صلاح بدرالدين
“في ذكرى استشهاده التاسعة لم أجد أفضل من إعادة ماكتبت حوله قبل أربعة أعوام”
قبل خمسة أعوام وتحديدا بين العاشر من أيار يوم الاختطاف والواحد من حزيران يوم انكشاف الجريمة خيمت غيمة سوداء داكنة على سماء بلادنا وأصيب شعبنا بنكبة أليمة ستبقى آثارها ماثلة طوال الأجيال القادمة وكوطني وقومي ديموقراطي ومثل آخرين من شرفاء القوم تابعت الحدث بالأيام والساعات حرصا على سلامة ذلك المفكر الناشط المؤمن المتنور الذي وضع نصب عينيه الوصول الى الحقيقة
“في ذكرى استشهاده التاسعة لم أجد أفضل من إعادة ماكتبت حوله قبل أربعة أعوام”
قبل خمسة أعوام وتحديدا بين العاشر من أيار يوم الاختطاف والواحد من حزيران يوم انكشاف الجريمة خيمت غيمة سوداء داكنة على سماء بلادنا وأصيب شعبنا بنكبة أليمة ستبقى آثارها ماثلة طوال الأجيال القادمة وكوطني وقومي ديموقراطي ومثل آخرين من شرفاء القوم تابعت الحدث بالأيام والساعات حرصا على سلامة ذلك المفكر الناشط المؤمن المتنور الذي وضع نصب عينيه الوصول الى الحقيقة
منتهجا طريقا محفوفا بالمخاطر في ظل نظام الاستبداد الذي لايرى الآخر المختلف بل يزيله من الوجود رافعا على الملأ مظلومية شعبه وأحقيته في الحياة الحرة الكريمة طارحا السؤال التاريخي – المحظور – الذي لم يحظ بالجواب الشافي حتى الآن : ماذا عن موقف الاسلام والاسلاميين من القضية الكردية ؟ وأين التناقض بين مبادىء الاسلام وحق تقرير مصير الشعب الكردي ؟ وقد كان الشهيد على دراية بمدى خطورة توقيت طرح السؤال والبحث عن الجواب في مرحلة بدأت تتكشف خيوط تلاقي تيارات – فسطاط – الممانعة الشوفينية من قومويين واسلامويين الناكرين لحقوق الآخر الكردي ليس في سوريا فحسب بل في ساحات تركيا وايران والعراق وبعض بلدان المنطقة الأخرى .
اسمحوا لي وبهذه المناسبة أن أعود قليلا الى الوراء وأعيد على مسامعكم عينات موجزة من تجربتي الشخصية مع هذا الحدث الجلل عبر عدة مقالات كتبتها في حينها بصورة متتالية التي تعبر عن موقفي وقراءتي لما حصل :
أولا – لقد كتبت مقالة بعد اسبوع من اختطافه (18 – 5) تحت عنوان ” مجرد اقتراح ” جاء فيها : ” ما زال المفكر الكردي الشيخ معشوق الخزنوي في عداد ” المفقودين ” منذ اختطافه يوم العاشر من نيسان ابريل الجاري من مكتب الدراسات الاسلامية في دمشق من جانب عناصر احدى الاجهزة الامنية … ان اطلاق تهمة هذه الجريمة النكراء على عاتق اجهزة المخابرات ليس جزافا (بالرغم من عدم توفر الادلة الملموسة حتى الآن وامتناع السلطة عن رد التهمة او التعليق عليها) بل يستند الى جملة من المعطيات ومنها :
1 – عادة تمارس الاجهزة القمعية في بلادنا اساليب الخطف والاختطاف ضد المعارضين 2 – بسبب الارتباك الحاصل بين اوساط النظام منذ اشهر والتململ الواضح في صفوفه خاصة بعد طرد مرتزقته وعناصر مخابراته المذل من لبنان 3 –النظام مصر على سلوك نهجه القديم واتباع اساليبه المبتذلة في التعامل مع المجتمع السوري .. في التخلص من العقلاء والشخصيات الاجتماعية ومن بينها الشيخ الخزنوي كمفكر قومي اسلامي ديموقراطي مستقل 4 – لا يسعنا هنا الا التاكيد على ان دافع السلطة الاساسي في محاولة – تغييب – الشيخ الخزنوي عن الساحتين السورية – كعالم ديني معتدل مستقل عن نفوذ النظام- والكردية – كمفكر قومي ديموقراطي – يقوم على تصور وتقارير اللواء – محمد منصورة – المسؤول الامني عن الملف الكردي ورئيس جهاز الامن السياسي الداعي الى احياء العصبيات العشائرية الكردية المتخلفة وتصفية الوطنيين الكرد اينما كانوا (بعد ان نجح خلال مهمته في الجزيرة لثلاثة عقود في تفتيت الحركة الكردية واقامة هياكل حزبية جديدة مطعمة بثقافة الحقد والانقسام وتربية شخوص لا تخرج عن فلكه) لقطع الطريق على حالة النهوض السياسي الكردي الراهن ومحاولات اعادة بناء الحركة القومية الديموقراطية الكردية لنيل الاستحقاقات في المرحلة المقبلة والتي ستكون بامس الحاجة الى امثال الشيخ الخزنوي ودوره الوطني…
للتضامن مع الشيخ في محنته ومن اجل تحقيق الموقف الوطني والديموقراطي والانساني هذا على ارض الواقع اقترح على الجميع الدعوة الى تظاهرات سلمية والمشاركة فيها وتشكيل لجنة وطنية تحضيرية للاشراف عليها وتكون شعارات التظاهرات حول حرية الشيخ الخزنوي وشعارات وطنية أخرى … كما اقترح ان تبدا التظاهرات في القامشلي وكوبانية وعفرين وتستمر في المدن السورية حتى تحقيق مطالب الشعب السوري بعربه وكرده وقومياته الاخرى.
وليعلم الجميع ان ما طرحته هو مجرد اقتراح !!!
ثانيا – في مقالة أخرى تحت عنوان ” من قتل الخزنوي ولماذا ؟ ” بتاريخ الثالث من حزيران أي بعد يومين من انكشاف الجريمة تضمنت : ” في احدث بيان لها دانت منظمة العفو الدولية السلطات السورية بالوقوف وراء مقتل الشيخ محمد معشوق الخزنوي .., ويؤسفني هنا ان استعرض قراءة بعض المجموعات الحزبية الكردية للحدث والمتسمة بالقصور المفجع والمحزن في آن والموزعة بين من اشار بحياء ووجل الى ” وجود آثار على جسد الشهيد ” و ” مسؤولية اخلاقية للسلطات ” ومن طالب في سبيل رفع العتب ” بلجنة تحقيق للوقوف على تفاصيل الجريمة ” ومن قال اثباتا للذات ” ان الصورة ضبابية ” , وكما لاحظنا فان مواقف الاطياف الكردية كانت على مسافة بعيدة من واقع الحدث وتميزت بالدوران في فلك المصالح الفئوية الفردية الضيقة واقرب الى محاولات استثمار دم الشهيد عبر الالتصاق – الفوتوغرافي – ببعض ابناء الشهيد والتزاحم في البحث عن مراسلي ومكاتب – الاقنية الفضائية – لمجرد الظهور وليس من اجل طرح موقف الاجماع الكردي بمسؤولية قومية ووطنية , وقد حذت ” جماعة الاخوان المسلمين ” حذو تلك المجموعات الكردية عندما حاولت في منابرها الاعلامية اظهار نوع من العلاقة تربط الشهيد بالحركة (وقد يكون ذلك مقصودا ومريبا) في حين الكل يعلم ان الخزنوي بفكره وسلوكه السياسي كان خصما عنيدا لدعاة – الاسلام السياسي – ومن ضمنها الجماعة نفسها… – المدخل الاجباري لاتخاذ الموقف الصحيح في الحالة الراهنة هو ادانة المنظومة الامنية الحاكمة دون تردد وبالاخص ذراعيه التوامين الضاربين (جهازي الامن العسكري والامن السياسي) وتحديدا مسؤول الملف الكردي منذ عقود ورئيس – الامن السياسي – بعد ان كان مسؤولا في – الامن العسكري – اللواء محمد منصورة وذلك بسبب مسؤوليته المباشرة في التخطيط والتنفيذ كما تدل المعلومات وقبل ذلك مشاركته الفعالة في عملية اغتيال الرئيس الحريري في بيروت , وللرجل الامني الكفوء هذا سوابق – كردية – وعلى راسها تدبير احراق سجن الحسكة المركزي للتخلص من مجموعة من خصومه الكرد لاسباب مالية وعنصرية بعد قتل ستين من السجناء حرقا , كما انه – ابدع – خلال اشرافه على عمليات الاقتتال الكردي – الكردي منذ عام 1994 بين – حزب العمال الكردستاني – والحركة الكردية في العراق او بين كرد العراق حيث نتجت عنها سقوط مئات الضحايا .. والتوقيع على اتفاقية – اضنة – ولا ننسى انه كان – مهندس – التخطيط لانقسامات الحركة الكردية في سورية وتدبير الانقلابات داخل احزابها والاتيان بوجوه وشخوص مطواعة لقاء – علاوات – مالية ومناصب منذ ان انتقل الى القامشلي في اوج سلطة – حافظ الاسد – وحتى الآن , ان التركيز على دور اللواء منصورة لا ينبع من دوافع شخصية لانه ومنذ ثلاثة عقود اصبح في قلب الاحداث الكردية وزرع داخل الحركة الكردية ارثا سياسيا موبوءا وثقافة تنضح بالفتن والصراعات الشخصية نحتاج الى زمن لتصفية آثارها….. كنت قد اوضحت في مقالة سابقة بعد يوم من الاختطاف ان مواصفات الخزنوي ونهجه الفكري والسياسي تجعله مطلوب الراس لدى اجهزة السلطة وخاصة في الظروف الراهنة ودعوت من اجل سلامته الى الاعتصامات والمظاهرات المتواصلة في المناطق الكردية واخيرا ارى من الواجب ان اقول بان – قيادات – المجموعات الحزبية الكردية لم تستوعب دروس الهبة الكردية في آذار عام 2004 حتى الآن …”
ثالثا – وفي مقالة أخرى في ” 10 – 5 – 2006 ” تحت عنوان ” نحو قيام لجنة تحقيق دولية لمتابعة قضيته “جاء فيها ” من حق الخزنوي علينا أن نتابع قضيته بعد مرور عام على استشهاده لأنها قضية قومية ووطنية وديموقراطية بامتياز فقد اختاروا حينها واحدا من بيننا وقد يقع الاختيار اليوم أوغدا على أي واحد منا والدفاع عنه هو دفاع عن كل وطني ديموقراطي معارض… لماذا لا نقوم جميعا ونتنادى من أجل تشكيل لجنة تحقيق دولية مماثلة ؟ لقد صدرت توصية من الكونفرانس الخامس لرابطة كاوا للثقافة الكردية المنعقد في اربيل عاصمة كردستان العراق (18 – 25 – 4 -2006) تدعو الى التجاوب مع ذوي الشهيد والعمل والتعاون في سبيل انجاز انجاز تلك المهمة للكشف عن قتلة أحد أبرز المثقفين الكرد في سورية وتقديم المسؤولين عن الجريمة الى محكمة دولية بعد انهاء التحقيق وندعو الى تشكيل لجنة وطنية مناصفة بين الداخل والخارج تكون مهمتها الأساسية تأمين الآلية اللازمة المادية والمعنوية لسير عملها في توثيق الوقائع والشهادات وتجميع الأدلة لتقديمها الى الهيئات العالمية المعنية ولتكون أساسا وجيها للدعوة الى تشكيل لجنة تحقيق دولية لمتابعة قضية الشهيد معشوق الخزنوي .”
رابعا – في الذكرى الثانية لاستشهاده كتبت مقالة أخرى تحت عنوان ” في الذكرى الثانية لاستشهاده .. لاتقتلوا الشيخ مرتين وجاء فيها ” .. فالجانب القومي من قضية الشيخ يتمثل في ظهوره المبكر وهو مازال في ريعان الشباب في دائرتين متداخلتين – عائلي خاص وكردي عام – كرجل دين متنور ومثقف متمكن واسع الاطلاع على تاريخ شعبه ومعاناته وشرعية نضاله , فقد ميز نفسه داخل مشيخة آل الخزنوي كممثل للتيار الأكثر قربا من الحركة القومية الكردية والمنحاز الى قضايا الكرد وحقوقهم ونضالهم أمام سياسات أجهزة السلطة…, ذلك التيار القومي المتنور الذي كان قائما داخل أسرة الخزنوي وفي المحيط الأوسع من المريدين منذ نشأة المشيخة في قرية – تل معروف – التابعة لمنطقة القامشلي ولكنه لم يزدهر ولم يتبلور بالكامل الا في عهد الشيخ الشهيد وكشهادة للتاريخ أقول بأننا وبحكم مسؤوليتنا التنظيمية في خليتنا الأولى بقرية – جمعاية – التي قادها الراحل – سيد ملا رمضان برزنجي – منذ بدايات ظهور البارتي الديموقراطي الكردستاني عن مناطق – سنجق – وحتى حدود – الرد – وشورا عمري – بما فيها – تل معروف – التي كنا نتردد اليها بين الحين والآخرلنضع اللبنات الأولى للتنظيم الحزبي ونجري الاتصالات مع عدد من شباب أسرة الخزنوي المتحمسين لقضايا شعبهم بتكتم بالغ خوفا من انكشاف أمرهم والذين كانوا يشكلون غطاء وحماية لنشاطنا وتنظيمنا هناك ومن بين أهم هؤلاء الشباب واحد مازال يسير في الخط ذاته ومن أقرب الناس الى الشيخ الشهيد ويعيش في الوطن حتى الآن .. أما مثالنا المشخص الشيخ الشهيد فانه ظهر كما أسلفنا في ظروف اسلامية وعربية اقليمية ومحلية شهدت تطورات وتبدلات في المواقع والأدوار حيث تغلغلت الأصولية الدينية في مختلف الأوساط الشعبية ونما بصورة ملحوظة حجم الاسلام السياسي لدى أبناء القوميات السائدة في معظم البلدان التي يتوزع فيها الكرد والذي وقف موضوعيا يأكثريته في خندق الأنظمة الشوفينية والاستبداد وأداة ارهابية وحجر عثرة أمام التغيير الديموقراطي وحق تقرير مصير الشعب الكردي وحقوق المرأة مما دفع الشهيد الى الوقوف ثقافيا ودعاويا أمام موجة الاسلام السياسي وفند توجهاته وعقيدته الشوفينية تجاه حقوق الكرد وفي خضم نشاطه لم يطرح شيخنا البديل كتنظيم اسلامي سياسي كردي معتبرا أن الاسلام الحقيقي يتناقض مع الشوفينية والعنصرية وأن المجتمع الكردي له خصوصياته وميزاته وأن الكرد لن يتخلوا عن طموحهم المشروع في نشدان الحرية رافضا استغلالهم باسم الدين أو حرمانهم من الحقوق القومية باسم الوحدة الاسلامية وكان على الدوام على مسافة قريبة وودية من الحركة السياسية الكردية يعتبرها من المدافعين عن الطموحات القومية ويتفاعل معها بود وصداقة وشفافية له آراءه المستقلة وتقييمه الخاص لتياراتها وقد جاهر في العديد من المناسبات عن رفضه لتسييس الدين أوأسلمة السياسة وهذا ما يدفعنا الى المزيد من تقدير واحترام فكره ومواقفه في الجانب القومي واستهجان ما يرمي اليه البعض في الاساءة الى سيرته تحت عناوين لا تستند الى الحقيقة والواقع وبعيدة كل البعد عن طبيعة ومضمون الصراع الفكري والسياسي الرئيسي الدائر داخل الحركة القومية التحررية الكردية حول الحقوق والموقع والدور والمصير وبشأن المعارضة والموالاة أو بينها من جهة والشوفينية العنصرية الأصولية من الجهة الأخرى . … هذه كانت مواصفات الشيخ الشهيد : رجل دين متنور مثقف قومي ديموقراطي ينطلق من وجود شعب كردي يشكل القومية الثانية يستحق أن يقرر مصيره يرفض مشاريع السلطة ولا ينجر اليها يصادق الحركة الكردية ولا يدعو الى اقامة أحزاب كردية اسلامية بزعامته رغم شعبيته الواسعة التي كانت تفوق بأضعاف على العديد من متزعمي المجموعات الحزبية الذين كانوا يتزاحمون في التقاط الصور الى جانبه أو من خلفه في المناسبات ثم يبدو أن بعضهم قلب له ظهر المجن بعد غيابه … ورغم مسعى البعض لتشويه صورته وتزوير الوقائع وخلط الأوراق بهدف تبرئة السلطة من جريمتها على ما يظهر سيبقى الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي رمزا للتنور الديني والأصالة القومية والثقافة الديموقراطية الواسعة والتسامح والحوار وأن قمة الوفاء لذكرى الرجل تكمن في مواصلة العمل من أجل تشكيل محكمة ذات طابع دولي للتحقيق في ظروف اغتياله كجريمة سياسية عنصرية مماثلة لسابقاتها في حالات الشهداء في الحركة التحررية الكردستانية ومن ضمنها ساحتنا مثل : – موسى عنتر – وقاسملو – وشرف كندي – ومحمد حسن – وضحايا كل من سينما شهرزاد في – عامودا – والسجن المركزي – بالحسكة – وكوكبة من مئات المناضلين في كردستان العراق , ومحاكمة الفاعلين من المقررين والمشاركين والمنفذين حتى لانقول المضللين . ”
* الحوار المتمدن – العدد: (3027 . تاريخ – 7 – 6 – 2010)
اسمحوا لي وبهذه المناسبة أن أعود قليلا الى الوراء وأعيد على مسامعكم عينات موجزة من تجربتي الشخصية مع هذا الحدث الجلل عبر عدة مقالات كتبتها في حينها بصورة متتالية التي تعبر عن موقفي وقراءتي لما حصل :
أولا – لقد كتبت مقالة بعد اسبوع من اختطافه (18 – 5) تحت عنوان ” مجرد اقتراح ” جاء فيها : ” ما زال المفكر الكردي الشيخ معشوق الخزنوي في عداد ” المفقودين ” منذ اختطافه يوم العاشر من نيسان ابريل الجاري من مكتب الدراسات الاسلامية في دمشق من جانب عناصر احدى الاجهزة الامنية … ان اطلاق تهمة هذه الجريمة النكراء على عاتق اجهزة المخابرات ليس جزافا (بالرغم من عدم توفر الادلة الملموسة حتى الآن وامتناع السلطة عن رد التهمة او التعليق عليها) بل يستند الى جملة من المعطيات ومنها :
1 – عادة تمارس الاجهزة القمعية في بلادنا اساليب الخطف والاختطاف ضد المعارضين 2 – بسبب الارتباك الحاصل بين اوساط النظام منذ اشهر والتململ الواضح في صفوفه خاصة بعد طرد مرتزقته وعناصر مخابراته المذل من لبنان 3 –النظام مصر على سلوك نهجه القديم واتباع اساليبه المبتذلة في التعامل مع المجتمع السوري .. في التخلص من العقلاء والشخصيات الاجتماعية ومن بينها الشيخ الخزنوي كمفكر قومي اسلامي ديموقراطي مستقل 4 – لا يسعنا هنا الا التاكيد على ان دافع السلطة الاساسي في محاولة – تغييب – الشيخ الخزنوي عن الساحتين السورية – كعالم ديني معتدل مستقل عن نفوذ النظام- والكردية – كمفكر قومي ديموقراطي – يقوم على تصور وتقارير اللواء – محمد منصورة – المسؤول الامني عن الملف الكردي ورئيس جهاز الامن السياسي الداعي الى احياء العصبيات العشائرية الكردية المتخلفة وتصفية الوطنيين الكرد اينما كانوا (بعد ان نجح خلال مهمته في الجزيرة لثلاثة عقود في تفتيت الحركة الكردية واقامة هياكل حزبية جديدة مطعمة بثقافة الحقد والانقسام وتربية شخوص لا تخرج عن فلكه) لقطع الطريق على حالة النهوض السياسي الكردي الراهن ومحاولات اعادة بناء الحركة القومية الديموقراطية الكردية لنيل الاستحقاقات في المرحلة المقبلة والتي ستكون بامس الحاجة الى امثال الشيخ الخزنوي ودوره الوطني…
للتضامن مع الشيخ في محنته ومن اجل تحقيق الموقف الوطني والديموقراطي والانساني هذا على ارض الواقع اقترح على الجميع الدعوة الى تظاهرات سلمية والمشاركة فيها وتشكيل لجنة وطنية تحضيرية للاشراف عليها وتكون شعارات التظاهرات حول حرية الشيخ الخزنوي وشعارات وطنية أخرى … كما اقترح ان تبدا التظاهرات في القامشلي وكوبانية وعفرين وتستمر في المدن السورية حتى تحقيق مطالب الشعب السوري بعربه وكرده وقومياته الاخرى.
وليعلم الجميع ان ما طرحته هو مجرد اقتراح !!!
ثانيا – في مقالة أخرى تحت عنوان ” من قتل الخزنوي ولماذا ؟ ” بتاريخ الثالث من حزيران أي بعد يومين من انكشاف الجريمة تضمنت : ” في احدث بيان لها دانت منظمة العفو الدولية السلطات السورية بالوقوف وراء مقتل الشيخ محمد معشوق الخزنوي .., ويؤسفني هنا ان استعرض قراءة بعض المجموعات الحزبية الكردية للحدث والمتسمة بالقصور المفجع والمحزن في آن والموزعة بين من اشار بحياء ووجل الى ” وجود آثار على جسد الشهيد ” و ” مسؤولية اخلاقية للسلطات ” ومن طالب في سبيل رفع العتب ” بلجنة تحقيق للوقوف على تفاصيل الجريمة ” ومن قال اثباتا للذات ” ان الصورة ضبابية ” , وكما لاحظنا فان مواقف الاطياف الكردية كانت على مسافة بعيدة من واقع الحدث وتميزت بالدوران في فلك المصالح الفئوية الفردية الضيقة واقرب الى محاولات استثمار دم الشهيد عبر الالتصاق – الفوتوغرافي – ببعض ابناء الشهيد والتزاحم في البحث عن مراسلي ومكاتب – الاقنية الفضائية – لمجرد الظهور وليس من اجل طرح موقف الاجماع الكردي بمسؤولية قومية ووطنية , وقد حذت ” جماعة الاخوان المسلمين ” حذو تلك المجموعات الكردية عندما حاولت في منابرها الاعلامية اظهار نوع من العلاقة تربط الشهيد بالحركة (وقد يكون ذلك مقصودا ومريبا) في حين الكل يعلم ان الخزنوي بفكره وسلوكه السياسي كان خصما عنيدا لدعاة – الاسلام السياسي – ومن ضمنها الجماعة نفسها… – المدخل الاجباري لاتخاذ الموقف الصحيح في الحالة الراهنة هو ادانة المنظومة الامنية الحاكمة دون تردد وبالاخص ذراعيه التوامين الضاربين (جهازي الامن العسكري والامن السياسي) وتحديدا مسؤول الملف الكردي منذ عقود ورئيس – الامن السياسي – بعد ان كان مسؤولا في – الامن العسكري – اللواء محمد منصورة وذلك بسبب مسؤوليته المباشرة في التخطيط والتنفيذ كما تدل المعلومات وقبل ذلك مشاركته الفعالة في عملية اغتيال الرئيس الحريري في بيروت , وللرجل الامني الكفوء هذا سوابق – كردية – وعلى راسها تدبير احراق سجن الحسكة المركزي للتخلص من مجموعة من خصومه الكرد لاسباب مالية وعنصرية بعد قتل ستين من السجناء حرقا , كما انه – ابدع – خلال اشرافه على عمليات الاقتتال الكردي – الكردي منذ عام 1994 بين – حزب العمال الكردستاني – والحركة الكردية في العراق او بين كرد العراق حيث نتجت عنها سقوط مئات الضحايا .. والتوقيع على اتفاقية – اضنة – ولا ننسى انه كان – مهندس – التخطيط لانقسامات الحركة الكردية في سورية وتدبير الانقلابات داخل احزابها والاتيان بوجوه وشخوص مطواعة لقاء – علاوات – مالية ومناصب منذ ان انتقل الى القامشلي في اوج سلطة – حافظ الاسد – وحتى الآن , ان التركيز على دور اللواء منصورة لا ينبع من دوافع شخصية لانه ومنذ ثلاثة عقود اصبح في قلب الاحداث الكردية وزرع داخل الحركة الكردية ارثا سياسيا موبوءا وثقافة تنضح بالفتن والصراعات الشخصية نحتاج الى زمن لتصفية آثارها….. كنت قد اوضحت في مقالة سابقة بعد يوم من الاختطاف ان مواصفات الخزنوي ونهجه الفكري والسياسي تجعله مطلوب الراس لدى اجهزة السلطة وخاصة في الظروف الراهنة ودعوت من اجل سلامته الى الاعتصامات والمظاهرات المتواصلة في المناطق الكردية واخيرا ارى من الواجب ان اقول بان – قيادات – المجموعات الحزبية الكردية لم تستوعب دروس الهبة الكردية في آذار عام 2004 حتى الآن …”
ثالثا – وفي مقالة أخرى في ” 10 – 5 – 2006 ” تحت عنوان ” نحو قيام لجنة تحقيق دولية لمتابعة قضيته “جاء فيها ” من حق الخزنوي علينا أن نتابع قضيته بعد مرور عام على استشهاده لأنها قضية قومية ووطنية وديموقراطية بامتياز فقد اختاروا حينها واحدا من بيننا وقد يقع الاختيار اليوم أوغدا على أي واحد منا والدفاع عنه هو دفاع عن كل وطني ديموقراطي معارض… لماذا لا نقوم جميعا ونتنادى من أجل تشكيل لجنة تحقيق دولية مماثلة ؟ لقد صدرت توصية من الكونفرانس الخامس لرابطة كاوا للثقافة الكردية المنعقد في اربيل عاصمة كردستان العراق (18 – 25 – 4 -2006) تدعو الى التجاوب مع ذوي الشهيد والعمل والتعاون في سبيل انجاز انجاز تلك المهمة للكشف عن قتلة أحد أبرز المثقفين الكرد في سورية وتقديم المسؤولين عن الجريمة الى محكمة دولية بعد انهاء التحقيق وندعو الى تشكيل لجنة وطنية مناصفة بين الداخل والخارج تكون مهمتها الأساسية تأمين الآلية اللازمة المادية والمعنوية لسير عملها في توثيق الوقائع والشهادات وتجميع الأدلة لتقديمها الى الهيئات العالمية المعنية ولتكون أساسا وجيها للدعوة الى تشكيل لجنة تحقيق دولية لمتابعة قضية الشهيد معشوق الخزنوي .”
رابعا – في الذكرى الثانية لاستشهاده كتبت مقالة أخرى تحت عنوان ” في الذكرى الثانية لاستشهاده .. لاتقتلوا الشيخ مرتين وجاء فيها ” .. فالجانب القومي من قضية الشيخ يتمثل في ظهوره المبكر وهو مازال في ريعان الشباب في دائرتين متداخلتين – عائلي خاص وكردي عام – كرجل دين متنور ومثقف متمكن واسع الاطلاع على تاريخ شعبه ومعاناته وشرعية نضاله , فقد ميز نفسه داخل مشيخة آل الخزنوي كممثل للتيار الأكثر قربا من الحركة القومية الكردية والمنحاز الى قضايا الكرد وحقوقهم ونضالهم أمام سياسات أجهزة السلطة…, ذلك التيار القومي المتنور الذي كان قائما داخل أسرة الخزنوي وفي المحيط الأوسع من المريدين منذ نشأة المشيخة في قرية – تل معروف – التابعة لمنطقة القامشلي ولكنه لم يزدهر ولم يتبلور بالكامل الا في عهد الشيخ الشهيد وكشهادة للتاريخ أقول بأننا وبحكم مسؤوليتنا التنظيمية في خليتنا الأولى بقرية – جمعاية – التي قادها الراحل – سيد ملا رمضان برزنجي – منذ بدايات ظهور البارتي الديموقراطي الكردستاني عن مناطق – سنجق – وحتى حدود – الرد – وشورا عمري – بما فيها – تل معروف – التي كنا نتردد اليها بين الحين والآخرلنضع اللبنات الأولى للتنظيم الحزبي ونجري الاتصالات مع عدد من شباب أسرة الخزنوي المتحمسين لقضايا شعبهم بتكتم بالغ خوفا من انكشاف أمرهم والذين كانوا يشكلون غطاء وحماية لنشاطنا وتنظيمنا هناك ومن بين أهم هؤلاء الشباب واحد مازال يسير في الخط ذاته ومن أقرب الناس الى الشيخ الشهيد ويعيش في الوطن حتى الآن .. أما مثالنا المشخص الشيخ الشهيد فانه ظهر كما أسلفنا في ظروف اسلامية وعربية اقليمية ومحلية شهدت تطورات وتبدلات في المواقع والأدوار حيث تغلغلت الأصولية الدينية في مختلف الأوساط الشعبية ونما بصورة ملحوظة حجم الاسلام السياسي لدى أبناء القوميات السائدة في معظم البلدان التي يتوزع فيها الكرد والذي وقف موضوعيا يأكثريته في خندق الأنظمة الشوفينية والاستبداد وأداة ارهابية وحجر عثرة أمام التغيير الديموقراطي وحق تقرير مصير الشعب الكردي وحقوق المرأة مما دفع الشهيد الى الوقوف ثقافيا ودعاويا أمام موجة الاسلام السياسي وفند توجهاته وعقيدته الشوفينية تجاه حقوق الكرد وفي خضم نشاطه لم يطرح شيخنا البديل كتنظيم اسلامي سياسي كردي معتبرا أن الاسلام الحقيقي يتناقض مع الشوفينية والعنصرية وأن المجتمع الكردي له خصوصياته وميزاته وأن الكرد لن يتخلوا عن طموحهم المشروع في نشدان الحرية رافضا استغلالهم باسم الدين أو حرمانهم من الحقوق القومية باسم الوحدة الاسلامية وكان على الدوام على مسافة قريبة وودية من الحركة السياسية الكردية يعتبرها من المدافعين عن الطموحات القومية ويتفاعل معها بود وصداقة وشفافية له آراءه المستقلة وتقييمه الخاص لتياراتها وقد جاهر في العديد من المناسبات عن رفضه لتسييس الدين أوأسلمة السياسة وهذا ما يدفعنا الى المزيد من تقدير واحترام فكره ومواقفه في الجانب القومي واستهجان ما يرمي اليه البعض في الاساءة الى سيرته تحت عناوين لا تستند الى الحقيقة والواقع وبعيدة كل البعد عن طبيعة ومضمون الصراع الفكري والسياسي الرئيسي الدائر داخل الحركة القومية التحررية الكردية حول الحقوق والموقع والدور والمصير وبشأن المعارضة والموالاة أو بينها من جهة والشوفينية العنصرية الأصولية من الجهة الأخرى . … هذه كانت مواصفات الشيخ الشهيد : رجل دين متنور مثقف قومي ديموقراطي ينطلق من وجود شعب كردي يشكل القومية الثانية يستحق أن يقرر مصيره يرفض مشاريع السلطة ولا ينجر اليها يصادق الحركة الكردية ولا يدعو الى اقامة أحزاب كردية اسلامية بزعامته رغم شعبيته الواسعة التي كانت تفوق بأضعاف على العديد من متزعمي المجموعات الحزبية الذين كانوا يتزاحمون في التقاط الصور الى جانبه أو من خلفه في المناسبات ثم يبدو أن بعضهم قلب له ظهر المجن بعد غيابه … ورغم مسعى البعض لتشويه صورته وتزوير الوقائع وخلط الأوراق بهدف تبرئة السلطة من جريمتها على ما يظهر سيبقى الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي رمزا للتنور الديني والأصالة القومية والثقافة الديموقراطية الواسعة والتسامح والحوار وأن قمة الوفاء لذكرى الرجل تكمن في مواصلة العمل من أجل تشكيل محكمة ذات طابع دولي للتحقيق في ظروف اغتياله كجريمة سياسية عنصرية مماثلة لسابقاتها في حالات الشهداء في الحركة التحررية الكردستانية ومن ضمنها ساحتنا مثل : – موسى عنتر – وقاسملو – وشرف كندي – ومحمد حسن – وضحايا كل من سينما شهرزاد في – عامودا – والسجن المركزي – بالحسكة – وكوكبة من مئات المناضلين في كردستان العراق , ومحاكمة الفاعلين من المقررين والمشاركين والمنفذين حتى لانقول المضللين . ”
* الحوار المتمدن – العدد: (3027 . تاريخ – 7 – 6 – 2010)