من المسؤول ؟ شام 8 أم الظروف الجوية أم الحكومة ؟؟؟ *

  بالأمس فتكت ماضغة بادرات الحبوب بمساحات واسعة من محاصيل الحبوب المزروعة في محافظة الحسكة والتي زادت عن حوالي الأربعة آلاف هكتار, وفي أمسنا القريب اجتاحتها دودة الزرع مسببة أضراراً بالغة للمساحات المزروعة واليوم جاءت الطامة الكبرى (مرض الصدأ البرتقالي والصدأ الأصفر) مكتسحة أغلبية حقول الحبوب المزروعة في سوريا وعلى وجه الخصوص في محافظتي الحسكة والرقة , وجعلت الموسم المرتقب قاب قوسين أو أدنى من الانهيار, حيث ظهر هذا الفطر بشكل خطير هذا الموسم ليصاب بشكل كبير الأقماح الطرية وخاصة ( شام 8 ) والتي وزعتها الدولة من مديريات الإكثار, كما أصيب القمح القاسي أيضاً ولكن بنسب قليلة مقارنة مع الأقماح الطرية, حيث بلغت المساحات المصابة بهذا الفطر حوالي الـ ( 200 ) ألف هكتار في محافظة الحسكة فقط وبنسب متفاوتة في درجة الإصابة.
إن ظهور هذا المرض الفطري مرتبط بالظروف المناخية ( درجات حرارة معتدلة- توافر الرطوبة ) وزراعة أصناف غير مقاومة للمرض, وعدم المتابعة الحقلية للمرض من قبل الجهات المختصة, وزيادة كمية البذار في وحدة المساحة, هذه الأسباب مجتمعة تؤدي إلى انتشار الفطر بشكل متسارع…
ولكن لنتساءل أين مديريات الزراعة مما يجري؟ هل قامت بالدور المطلوب منها تجاه هذه الآفة الفطرية؟ ومن المسؤول عن زراعة هذا الصنف ( شام 8 ) وتوزيعه على المزارعين ؟
دون شك بقيت مديريات الزراعة بصفة مراقب فقط لهذا المرض ، دون أن تقوم بأية خطوات ، أو إجراءات ملموسة لمكافحته أو للحد من انتشاره على الأقل, سوى نشرها لنصيحة مثيرة للتساؤل في الشريط الإخباري في التلفزيون الرسمي مفادها عدم الجدوى من الرش الكيميائي والاعتماد على الري المنتظم في فترة ما قبل الظهيرة, أي بما معناه أن المساحات البعلية قد فقد الأمل في المكافحة وهي النسبة الأكبر طبعاً والمساحات المروية باتت معتمدة على الظروف الجوية والسقاية فقط , ولكن يا ترى هل فعلاً المكافحة الكيماوية لا تفي بالغرض , نعم قد لا يقضى على الفطر نهائياً ، ولكن على الأقل سيساعد الرش الكيميائي على تثبيط نمو الفطر لفترة 15- 20 يوماً وبذلك يكون السنابل قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من النمو, فالتوجيه الإرشادي بعدم المكافحة الكيميائية جاء مساعداً لانتشار الفطر أكثر من القضاء عليه , ثم أن الزراعة كان لا بد لها أن تجري دراسات مستفيضة على الأصناف المقرر توزيعها على المزارعين قبل الموسم للتأكد من صلاحيتها من النواحي الحيوية والمقاومة للأمراض والرقاد وما شابه ذلك ( رغم الحديث عن حدوث طفرة في الفطر ) ..

والغريب بعد أن أصابت الآفة معظم المساحات المزروعة تقرر أن تشكل لجان لدراسة المشكلة ووضع الحلول !!!
وحول سبل المعالجة يجب انتخاب الأصناف المقاومة, وإتباع الدورة الزراعية المناسبة وعدم تكرار زراعة القمح في أماكن انتشار الإصابة ( وباعتبار أبواغ هذا الفطر تنتشر عن طريق الرياح فإن الدورة الزراعية ستكون محدودة الأثر ) , وكذلك استخدام بذور موثوق بمصدرها وإتباع التعليمات الزراعيـة من حيث كمية البذار في وحدة المسـاحة والتسميد المتوازن وعدم الإفراط في التسميد الآزوتي وتنظيم الري.
ومما يجدر ذكره هنا, هو أن المكافحة بالطيران الزراعي من قبل الحكومة كان مجدياً في مدينة مسكنة عام 1984م عندما انتشرت هذه الآفة بشكل واسع هناك , فلماذا يا ترى لم يعتمد هذا الحل في التعامل مع نفس الآفة هذه السنة ؟!
فمن المسؤول يا ترى عن تهديد الأمن الغذائي الوطني في سوريا والمتمثلة بالدرجة الرئيسية بوفرة محصول القمح كمادة إستراتيجية ؟ هل المسؤول هو شام 8 أم الظروف الجوية أم الإهمال الحكومي ؟؟

* عن جريدة صوت الأكراد ..

لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (426) نيسان 2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…