التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا في ذكراه الـ (18) , الجراح تندمل

  صوت الأكراد *

مرت علينا في الأول من شباط هذا العام الذكرى السنوية الـ(18) لتأسيس التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا, حيث أعلن في 1/2/1992م عن تأسيسه كإطارٍ يضم أربعة أحزاب كردية  وهي (حزبنا الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – الحزب الديمقراطي الكردي السوري– الحزب اليساري الكردي في سوريا– حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا) ليتسع لاحقاً بعد انضمام الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا عام 1994, وحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا عام 1998م , وذلك بعد النداء الذي وجهه حزبنا إلى فصائل الحركة الوطنية الكردية في سوريا (صغيرها وكبيرها) بضرورة تشكيل هذه المظلة السياسية للحركة الكردية.
إن تأسيس التحالف في تلك المرحلة جاء كخطوة ضرورية لرص صفوف الحركة الكردية ووضع حد لحالات الانقسام التي كانت نشطة حينها, وتوحيد كلمة الحركة لتزداد فعاليةً لتحقيق مطالب شعبنا الكردي وتأمين حقوقه المشروعة في تلك المرحلة الحساسة من تاريخ شعبنا الكردي.
لقد استطاع التحالف لعب دورٍ بارزٍ على جميع الأصعدة خلال مسيرته هذه , إذ كان له دورٌ كبير في التقارب بين مكونات الحركة الكردية حيث ضمت أكبر عددٍ من الأحزاب الكردية حينها , وعملت على التنسيق مع الفصائل خارجه , ففي العام2005 م ساهم في تشكيل الهيئة العامة للتحالف والجبهة الديمقراطية الكردية في سوريا , والتي انبثقت عنها الرؤية المشتركة التي أيدتها فيما بعد لجنة التنسيق أيضاً , ومن ثم الاتفاق فيما بينهم للدعوة لعقد مؤتمر كردي في سوريا.
كما لعب التحالف دوراً ملموساً في ردم الهوة بين الحركة الكردية والجماهير من خلال إشراك الفعاليات الاجتماعية والثقافية الوطنية المستقلة في صفوفه حيث تم تشكيل المجلس العام للتحالف ليضم بالإضافة لمثلي الأحزاب المتحالفة بعض الشخصيات المستقلة لتكون شريكة القرار السياسي وذلك في العام 2001.

أما على الصعيد الوطني فقد كان للتحالف دوراً بارزاً في التعريف بعدالة القضية الكردية ومشروعيتها للرأي العام السوري السياسي والجماهيري من خلال اللقاءات والحوارات التي قام بها مع معظم القوى الوطنية العربية والديمقراطية والسياسية في البلاد واطلاعهم على المطالب المشروعة للشعب الكردي, واعتبار القضية الكردية قضية وطنية, وضرورة إزالة الإجراءات الشوفينية الممنهجة من قبل النظام ضد الشعب الكردي في سوريا, وقد نجح التحالف مع الجبهة في تأسيس إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في سوريا ليكون بذلك أول خطوة مشتركة بين مكونات الفسيفساء السوري عام 2005م.

وكذلك على الجانب القومي فقد وقف التحالف مواقف مساندة ومؤيدة لطموحات وحقوق الشعب الكردي في كل من تركيا والعراق وإيران وفي جميع أماكن تواجدهم.
إلا أنّ هذا الدور الرائد الذي لعبه التحالف على ما يبدو لم يرق للبعض من أعضائه, فقد حاولوا إخراجه من مساره الذي وجد من أجله, عبر محاولاتهم الاستئثار لأنفسهم بالسيطرة على قرار التحالف من خلال عملية انقلابية على أسسه وشرعيته المتمثلة بنظامه الداخلي ومنهاجه السياسي (مبدأ التوافق – التساوي في الحقوق والواجبات – التبادل الدوري للمهام ..) , ومحاولة اللعب على وتر الاستقواء ببعض الذين كانوا مستقلين في مجلسه العام وزجهم في أمور تنظيمية بعيدة عن صلاحياتهم وفق النظام الداخلي للتحالف الذين أظهروا عدم استقلاليتهم وشراكتهم في هذا الانقلاب ومحاولة إسقاط هذا الصرح واستبداله بمشاريع لا تنفع الشعب الكردي وقضيته كما تم طرحه مؤخراً من قبلهم… وإن ذلك يعد طبيعياً لسلوكهم فهم أنفسهم الذين يحاولون التحكم بأحزابهم كملك عشائري أو إرث توارثوه عن آبائهم ولا بد أن ينتقل من بعدهم لأبنائهم وأخوتهم , ولم يترددوا في إبعاد و إقصاء خيرة قياديي حزبهم الذين نادوا بإصلاح التنظيم والعودة به إلى المسار الصحيح ليلعب الدور المطلوب منه إلى جانب فصائل الحركة الكردية الأخرى, ضارباً بذلك عرض الحائط جميع قرارات مؤتمرهم وتوجهات رفاقهم في محاولة منهم لشخصنة الحزب واثبات نظرية القائد الضرورة التي سببت الكثير من الويلات فيما مضى.


إن جراح التحالف بدأت تندمل بعد أن نجح في تأسيس المجلس السياسي الكردي في سوريا جنباً إلى جنب مع أحزاب الجبهة والتنسيق والحزب الديمقراطي الكردي السوري ليكون بذلك أكبر مظلة سياسية للحركة الكردية في تاريخها, ويعتبر المجلس خطوة تمهيدية لتشكيل مرجعية كردية تمثل الشعب الكردي بمختلف أطيافه السياسية والاجتماعية والثقافية, وذلك عبر مؤتمر وطني كردي سوري , كما أن تعزيز علاقات التحالف مع العديد من الأحزاب العربية والسياسية والقوى الوطنية الديمقراطية في البلاد تعد مؤشراً إيجابياً في استعادة التحالف لعافيته بعد أن اندملت جراح ظهره المطعون.

* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) – العدد (424) شباط 2010

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نحن أبناء قبائل الملية وحرصا منا على وحدة الصف وتمسكا بقيم وتضحيات أجدادنا التاريخية التي دأبت على توحيد الكرد، فإننا ندين ونستنكر بشدة زج اسم عشيرة الملية في البيان الصادر والمعنون ب بيان الكتل السياسية والعشائرية والمدنية الكردية برفض وثيقة مؤتمر القامشلي والذي نشر بتاريخ ٢٨-٠٤-۲۰۲٥- والذي يرفض وثيقة مؤتمر وحدة الموقف والصف الكردي المنعقد في قامشلو بتاريخ ٢٦ نیسان…

بيمان حسين ما حدث في 8 ديسمبر من عام 2024، على قدر جماله وروعته، كان شيئا غير متوقع على الإطلاق. فحلم الانعتاق والتحرر من نير النظام القمعي كان حلما تطلب تحقيقه مهرا غاليا من التضحيات اللامتناهية. في أعرافنا وثقافاتنا، نربط الأشياء غير المفهومة بالقدرة الإلهية، ولكن في هذا الموضوع بالتحديد، هناك رغبات وقدرات أخرى غير إلهية كان لها التأثير الأكبر…

المهندسِ باسل قس نصر الله في زمنٍ مضى، كانتْ سوريّٞةَ تصنعُ رجالاً لا تصنعُهمُ ٱلظروفُ، بلْ يصنعونَ ٱلظروفَ ذاتَها. فارسُ ٱلخوريِّ كانَ واحداً منْ هؤلاءِ: معلماً، ومشرِّعاً، ورجلَ دولةٍ يعرفُ أنَّ الوطنَ ليسَ شعاراً يُرفعُ عندَ ٱلحاجةِ، بلْ عقدَ شرفٍ يُمارسُ كلَّ يومٍ. فارسُ ٱلخوريِّ لمْ يُعرفْ بطائفتِه ولا بمذهبِه، بلْ بسوريّتِه المطلقةِ. وقفَ في وجهِ الانتدابِ الفرنسيِّ،…

جلسة حوارية منظمة من قبل منصة ديفاكتو الحوارية حول مفهوم الإعلان الدستوري في سوريا في فندق الشيراتون . حاضر فيها الاستاذ أحمد سليمان نائب سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا والأستاذ معن الطلاع مدير قسم البحوث العلمية في مركز عمران للدراسات و بتيسير من الأستاذ خورشيد دلي بمشاركة عدد من المثقفين و المهتمين بالشأن السياسي السوري. تمحورت الجلسة حول…