نقطة نظام: طيور الظلام

ديـــار ســـليمان

الجـدل البيزنطـي الدائر الآن بين أكـثر من كاتبين حول (ذقـن) الحركـة الكوردية فيما اذا كان من المتوجب أن يكون حليقآ لكي نهنئها بكلمة ( نعيمآ)، أو مرسل اللحية لكي نستخرج من صندوق الحكاية النصيحة (الثمينة) التي كانت تقول: (من أراد أن تطول لحيته فليمشطها الى الأسفل)، هو في الحقيقة جـدل في الوقت (ما بعد) الضائع، و محاولة كل فـريق تسجيل نقاط في مرمـى الفريق الآخـر عبر اللجـوء الى ذكائه اللغـوي هي  نوع من العبث، فقـد غـادر المتفرجون أماكنهم، و اتخـذت الأحـداث المنحى التي اتخذته، بحيث أصبح من المستحيل التأثـير في مجـراها.

المـرتد و الثائر اللذان يديران ظهريهما للكتاب المقدس أو النظرية الثورية في هروبهما الى الأمام و خروجهما من (جنة) الالتزام الديني أو الثوري بعد أن تغلب الطموح على الصبر لديهما، هما وجهان لعملة واحدة، كليهما يخرج على سـنن عرف عنه التزامه بها، لكن أيآ منهما أعجـز ما يكون في هذا الزمن الذي يخلو من المعجزات، من  الصيد في ( ميـاه) الآخـر، و من التحكم في جيش (خفافيشه)، لكن كلاهما يبقى يحمل بذور الحنين الى الزمن الجميل، و لذلك يلجأ كل منهما من وقت الى آخر الى مستودع قنابله الصوتية لعل و عسى…
اذا الرسائل التي يحاول البعض بثها لتكبر ككرة الثلج، لا تبعث  نبيآ و لا تحـيي ثوريآ، بعد أن أعلن الأنبياء موتهم و أعلن الثوار هزيمتهم، و محاولة أحـياء النظريات الثورية و الرسائل الدينية هي الأخرى نوع من التحايل على الزمن، و ضرب لإرادة الإنسان كمحرك لعجلة الحـياة.
فـزمـن الشعوذة بكل اشكالها الثـورية أو الدينية قد ولى من دون رجعة، و السيوف لم تستعمل يومـآ في (تدبيب) رؤوس الأقـلام، بل في قطـع رؤوس حامليها، و عـودة القلم اليوم في وضع نفسه في خدمة السيف هو الكاريكاتور الأكثر مأساوية في كتاب المآسي الذي  يروي سيرتنا،هناك اليوم القانون الذي لا يعطي فرصة ثانية للمخطـئ بأعتباره أجتهد فاخطـأ ( فله أجر واحد)، و هناك كذلك الشعب الذي لا يعطي الفرصة ثانية لمـن فوتها، تحت عنوان (الأستفادة من أخـطاء الماضي).
 تبادل عبارات (العتاب) الساخنة بين ابن مكلوم و رجل هو في مقام الوالد بناء على أنبـاء (الفاسق)، كان كافيـآ لتوضيح ملابسات الأمر لكل ذي بصـيرة، أمـا أن يلجـأ البعض الى تبادل الردود و كأنهم كانوا قد خزونها لمثـل هذه المناسبات هو المحـزن في المسألة، اذ لا يكـاد يجف حبر أحـدها حتى نجـد الطرف الآخر قد ألقى بما في جعبته، و يا ليت هذا الأستئساد كان في اتجاهات أخـرى.
الحـل الأفضـل هو في اعـتبار كل مغـرد خارج سـربه حالـة فـردية، والنظـر اليه  من خـلال ما يقدمـه لنفسـه و شعبه أولآ، أمـا هذه المكاسـرة على صفحـات الأنترنت فيمكـن حلهـا خلال مكالمة بين طرفيها، حيث يمكنهما توضيح من قال و من لم يقل كذا، و سيوفر علينا ذلك بعضآ من الوقت الذي يمكننا استغلاله في مسائل أجدى، مع الأشارة الى الجميع قد قرأ التصريحات و توضيحاتها و تفسيراتها و بياناتها و فتاويها و رضعها (رضعة الكبير) أكـثر من خمـس رضعات صحيحات و الله على ما نقولـه شـهيد.

27.05.2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبداللطيف محمدأمين موسى إن جملة المستجدات المتسارعة على صعيد الحرب الإسرائيلية وحزب الله والمليشيات وكالة عن إيران ولاسيما اتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب اللبناني يضع المتتبع للتطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة امام جملة من التساؤلات من أهمها مدى السقف الزمني الممنوح لنتنياهو في تغير الشرق الأوسط, وعن الدور الإيراني في التوصل لهذا الاتفاق, وعن مدى توافر الظروف لصمود هذا…

سعيد عابد* في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني ألقى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي خطاباً أمام مجلس الخبراء، مؤكداً على الدور الحاسم الذي تلعبه هذه الهيئة في اختيار “المرشد المقبل”. وأعرب عن شكره لاستعدادهم، وحثهم على اليقظة في أداء هذا الواجب الذي وصفه بأنه ضروري لضمان استمرارية النظام ومنع انحرافه. ويعتبر المجلس، الذي أنشأه مؤسس النظام روح الله الخميني،…

صدرت للكاتب والباحث د. محمود عباس مؤخراً ثلاثة كتب جديدة، وبطباعة فاخرة، ضمن سلسلة مخطوطاته التي تتجاوز الأربعين كتابًا، متناولةً القضايا الكوردية من مختلف جوانبها: النضال السياسي، والمواجهة مع الإرهاب، والتمسك بالهوية الثقافية. تُعدّ هذه الإصدارات شهادة حيّة على مسيرة د. عباس، الذي يكتب منذ أكثر من ربع قرن بشكل شبه يومي، بثلاث لغات: العربية، الكردية، والإنجليزية. إصدارات الدكتور محمود…

اكرم حسين تستند الشعبوية في خطابها على المشاعر والعواطف الجماهيرية، بدلًا من العقلانية والتخطيط، حيث أصبحت ظاهرة منتشرة في الحالة الكردية السورية، وتتجلى في الخطاب السياسي الذي يفضل دغدغة المشاعر الجماهيرية واستخدام شعارات براقة، ووعود كاذبة بتحقيق طموحات غير واقعية، بدلاً من تقديم برامج عملية لحل المشكلات المستعصية التي تعاني منها المناطق الكردية. إن تفاقم الاوضاع الاقتصادية وانتشار الفقروالبطالة، يدفع…