الحكومة السورية تحقق «فوزاً ساحقاً» على أجانب الحسكة

باهوز هوري

 من نوافل القول أن موضوع الأجانب في الحسكة كتبت الكثير الكثير دون فائدة، لأن الحكومة السورية ماضية في سياستها التدميرية لهذه الشريحة من المجتمع الكردي، وهي أذن من طين وأخرى من عجين، وكل الوعود المعسولة ذهبت في الماضي، وتذهب في الحاضر والمستقبل أدراج الرياح، حتى لو كانت هذه الوعود من أكبر سلطة ورأس في الدولة.

  الكرد في سورية يتعرضون لأشكال مختلفة من الاضطهاد والتمييز، وربما تشكل حالة الكرد المجردين من الجنسية والمكتومين من أكثر الحالات انتهاكاً  لحقوق الإنسان وللدستور السوري و للمواثيق والعهود والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها سورية، حيث جرد آلاف من المواطنين من جنسيتهم بموجب الإحصاء الاستثنائي عام 1962 في محافظة الحسكة و بعد إعلان حالة الطوارئ، في 8 آذار (مارس) 1963، تابعت الحكومات الجديـدة سيـاسة التمييز هذه، وقد نشر حزب البعث آنذاك دراسة أعدها مسؤول الأمن السـياسي في الجزيرة الضابط العنصري والشوفيني طلب هلال،  يخلص لاعتـبار الكرد شعباً دون حضارة أو لغة أو أصل اثني، وأوضحت الدراسة ان الشعب الكردي لا يملك سوى القوة الهدامة والعـنف اللذين يميزان سكان الجبال.

وأما الخطة المقترحة ، فتهدف إلى استئصال الوجود الكردي من سورية في برنامج من 12 نقطة منها نقل السكان الكرد وتهجيرهم داخلياً، وتنفيذ سياسة التجهيل بحقهم، وسد باب العمل والرزق والضغط عليهم اقتصادياً ومحاصرتهم ليفكروا بالرحيل من أرض الوطن لا طوعاً بل كرهاً.
 وحرمان من لا يعرف العربية من حقوقهم السياسية، وإرسال رجال دين عرب للمنطقة ونزع الصفة الدينية عن رجال الدين الكرد، وتطبيق الحزام العربي، وعسكرة المنطقة الكردية ، وغيرها من السياسات التي طبق الكثير منها ، وما لم يطبق ينتظر دوره.
واليوم تتسع دائرة التضييق على المواطنين” الأجانب في بلدهم” فبعد أن حلقت الحكمة السورية منذ سنة ونصف أسعار مادة المازوت الحيوية والهامة لمجموع الشعب ولقطاعات زراعية وصناعية واسعة، واتبعت السنة الماضية برنامج قسائم المازوت الفاشل بامتياز، اتبعت هذه السنة سياسة الشيكات التي ستدفع على شكل 5000 ليرة عن كل شيك، لكن يبدو أن جماهير أجانب الحسكة محرومون من هذه “المنحة” وخاصة الذين هم خارج المحافظة، ومعلوم أن معظم الأجانب مستقرون سكنياً خارج المحافظة، وأفرغت قراهم وقصباتهم، وأجدبت أرضهم، ونفقت قطعانهم، لذا هم لا يملكون عملاً يحميهم من السؤال، ولا أرضاً يزرعونها ليأكلوا خيراتها، وبالتالي أمامهم خيار واحد وحيد ومرٌّ، وهو النزوح نحو المحافظات الكبرى وخاصة في العاصمة ليعملوا ما يسد الرمق.

نعم، كل قطاعات المواطنين السوريين بمقدورهم أن يصرفوا شيكاتهم في أية منطقة ومكان في سورية ما عدا أجانب الحسكة حصراً، بمقدورهم ذلك لكن في محافظة الحسكة حصراً ، وهذه عنصرية مقيتة لا تصب في مصلحة البلد مطلقاً.

والأنكى من ذلك إن قطاع الكرد المكتومين والذين هم أقل درجة من درجة الأجانب في سورية، هؤلاء لن يحصلوا على فلس واحد لأنهم لا يملكون أية أوراق أو ثبوتيات تثبت أنهم ولدوا على هذه الأرض، وبالتالي حرموا ” من المكرمة العظيمة” للحكومة السورية.


 إن هذا التمييز العنصري البغيض يضعف الوحدة الوطنية والشعور العام بالمواطنة لدى المواطن الذي يشعر أن “حكومته” التي ينبغي أن تحميه، وتسهر على راحته يومياً يراها ترتكب بحقه إجراءات آثمة وسقيمة تعبر عن عقلية مريضة تريد إلغاء الآخر ومحوه وتدميره كل يوم.
وإذا كانت  الحالة هذه، سيتخلى الكرد الأجانب عن مستحقهم، وسيتنازلون بها للحكومة لتضيفها إلى مجهوداتها الكثيرة، من ” اجتماعي وخدمي واقتصادي و..

حربي”
والبعض الذي أخذ صرف الشيكات في محافظات أخرى أخبِرَ بضرورة إعادة المبالغ أو يختار طريق المحاكم والشرشحة و..

السجن.

عن جريدة آزادي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…