أبناء هذه المؤسسة التي كانت عسكرية على ذرى جبال كردستان يوماً، والآن هي تحتكم إلى دستور ناظم وقوانين ومراسيم مدنية، تبني مقومات دولة حقيقية على أرض الواقع بكل مؤسساتها منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي وحتى اللحظة، ومن الطبيعي أن الذي يعمل ويبني لا بد أن يرتكب خطأ هنا أو حتى خطيئة كبرى هنا، لكن يكتب له ثواب البذل والاجتهاد.
ورغم محبتنا وتبجيلنا لنضالات عموم الشعب الكردي في كردستان العراق، إلا أننا رحّبنا أشدَّ الترحيب – بداية – بقائمة التغيير بقيادة القيادي المنشق عن الاتحاد الوطني الكردستاني لأننا شعرنا أن قائمة منافسة ” تؤمن بالديمقراطية والمساواة وعدم احتكار السياسة، وتسخيرها لشريحة مُعيّنة، ستعيدُ نبض الحيوية ودفق الروح التي افتقدت بفعل عامل الزمن، أو تشييخ وترهُّل الأفكار وتثبيط الهمم والعزائم.
غير أنَّ نوشيروان الذي سمّى قائمته بالتغيير، وجاء بشعارات براقة، كما أنه استطاع” للأسف الشديد” أن يستفيد من بعض الأخطاء التي ارتكبتها الحكومات السابقة عبر تشكيلاتها وكابيناتها العديدة طيلة السنوات السابقة في حملته الانتخابية التي نجحت بكل المقاييس، واستطاعت قائمته أن تغزو قبة البرلمان الكردستاني بعدد وفير من أعضائه ومناصريه، وكالعادة علّقت الجماهير الكردية على هذه القائمة أحلاماً جميلة وبراقة، وآمالاً عريضة وكبيرة ووعدوا وعوداً اعتبرها الكثيرون غير واقعية.
وعندما طالب نوشيروان مصطفى قادة الكورد أن يكونوا على مستوى تحمل مسؤولية “صفقنا جميعاً له” على ما اقترفوه سابقاً من” فساد و استبداد” حسب زعمه، لكنه نسي أو تناسى عمداً بأنه يتحمّل وزر بعضه عندما كان نائباً لـ مام جلال حتى 2006 يأمر، و ينهي، وذاع صيت الرجل بأنه لا يجنح إلى بالتي هي أحسن بل عُرفت عنه الصلابة والشراسة، واعتبر البعض أن قائمته غير صالحة لتقوم بالتغيير الموعود.
إن كلَّ ما صرَّح به نوشيروان وجماعته يبقى في حدود المقبول والممكن طالما أننا جميعاً نؤمن بالرأي والرأي الآخر، أما أن يتمادى على البيشمركة ونضالاتهم، ويصرّح عضو ” قائمة التغيير والإصلاح عبد الله عثمان ” بأن البيشمركة الكردستانية ميلشيا وعصابات، وينسى أو يتناسى هدياً على طريق البعثي غير الصالح لخوض الانتخابات البرلمانية الحالية “صالح المطلك” أن البيشمركة ليسوا قوات دفاع عن الشعب وقت الحرب، بل عصابة من الأشرار، والميليشيا ” المارقة” فحتى عتاة الشوفينيين في العراق لم يتجرؤوا، أو يتّهمُوا البيشمركة بالميليشيا العسكرية، لأن الدستور العراقي أقرَّ تسمية البيشمركة بالمدافعين عن أمن كردستان العراق، وبالتالي أمن العراق.
وهؤلاء متضررون بعراق ديمقراطي فيدرالي تعَدّدي، سَيّدهُ صندوقُ الاقتراع، لا برج الدبابة.
وما يؤسف له أنّ بعض المتضررين من منجزات الكرد يتسابقون على إطفاء الشموع بسيل أحقادهم الدفينة، كما أن إحدى فضائياتنا” الكردية” باتت على الخط تصب الزيت على النار، وصارت تتبنى قائمة التغيير، وتجري اتصالات يومية مع مرشحيها، وتغطي” أفراح” التغيير في الداخل والخارج لتزيد تشظي وتشرذم البيت الكردي، وباتت تتشوق لرؤية جدار الكلمة الكردية، وقد انهار، وكل ذلك لأجل التشفي من الحزبين الرئيسيين، وكذلك يفعلها بعض من يحسبون على خانة ” الكُتّاب” !!!
التناحر الكردي على أشده، في وقت تميل فيه أمم الأرض وشعوبها نحو اتحادات واصطفافات، وانتفت الحدود بين دولها وحتى عملتها مُوحّدة ” الاتحاد الأوربي” دون أن تجمعها روابط في اللغة والإرادة المشتركة والقومية والدين، فما يجمعها، ويُوحّدها المصالح الاقتصادية والأسواق الجديدة، والشركات العابرة للقارات.
هذا وكان التحالف الكردستاني حصل في انتخابات 2005، على 53 معقداً من بين 275 مقعداً كانت مجموع مقاعد البرلمان العراقي.
لكنّ الكثير من المراقبين للانتخابات، يعتقدون أن هذا التحالف لن يحصل على هذا العدد من المقاعد في الانتخابات القادمة والمزمع إجراؤها يوم 7 آذار القادم.
ويبدو أن جماعة ” التغيير” قد فقدوا البوصلة في هذه الأيام، وبتصريحاتهم عن نعت البيشمركة الكردية بالعصاة والأشقياء وقطاع الطرق إنما يقدمون هدية ثمينة لقائمة التحالف الكردستاني الذي يعد ناخبيه بعودة كركوك وباقي المناطق الكردية القابعة تحت سيطرة الدولة المركزية إلى قلب كردستان، إذا كتب له النجاح.