نوروز والمنغسات..؟!.

 

روني علي

   مذ أن وعينا ذاتنا، وكان هاجسنا أن نتحسس المكبوت فينا، كي نضع حداً لصرخات الاستغاثة، وندفع العربة إلى حيث سكتها، كانت ( النوروز ) ملجأنا وملاذنا، بها نستعيد ذاكرتنا، وعبرها نتلمس خواصرنا وما أصابتها من ترهلات، بحكم الآليات التي نتكئ عليها والتي تأتي – ودائماً – على أسس، لا تواكب فيها القول مع الفعل، والادعاء مع الممارسة، وإن كنا نحاول أن نمد – وعبر البعد المعرفي – جسور التواصل فيما بينهما، حتى تكتمل اللوحة بجمالها ورونقها ..

  وفي كل عام، ومع قدوم ( النوروز )، نحن على موعد مع الجديد من المنغسات، التي تلاحف نسماتها، بسمات الفرحة التي تشق طريقها، كي ترتسم على شفاه براعمنا، وهي على موعد مع احتضان الطبيعة عبر أهازيج الفرح ونشوة الانتصارات، لأن هناك ما هو منتظر من سلوكيات وممارسات، لا تحلو لها رؤية الآخر وهو يداعب ألوان الطيف وشقائق النعمان، ولا نفهم منها سوى أنها ملامح الصبينة وهي تمارس السياسة، إذا ما أخذنا الأمور على بساطتها، وإلا لكان لنا القول بأنها لا تشكل سوى إصرار على النخر في المشاعر وتمزيق في الأواصر، وهي تصارع المواقف حين يكون الإصرار على الأنا الحزبي، والسباق أو التسابق من أجل كسب المزيد من الدقائق على خشبات المسارح ضمن الحاضن ( النوروزي ) الذي هو ملك الكل قبل الشخص والفئة والحزب ..

وفي كل عام، وعلى مرمى حجر من آلة القمع والترهيب، وبجوار أضرحة الشهداء، والدم الذي لم يزل يبحث عن الوفاء، من خلال التمسك بقيم النضال ووحدة الصف، نكون في حالة شد ومد، وضمن حسابات أو تصفية حسابات، متناسين الكم الهائل من المشاريع وأشباه المشاريع، التي نتباها بها وندعوا من خلالها إلى شد الوثاق كي لا ينفرط العقد بين صفوف العائلة، دون أن نستدرك بأننا نحن الذين نحتاج إلى من يجمعنا أو يشتت من أوهامنا التي نكون أسرى لها ونحن نبحث عن حزبيتنا الفاقعة..
فكم هو مؤسف، وبحكم المآل الذي نحن فيه، وإدارة التوازنات الحزبية عبر إدارة الأزمة، أن ننحدر إلى هذا الدرك من الكتابة، وكم هو مخجل أن نحشر بأنوفنا في هكذا مسائل، نترفع عنها، بحكم احترامنا لما نعتبرها رسالتنا في أدائنا وكينونتنا، وكم هو حزين أن نحمل المستقل تبعات انكساراتنا، حين يشاركنا البحث عن آليات التوحد بدل التشتت والتشرذم على حساب مشاعر البسطاء من بني جلدتنا..

ولكن وأمام هكذا مواقف؛ نكون على موعد معها سنة تلو الأخرى، نجد أنفسنا مضطرين للخوض فيها، كوننا نلمس أن من يقف وراء مثل هذه المواقف، يحاول أن يدفع إلينا برسالته على أنه يستخف بماهيتنا من حيث القدرة على فك الطلاسم وحل الألغاز وقراءة ما هو خلف السطور ..

فما حصل ويتكرر إعادة إنتاجه، عبر حالات التناحر والتصارع على، ومن أجل النوروز، وحتى لا نكيل الأمور بموازين لسنا في وارد الالتجاء إليها، يدفعنا إلى أن نقول قولاً واحداً؛  كفى التلاعب بالمشاعر والعبث برسالة ( النوروز ) سنة تلو الأخرى، وتحت يافطات ومسميات مختلفة ومختلقة ..

فكل عام والجميع بألف خير ..

ودمتم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…