جان كورد
إنها الحرب والحرب تكون دامية وتجلب معها المآسي، بغض النظر عمن بدأ بها أو مهّد لاندلاعها، وبغض النظر عن الظروف التي نشبت فيها، وغزّة اليوم تتعرض للهجمات الجوية والبرية في أقسى صور الحرب وأشدها مأساة ونتائج خطيرة على مواطنيها وبنيتها التحتية وإدارتها وأسباب عيشها وبقائها… ولكن جمهور المتفرجين على هذه المأساة البشرية الكبرى كبير ومنتشر في شتى أنحاء العالم، منه دول وحكومات ومنظمات دولية وإقليمية ومن مختلف المستويات، وهو جمهور غير متفق فيما بين أفراده وجماعاته بصدد هذه الحرب. وفي دولةٍ مثل ألمانيا التي تقف مع إسرائيل لأسباب تاريخية متعلقة بالعهد النازي الذي تعرّض فيه اليهود في أوروبا إلى “الهولوكوست”، فإن نسبة 53 % من المواطنين تلقي اللوم على كلٍ من حماس وإسرائيل معاً، وليس على طرفٍ دون طرفٍ آخر في هذا الصراع الدموي الطويل الأمد.
ومن بين جمهور المتفرجين الكبير هذا، نرى عدداً من المنافقين الذين كانوا يعتبرون أنفسهم من خندق “المقاومة العربية” ضد إسرائيل، وفي مقدمتهم نظام الأسد السوري، الذي كدّس السلاح سنواتٍ طويلة واشتراه بمال الشعب السوري والشعوب العربية بذريعة أنه سيساهم به في استرداد ما احتلته إسرائيل من الأراضي السورية (هضبة الجولان) ومن ثم “تحرير فلسطين” أو وقف العدوان الإسرائيلي كحدٍ أدنى من التضامن العربي مع الشعب الفلسطيني الطامح لإقامة دولته المستقلة على أرض وطنه. إلا أن هذا النظام قد استخدم معظم ترسانته من السلاح والعتاد والجنود لتدمير سوريا بهدف اركاع الشعب الذي أعلنها ثورةً للحرية عليه، وقصف المدن السورية بها، في ذات الوقت الذي شنت الطائرات الإسرائيلية على منشآته العسكرية الهامة غاراتها الجوية مراتً ومرات، فلم يحرّك ساكناً وراح يطلق التهديدات تلو
بعضها البعض، دون شيءٍ فعلي على الأرض. وها هو رأس النظام يلقي خطاب القسم هذه المرة وهو يتاجر من جديد باسم “غزة” والقصية الفلسطينية، إلا أن صواريخه وقذائف مدافعه الثقيلة وهاوناته وبراميله المتفجرة تصب على رؤوس مواطنية وليس على رؤوس الإسرائيليين لأنه منافق حقيقةً ومتاجر وكاذب في كل خطابه السياسي والإعلامي مثل المنافقين الآخرين.
المنافق الآخر هو نظام الملالي في إيران، الذي يزعم أنه القوة العالمية الصاعدة في المنطقة، والتي تخاف منها الولايات المتحدة وترهب جانبها إسرائيل وسائر الدول العربية وتركيا، ويزعم هذا النظام أيضاً أنه سيرمي باليهود في البحر وسيمحو إسرائيل من خارطة العالم، إلا أنه ينظر إلى ما يجري في “غزة” اليوم، ويتصرّف وكأن الأمر لا يهمه أبداً، في حين أنه لا يتوانى عن إعدام الأحرار الكورد والبلوج كل يوم ويتدخل عسكرياً واستخباراتياً في الحرب السورية إلى جانب نظام الأسد بشكل سافر، كما يشدد من قبضته على عراق المالكي وعملائه في بغداد، ويحاول التوصل بأي وسيلةٍ وبأي ثمنٍ كان مع الأمريكان والأوربيين إلى اتفاقٍ على سلاحه النووي، وان اقتضى الاتفاق التنازل عن مواقفه وخطابه تجاه العداء لإسرائيل والدعم المزعوم لغزة وكذلك لربما التخلي عن دعم نظام الأسد.
المنافق الثالث في الخريطة هو حزب الله اللبناني، ورئيسه حسن نصر الله، الذي ليس إلا بوقاً دعائياً باللغة العربية لنظام الملالي في إيران، فهو يزعم باستمرار أن معركته الأساسية ضد إسرائيل، وتراه يهدد بأن الآلاف من صواريخه ستدمر نصف إسرائيل وستحول مدنه ومصايفه إلى قاعٍ صفصف، ولكن عندما تندلع الحرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين فإن حسن نصر الله يختفي في جحر ضب ويظل ساكتاً بلا سلاح أو صواريخ حتى تتوقف الحرب بدمار غزة في كل مرة وتشريد الالاف من سكانها واصابة أعدادٍ هائلة من البشر…
وهناك داعش التي تهاجم قرى ومدن الكورد المسلمين واليزيديين في سوريا وقرى المسيحيين والشيعة في العراق، ولا تحرّك ساكناً ضد إسرائيل، وكأن أمر غزة لا يعني ” دويلة الخليفة” وكأنها تنسّق في هذا المجال تنسيقاً تاماً مع المنافقين في طهران ودمشق وجنوب لبنان…
بل هناك إضافة إلى هؤلاء آخرون كثر، لا مجال لذكرهم كلهم هنا، من دولٍ وحكامٍ وجيوشٍ، مردوا على النفاق، يقولون ما لا يفعلون ساعة الجد والفعل…
بعضها البعض، دون شيءٍ فعلي على الأرض. وها هو رأس النظام يلقي خطاب القسم هذه المرة وهو يتاجر من جديد باسم “غزة” والقصية الفلسطينية، إلا أن صواريخه وقذائف مدافعه الثقيلة وهاوناته وبراميله المتفجرة تصب على رؤوس مواطنية وليس على رؤوس الإسرائيليين لأنه منافق حقيقةً ومتاجر وكاذب في كل خطابه السياسي والإعلامي مثل المنافقين الآخرين.
المنافق الآخر هو نظام الملالي في إيران، الذي يزعم أنه القوة العالمية الصاعدة في المنطقة، والتي تخاف منها الولايات المتحدة وترهب جانبها إسرائيل وسائر الدول العربية وتركيا، ويزعم هذا النظام أيضاً أنه سيرمي باليهود في البحر وسيمحو إسرائيل من خارطة العالم، إلا أنه ينظر إلى ما يجري في “غزة” اليوم، ويتصرّف وكأن الأمر لا يهمه أبداً، في حين أنه لا يتوانى عن إعدام الأحرار الكورد والبلوج كل يوم ويتدخل عسكرياً واستخباراتياً في الحرب السورية إلى جانب نظام الأسد بشكل سافر، كما يشدد من قبضته على عراق المالكي وعملائه في بغداد، ويحاول التوصل بأي وسيلةٍ وبأي ثمنٍ كان مع الأمريكان والأوربيين إلى اتفاقٍ على سلاحه النووي، وان اقتضى الاتفاق التنازل عن مواقفه وخطابه تجاه العداء لإسرائيل والدعم المزعوم لغزة وكذلك لربما التخلي عن دعم نظام الأسد.
المنافق الثالث في الخريطة هو حزب الله اللبناني، ورئيسه حسن نصر الله، الذي ليس إلا بوقاً دعائياً باللغة العربية لنظام الملالي في إيران، فهو يزعم باستمرار أن معركته الأساسية ضد إسرائيل، وتراه يهدد بأن الآلاف من صواريخه ستدمر نصف إسرائيل وستحول مدنه ومصايفه إلى قاعٍ صفصف، ولكن عندما تندلع الحرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين فإن حسن نصر الله يختفي في جحر ضب ويظل ساكتاً بلا سلاح أو صواريخ حتى تتوقف الحرب بدمار غزة في كل مرة وتشريد الالاف من سكانها واصابة أعدادٍ هائلة من البشر…
وهناك داعش التي تهاجم قرى ومدن الكورد المسلمين واليزيديين في سوريا وقرى المسيحيين والشيعة في العراق، ولا تحرّك ساكناً ضد إسرائيل، وكأن أمر غزة لا يعني ” دويلة الخليفة” وكأنها تنسّق في هذا المجال تنسيقاً تاماً مع المنافقين في طهران ودمشق وجنوب لبنان…
بل هناك إضافة إلى هؤلاء آخرون كثر، لا مجال لذكرهم كلهم هنا، من دولٍ وحكامٍ وجيوشٍ، مردوا على النفاق، يقولون ما لا يفعلون ساعة الجد والفعل…
وفي النتيجة، فإن الذين يهربون إلى الملاجىء خوفاً من الصواريخ والقذائف هم المدنيون الفلسطينيون أولاً والإسرائيليون ثانياً، الذين سيضطرون في نهاية الأمر، رغم الحروب والويلات المتكررة، وكل التهم المتبادلة، والتضحيات الجسيمة، والخسائر الكبيرة في الأرواح والأموال، إلى الجلوس مع بعضهم بعضاً، والتباحث طويلاً فيما إذا كان السلام أهم من الحرب للطرفين… وعندها سيتاجر المنافقون من جديد كما فعلوا باستمرار باسم “القضية الفلسطينية” العادلة…