ما فائدة وحدة التوائم (البارتي) في سوريا

عدنان بوزان

لا ضير أن شعبنا الكردي وحركته السياسية يمر بواقع مؤلم ومزري للغاية نتيجة التفكك والتشرذم والصراعات الأنانية والولادات القيصرية التي لا معنى لها حتى نتجت منها أزمات خانقة وعراقيل كثيرة أمام وحدة التنظيمات وكل هذا أودى إلى كثرة الشعارات البراقة والأطروحات الكثيرة التي لا فائدة منها وكانت النتيجة هبوبها مع الرياح العاتية … وواقعنا الكردي هذا يتطلب ليس إلى توحيد صفوف البارتي وحده فحسب بل يتطلب إلى توحيد صفوف الحركة السياسية الكردية وبحاجة إلى الإطار الجامع والشامل ..

فقبل أيام طرح بعض الأخوة مشروعاً حول توحيد صفوف أطراف البارتي ولعل أخذ الضوء الأخضر من الأطراف المعنيين في الفصائل الثلاثة من البارتي ..

حقاً إنه مشروع يستحق التوقف عنده ونحلله لإيجاد القاسم المشترك بينهما وهذا مطلب الشارع الكردي لتوحيد الحركة السياسية الكردية وتوحيد الرؤية السياسية الواضحة التي تليق بالمكون الكردي السوري والمطالبة ولو بأبسط الحقوق ولكن المهم القابل للتحقيق هو خلاص هذا الشعب من الاضطهاد والتشريد والهجرة القسرية ووقف المشاريع التمييزية والعنصرية لكي يعيش المواطن الكردي بأمان في أرضه وبيته وبين أهله … فباعتقادي عندما يطرح أي مشروع فينبغي أن يكون أمامه هدف معين للوصول إلى غايته المنشودة …
لكن من خلال تجربتي السياسية مع هذه الفصائل الحزبية أرى أنه لا فائدة من توحيد البارتي بما أنهم مسلوبي الإرادة وهي عبارة عن طرح جديد من حيث التسمية والقديم من حيث الممارسة العملية اليومية وأقول أنها مشلولة مسبقاً كما في التحالفات السابقة الفاشلة وعندما نقارن ونحلل بشكل دقيق لم يستفد الشعب الكردي من هذه الإطارات السياسية سوى الشخصيات الانتهازية لإطالة عمرهم في القيادة الأبدية والتشبث بكراسيهم المهزوزة   وما تزال الآثار الفاشلة أمام أعيوننا ..

إذاً ما فائدة التحالف – والجبهة – والتنسيق – والمجلس السياسي إذا كانت هي بالأصل عبارة عن خدعة بصرية وطرح شعارات براقة وتغيير في الاسم ( فرق – وجمع ) ونتيجتها الابتعاد وعدم ثقة  الجماهير بالحركة السياسية فهذا لا يعني إني أريد أن أزيد الإحباط في نفوس الجماهير الكرد بل هي حقيقة تنظيماتنا الحزبية الكردية على أرض الواقع ..

فالجماهير محبطة تماماً من هكذا سياسة نتيجة الخدعة والنفاق وإفلاس الأحزاب الكردية في الشارع الكردي من ناحية وضغوطات السلطة من حيث تنفيذ مشاريعها والاعتقالات والتعذيب والأحكام القاسية من ناحية أخرى والنقطة الثالثة والمهمة ازدياد حالة الخوف يوماً بعد يوم وهجوم شبح الفقر والجوع إلى المناطق الكردية … والدليل على ذلك كم من الكتاب والمثقفين من الحزبيين والمستقلين كتبوا تعليقاتهم وتوضيحاتهم حول هذا الموضوع سواء عبر ألنت أو المنشورات الحزبية الورقية ؟ مع العلم هؤلاء الأخوة الذين طرحوا وكتبوا هم القاطنين حالياً خارج أرض الوطن لأن الغربة تدق كالناقوس إلى جانب العاطفة وتبقى في ذاكرتهم الحنين إلى أرض طفولتهم وشبابهم والاشتياق إلى النضال الحقيقي وإلى الاسم لأول تنظيم سياسي كردي في سوريا ( البارتي ) ..

وبقول بسيط العاطفة والآمال وحدها لا تجديان نفعاً في العملية السياسية …
أذكر ثانية كما كتبتُ في بداية عام 2010 حول المجلس السياسي ( ما فائدة المجلس السياسي إذا سلبت منه إرادته ) وأكرر قولي لا فائدة من الوحدة الاندماجية بين فصائل البارتي وإعادة المياه إلى مجاريها إذا سلبت منهم إرادتهم وعدم الانسجام الفكري بينهما وبكل تأكيد الفصائل المذكورة فقدوا منذ زمن طويل النهج البارزاني الخالد وفقدوا القسم الكبير من دورهم النضالي الحقيقي …
أخوتي القراء كم من مشاريع الحركة السياسية الكردية فشلت منذ بداية تأسيس أول تنظيم سياسي كردي وحتى الآن وما تزال آثار فشلها باقية على أرض الواقع ..

على سبيل المثال ففي نهاية عام 2009 طرح مشروع المجلس السياسي الكردي بين تسعة أحزاب كردية في أول وهلة طبل وزمر الكثيرون و بنوا صروح من الآمال بأن هذا المجلس هو اللبنة الأولى في بناء الحركة السياسية نحو تحقيق آمال الشعب الكردي في الحياة والحرية ..

وتلملم الرفات المتبقية نحو تأسيس المؤتمر الوطني الكردي وتوحيد الرؤية والمطالب الكردية المشروعة ..

وفي النتيجة الأخيرة عاد مجلسنا التعارفي إلى عادته القديمة والبيانات السرية الموسمية وبالمقابل كل طرف من الأطراف في المجلس يبحثون عن حلول جديدة بمفردهم خارج إطار المجلس فهذا دليل فشل مجلسهم التعارفي      … وباعتقادي هذا يعود إلى نقطتين :
1 – عدم جدية العمل في أحزابنا الموقرة من أجل قضيتهم العادلة إنما هدفهم الأساسي هو بروز شخصيتهم وانتهازيتهم على حساب الشعب وهذا أودى إلى عدم ثقة الجماهير الكرد بهم وابتعادهم عن الأطر التنظيمية والسياسية ..
2 – ضغوطات السلطات بالنار والحديد على رقاب الشعب الكردي وأحزابه السياسية وإنكار الحقوق وعدم الاعتراف بوجود الكرد أصلاً …
أخوتي القراء أكرر ثانية نحن الكرد بحاجة إلى الجدية في البحث عن الحلول الجذرية أي ضمن الإطار الجامع والشامل والبعيد عن الأنانية والثرثرة التي لا فائدة منها … 

12 / 8 / 2010   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…