هوشنك بروكا
تشهد الساحة السياسية هذه الأيام، في هولير وحواليها، الكثير من الإجتماعات واللقاءات “الهامة” بين الإيزيديين(روحانيين+سياسيين+مثقفين) ومسؤولين كبار في الفوق الكردي.
أما المناسبة التي تستدعي هكذا حضور سياسي فاعل، على مستوى “القضية الإيزيدية” بين بغداد وهولير، فهي مناسبة “التعداد السكاني”، المزمع إجراؤه في العراق، في الرابع والعشرين من أوكتوبر القادم.
تشهد الساحة السياسية هذه الأيام، في هولير وحواليها، الكثير من الإجتماعات واللقاءات “الهامة” بين الإيزيديين(روحانيين+سياسيين+مثقفين) ومسؤولين كبار في الفوق الكردي.
أما المناسبة التي تستدعي هكذا حضور سياسي فاعل، على مستوى “القضية الإيزيدية” بين بغداد وهولير، فهي مناسبة “التعداد السكاني”، المزمع إجراؤه في العراق، في الرابع والعشرين من أوكتوبر القادم.
قبل اسبوعين(11.09.10) تناقلت وسائل الإعلام خبر إجتماعٍ، سمي ب”الهام”، جمع رئيس برلمان كردستان د.
كمال كركوكي مع “الفوق” الإيزيدي الروحاني برئاسة الأمير تحسين سعيد بك، ومشاركة سماحة البابا شيخ، إلى جانب بعضٍ من المسؤولين والبرلمانيين وأصحاب الشأن الإيزيديين.
كمال كركوكي مع “الفوق” الإيزيدي الروحاني برئاسة الأمير تحسين سعيد بك، ومشاركة سماحة البابا شيخ، إلى جانب بعضٍ من المسؤولين والبرلمانيين وأصحاب الشأن الإيزيديين.
الجدير بالذكر، ههنا، أن المجلس الروحاني الإيزيدي، قد أصدر بياناً في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، أكد فيه على ضرورة “تشبث الإيزيديين بهويتهم الدينية الإيزيدية وقوميتهم الكردية العريقة”.
وفي السياق ذاته، التقى رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني في صلاح الدين(25.09.10)، وفداً إيزيدياً رفيع المستوى(ضم رجال دين إيزيديين ومسؤولين ومثقفين)، برئاسة أمير الإيزيديين، الأمير تحسين سعيد بك.
الإجتماع الأخير الذي جمع الفوقين الإيزيدي ممثلاً بأميره، والكردي ممثلاً بالرئيس بارزاني، أكدا على كردية الإيزيديين الأصيلة، في كونها “خطاً أحمراً” لا مساومة عليها.
رئيس برلمان الإقليم السيد كمال كركوكي، كان قد أكد في اجتماعه مع الفوق الإيزيدي، على “الخط الأحمر” ذاته، محذراً الخارجين على هذا الخط من “اللعب بالنار” أو “السقوط في الخيانة”، المرفوضة كردياً سلفاً.
الكل الإيزيدي، داخلاً وخارجاً(عدا البعض القليل الذي بات يغرد لأكثر من سببٍ سياسي، خارج سرب لالش) يكاد يكون متفقاً، مع أكراده، على “الحقيقة الكردية” للإيزيديين، وعلى كرديتهم الحقيقية، التي لا مناص منها، ليس لأن الإيزيديين أرادوا لأنفسهم “الأصل الكردي”، هكذا ب”شحطة قلمٍ”، أو “شحطة قرارٍ”(دينيٍّ أو دنيوي)، أو شحطة “غزوةٍ” قديمةٍ أو جديدة، في أن يكونوا “أكراداً أقحاحاً”، وإنما لأنّ حقيقة دينهم الكردي، من ألف إلههم إلى يائه، تملي عليهم الكردية ذاتها، في كردستانهم النهائية ذاتها.
فهم لم يختاروا الكردية، قوميةً، أو إثنيةً “مختارةً” لهم، بقدر ما أنهم ولدوا فيها وعليها، هكذا، كما تقول دفاتر إيمانهم(المحفوظة بكرديةٍ كرمانجية شمالية)، وجهة إلههم، وسمواتهم.
فالكردية بالنسبة للإيزيدي، ديناً ودنيا، ليست خياراً، أو مصيراً مختاراً، بقدر ما أنها مصيرٌ قدر، لا فكاك منه: تاريخ الإيزيدي هو من تاريخ الكردي وإليه، كما أنّ جغرافياه هي من كردستان إلى كردستان.
من هنا، يصلّي الإيزيدي، كلّ يومٍ، من الشمس إلى الشمس، لكردستانه، في كونها جهته النهائية الأكيدة، التي لا غبار عليها.
فالكردية بالنسبة للإيزيدي، ديناً ودنيا، ليست خياراً، أو مصيراً مختاراً، بقدر ما أنها مصيرٌ قدر، لا فكاك منه: تاريخ الإيزيدي هو من تاريخ الكردي وإليه، كما أنّ جغرافياه هي من كردستان إلى كردستان.
من هنا، يصلّي الإيزيدي، كلّ يومٍ، من الشمس إلى الشمس، لكردستانه، في كونها جهته النهائية الأكيدة، التي لا غبار عليها.
الكردية، في كونها جهةً لإثنية الإيزيديين، كسواهم من أكرادهم المسلمين(سنةً وشيعةً)، واليهود والشبك والمسيحيين والكاكائيين، ليست “موضةً سياسية”، تُبدل تحت طلب هذه الجهة أو تلك، بقدر ما أنها حقيقة تاريخية وجغرافية، فضلاً عما بينهما من حقائق ثقافية وأنثروبولوجية كثيرة.
حدود الإيزيدي، إذن، تاريخاً وجغرافيا، ديناً ودنيا، هي كردستانه.
سواء إن شاءت السياسة وركابها أم أبَوا.
فالإيزيدي، لم يدخل الكردية بخيارٍ، أو بطلبٍ سياسي من هذا أو ذاك، كي يخرج الآن أو بعده منها، بخياراتٍ تحت طلب هذه الجهة السياسية أو تلك.
سواء إن شاءت السياسة وركابها أم أبَوا.
فالإيزيدي، لم يدخل الكردية بخيارٍ، أو بطلبٍ سياسي من هذا أو ذاك، كي يخرج الآن أو بعده منها، بخياراتٍ تحت طلب هذه الجهة السياسية أو تلك.
أما ركوب البعض الإيزيدي السياسة بالمقلوب، وبحثهم بعكس التاريخ والجغرافيا وما بينهما من أنثروبولوجيات، عن هويات وقوميات جديدة للإيزيديين، فهو مشروعٌ سياسيٌ ليس خارج دنيا الإيزيديين، كسياسة، فحسب، وإنما هو خارج دينهم أيضاً.
إنّه، دون أدنى شك، مشروع خاضع، يريد “إخضاع” الحقيقة الإيزيدية المولودة على كرديتها، لحقائق الآخرين، التي هم أصلاً في غنى عنها.
إنّه، دون أدنى شك، مشروع خاضع، يريد “إخضاع” الحقيقة الإيزيدية المولودة على كرديتها، لحقائق الآخرين، التي هم أصلاً في غنى عنها.
لماذا؟
لأن الإيزيدي، ديناً ودنيا، سماءً وأرضاً، تاريخاً وجغرافيا، كان ولا يزال من كردستان إلى كردستان.
ألا يصلي الإيزيدي، لأرض لالش المتجهة صوب كردستان، أولاً وآخراً، في كونها، “أول العالم” أو “خميرته”، كما تقول دفاتر دينه؟
أليست الكردية، هي “لسان الله/خوه دي”، كما تقول دفاتر إيمان الإيزيدي؟
لأن الإيزيدي، ديناً ودنيا، سماءً وأرضاً، تاريخاً وجغرافيا، كان ولا يزال من كردستان إلى كردستان.
ألا يصلي الإيزيدي، لأرض لالش المتجهة صوب كردستان، أولاً وآخراً، في كونها، “أول العالم” أو “خميرته”، كما تقول دفاتر دينه؟
أليست الكردية، هي “لسان الله/خوه دي”، كما تقول دفاتر إيمان الإيزيدي؟
ولكن من الأهمية بمكان، الإشارة ههنا، أنّ السياسات الكردية الخاطئة المستمرة في مناطق سكنى الإيزيديين، منذ 09.04.2003، على الأخطاء ذاتها، والمعتمَدة على مسؤوليها الخطائين ذواتهم، ساهمت بهذا الشكل أو ذاك، بقصدٍ، أو بدونه، في ترك الساحة السياسية لهذا التيار، مفتوحةً أمام كل الإحتمالات، لأكل الحلاوة السياسية بعقول الإيزيديين، في هذه المناسبة السياسة وتلك.
فالفوق الكردي، الذي يريد اليوم(كما في كل المناسبات الإنتخابية والمصيرية الماضية) أن يكسب “ثقة” الإيزيديين به، في هذا الإستفتاء(أو الإحصاء)، لا يثق في الحقيقة ب”إيزيدييه”.
والأدلة على هذه اللاثقة كثيرة، من هولير الفوق، إلى أصغر خلية حزبية أو حكومية تابعة لمُلك كردستان.
والأدلة على هذه اللاثقة كثيرة، من هولير الفوق، إلى أصغر خلية حزبية أو حكومية تابعة لمُلك كردستان.
فعلى الرغم من طمأنة الطرفين(الفوقين الإيزيدي والكردي الحاكم) لبعضيهما البعض، في كونهما إثنان في واحد، أو واحد بخصوصيتين، إلا أنّ أزمة الثقة المتبادلة، موجودة، وتحكم، كثيراً أو قليلاً، في تفاصيل العلاقة بينهما ضمن كردستانهم الواحدة.
هذه “اللاثقة” موجودة في الشارع، والمدرسة، والجامعة، وبيوت الله، وبيوت السياسة أيضاً.
الكلُّ، في الطرفين، يرى، ولا يقول؛ يحس ويشعر ولا يعبّر؛ يدندن ولا يتكلم.
والمشكلة، المراوحة في مكانها، منذ زمانٍ كثيرٍ مضى، تبقى هي هي، في المرواحة ذاتها، والمكان ذاته.
هذه اللاثقة، باتت كالجمر الراقد تحت الرماد.
الشعارات المرفوعة هنا وهناك، كردياً، لا تكفي لإخماد احتقان كبيرٍ، قد ينفجر في أية لحظة، كما رأينا زمان إرهاب الشيخان في 15 شباط 2007.
الكلُّ، في الطرفين، يرى، ولا يقول؛ يحس ويشعر ولا يعبّر؛ يدندن ولا يتكلم.
والمشكلة، المراوحة في مكانها، منذ زمانٍ كثيرٍ مضى، تبقى هي هي، في المرواحة ذاتها، والمكان ذاته.
هذه اللاثقة، باتت كالجمر الراقد تحت الرماد.
الشعارات المرفوعة هنا وهناك، كردياً، لا تكفي لإخماد احتقان كبيرٍ، قد ينفجر في أية لحظة، كما رأينا زمان إرهاب الشيخان في 15 شباط 2007.
الإيزيديون الممثلون بفوقهم الديني والسياسي في هولير وخارجها، قالوا كلمتهم في السر والعلن، أنّ “لامساومة على قوميتهم، في كونهم أكراداً أصلاء”، وهذا صحيح.
هم، قالوا نعم ل”كردستان الحاضر” في لالش(هم)، تماماً، مثلما قالت لالش ال”نعم” ذاتها، لكردستانهم الماضية، تاريخاً، وثقافةً، وجغرافيا، وهذا صحيح.
هم، قالوا نعم ل”كردستان الحاضر” في لالش(هم)، تماماً، مثلما قالت لالش ال”نعم” ذاتها، لكردستانهم الماضية، تاريخاً، وثقافةً، وجغرافيا، وهذا صحيح.
هم قالوا هذه المرة أيضاً، كسابقاتها من المرات السياسيات الكثيرات، نعم ل”هولير” عاصمةً لجهة لالش(هم) في الدنيا، التي هي جهة إلههم، يوم دعاهم إليها بكردية شمالية طليقة: أف حق وار ه، أي هذا هو “حق المكان، أو المكان الحق”، وهذا صحيح.
كردستان، بالنسبة للإيزيديين، ليست “وطن ترانزيت”، كما قد يتصوّره، أو ربما يتمناه البعض.
الإيزيديون في كردستان، هم كسواهم من أهل المكان الأصل، ليسوا، “مواطنين ترانزيت”، كما يريد لهم البعض، هنا وهناك، أن يكونوا.
كردستان، في كونها “وطناً نهائياً” للإيزيديين، ليست مكاناً وطناً ك”دنيا” لهم فحسب، وإنما هي في “لالش الدين”، “مكانٌ حقٌ”، أو “حق المكان” أيضاً، كما تقول دفاتر إيمانهم.
كردستان، بالنسبة للإيزيديين، ليست “وطن ترانزيت”، كما قد يتصوّره، أو ربما يتمناه البعض.
الإيزيديون في كردستان، هم كسواهم من أهل المكان الأصل، ليسوا، “مواطنين ترانزيت”، كما يريد لهم البعض، هنا وهناك، أن يكونوا.
كردستان، في كونها “وطناً نهائياً” للإيزيديين، ليست مكاناً وطناً ك”دنيا” لهم فحسب، وإنما هي في “لالش الدين”، “مكانٌ حقٌ”، أو “حق المكان” أيضاً، كما تقول دفاتر إيمانهم.
الإيزيدي، سيقول هذه المرة أيضاً، أن “لا مبدل لكردستان الله” إيزيدياً، كغيرها من المرات الكثيرات الماضيات.
الإيزيدي، سواء إن مشى مع التاريخ، أو مشى ضده، ستبقى كردستان جهته التي كانها وكانته، منذ أن استقرّ الله، كردياً، في لالش، في كونها “خميرةً” للأرض/ أرضه، حسبما تقول دفاتر “علومه الشفوية”.
الرئيس بارزاني أشار في كلمته أمام الوفد الإيزيدي مؤخراً، إلى “الظلم التاريخي المزدوج الذي تعرض له الإيزيديون؛ مرةً لدينهم أي إيزيديتهم، وأخرى لقوميتهم في كونهم أكراداً أصلاء”.
وهذا صحيحٌ جداً.
وهذا صحيحٌ جداً.
عاش الإيزيدي في كردستانه، هذا الظلم المزدوج، من الآخر، طويلاً جداً.
عاش الإيزيدي ظلم هذا الآخر، في جبله الكردي مرتين: مرةً لدينه كإيزيدي، وأخرى لدنياه ككردي.
عاش الإيزيدي ظلم هذا الآخر، في جبله الكردي مرتين: مرةً لدينه كإيزيدي، وأخرى لدنياه ككردي.
ولكن الخوف الذي بات يقض مضجع الإيزيدي راهناً، هو أن يصبح هذا الظلم، في القادم من كردستانه ثلاثاً.
خوفه الراهن، الذي بات مرتسماً في تقاسيم كلّ وجهٍ إيزيدي من أول لالش إلى آخر شنكال، هو أن يصبح هذا الخوف في كردستان الراهنة ثلاثاً، وأن يصبح التاريخ الظالم المزدوج، على الإيزيدي “حاضراً مستمراً”، في ثلاث أو أكثر، إلى أن يشاء الله أو لا يشاء.
خوفه الراهن، الذي بات مرتسماً في تقاسيم كلّ وجهٍ إيزيدي من أول لالش إلى آخر شنكال، هو أن يصبح هذا الخوف في كردستان الراهنة ثلاثاً، وأن يصبح التاريخ الظالم المزدوج، على الإيزيدي “حاضراً مستمراً”، في ثلاث أو أكثر، إلى أن يشاء الله أو لا يشاء.
والسؤال الذي يبقى، هو:
هل سيعوّض البارزاني الإبن(كما وعدهم البارزاني الأب، بارزاني الجبل الماضي) الإيزيدي، في القادم من كردستانه، عما عاناه من ظلمٍ مزدوجٍ، في تاريخٍ مزدوجٍ وأكثر، وجغرافيا أكثر من مزدوجة؟
هل سيعوّض البارزاني الإبن(كما وعدهم البارزاني الأب، بارزاني الجبل الماضي) الإيزيدي، في القادم من كردستانه، عما عاناه من ظلمٍ مزدوجٍ، في تاريخٍ مزدوجٍ وأكثر، وجغرافيا أكثر من مزدوجة؟
سؤالٌ سأتركه، للفوق الكردي، وما تحته وحواليه من كردستان، مفتوحاً، على القادم من المُلك الكردي، والقادم من السياسة، والقادم من أكرادها الآتين.