كوباني بين سفور داعش وضمور الكردي المسلم

 ابراهيم محمود

أي صلة وصْل يقيمها الكُردي المسلم في المجمل بين النسبة الضئيلة جداً لأحكام المعاملات، والكثيرة بما لا يقال لأحكام المعاملات في الإسلام، ليحدّد موقعه إزاء المستجدات من حوله ؟
أي هوة مخيفة تقوم بين الكردي المسلم الذي يستحيل عليه التهرب من كرديته” حيث يتربص به أخوه المسلم غير الكردي “، وإسلامه الذي يحاول من خلاله تنحية كرديته جانباً، وكأنه مخلوق مسلماً فقط، وليكون مسلماً أكثر من ” الحامل الرئيس لراية الإسلام نفسه ” ؟

أي قيمة للكردي المسلم وهو يتباهى بلحيته، أو طريقة استعماله للمسواك، أو بأدائه الفرائض الخمس، والصلاة في مواعيدها، ويترقب كل شاردة وواردة من ديار الإسلام في فلسطين ومصر والشيشان وباكستان وأفغانستان والبوسنة والهرسك والفتاوى الموجهة للقرضاوي ونظرائه، باستثناء الجاري في جهاته الكردستانية ؟
كيف يمكن القول في المنتعش بـ” انتصارات ” داعش في الجوار، وتهديداتها لبني جلدته، ونيلها منهم بطرق تنسبها إلى خانة المهووسين بقطع الرؤوس وإعدام مخالفيها، خصوصاً إذا كانوا من الكرد، ناسياً أنه إذا كان المؤجَّل قتلاً على يدي داعشي، بالطريقة هذه، فهو أضحيته تالياً ؟
ماالذي يحبّب أي بقعة ” إسلامية ” في نفس كردينا المسلم، ويهتم بأخبارها، ما عدا أي بقعة كردية، كما الحال في ” كوباني “، وهي تتعرض على مدى حول كامل ونيّف لجور الداعشي، وعنفه الدموي، وفتاويه بلاويه، وتبريكات من يذمه في الجوار، ويكفّره لهذا السبب، ولكنه يقيَّم المجاهد الإسلامي والثائر الممدوح في مواجهة الكردي الكوباني وغير الكوباني ؟ أتراها حالة موات ” الناموس “، وضمور التحسس لما يجري وهو المستهدف هنا وهناك ؟
متى يستيقظ الكردي المسلم، ليكتشف الكردي في نفسه ويصاحبه حال كل الذين يعلم بأمره باعتبارهم ” أخوتهم ” في الدين، وهم في المجمل لا ينفكون يتلمظون في انتظار اللحظة التي ينتهكونه في كل شيء؟  أإلى هذه الدرجة تحرشف جلد الكردي المسلم ، وتتسمح، وهو لا يبصر حقيقة الإسلام من حوله ؟
ألم يسمع بما كانه مشايخه: عبيدالله النهري، وسعيد بيران، وسيد رضا..الخ، وهم يتقدمون بكرديتهم دون نسيان إسلامهم، إنما يعرَّفون بكرديتهم وقد امتلأوا بطعان الكثيرين من ” أخوتهم ” في الدين الواحد، والطعان مستمرة حتى الآن ؟
أي إسلام هو هذا الإسلام، حين يجد الكردي وعلى وقع ” الله أكبر ” من يلازمون حدوده، ليله ونهاره، قراه ومدنه، وينتظرون لحظة غفلة لمداهمته، أو طعنه غيلة، واستعباده، وتنكيح نسائه لنفسه سريعاً فهو قانونه الذاتي، وفي كل مرة، حتى في هذه اللحظة الشديدة الوضوح والمقصد، يردد الكردي المأخوذ بإسلام فريد من نوعه: هذا ليس من الإسلام بشيء، ليس هذا هو الإسلام أبداً ؟ وكله علم، إن تنبه قليلاً، أن ما ناله من هذا ” الإسلام ” المرفوض لديه، لا نسخة أخرى له خارج ما يدعيه في المجمل  ؟ !
كوباني في حدادها وفي جهادها ” إنما ليس الإسلامي المعهود “، بل جهادها الكردي الكوموني، الباستيلي، والذي يكاد يعدم من لديه نظر، ليكتشف أي بسالة تتهجى ما هو كوباني .
كوباني لا تنتظر من الكردي المسلم وهو مأخوذ بحبات مسبحته التسع والتسعين، وجهاد المسلم ” خارج دار الكردي “، وهو متبغدد مكرش، غافل عما يجري حوله واقعاً مقارنة بالحادث… لا  تنتظر منه سرعة استغاثة ، وهو حق طبيعي لحظة معرفة الإسلام الفعلي، بقدر ما تطلب منه ، على الأقل ، ما يفكّره بأنه كردي، وأن كوباني جغرافيا بشر مهددون بأكثر من مجزرة أو مذبحة وانتهاكات أعراض، حيث يصمت ” أخوته ” من لغات أخرى، بشر هم أهل المكان، وشعب المكان، وقوم المكان، ومتفانو المكان باسمه المعلوم كردستانياً، وذلك أضعف الإيمان …
كوباني التي تحترق وتشتعل وتنبعث من تربتها الحية، وقلوب أبنائها وحماتها بأجناسهم وأنواعهم كافة، تظهر اليوم عقدة الداعشي، كونها الكردية، كما هو الكردي المرفوض بأكثر من معنى بصفته مسلماً، حتى لو وحد الله بطريقة داعشية، وتزيا داعشياً، وسط الصمت المريب لأخوة في الدين لم يعترفوا يوماً بعقد الأخوة هذا..

كوبانياً، ليس المطلوب أن يتخلى الكردي المسلم هذا عن إسلامه، إنما أن يعرف عن أنه كردي أولاً، وهنا فقط يمكن الحديث عن كائن يتنفس ويحيا ويشعر ويفكر ويميّز، ويقدّر الشرف بالمعنى الإنساني حق قدْره ، أي: الكُردي !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…