قبل كل شيء أتوجه إلى سائر أبناء وبنات أمتنا الكوردية والإسلامية، في كل مكان في العالم بالتهنئة القلبية بقدوم عيد الفطر السعيد ، وأدعو الله لنا جميعاً بالوحدة والتلاقي والمحبة المتبادلة والتعاون على ما فيه خير لنا وللبشرية جمعاء.
كما أدعو الله أن ينجينا، مسلمين ونصارى ويهوداً وغيرهم، من الفتنة الكبرى التي ستندلع بحرق نسخ من المصحف الشريف في 11/9 في فلوريدا الأمريكية… على الرغم من صحة المقولة التي جعلناها عنواناً لمقالنا هذا، فلا يسعني هنا إلاّ أن أشكر السيدين تصر الدين ابراهيم والدكتور عبد الرحمن آلوجي لردّهما الجميل والايجابي على المبادرات المختلفة في سبيل توحيد فصائل حزب “البارتي” المنشقة على نفسها، والأمل معقود على الأخ الدكتورعبد الحكيم بشار، الذي نتوقّع منه أن يفرح قلوبنا نحن الكورد السوريين في أيام عيد الفطر السعيد هذه باجابة إيجابية أيضاً بصدد المشروع المطروح من قبل الأخ الكريم الأستاذ محمد سعيد آلوجي، ومناشدات سائر الإخوة الذين يعملون / والأخوات اللاتي يعملن في سبيل تحقيق وحدة البارتي…
أقول هنا، كما كتبته عنواناً للمقال: “توحيد البارتي ليس منّة أو هبة من أحد، وانما واجب حزبي يقع على عاتق كل البارتيين” الذين سيحاسبهم التاريخ مستقبلاً إن تركوا المياه آسنة في بحيرتهم، وإن تركوا المياه التي نحتاج إليها تجف وتنتهي، بل عليهم بالضرورة هدم المعازل والحواجز بين أجزاء البحيرة الكبيرة واعادتها إلى ذاتها الموحدة والمنتجة والمغرية لجميع أبناء وبنات شعبنا للمساهمة في تنظيفها وحماية سواحلها وتقوية روافدها لتصبح بحراً مفيداً للشعب الذي بدأ بابداعه قبل عقود من الزمن… وليس هذا مجرّد واجب حزبي يقع على عاتق البارتيين وانما هو مطلب شعبي كوردي عام أيضاً، والأحزاب تؤسس لخدمة مطالب شعوبها ولتحقيق تلك المطالب… وإلاّ فإنها ستفقد مكانها الريادي بين الشعب وستزول مثل كثير من تلك الأحزاب التي شهدتها الحياة السياسية فترة من الزمن ثم اختفت من الوجود…
لذلك، فإننا كأكراد مهتمين بقضية شعبنا الكوردي في غرب كوردستان، نتوجه إلى فخامة الرئيس مسعود البارزاني أن يقول كلمته بهذا الصدد لأن الخلاف الأساسي في مسار “البارتي” يتعلق، شئنا أم أبينا، بمسألة الشرعية التي يتشبث بها هذا الطرف أوذاك، والشرعية هنا هي مدى قبول واعتراف الرئاسة الكوردية بفصيل كوردي سوري أكثر من فصيل آخر… ولا يمكن لأحد أن يخفي هذا الأمر عن أعين القواعد الشعبية أو التنظيمية… ولقد لعب هذا الموضوع دوراً أساسياً في الانشقاق الذي حدث بعد انهيار الثورة الكوردية الكبرى (1961-1975) بقيادة البارزاني الخالد، ولايزال له تأثير مباشر في سائر حراك البارتي…
كنت قد طرحت قبل سنتين تقريباً أن يذهب من قيادة كل فصيل من فصائل البارتي عضوان للمكتب السياسي للقاء السيد الرئيس مسعود البارزاني، وبذلك يتم عقد اجتماع في نطاق ضيّق تناقش فيه المسائل الهامة والعوائق على طريق توحيد البارتي، ثم تتخذ القرارت التي على الجميع الالتزام بها في ذلك الاجتماع، ومن ثم تقوم لجان مكلّفة ومشتركة من قبل القيادات المنشقة لتعمل على تنفيذ تلك القرارات وعقد مؤتمر حزبي مشترك بناء على ذلك…وهنا لابد من التركيز على أن السيد الرئيس مسعود البارزاني سيلعب دوراً إيجابياً كأخ ناصح يريد مصلحة الشعب الكوردي في غرب كوردستان، ودون أن يسيء بتدخّله إلى العلاقات الودية بين الاقليم الكوردي العراقي ودمشق… ولانريد أن نحمّل الإخوة الكورد في جنوب كوردستان أكثر مما يستطيعون لأننا نقدّر ظروفهم الذاتية والموضوعية، ونجد نجاحهم وانتصارهم نجاحاً وانتصاراً لشعبنا في كل مكان…
أما لماذا ذكرت هنا السيد الرئيس مسعود البارزاني خاصة وليس المام جلال الطالباني أيضاً، فذلك لأن فصائل البارتي الكوردي السورية المختلفة تتمتّع بعلاقات أشد ارتباطاً من نواح عديدة بقيادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني مما هو واقع التجزئة بين غرب وجنوب كوردستان،والحكومات السورية المتعاقبة كانت تدري ذلك باستمرار، في حين أن علاقات فصائل البارتي مع قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يترأسه المام جلال الطالباني رغم أن بامكاننا وصفها ب”الجيدة” ليست في مستوى علاقاتها بالديموقراطي الكوردستاني… وهذه حقيقة وواقع، ولا أريد الدخول في تفاصيل في هذا الشأن… إلا أنه يجب التأكيد على الواجب الرفاقي – الأخوي لقيادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني في هذا الصدد، وللحقيقة إن أوضاع الحزب الشقيق الآن أفضل بكثير من سائر النواحي من الأوضاع التي عقد فيها البارتي السوري (جناحا اليمين واليسار) مؤتمره الوطني الأوّل بمساهمة فعّالة من عناصر وطنية في ظل ورعاية البارزاني الخالد في عام 1970، وفي جنوب كوردستان بالتحديد.
أمّا إذا رفض قادة البارتي الاعتراف بوجود أي تأثير مباشر لعلاقاتهم مع قيادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني، وأكّدوا على ضرورة حل مشكلة البارتي سورياً ودون أي اتصال بخارج البلاد، فلا بد من أن تقوم فصائل الحركة الوطنية الكوردية من خارج إطار البارتي بأدوارها الهامة في سبيل تعزيز وتحقيق الوحدة التنظيمية بين فصائل البارتي، لا أن تتهرّب وتقول:”وما علاقتنا بالأمر؟” فالمسألة متشابكة ومتعلّقة بالقضية الكوردية وبتطور نضال الحركة الوطنية الكوردية ككل… وبخاصة بعد أن اشتدت وطأة المشاريع التصفوية للقضية الكوردية السورية من قبل النظام الجائر.
أما عدم الاعتراف بوجود “مشكلة” للبارتي، والزعم بأن الأمور تسير على مايرام، و”البارتي في خير وفي أيادي أمينة!” فهذا ضحك على الذقون وتنكّر صارخ للأزمة المستديمة، ويضر بالشعب الكوردي الذي ما عاد يقبل الاستهانة بقضيته ومصيره، وعلى الذين يفكرون هكذا ان يتراجعوا عن تفكيرهم ، قبل أن يفقدوا سبب وجودهم في قيادة هذا الشعب…
هناك مشكلة تدعى ب”مشكلة البارتي” وحلها يخدم قضية شعبنا، وكل من يتهرّب من السير صوب حلّها لايمكن اقناع شعبنا بأنه على “النهج البارزاني”، فالنهج البارزاني هو نهج “الوحدة والاتحاد”، ذلك النهج الذي فتح صدره حتى لأقسى منتقديه وضمهم بين جناحيه في أصعب الظروف التاريخية، وكذلك في قمة انتصاراته السياسية…
وختامأً أقول:
يجب أن ينتهي تمزّق البارتي قبل أن ينتهي عامنا هذا، وإلاّ فنحن غير قادرون على القيام بأي عمل جاد ومشترك، ولذا فلنفتح الباب أمام قيادات شابة قادرة على تجاوز العنعنات الشخصية والتكتلات التفكيكية والنعرات الضارة… أما أن ندع الحبل على الغارب، فلا ونترك حل المشاكل للزمن البعيد، فهذا يعني بعدنا عن التطور المذهل للعالم في عصر العولمة…
وأملنا كبير في أن لانتراجع جميعاً عن اصرارنا على توحيد فصائل أحد أعرق أحزابنا السياسية الكوردية في غرب كوردستان…وأن نقف صفاً واحداً ضد كل من تسوّل نفسه على مقاومة الرغبة الجامحة في تحقيق وحدة فصائلنا المتقاربة نهجاً، وأن نجد هذا العمل المشترك واجباً وطنياً يقع على عاتقنا جميعاً كمواطنين أكراد يضعون ثقتهم في حركتهم الموحدة والقوية قبل أي شيء آخر.
وكل عام وأنتم بخير
جان كورد، 05/09/10