12 آذار رسالة صارخة الى النظام السوري

هوشنك درويش

ان انتفاضة شعبنا الكردي في كردستان سوريا , لا شك لها دلالات عميقة وايماءات واضحة وصارخة , وهي في فحواها رسالة فاقعة الى النظام السوري وبشكل مباشر وغير مباشر الى الحركة السياسية الكردية في كردستان سوريا.

وأعتقد ان هذي الانتفاضة قلبت الكثير من موازين القوى في رؤى النظام السوري , وكلنا تابعنا التصريحات السورية الرسمية من خلال الفضائيات والدالة على ان التراجع في الخطاب الاعلامي السوري على الاقل يبدو جليا .

ان انتفاضة 12 آذار المباركة حققت على المستوى الداخلي والخارجي انتصارات حقيقية , بل وأراها انجازات عظيمة , لانها وسعت وعمقت من البعد السياسي والاعلامي للقضية الكردية في كردستان سوريا , واستطاعت ان تجذب الاضواء وان كانت خافة نسبيا , ومن كانوا يراهنون على ان الكرد سيبقون في سباتهم نتيجة سياسة التخدير أعتقد ان الاجابة وصلتهم بطريقة لم يتوقعوها.

فالبركان الكردي الغاضب حطم حاجز الخوف بينه وبين السلطة , وأجبر دعاة الفكر المتزمت على الرضوخ امام الصرخة الواحدة والمدوية في قامشلو , عامودا , سري كانية , درباسية , ديريك , عفرين , كوبانية.

ولو ان النظام السوري لم يكن يحسب حسابا لهذه الهبة الكردية , لما حشد تلك القوات العسكرية في المدن الكردية , ولما وزع الاسلحة على مليشيات حزب البعث وبعض العشائر العربية , وكثف من المداهمات والاعتقالات الليلية والتعذيب حتى الموت.

ان هذا القلق من قبل النظام والهلع الذي كان يرافق تحركات الوفود المتدفقة من العاصمة السورية الى المناطق الكردية , يعني الكثير لو نظرنا اليها من الزاوية الصحيحة , بمعنى ان المعادلة انقلبت والنظام امسى يرتعد خوفا من الشعب.

في الواقع ان الشعب الكردي في كردستان سوريا وضع حتى الحركة السياسية الكردية في لحظة مصيرية , بل هو الامتحان للحركة.

وأعتقد ان القيادة السياسية تعلمت الكثير من الدروس والعبر من انتفاضة 12 آذار , وأيقنت بضرورة التعامل مع واقع سياسي جديد لا يقبل المساومة والمهادنة مع النظام , بحجة ان الظروف بحقيقة مشرقة الا وهي الحركة السياسية الكردية التي لا تمثل مطالب ومصالح وطموحات القاعدة الجماهيرية ستكون مرفوضة حتما من قبل الشارع الكردي.

ونستطيع القول ان انتفاضة 12 آذار فعلت فعلها في مسار هذه الحركة, ووضعت العقل السياسي الكردي امام مواجهة حقيقية مع النظام السوري , وكذلك ثمة وثبة جبارة وثبتها الجماهير الكردية في كردستان سوريا , واجزم بان الكثيرين من المراقبين السياسيين تعجبوا لهذه الوثبة التي اختزلت المسافات والفواصل بين الشعب والمدن الكردية , واثبتت بانه لا تشرذم ولا تفرقة عندما يحاول النظام النيل من كرامة شعب يفتخر بتاريخه وحضارته وهويته القومية وثقافته ولغته.

ان انتفاضة 12 آذار تحمل في طواياها صفحات زاهية , تضاف الى سجل شعبنا في كردستان سوريا الحافل بالمواقف والنضال المشرف ضد كل السياسات الهادفة الى تعريب المدن والقرى الكردية ومصادرة الحريات واللغة والثقافة الكردية , وستبقى انتفاضة 12 آذار الشعلة الوهاجة في فضاء كردستان سوريا , وأنشودة نعناعية على شفاه اطفالنا وشمس الامهات المناضلات , وقصيدة الشهيد والشاعر الاكبر هو الشهيد.

 

ان مصافحتنا لذكرى انتفاضة شعبنا في كردستان سوري , تعني مصافحتنا لعهد كردي جديد وانطلاقة رؤيوية شعبية جديدة.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…