حدث ما كان متوقعاً, يكيتي مثالاً

زيور العمر

هنالك أكثر من حزب كردي في سوريا , كان من الممكن الكتابة في شأنه , في الفترة القريبة الماضية , خاصة و أن شهر آذار بما له و ما عليه , قد مر , من دون أن يترك أي أثر في مسيرة العمل السياسي الكردي , و كل ذلك بفضل الأحزاب الكردية التي سعت و عملت على إفراغه من مضامينه النضالية و الإنسانية , ومع ذلك يمكن القول أن التغير الحاصل في حزب يكيتي الكردي في سوريا , إثر (إنتخاب) إسماعيل حمه , سكرتيراً للجنة المركزية , كان الحدث الأبرز, حزبوياً, في المشهد السياسي الكردي , خاصة و أن كاتب هذه السطر , حذر بعيد إنعقاد المؤتمر السادس للحزب , من محاولات الإجهاز على ما تبقى , من إرث يكيتي النضالي , و هو ما حدث أخيراً و كما كان متوقعاً.
فمن باب التذكير , قلنا بعيد المؤتمر السادس ليكيتي , في سلسلة مقالات متتالية, و خاصة عندما تبين حدوث أشياء و أمور غريبة , في المؤتمر و خلف كواليسه , و تطور الأحداث بشكل دراماتيكي , إثر إعتقال المجموعة القيادية التي يقودها حسن صالح , على خلفية القرارات التي أقره المؤتمر , مثل الحكم الذاتي و تغيير إسم الحزب الى الكردستاني , أن ثمة مخطط جرى الإعداد له , بمنتهى العناية و الدقة , بهدف إزاحة الشخصيات و المجموعات (المتطرفة) النشطة و الفاعلة في الحزب , بغية إتاحة الفرصة , للإتجاه اليميني السباتي في الحزب للسيطرة على كامل جسم و هيكل و مفاصل الحزب , من أجل إدماج و إحتواء الحزب , من جديد , في الخارطة الحزبوية الكردية , الضعيفة و المتهالكة.
فالإتجاه اليميني المسيطر في الحزب , سارع الزمن من أجل عقد كونفرانسات اللجان المنطقية و الفرعية , بهدف الإنتهاء من تشكيل اللجنة المركزية التي تقع على عاتق إجتماعها الأول , إنتخاب سكرتير جديد لها , لأن من بين شروط إتفاق الثلاثاء الذي أعقب المؤتمر , بين مجموعة حسن صالح و مجموعة فؤاد عليكو , أن يتبوأ الأول منصب السكرتاريا مقابل الحفاظ على وحدة الحزب.
و لأن أجهزة الأمن السورية كانت تراقب المؤتمر , و تتابع سير أعماله , و الدليل على ذلك , أنها قامت بمسح مكان إنعقاد المؤتمر , و أخذت مقاساته , و صورت تفاصيله الهندسية في اليوم التالي للمؤتمر, فإنها سرعان ما , ألقت القبض على حسن و مجموعته , من أجل حرمانه من منصب السكرتارية كما كان متفقاً عليه من جهة , و إعطاء المجال لعليكو , لترتيب البيت اليكيتي , بعد تنظيفه و تمشيطه من الجيوب  المتطرفة , و تمكينه من إنتخاب أحد رجاله المقربين (إسماعيل حمه) في منصب السكرتاريا من جهة أخرى.
فخلال الجولات و الصولات التي قام بها , السكرتير السابق فؤاد عليكو , على الأرياف و القرى , للحديث مع أعضاء الحزب و مؤازريه , عبر أغلبية هؤلاء (غالبيتهم من أنصار حسن صالح) عن عدم رضاهم , من عقد كونفرانسات الحزب في الوقت الحاضر , مفضلين الإنتظار , لمعرفة مصير رفاقهم المعتقلين من قيادة الحزب.

إلا أن أمام إصراره و إلحاحه , على عقدها و بأسرع وقت ممكن , لم يجد هؤلاء من سبيل سوى الإنسحاب , و الإستنكاف عن ممارسة الحياة التنظيمية.
ففي الأونة الأخيرة , سجل إنسحابات عديدة في صفوف يكيتي ,  كما رصدت تنقلات واضحة , في هيئات الحزب , بهدف إشغال الفراغات التي تجسدت في الهيكل التنظيمي للحزب , جراء الخروج المتزايد , من قبل أعضاءه , و كل ذلك بسبب حالة الغضب و الإستياء في أوساط الحزبيين و المؤازرين على السواء , و قناعة هؤلاء بأن الحزب الذي إستبشروا به خيراً , ما عاد ذلك الحزب, الذي كان يقود الحراك الديمقراطي الكردي , في إتجاه تشكيل جبهة شعبية عريضة , لمواجهة سياسات النظام و عدوانيته بحق الشعب الكردي في سوريا , خاصة و أن تلك السياسات سجلت في الآونة الأخيرة مستويات و درجات خطيرة من العدوانية.


لذلك كان مامؤلاً من أعضاء يكيتي أن يتنبهوا الى خطورة الموقف , و القيام بما هو واجب عليهم , من حيث العمل على حماية حزبهم و صيانته , و ذلك من خلال صد محاولات تفريغه و تهميش دوره في الحياة السياسية الكردية , إلا أنه يبدو أن الوقت قد فات , و أن المتوقع السئ و المؤذي , قد حدث بالفعل , و هو ما نأسف له , حالنا حال الشرفاء و الخيرين , في هذا الحزب.

15/04/2010

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

رياض علي* نظرا للظروف التاريخية التي تمر بها سوريا في الوقت الحالي، وانتهاء حالة الظلم والاستبداد والقهر التي عاشها السوريون طوال العقود الماضية، وبهدف الحد من الانتهاكات التي ارتكبت باسم القانون وبأقلام بعض المحاكم، وبهدف وضع نهاية لتلك الانتهاكات، يتوجب على الإدارة التي ستتصدر المشهد وبغض النظر عن التسمية، أن تتخذ العديد من الإجراءات المستعجلة، اليوم وليس غداً، خاصة وان…

ادريس عمر كما هو معروف أن الدبلوماسية هي فن إدارة العلاقات بين الدول أو الأطراف المختلفة من خلال الحوار والتفاوض لتحقيق المصالح المشتركة وحل النزاعات بشكل سلمي. المطلوب من الكورد دبلوماسيا في سوريا الجديدة بعد سقوط طاغية دمشق بشار الأسد هو العمل على تأمين حقوقهم القومية بذكاء سياسي واستراتيجية دبلوماسية مدروسة، تأخذ بعين الاعتبار الوضع الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى التوازنات…

نشرت بعض صفحات التواصل الاجتماعي وبعض المراسلين ، معلومات مغلوطة، بشأن موقف المجلس الوطني الكردي حول الحوار الكردي الكردي ، فإننا نؤكد الآتي : ١- ما ورد في المناشير المذكورة لا يمت للواقع بأي صلة ولا يعكس موقف المجلس الوطني الكردي . ٢- المجلس الوطني الكردي يعتبر بناء موقف كردي موحد خياراً استراتيجياً، ويعمل المجلس على تحقيق ذلك بما ينسجم…

إبراهيم اليوسف ليس خافياً أن سوريا ظلت تعيش، بسبب سياسات النظام، على صفيح ساخن من الاحتقان، ما ظل يهدد بانفجار اجتماعي واسع. هذا الاحتقان لم يولد مصادفة؛ بل كان نتيجة تراكمات طويلة من الظلم، القمع، وتهميش شرائح واسعة من المجتمع، إلى أن اشتعل أوار الثورة السورية التي عُوِّل عليها في إعادة سوريا إلى مسار التأسيس ما قبل جريمة الاستحواذ العنصري،…