كردستان العراق خط كردي أحمر

خالد كمال أحمد

إن الشعب الكردي مثل كافة شعوب العالم له الحق أن يعيش على أرضه التاريخية حر كريماً يتمتع بكافة حقوقه المستمدة من تاريخ موغل في القدم وبما يحمله هذا التاريخ الطويل من صفات وخصائص قومية خاصة بهذا الشعب ناهيك عن المساحة الجغرافية الكبيرة لأرضه التاريخية (كردستان) والعشرات من الملايين من تعداد أبنائه الذين ينطقون باللغة الكردية المتعددة اللهجات ؛ لكن التاريخ لم ينصف هذا الشعب أبداً فكان دوماً ضحية المؤامرات والتي كانت بنتيجتها النهائية تقسيم أرضه التاريخية على عدة أجزاء وضمّها بدون استفتاء ساكنيها إلى دول حدودها الحالية مصطنعة وباعتراف هذه الدول – والتي ما انفكت تعلن عن ذلك في أدبياتها التاريخية وتدرس في مناهجها المدرسية – .

إن الظلم التاريخي الكبير الذي لحق بالأمة الكردية ؛ كانت الدافع للقيام بالكثير من الثورات والانتفاضات والتي كانت تعبيراً عن توق هذا الشعب إلى الحرية والانعتاق ولكن المؤامرات والصفقات الدولية الخيانية وقفت دائماً في وجه طموحاته المشروعة وحقوقه المهدورة .
لقد أستمر حال الكورد على ذلك ولن نبالغ إن قلنا انه كان من أكثر الشعوب تضرراً من الحرب الباردة فكان ضحية القطبين معاً فجاء انهيار الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينيات من القرن الماضي وأصبح العالم يحكم من طرف قطب واحد وبقواعد لعبة جديدة وهنا وجد الشعب الكردي بارقة أمل ونور في أخر هذا النفق الطويل فكانت انتفاضة شعب كردستان العراق – والتي كانت أكثر الأجزاء نضوجاً وجاهزية –  والمدعومة من كافة أبناء أجزاء كردستان الأخرى وتحقق أول الحلم من خلال انتخابات وحكومة إقليمية كردستانية ولن نطيل في سرد المعيقات التي مرت بها هذه التجربة الفريدة فالتجربة الكردستانية العظيمة جعلت أحلام وأمنيات الأمة حقيقة واقعة وأعادت الأمل من جديد إلى نفوس الكورد بأنه سوف يأتي يوم وتتحقق الأمنية الكبرى ونعيش كأبناء أمة مظلومة عبر المئات من السنين على أرضنا التاريخية متمتعين بحرية كاملة وحقوق غير منقوصة .
ولكن المتآمرين والحاقدين التاريخيين على أبناء الشعب الكردي لم يستطيعوا التعايش مع هذه التجربة الرائدة فكما في الماضي بدئوا في عقد اللقاءات ونصب الفخاخ ولم ينجحوا هذه المرة وسقط الطاغية في بغداد ولكنهم لم يتوقفوا مرة أخرى فأرسلوا المخربين والعملاء وانتصرت إرادة التلاحم بين الشعب الكردستاني وقيادته المخلصة فعندها انبرى النظام التركي – صاحب الإرث التاريخي الطويل في ارتكاب المجازر وقمع الكورد – وبحجة حماية التركمان مرة ومحاربة حزب العمال الكردستاني مرة أخرى في التدخل في الشأن الداخلي للعراق بشكل عام وكردستان بشكل خاص وبدأ الساسة والقادة الترك بالتهديد والوعيد ولكنهم في أخر المطاف أعلنوا صراحة بأن الذي يحدث في كردستان العراق هو بداية إنشاء دولة مستقلة وإنهم مطلقاً لن يسمحوا بذلك لأن هذه الدولة تشكل خطراً على أمنهم القومي فبدلاً من الهروب من الحقيقة والواقع والاعتراف بشكل واضح بأن هناك مشكلة كردية في تركيا وإنها مطلقاً لن تحل بالعقلية العسكرية المبنية على الإخضاع قسراً فالشعب الكردي في كردستان الواقعة في حدود الدولة التركية الحالية ليس شعباً تركيا جبلياً ويجب البحث جدياً في الحلول المناسبة للمشكلة ؛ وللتهرب من الاستحقاق الكردي في تركيا وضع النظام التركي بشقيه المدني (الديني) والعسكري (الحاكم الفعلي) نصب عينيه تدمير التجربة الكردستانية في كردستان العراق المروية بدماء مئات الآلاف من الشهداء وهو بذلك يهدف إلى القضاء على الجزء المتحقق من الحلم التاريخي للكورد والذي لا يمكن السماح به فعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء هذه المرة وسوف يكون هدف الحفاظ على التجربة الكردستانية في كردستان العراق واجباً على كل كردي وفي كل مكان وهنا فقط يكون الشرف والانتماء الحقيقي على المحك بالنسبة للكورد فهذه ستكون معركة إما البقاء والخلاص وإما الموت والانتهاء الأبدي ؛ وهنا أتوجه بشكل خاص إلى أخوتنا في كردستان الشمالية ومن كافة الشرائح والانتماءات السياسية ؛ إن أي مساس بتجربة كردستان العراق هو قضاء كامل على إمكانية حصولكم ولو بشكل مجزأ على أي حقوق قومية مشروعة فالتاريخ أثبت بأنه ليس للكورد من ظهير سوى أبناء جلدتهم فالواجب القومي يحتم على أخوتنا في كردستان تركيا إشعار النظام التركي بأن الخط الدفاعي الأول لكردستان العراق هم أبناء كردستان الشمالية وكم يحز بالنفس إن يقوم رئيس الحزب المعارض في البرلمان التركي (دينيز بايكال) بالإعلان صراحة عن دعوته ومساندته للتدخل العسكري التركي ولا يقوم أي عضو في حزبه ،كردي الأصل والموطن في البرلمان أو خارجه بإعلان اعتراضه ناهيكم إن الواجب يحتم عليهم الخروج من هذا الحزب ونفس القول وبشكل أوسع نقوله إلى كل كردي منضوي تحت لواء الحزب الحاكم برلمانياً كان أو عضو عادي .
إن الأمة الكردية كافة وفي جميع أماكن تواجدها مدعوة في حال قيام النظام التركي بالبدء بتنفيذ تهديده بالتدخل في كردستان العراق؛ الوقوف الفعلي إلى جانب أبناء هذا الجزء العزيز من كردستان الكبرى فمصير الأمة جميعها في خطر وواجب الشرف الكردي والانتماء الحقيقي للأرض يحتم علينا إن نشعر النظام التركي بأنه كردستان (( كما عبر عن ذلك السيد الرئيس مسعود البارزاني في السابق )) ستكون مقبرة للغزاة الجدد ؛ ولأننا أصحاب حق مشروع ودعاة سلام فالنعلن ولنسمع النظام التركي وبالطرق السلمية الحضارية موقف الشعب الكردي كل في مكانه وبطريقته ؛ فلتتوحد ولو مرة واحدة هذه الأمة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…