البلاغ الختامي للاجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب اليساري الكردي في سوريا

عقدت اللجنة المركزية للحزب اليساري الكردي في سوريا اجتماعها الموسع الاعتيادي بحضور كافة أعضاء اللجنة المركزية وممثلي اللجان المنطقية، وتدارست فيه الأوضاع السياسية على الساحة السورية عامة والساحة الكردية السورية خاصة، ونشاطات الحزب، والأوضاع الكردستانية والأوضاع في المنطقة.

بدأ الاجتماع أعماله بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح شهداء الحزب وشهداء حركة التحرر الوطني الكردية والسورية، ومن ثم رحب الاجتماع بالرفيقين عمران السيد وجنكيدار ورفاقهما، وتمنى لهم أن يأخذوا مكانهم الطبيعي في النضال في صفوف حزبهم.
وقف الاجتماع مطولاً أمام الأوضاع في سوريا، فرأى بأن السلطة تعاني أزمة عميقة، بالرغم من أن النظام قد حقق بعض النجاحات على صعيد تحسين علاقاته الدولية، وبخاصة مع بعض الدول الأوروبية وإلى حد ما مع الولايات المتحدة، وكذلك تحسين علاقاته العربية، وأصبح يشعر ببعض الارتياح، وكان المنطق يفرض أن يقوم النظام في هذه الحالة بالانفتاح على الداخل ويجري بعض الإصلاحات، إلا أن شيئاً من ذلك لم يتم، وبقي الوضع الداخلي يتميز بالهشاشة وبغياب الحريات الديمقراطية، وتدهور الوضع الاقتصادي، فالحريات العامة لا زالت غائبة، بل أن السلطة لجأت إلى تشديد القبضة الأمنية، فشملت الاعتقالات أعداداً جديدة من نشطاء الشأن العام، ونشطاء الحركة الوطنية الكردية، وصدرت بحقهم أحكام قاسية، وبقيت حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة وحرية التنظيم مقموعة، ومن جانب آخر، فقد تدهور الوضع المعيشي للجماهير الشعبية، وازداد الفساد في المفاصل الرئيسية للدولة، وزادت معدلات البطالة والهجرة الداخلية والخارجية، ولسعت سياط الجوع أوساطاً متزايدة أكثر فأكثر من جماهير الشعب السوري، وعجزت السلطة عن إيجاد حلول سليمة للوضع الاقتصادي المتردي، وبقي الشعب الكردي محروماً من حقوقه القومية والديمقراطية وزادت الإجراءات التمييزية ضده.


وانطلاقاً من ذلك، فقد أكد الاجتماع على ضرورة النضال من أجل إلغاء احتكار السلطة، وإطلاق الحريات الديمقراطية، حرية التعبير عن الرأي، حرية الصحافة، حرية التنظيم، وحرية التظاهر والإضراب، وإلغاء الأحكام العرفية وحالة الطوارئ، وتحسين الوضع المعيشي للجماهير الشعبية ومحاربة الفساد، ومن أجل إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا، وبناء الوحدة الوطنية على أسس سليمة.
ومن جهة أخرى، فقد رأى الاجتماع بأن المعارضة السورية تعاني هي الأخرى من أزمة عميقة، سواء لجهة ضعفها أو عدم نضوج رؤاها وبرامجها وبعدها عن الجماهير، وإذ استنكر الاجتماع اعتقال عدد من قيادات إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي السلمي، فقد رأى أيضاً بأن قيادة الإعلان الحالية هي التي تتحمل أسباب حالة الضعف التي يمر بها الإعلان كونها لم تقدم المبادرات والجهود اللازمة للخروج من هذه الحالة، وبقيت متشبثة بقيادة الإعلان بالرغم من انتهاء صلاحياتها منذ أكثر من سنتين.
وتوقف الاجتماع أيضاً أمام وضع الشعب الكردي في سوريا، فرأى بأنه لا يزال محروماً من كافة حقوقه القومية والديمقراطية، وتزداد وتائر الموقف الشوفيني ضده، وتتبع بحقه المشاريع الشوفينية والعنصرية، وبخاصة مشاريع الحزام العربي والإحصاء الاستثنائي لعام 1962، والمرسوم التشريعي رقم /49/ لعام 2008، ويتعرض لتمييز قومي مقيت من خلال القوانين والإجراءات والتدابير الاستثنائية، وأكد الاجتماع بأنه في الوقت الذي يستنكر فيه هذه السياسات، فإنه سيناضل من أجل تمتع الشعب الكردي في سوريا بحقوقه القومية والديمقراطية ويطالب القوى الوطنية والديمقراطية في البلاد أن تتصدى لمسؤولياتها برفض هذه السياسات، باعتبارها لا تخدم قضايا البلاد، بل على العكس من ذلك فإنها تخدم كل المتربصين بها.
وأكد الاجتماع أيضاً بأن الحزب اليساري الكردي في سوريا يقوم بالتوفيق الدقيق بين ما هو قومي كردي وبين ما هو وطني سوري، ولهذا فإنه يعتبر القضية الكردية في سوريا قضية وطنية بامتياز وقضية ديمقراطية بامتياز، وأن هذه القضية تحل في الإطار الوطني وفي إطار وحدة البلاد، ولا حل لها بمعزل عن قضايا البلاد الوطنية والاقتصادية والاجتماعية، وبمعزل عن نضال القوى الوطنية والديمقراطية، كما أكد الاجتماع أيضاً بأن الهم القومي الكردي ليس هو هم الحزب الوحيد، وإنما يمتد همه إلى كافة قضايا البلاد وإلى كافة المناطق السورية ومواطني سوريا.
رحب الاجتماع بإقامة المجلس السياسي الكردي في سوريا، واعتبره إنجازاً هاماً وكبيراً على طريق وحدة نضال الشعب الكردي في سوريا، ووحدة حركته الوطنية، وأنه يأتي في إطار العمل من أجل مواجهة الأزمة العامة والشاملة التي تعيشها الحركة الوطنية الكردية في سوريا، وفي الوقت نفسه رأى الاجتماع ضرورة تطوير هذا المجلس وحمايته وتوسيعه بحيث يضم كافة الأحزاب التي لا زالت خارجه.
وفي مجال نشاطات الحزب، فقد قدر الاجتماع عالياً النشاط السياسي للحزب بعد المؤتمر الثاني عشر سواء في المجال الكردي أو في المجال الوطني السوري العام، وكانت نتائج هذا النشاط ملموسة باتجاه تحقيق نجاحات ساهمت في تعزيز وزن الحزب على الساحة الوطنية السورية والساحة الكردية السورية، وفي هذا المجال قيم الاجتماع إيجابياً مساهمة الحزب في إقامة تجمع اليسار الماركسي في سوريا /تيم/ وكذلك الحوارات التي يقوم بها الحزب في إطار عدد من الأحزاب والشخصيات الوطنية السورية بهدف تشكيل تيار وطني ديمقراطي في سوريا يأمل الحزب إعلانه في الفترة القادمة، وكذلك النشاطات التي انتهت بإقامة المجلس السياسي الكردي في سوريا، ومن جهة أخرى فقد رأى الاجتماع بأن النجاحات التي حققها الحزب على المحور السياسي لم تترافق مع نجاحاتٍ على الصعيد الإعلامي والتنظيمي، فتم الوقوف على مكامن الخلل، وقدمت الحلول المناسبة ليتم العمل بنشاط على كافة المحاور السياسية والتنظيمية والإعلامية.
وإذ قدر الاجتماع إيجابياً أطروحات الحكومة التركية بإيجاد حل ديمقراطي سلمي للمسألة الكردية في كردستان تركيا، فقد استنكر من جهة أخرى قرار المحكمة الدستورية العليا في تركيا بحل حزب المجتمع الديمقراطي الذي لاقى رفضاً واسعاً من قبل كل الشعب الكردي ومن قبل الرأي العام العالمي، وأدان الاجتماع أيضاً الممارسات القمعية للنظام الإيراني ضد الشعب الكردي في كردستان إيران، وتمنى النجاح للتجربة الديمقراطية في كردستان العراق، وأدان الاجتماع أيضاً التعنت الإسرائيلي وقمعها المتواصل لنضال الشعب الفلسطيني، كما أدان تزايد موجة الإرهاب والعنف في المنطقة.
     القامشلي أواسط كانون الثاني  2010  
الاجتماع الموسع

للجنة المركزية للحزب اليساري الكردي في سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…