وقفة متأنية على واقع الحركة الكردية في سوريا

عبد الرحمن آلوجي
 
لا شك أن مرور ما يزيد على نصف قرن من الزمان على ولادة أول تنظيم سياسي كردي يطرح تساؤلا مشروعا عن صيغة واضحة للمراجعة والتقييم في ظل الواقع الراهن للحركة الكردية وآفاقها , وما يراد منها, وما تريدها , وما لها وما عليها ؟!
والجدير بالذكر أن أي نقد موضوعي يوجه إلى الحركة في أدائها , وفي مستوى وسوية هذا الأداء , ومدى تفاعل قيادات الحركة مع ما تدعو إليه , ومدى اقترابها من برامجها المطروحة , وما تجده من عنت وتحديات , وما بين الواقع والطموح ,
إن أي نقد منصف وموضوعي حول تلك الممارسات والوقائع أمر مشروع ومفيد , وله أهميته في بيان الثغرات , وحجم ودرجة الأخطاء , وما يمكن تداركه وتلافيه , وما يلزم من عدة العمل , ولكن يبقى السؤال الهام , ما قيمة نقد يستهدف جذر الحركة بل وجودها برمته  ؟! بل ما قيمة نقد ينال قيادات الحركة في الصميم , بل ينعتها بالشلل والتصيد والتهالك المذل والخانع والمستميت على كراسي هشة ؟! , كما يصمها بالمتخلف والبائد من القيم القبلية والزعامية المهترئة والمتطفلة والمتهاوية إلى درك الانحطاط والشبحية الواهمة إن صح التعبير واستقام ؟؟!  
و من المثير للجدل أن كثيرا من الكتاب يقفون من الحركة الكوردية موقف سلبيا غارقا في الضبابية ممارسين أساليب من التيئيس , مما يتجافى مع المنطق الواقعي الذي يستوجب مراجعة متأنية , لسلبيات الحركة و إيجابياتها , فمهما قلنا و كررنا و رددنا حول الانشطارات و الانشقاقات المتعددة , و الترهل التنظيمي , و أساليب المهاترة و التشنيع , و كثير ممن صعد و تسلق و احتمى بنهج ذرائعي متهاوٍ و رقم وصولية زائفة , فإن هذا صحيح ولكن معالجة السلبيات المتضخمة و أمراض الحركة , و التواءاتها المعقدة, و العراقيل التي تحول دون معالجة الانكسار و التراجع , و العمل من أجل مرجعية فاعلة و جامعة , يستوجب تلك المراجعة , و يستلزم مزيدا من الصبر و الأناة , و جهدا كبيرا في محاصرة من يقف عائقا أمام أي لقاء وحدوي , بتعرية المواقف و الرؤى السلبية القاهرة و التي تشكل في مجملها مطعنا في صلب قناعات الخيريين و الكوادر المتقدمة في الحركة , و التي هي نتاج زمن طويل من التربية و الإعداد و الوعي الوطني و القومي , و الحراك السياسي بتجربته المتراكمة , و التي كان من ثمراتها هذا الكم الهائل من المثقفين و الكتاب و الشعراء و الفنانين و النخب التي تخرجت من مدرسة الحركة , على الرغم من كل الأخطاء و العثرات التي اعترضت مسيرة تطورها الصاعد إلى كثير من الارتكاس و الانكفاء و التراجع .

و لا يمكن لأي تحامل من قبيل ما يطرح من شبحية و هشاشة و تشنيع أن يقدم حلولا واقعية و ناجعة , كما لا يمكن لأية حملة تصعيدية أن تفلح في مد الحركة و قيادتها بمثل هذه الحلول ما لم تمتلك النية الصادقة , و الكلمة الحية , و العبارة الطلية , و الصدع بقول الحق بالتي هي أحسن , لا بما يطرح بأسلوب تشنجي تحاملي أقرب إلى القدح و السباب منه إلى النقد المتوزان الذي يحمل كثيرا من تحديد المواقف و المعطيات , و تشخيص العلل و تحديد الأسباب و بيان أسس أي لقاء تشاوري مرتقب من شأنه أن يقود إلى المرجعية الشاملة , و إشراك النخب و المثقفين و الوطنيين في القرار السياسي القائم على ثراء المرجعية , و مؤتمرها الوطني المرتقب و الذي يعد مطلبا حزبيا و جماهيريا كقوة وطنية يمكن أن تعالج أدواء الحركة , في منعطف تاريخي هو الأولى بأن نقف عليه , و نرصد له إمكاناتنا و طاقاتنا , بدلا من الخنوع لمادة إعلامية جاهزة للطعن و التشهير , و التحامل المقذع و المنفر , و الذي لا يأتي بغير الإعراض و التنكر , و كثير من تضيع الوقت , في عبثية الطرح و سقم أدائه .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…