إلى من يهمه الأمر.. الحسكة والمرسوم 49

  خليل اقطيني

من المعروف أن النشاط الاقتصادي الأساس في محافظة الحسكة هو النشاط الزراعي.

ونظراً لموجة الجفاف المسيطرة على المنطقة منذ أربع سنوات من ناحية, ولإصابة المحاصيل الزراعية بالآفات الخطيرة من ناحية ثانية, تراجع هذا النشاط لدرجة كبيرة.

وإلى جانب هذا النشاط الأساس كان هناك نشاط مواز داعم له ومهم هو النشاط العقاري الذي توقف تماماً هو الآخر بسبب الإجراءات التنفيذية للمرسوم 49 تاريخ 10/9/2008 الخاص بالتملك العقاري في المناطق الحدودية, ما أدى إلى إصابة النشاط الاقتصادي في المحافظة بالشلل التام, الأمر الذي ترك آثاراً سلبية لا يستهان بها على الوضع المعيشي لسكان المحافظة من خلال تراجع هذا الوضع إلى مستويات غير مسبوقة, تمثلت في زيادة معدلات الفقر والبطالة, نتجت عنها انحرافات وظواهر سلبية عديدة.

ومن الآثار السلبية لتطبيق هذا المرسوم جمود حركة البيع والشراء في المجال العقاري, لأنه حال دون حصول الأطراف ذات العلاقة على الضمانات القانونية الكافية, التي كانت تكتسب عبر المؤسسات القضائية والعقارية, وألزم تلك الأطراف بإجراءات معقدة تحتاج إلى زمن طويل وجهد ومال, وساهم بنشوء أزمة ثقة فيما بينها, من أبرز تداعياتها ظهور فرصة ذهبية لضعاف النفوس للتهرب من أي التزامات ترتبت عليهم قبل صدور المرسوم ولم تقترن بالترخيص القانوني بعد كونه صدر بمفعول رجعي.

إلى ما هنالك من التأثيرات السلبية التي تضيق مساحة هذه الزاوية عن تعدادها.


والواقع أن سلبيات المرسوم 49 لم تنعكس على المواطنين فحسب بل حتى على الجهات العامة.

فعلى سبيل المثال أغلب الوحدات الإدارية والبلديات الني تتوفر لديها مقاسم سكنية في المحافظة, يتعذر عليها بيع هذه المقاسم أو تخصيصها سواء للجمعيات السكنية أو للأفراد المشتركين بالمزايدات العلنية لشراء مقاسم شعبية, أو المتضررين من تنفيذ المخطط التنظيمي, أو المتوضعين على أراضي أملاك الدولة, قبل نقل ملكيتها إلى الوحدة الإدارية أو البلدية, أو للحرفيين المنذرين بالهدم أو الراغبين بالانتقال للمناطق الصناعية.

إلى جانب عدم قدرة تلك الوحدات على طرح مشاريعها الاستثمارية للإيجار أو للاستثمار لمدة تزيد على ثلاث سنوات.


وبعيداً عن الخوض في الكثير من التفاصيل, الحل لهذه المشكلة الكبيرة والخطيرة التي تعاني منها محافظة الحسكة حالياً, يكمن في إجراءين اثنين.

أولهما استثناء العقارات المبنية وغير المبنية المفرزة وفق أحكام القانون رقم/9/ لعام 1974 ضمن المخططات التنظيمية للوحدات الإدارية والبلديات من أحكام القانون رقم /41/ لعام2004 والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم/49/ لعام 2008 وثانيهما تنفيذ كل إجراءات معاملة الترخيص العقاري ضمن المحافظة وتفويض المحافظ بالتوقيع عليها.

وإن كان الكثيرون يعتبرون القانون/41/ لعام 2004 ناظماً مثالياً للنشاط العقاري في محافظة الحسكة, والعودة إليه فيها مصلحة للوطن والمواطن.


———
صحيفة تشرين   -رأي   -الثلاثاء 5 تشرين الأول 2010

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…