افتتاحية جريدة آزادي – بقلم رئيس التحرير
من قراءة متأنية لممارسات النظام القمعية وخصوصا في السنوات الأخيرة بحق المجتمع السوري بكل ألوان طيفه السياسي والثقافي والاجتماعي (عدا عمن هو محسوب عليه أفرادا ومجموعات) إلى جانب السياسة الشوفينية المستمرة بحق الشعب الكردي لعقود خلت ، يتجلى بوضوح أن النظام يدفع بالوضع إلى المزيد من التأزم والاحتقان ، تارة بتأليب المكونات القومية ضد بعضها البعض حينما حاك خيوط الدسيسة قبيل بدء المباراة في ملعب القامشلي آذار 2004 ، واختلاق الذريعة لقتل الأبرياء من أبناء شعبنا الكردي ، وما نتج عنها من تداعيات كادت أن تتحول إلى حرب أهلية لا تحمد عقباها لولا الحصافة وحسن التصرف من الجانبين الكردي والعربي في درء الحالة المفتعلة من مخاطر كارثية على الطرفين ، وأخرى بضرب القوى السياسية الوطنية التي تنشد محاربة الفساد وتدعو إلى أي تبدل في الوضع السياسي أو الاقتصادي وكل تجمع أو اصطفاف من شأنه التطلع نحو التغيير والتحول الديمقراطي السلمي بما فيها منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات ولجان المجتمع المدني
كما أنه لم يدخر أي وسع في هدر قدرات المجتمع السوري بكل جوانبه المادية منها والمعنوية وتجويعه وضرب ركائزه المعرفية ، والسعي الدائب لتفريغ محتواه السياسي والثقافي وخنق تطلعاته نحو أي تفاعل مع المستجدات على الساحة السياسية الدولية منها والإقليمية ….هذا إلى جانب السياسة الشوفينية التي ينتهجها النظام منذ ما يقارب الخمسة عقود من الزمن بحق الشعب الكردي في سوريا، بدءا بسياسة الإنكار وعدم الاعتراف الرسمي بواقع وجوده التاريخي كمكون أساسي من مكونات المجتمع السوري ، مرورا بقانون الإحصاء الاستثنائي لعام1962 الذي جرد مئات الألوف من هذا الشعب من جنسيته السورية ، ومشروع الحزام العربي العنصري الذي تم بموجبه منح الأراضي الزراعية الخصبة إلى فلاحين عرب من محافظتي الرقة وحلب بدل الفلاحين الأكراد من سكان المنطقة أبا عن جد ، بالإضافة إلى سياسة التعريب للبلدات والقرى والمحال التجارية والأماكن الأخرى أي بتغيير أسمائها الكردية الأصلية إلى أسماء ومسميات عربية ذلك بهدف تغيير الطبيعة الديمغرافية للمنطقة ذات الغالبية الكردية ، والأمّر من كل ذلك أن النظام كلما أطلق وعدا بمعالجة جانب (كالإحصاء الاستثنائي) دأب في تدبير إجراء أو مشروع شوفيني آخر ، فعلى سبيل المثال حينما أبدت الحكومة رغبتها عبر وفدها الوزاري الكبير عام 2008 بالاهتمام بمحافظة الحسكة ورفع وتيرة تطورها و سويتها الاقتصادية ، فوجئت المحافظة بالمرسوم التشريعي رقم 49 لعام 2008 المكمل للقانون 41 موضوع العقارات السكنية والحد من عمليات البيع والشراء مما أحدث شللا في حركة العمران وفي نشاط اقتصادي هام حينما اشترط ذلك برخص من خلال موافقات أمنية عديدة تلك التي نادرا ما يحصل عليها الكردي في المحافظة ، والآن يفاجأ حوالي 381 فلاح كردي من منطقة ديريك (المالكية) بعدم الموافقة على رخصهم وشطب أسمائهم من قيود عقود الإجار وأجر المثل بموجب القرار الصادر من مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي بالحسكة رقم 2707 تاريخ 17 / 3 / 2010 ، مما يعني نزع يدهم من أراضيهم الزراعية التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ سنين طوال والبالغة مساحتها حوالي 30000 ثلاثين ألف دونم موزعة على 78 قرية ، ومعلومات تفيد أن الجهة المعنية تعد جداول أخرى بأسماء دفعة جديدة من الفلاحين ومن ذات المنطقة ديريك (مالكية) من أجل نزع يدهم أيضا من أراضيهم ، بغية تجويع هؤلاء الفلاحين وأسرهم للضغط عليهم وتهجيرهم إما إلى أحزمة الفقر في ضواحي المدن الكبيرة كدمشق وحلب أو إلى خارج البلاد ، الأمر الذي يثير الضغينة بين هؤلاء الفلاحين وبين من يحل محلهم في استثمار تلك الأراضي وقد يؤدي إلى مشاكل جمة قد تهدد أمن واستقرار المنطقة ، لأن الفلاحين الأصليين عازمين على التمسك بأراضيهم حتى لو كلفهم ذلك حياتهم وحياة أبنائهم ، الأمر الذي يثير القلق لدى أبناء المنطقة برمتها مما تخفيه لهم الأيام القادمة ….
إن الحركة السياسية الوطنية في البلاد بكل انتماءاتها القومية والدينية بما فيها الحركة الكردية بكل فصائلها وقواها، وكذلك منظمات حقوق الإنسان ولجان ومؤسسات المجتمع المدني ، وحتى الحركة العمالية وجماهير الفلاحين والنقابات المهنية ، مدعوة كلها إلى تضافر الجهود والعمل معا من أجل التصدي لمهامها الملقاة على عاتقها عبر النشاطات الجماهيرية والمسيرات والاعتصامات الوطنية ، بغية الوقوف بحزم في وجه هذه الممارسات القمعية الظالمة وفضح تلك السياسات الجائرة التي تتبعها السلطات في تجويع العمال بتوسيع الهوة بين الأسعار والقدرة الشرائية إلى جانب تقليص فرص العمل وتزايد جيش العاطلين عن العمل ، وأضيف إليها نزع يد الفلاحين عن أراضيهم الزراعية والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في سوريا والزج بالمناضلين في غياهب السجون وعبر محاكم صورية استثنائية غير دستورية ، وفرض القبضة الأمنية على مختلف مجالات الحياة وعلى مقدرات البلاد ، وتغييب الحريات العامة من حرية التنظيم السياسي والنقابي وحرية الصحافة والنشر وحرية الرأي والكلمة من خلال ديمومة حالة الطوارئ والأحكام العرفية لعقود مضت ، إنها حقا معوقات تطور بلدنا وعوامل تخلفه عن ركب التقدم والحياة الديمقراطية ….
من هنا ، ينبغي مد جسور الثقة والتفاهم بين كل مكونات المجتمع السوري عبر حوار وطني جاد وصادق ، للقضاء على رواسب الماضي الشوفيني وجعل التعددية القومية والسياسية والدينية من عوامل القوة والتطور والتقدم كما هي في العديد من بلدان العالم المتطور ، على عكس ما يحلو للبعض أن يجعلها من أسباب الضعف والتخلف ، وأن نسعى بدأب بغية تخطي قضايا الخلاف الوطني للعمل معا من أجل وضع الركائز والأسس المعرفية والسياسية لبناء الدولة المدنية الحديثة ، التي توفر الحريات الديمقراطية و تضمن حقوق كافة مكونات المجتمع السوري بما فيها الحقوق القومية لشعبنا الكردي في إطار وحدة البلاد وبما يخدم تطورها ويزيد من تفاهم أبناء المجتمع الواحد ، دولة يسودها العدل والمساواة وفق دستور عصري لا امتياز فيه لفئة أو حزب ، وقوانين مناسبة للانتخابات والأحزاب والمطبوعات ، وتحويل الصراعات الهامشية إلى منافسة موضوعية لخدمة البلد وتطوره ، ولتتعايش ألوان الطيف السوري في تآخ دائم وعلى المحبة والوئام ..
إن الحركة السياسية الوطنية في البلاد بكل انتماءاتها القومية والدينية بما فيها الحركة الكردية بكل فصائلها وقواها، وكذلك منظمات حقوق الإنسان ولجان ومؤسسات المجتمع المدني ، وحتى الحركة العمالية وجماهير الفلاحين والنقابات المهنية ، مدعوة كلها إلى تضافر الجهود والعمل معا من أجل التصدي لمهامها الملقاة على عاتقها عبر النشاطات الجماهيرية والمسيرات والاعتصامات الوطنية ، بغية الوقوف بحزم في وجه هذه الممارسات القمعية الظالمة وفضح تلك السياسات الجائرة التي تتبعها السلطات في تجويع العمال بتوسيع الهوة بين الأسعار والقدرة الشرائية إلى جانب تقليص فرص العمل وتزايد جيش العاطلين عن العمل ، وأضيف إليها نزع يد الفلاحين عن أراضيهم الزراعية والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في سوريا والزج بالمناضلين في غياهب السجون وعبر محاكم صورية استثنائية غير دستورية ، وفرض القبضة الأمنية على مختلف مجالات الحياة وعلى مقدرات البلاد ، وتغييب الحريات العامة من حرية التنظيم السياسي والنقابي وحرية الصحافة والنشر وحرية الرأي والكلمة من خلال ديمومة حالة الطوارئ والأحكام العرفية لعقود مضت ، إنها حقا معوقات تطور بلدنا وعوامل تخلفه عن ركب التقدم والحياة الديمقراطية ….
من هنا ، ينبغي مد جسور الثقة والتفاهم بين كل مكونات المجتمع السوري عبر حوار وطني جاد وصادق ، للقضاء على رواسب الماضي الشوفيني وجعل التعددية القومية والسياسية والدينية من عوامل القوة والتطور والتقدم كما هي في العديد من بلدان العالم المتطور ، على عكس ما يحلو للبعض أن يجعلها من أسباب الضعف والتخلف ، وأن نسعى بدأب بغية تخطي قضايا الخلاف الوطني للعمل معا من أجل وضع الركائز والأسس المعرفية والسياسية لبناء الدولة المدنية الحديثة ، التي توفر الحريات الديمقراطية و تضمن حقوق كافة مكونات المجتمع السوري بما فيها الحقوق القومية لشعبنا الكردي في إطار وحدة البلاد وبما يخدم تطورها ويزيد من تفاهم أبناء المجتمع الواحد ، دولة يسودها العدل والمساواة وفق دستور عصري لا امتياز فيه لفئة أو حزب ، وقوانين مناسبة للانتخابات والأحزاب والمطبوعات ، وتحويل الصراعات الهامشية إلى منافسة موضوعية لخدمة البلد وتطوره ، ولتتعايش ألوان الطيف السوري في تآخ دائم وعلى المحبة والوئام ..
· جـريدة صـادرة عـن مـكـتب الثقـافـة والإعـلام المـركـزي لحــزب آزادي الكــردي في ســوريا – العدد (421) ايار 2010