نارين عمر
الأعوام كالبشر تخضعُ لقوانين التغيّر والتطوّر قلباً وقالباً وتعيشُ المراحل التي تتقولبُ فيها شاءت أم أبتْ فكلّ عام راحل يدوّنُ كلّ ما التقطته تلافيف ذاكرته وحواسه من وقائع وأحداث سعيدة كانت أم تعيسة ليسلمَ مفتاح الاستمرارية للعام الذي يليه لذلك نجدُ التوافق والانسجام واضحاً بين الأعوام وإن وجد بعض الخلل الذي قد يشوبهما في بعض الأحيان فيتنبّأ العام الجديد بما يُفترض قيامه خلال تعايشه مع البشر طبقاً للمصادر والوثائق التي تسلمها من سلفه الرّاحل فلا غرابة إن ألفناه يستبقُ الأحداث ويتنبّأ بها انطلاقاً من رغبة جامحة لديه أن يتحقق منها ما هو متآلفٌ مع مشاعر البشر ورغباتهم الأكيدة إدراكاُ منه بأنّهم سيودعونه إمّا بآيات الشّكر والعرفان أو بسيول العتب واللوم.
إذا ما تأمّلنا بدقةٍ مراسم الذهاب والإياب بين العامين اللذين تعانقا بصدق وودّ /2006-2007 / سوف نتلمّسُ في هذه المراسيم خصوصية قلما ألفناها في الأعوام السّابقة من خلال مشاركة معظم الملل والطوائف الأديان بهذه الاحتفالية النادرة / الايزيديون واليهود والمسيحيون والمسلمون…/ باختلاف مللهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم.
ألا نستطيع أن نؤكد على أنّ هذا الأمر السّار يعدّ دعوة صادقة من العام الجديد أن تتوحّد هذه كلها أي /الأديان والملل/ على المحبّة و الإلفة فيما بينها, ونبذ العنف والعداء واستئصال جذورهما من كلّ نبض فيهم يتدفق بهما ألا تعتبر هذه الدّعوة نبوءة على أنّ سلام البشرية والكائنات كلها يكمنُ في إرادة البشر وحسن نواياهم تجاه بعضهم البعض؟؟ ومعلوم أنّ السّلام هو المفتاح السّحريّ لكلّ العقد الاخطبوطية التي تحاول خنق البشر وتعيق عملية تلاقيهم وتواصلهم على الود والخير.
الأعياد تلاقتْ وتآلفت وتواعدت على طيّ صفحات الأحقاد والضغائن, فهل سنسعى نحن البشر للسّير على منوالها ونبذل كلّ جهودنا لنعمّم الخير والوئام على هذا الكون الذي خُلِقَ من أجلنا نحن البشر؟! وهل سندعم روح الحياة التي جُبِلتْ من أنفاسنا بنفثات الصّفاء والصّدق والرّحمة ؟؟!!
كلّ عام …كلّ يوم…كلّ لحظةٍ ونلتقي على الحبّ والأمل واالتفاهم.