الأخرى قابلة للتطبيق في زمن العولمة والديمقراطيات المختلفة؟
لا أكراه في الدين، وإذا أرادت التيارات الإسلامية خدمة الدين وترغيب الآخرين به، فعليها أن تتحلّى بقيم وأخلاق الإسلام بعيدا عن التكفير والترهيب، لقد مضى زمن فرض المعتقدات والآراء والأفكار بالقوة، فإنسان اليوم لايمكن حمله على شيء ما، سوى بالإقناع والسلوك الحسن.

ما موقفك من الدعوة لقيام خلافة إسلامية جديدة تطبّق الشرع على الأرض الإسلامية كما كانت في عهد الأمير الكردي صلاح الدين؟ وهل تعتقدون إن الإسلام السياسي يفضي لنظام جديد يتم فيه جباية الجزية من أهل الكتاب ويفتك بأتباع الطوائف ويعدم الملاحدة؟
أرى من الضروري فتح باب الاجتهاد في الإسلام من جديد بعد أن مضت قرون على وفاة علماء المسلمين المجتهدين، يجب فتح حوار طويل بين خيرة العلماء، وإعادة قراءة مضامين مصادر الشريعة، ليفهمها الناس في عصرنا.

إن صدق ما نسب للإدارة الأمريكية أنها حزمت أمرها وحددت موعدا لرحيل العلويين من العاصمة والمدن السورية الكبرى، وبما أنّ الأكراد من الطائفة السنيّة، فكيف ترى مصير أتباع الأديان والطوائف السورية الأقلّ عددا كالدروز والإسماعيلية والمرشدية واليهود والإيزيدية وغيرهم؟
نحن نناضل من أجل أن تصبح سوريا لجميع السوريين على اختلاف انتماءاتهم، وأن يضمن الدستور العصري الجديد حقوق الجميع، وإذا كان النظام قد طبّق على الكرد مشاريع ظالمة وخلق عوامل طاردة لهم وتسبّب في تشتتهم في أحياء الفقر حول دمشق وفي أوربا وغيرها، فأننا نرفض الإساءة إلى أحد، وكل مبتغانا هو بناء نظام ديمقراطي تعددي يحقق للجميع الأمان والكرامة وعلى قدم المساواة.

ترددت في الآونة الأخيرة لهجة النزوع للقوة على ألسنة مسؤولين سوريين، فما هي جاهزية الجيش السوري للقتال؟.
إن الفساد والرشوة ومحاربة قيم الحق والخير هي السائدة، ونحن نعلم بأن هذا الواقع المؤلم، يعرقل إلى حد كبير جهود الجاهزية القتالية.

سوريا لا تحارب إسرائيل ولا تصالحها ولكننا دولة مواجهة وأحكام طواريء منذ نصف قرن، إسرائيل تحاربنا بالديمقراطية لشعبها ونحن نحارب بجيش من العبيد، فهل حمى سبارتاكيوس روما؟
الديمقراطية الحقيقية والأ لتزام باللائحة العالمية لحقوق الإنسان، هما من مستلزمات التخلص من كافة الأمراض ومجابهة كافة الأخطار.

ما هو شكل التعايش المتجاور والسلمي مع إسرائيل وما هي آلية استرداد الجولان برأيك؟
الحرية والديمقراطية والتفرّغ للبناء والنهل من العلوم الحديثة، والتداول السلمي للسلطة، كفيلة باسترداد الحقوق.

ربما كانت المعارضة السورية أصغر بكثير – كما يبدو- من حجم المهام المطروحة والتحديات أمامها، وهي لا تملك برنامجا إصلاحيا ولا تجمعها مؤسسة أو تحالف عريض وهي لم تتمكن بعد من تأسيس نفسها، فما ملامح التغيير في سوريا،  وما هي الآلية، كيف ومن وبمن يتم التغيير؟
الأساس في توفير مستلزمات التغيير، يكمن في الصدق والإخلاص والجدية في العمل النضالي والاستعداد الفعلي للتضحية بالإضافة إلى الجرأة، وبذلك تترسّخ ثقة الشعب بالطليعة المعارضة، وتجربتنا في حزب يكيتي خير مثال، فقد استطعنا أكتساب عمق جماهيري خلال أربع سنوات، وحبّذا لو تفعل بقية قوى المعارضة السورية مثلنا، لنصبح معا قوة نضالية فاعلة وقادرة على إنجاز المهام المنتظرة.

عوّلت أطياف من المعارضة السورية كثيراً على تقرير براميرتز ليسقط النظام، كما مضت المدة التي حددها السيد عبد الحليم خدام دون حدوث هزات في النظام، كما مرّت المدة التي حددتها “أمريكا” للعلويين بسلام ولم يغادروا للأرياف والجبال، وأمريكا تنحو للحوار مع النظام، فهل زالت غيمة خطر تكرار السيناريو العراقي في سوريا؟
الضغوط لن تنتهي على النظام، وقد تؤدّي إلى انهياره، ولا مخرج إلا بالأعتراف بالأخطاء والكفّ عن السياسات الفاشلة، وإفساح المجال لممثلي كافة مكوّنات المجتمع ليشاركوا في صنع القرار، والتأسيس لمجتمع مدني ووضع حد لهيمنة الأجهزة الأمنية.

برأيك ما هو المطلوب من سوريا كسلطة ومعارضة لإحداث التغيير دون إرهاصات تتبعها خسائر كارثية؟
المعارضة السورية مسالمة، وتنبذ العنف وتؤمن بالحوار، وتبقى الكرة في ملعب النظام، فإذا أراد النظام تجنّب الكوارث، عليه الأستجابة لإرادة الشعب وأخذ العبرة من مصير الأنظمة الاستبدادية التي رفضت التغيير واستمّرت في ممارسة القمع.

كيف للمعارضة الهرمة أن تتطوّر في ظل تفشي ظاهرة الحرس القديم وعدم القدرة على ضخ دماء فتية وتفشي الشيخوخة، حتى الأخوان جددوا للأستاذ البيانوني.

فهل هذه نقطة تشابه بين المعارضة والنظام، ألا ترى إن المعارضة والنظام يتناسخان؟
معك حق في هذا وأنت على صواب، لكن الحالة لن تبقى هكذا، فملامح التغيير بادية على المستوى العالمي ولن يستطيع أحد منع ذلك.

لو استعرضنا الحراك المدني المعارض في سوريا خلال السنوات القليلة الماضية، لما وجدنا نقاط ملموسة سوى إعلان دمشق وجبهة الخلاص، الذين ولدا بعسر، فما مدى إمكانية أن يتمّ تغيير ديمقراطي بأدوات قديمة أو دخول السباق بخيول هرمة؟
إعلان دمشق وجبهة الخلاص، وبروز المعارضة الكردية بالإضافة إلى الأحتقان المتزايد بين صفوف جماهير الشعب المكتوية بنيران الفقر والحاجة والإجحاف، كلها دلائل على أننا أمام حالة جديدة، ستتفاقم تدريجيا.

لو حكمنا على ظاهر المعارضة السورية في الخارج يكاد يقتصر نشاطها على المناسبات ممثلا بنشاطاتها الموسمية، والقيام بالرحلات والسياحة السياسية والإقامة بفنادق خمس نجوم وعقد مؤتمرات الحواريين والمصطفين، وتلميع الحقائب الوزارية الموعودة، وهناك حزب الشخص الواحد وحزب الأسرة وحزب الأصدقاء.

فلماذا يغضبكم قول النظام بأن المعارضة غير قادرة على إدارة مدرسة ابتدائية؟
هذه النشاطات في الخارج امتداد للمعارضة الداخلية، وأن تفاوتت المواقف الظاهرية، حيث أن أجواء الأمان والحرية في الخارج تسهل قول الحقيقة بوضوح بعيدا عن الرقابة والخوف.

زعمت المعارضة أن النظام يتساقط كأوراق الخريف، وبعد السيد خدام يستعد الضابط كنعان للإنشقاق عن النظام، فلماذا لم يخرج أحد حتى الآن؟
لاشك أن تفاقم الفساد، واستمرار القمع، وتجاهل حقوق جماهير الشعب، والعزلة المحيطة بالنظام سوف تدفع بالكثيرين إلى الخروج من مركبة النظام التي تنتظر مصيرا محفوفا بالمخاطر.

يكاد السيد عبد الحليم خدام ينكر أنه كان جزءا من نظام الفساد السوري، وتاب توبة نصوحا وتحالف مع خصوم الأمس، فإلى أي مدى توافقونه بتبنيه الديمقراطية التي كان يعارضها بالأمس؟
نعم انه كان جزءا من النظام ويتحمل جزءا من المسؤولية في السابق، ولكن هناك مثل في الكردية معناه:
(ابتعد عن الحائط الآيل إلى الانهيار).وهذا ما فعله السيد خدام، ثم أن مصلحة الشعب السوري تقتضي تضافر كل الجهود من أجل إنجاز التغيير وليس من الحكمة أن نفكر بالانتقام أو المحاسبة حاليا، بل نترك ذلك للنظام الديمقراطي الدستوري المرتقب.

تنادي المعارضة بالحوار السلمي والنظام يتعامل معها بالعنف، فما الوسيلة المثلى ليسمع النظام الصوت الداخلي المسالم كما يرضخ للصوت الأوامري الخارجي ؟
إن تفاهم المعارضة حول كافة المسائل وتوحّدها وتكثيف نشاطها الجماهيري الحضاري، كفيل بإنجاز التغيير.

هل قاطعتم جبهة الخلاص وهي الأكثر قربا من الملف الكردي قياسا على إعلان دمشق بسبب وجود السيد صلاح بدر الدين في قيادتها؟
نحن لا نرضى بعبارات مبهمة أو تحتمل التأويلات بشأن القضية الكردية، فأية جهة معارضة حتى تكسب أطراف لجنة التنسيق الكردي وغيرها، عليها إعلان الموقف بحيث يتضمن) :سوريا دولة متعددة القوميات والطوائف والأديان، تتكوّن من قوميتين رئيسيتين العربية والكردية، ويجب أن يتضمن الدستور الجديد الحقوق القومية للشعب الكردي من حيث المشاركة في الحكومة المركزية والبرلمان حسب نسبته العددية، وتكون إدارة مناطقه التاريخية بيد أبنائه مع الحفاظ على حقوق المكوّنات الأخرى التي تعيش بجانبه، مع الإشارة إلى إلغاء كافة المشاريع العنصرية كالتجريد من الجنسية والحزام العربي الأستيطاني والتعريب.)
النظام في سوريا يتعرض لضغوط متسارعة ومتزايدة، إلا أنها تضاءلت مؤخرا فهل تتوقعون زيادة للقمع داخليا بحجة النيل من هيبة الدولة وإشاعة الجزأرة والعرقنة والأفغنة في سوريا، وهل لك أن تشرح معنى هذه الاشتقاقات ومن أين أتت ؟
النظام دوما يلوّح بأنه إذا حدثت الفوضى وتعرّض للأنهيار فأن حربا داخلية قد تقع، وهو يسّرب هذه الإشاعات لكي يدخل الخوف والتردد إلى نفوس قوى المعارضة وجماهير الشعب، لكنني أعتقد أن مكونات المجتمع السوري تتعايش بسلام وتنبذ العنف وتؤمن بالحوار والحلول السلمية، وترفض الاقتتال الداخلي المدمّر، وسوف يثمر هذا التوجه السلمي الحضاري، أما إذا ازداد قمع النظام فأنّ المقاومة الديمقراطية ستزداد أيضا.

يرى بعضهم أن خروج السيد خدام أضعف المعارضة، وماذا سيفعل لو بقي في سوريا، فكيف ترى السيد عبد الحليم خدام الذي كان نائبا لرئيس الجمهورية لعقود، أي كان زعيم في الاستبداد والآن زعيما في المعارضة، وهل يمكن أن تكون نبيا في الجاهلية والإسلام، وما هي إمكانية العودة عكسا لدى المعارضين؟
خروجه قد يكون أفضل، لأنه لو بقي وجاهر برأيه لتعرّض لمخاطر شديدة، على كل حال الرجوع إلى المعارضة ولو كانت متأخرة أفضل من عدمها، وأنا أرى أن من واجبه تقديم الأعتذار لضحايا الاستبداد في مرحلة حكمه، فالأعتراف بالأخطاء فضيلة وتخلق الثقة لدى الآخرين.

الانقلاب أو الانشقاق يتم بين شيئين متقاربين كما ونوعا، فهل ترى السيد خدام يعادل النظام بعدده وعدته وجماهيره، أما من الناحية القانونية فيعتبر الشخص الثاني في النظام، فهل ننتظر تحقيق وعوده بالتحرير الثاني من الاحتلال الداخلي؟
نحن الكرد بعيدون عن أوساط النظام وحزب البعث، فليس لنا مشاركة في السلطة، ولذلك لا نعلم حقيقة وزن وأنصار السيد خدام، لاسيما وأننا لا نلمس في الداخل أيّة تحركات أو نشاطات أو حتى وجود لهؤلاء.وإذا كانوا موجودين فلا شك أنّ القمع الشديد هو السبب وراء عدم ظهورهم.

لماذا لم تقبل كل أطياف المعارضة السيد خدام بمثابة ملكة النحل موحّدا، وبعد التحرير يحاسب إن كان مذنبا؟
هذا غير جائز، لاسيما وأنه خرج ولم يتجرّأ على المجابهة العلنية داخل الوطن.على كل: كل الدروب تؤدي إلى الطاحون فكل قوى المعارضة تتجه نحو هدف الديمقراطية والتغيير ولكل دوره وأهميته.

الصراحة مكلفة، لكن هل لك أن تضع النقاط على الحروف وتسمي نجاحا سوريا وليس حزبيا لأي طرف معارض في زحزحة النظام قيد أنملة عن مواقعه، وهل ترى برنامجا سوريا ليس حزبيا لدى أي طرف من المعارضة؟
هذا لم يحدث من الناحية الميكانيكية، لكن من الناحية المعنوية فقد جرى كسر حاجز الخوف إلى حدّ لا بأس به، والمعارضون يبدون مواقفهم ليل- نهار، والنظام مصاب بالقلق والخوف، لذلك فأنه يغدق الوعود المختلفة ويمارس المناورات، إزاء ما يتعرّض لها من ضغوط محيطة، ونحن بحاجة إلى مزيد من الجرأة والنقد والعلنية وتعزيز الثقة والحوار الصادق، وثم الاتفاق على برنامج يلتقي عليه الجميع.

ما فائدة تشكيل حكومة/ات مؤقتة ولا أحد يتبنّى إسقاط السلطة ويقتصر النشاط المعارض على ترميم النظام، وأمريكا تسعى لتغيير سلوكه فقط؟
لست مع تشكيل حكومات مؤقتة في المنافي، على المعارضة أن تكون واقعية وميدانية، المهم هو التحّرك بين جماهير الشعب التي تعاني من وطأة الفساد والحرمان، المهم هو النشاط الاحتجاجي بشكل يومي ودون توقف وعدم الخشية من الملاحقات والاعتقالات، فالتضحية ضرورية ومادمنا ديمقراطيين ومسالمين، فلن تكون هناك مخاطر كبيرة نتيجة ممارسة النضال.

تنفون دور العامل الخارجي في عملية التغير ويبدو أنه تبخّر وسقطت هذه الورقة التي راهن عليها كثر والغرب يحاور النظام، وتحاولون تغيير النظام من الداخل بشكل ديمقراطي.

فما هي الوسيلة أو الآليات التي تستخدمونها لتغيير النظام أو إصلاحه من الداخل، وهل يمكن أن يصلح نفسه بالصلوات والدعاء؟
حوار الغرب مع النظام محدود جدا.أما النضال من أجل التغيير من داخل الوطن فهو العامل الحاسم والأفضل، والحديث النبوي يقول: أعقلها وتوكّل، فعلى المعارضة أن تكثّف النضال الجاد، حينذاك فأن صيحاتها ودعاءها سيلقى الأستجابة من جموع الشعب.

يد الله مع الجماعة
مازالت المعارضة نخبوية ولا تملك قاعدة شعبية وعجزت عن استقطاب الشارع ومتناقضة فيما بينها وتفتقر لوجود برامج حقيقية قابلة للتطبيق.

فكيف لها أن تقارع نظاما تخدمه أقلام متخصصة وأجهزة مختلفة، فما الوسيلة برأيك لتكون المعارضة ذات قاعدة شعبية في الشارع السوري؟
على المعارضة أن تحظى بثقة الشعب وتجهر بقول الحق، ولاتنكفىء على نفسها أثر كل ملاحقة أو اعتقال، عليها تكرار الخروج إلى الشارع، والأحتجاج اليومي على مظاهر الفساد وهضم الحقوق.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…