ابراهيم محمود
” قالت العصفورة الأم لفراخها: إذا رأيتنَّ الداب على اثنين ” الإنسان ” وهو ينحني فطرن في الحال، لأنه ينحني لالتقاط حجارة لكي ضربكن بها.
فردت فرخة لها: لا بل سنطير فور رؤيته، إذ ربما تكون الحجارة في يده ”
من التراث الشعبي الكُردي “
=======
في سياق تشغيل ماكينة الزعامات المحلية: الكردية والإقليمية وما هو أبعد منها، ثمة مساع إلى اعتماد برنامج عمل جديد قديم لتحقيق التالي:
ضرب الكرد بالكرد، عبر الإيحاء إلى المتهيَّأ لذلك وهو أن الكرد لم يكونوا كرداً، ولن يكونوا كرداً كما يحاول ادّعاء ذلك من يحاول إيهام المحيطين به والمتابعين له بما تقدَّم، وفي الوقت الذي يُشدَّد على أن التحرك صوب هذه العملية إنما لتحقيق مكاسب طرَفية، تحزبية، فئوية ، شخصية، باسم شعار الكردايتي.
تأليب الكرد على الكرد بزعم أن هناك من لا يستحق البروز في دور قيادي، وبناء عليه، وأن لا بد من إزاحته عن الطريق قبل التفكير في أي إجراء يخص العمل بالشأن الكردي وفي خدمة الكردية.
محاولة نزع فتيل الأمان النسبي لدى من هم معَدُّون لذلك من بين الكرد من قبل جهات محلية وإقليمية، بغية الحيلولة دون القيام بأي مبادرة سلمية معينة، أو الدخول في حوار معين مع أي طرف إقليمي بما يخدم قضايا الشعوب” ومن بينها الكرد ” في المنطقة.
تجييش الوعي العدائي لدى شعوب المنطقة من قبل ساسة متنفذين أجهزة الدول الإقليمية، لإبقاء الصورة السلبية المولَّفة أو المركَّبة عن الكرد في أذهانها على حالها وأكثر من ذلك في ضوء المستجدات، كما لو أن هذه تتهددها والمصدر هم الكرد .
حدث ويحدث ذلك راهناً، وفي ضوء التقارب بين الفعاليات السياسية الكردية، بين البيشمركة وpyd، وقبل الدخول الفعلي للقوة العددية البيشمركية إلى كوباني، حيث برز أصداء أو زعيق محرك ماكينة الزعامات المحلية: الكردية والإقليمية لتفخيخ ما هو كردايتي” موحد” ضداً على الغزوة الداعشية ومن أسهموا جهاراً وسراً، و” بين بين ” في توسيع حدودها وتغذيتها هنا وهناك:
في النطاق المحلي المركزي العراقي، عبر محاولة تأليب رأي عام” عربي ” قوموي، على التحركات الكردية، وما يترتب على ذلك من منحى انفصالي عن المركز وخنق المركز بالسيطرة على مصادر الطاقة الكبرى في البلد ” كركوك- الموصل ” حيث التاريخ لما يزل مشتعلاً بنار الاستثارات، وخطوط تمرير الأفكار الاستعداثية لما تزل تشهد ازدحاماً في الاتجاهين .
وفي النطاق الكردي المحلي أيضاً، علينا ألا نمارس سلوك النعامة، وغض النظر عن تلك التصرفات التي تشير إلى أطراف ترى في تحقيق هذا المنجز القومي والشعبي الكردي، بمثابة إعلاء لصرح إيديولوجيا تحزبية محددة، وليس ما هو كردستاني.
في الجوار التركي، ثمة تداخلات خطوط اتصال وتوجيه رهانات إلى جانب اصطفافات تحزبية وكيدية وسيادية سلطوية مختلفة:
على المستوى الكردي الداخلي عبر وجود أصوات بككاوية تعتبر التقارب بين البيشمركة وpyd، نوعاً من الإخراج التركي المخابراتي ليس إلا، والنتيجة هي حصاد الويلات التي تأتي على كل ما تم تدشينه ودعمه لصالح الكرد محلياً، انطلاقاً مما هو ممكن التأثير والتنبيه، وهو وجود ذاكرة نشطة من الحساسيات الجانبية بين الجهتين، كما لو أن التقارب بينهما ليس أكثر من تصفية حسابات، وسيشكلون حجريْ رحى والمسحوق والمطحون هو الشعب الكردي الذي أمِن على نفسه كثيراً.
بالنسبة لحرّاس آلة السلطة التركية بطابعها الأتاتوركي وحتى الطوراني، لا يخفى الصدى المدوي لما هو زعاماتي فيها، جهة لفت الأنظار إلى هذا الخرق الكردي ” الإرهابي اعتباراً ” وهو ينتهك السيادة التركية، وأن التحديات تلجم المجابهة الصريحة للسلطة مع ممثلي هذا الخرق ” الكرد “.
وثمة زعامات محلية تركية، تحزبية علمانية، ودينية منقَّعة تماماً في ” كلور ” الطورانية المميت، لا تدخر جهداً لدعم كل محاولة بنيَّة إفشال أي مخطط أو ما من شأنه المس بوحدة ” تركيا التي يجب أن تبقى للترك ، وليس سوى الترك “، وداعش هو الرهان الأكبر هنا حالياً.
في الجانب المقابل، وفي سوريا، ثمة تحرك على أكثر من خط وجبهة متحركين : مع الملتفين حول النظام الذي ما زال يتنفس ويمارس سيطرته في أكثر من جهة ورقعة، وينبّه إلى نفاذ قوته بصيغ شتى، والملتفّون لهم انتماءاتهم الاثنية والمذهبية هنا، إزاء تضخيم المشروع الاستئصالي الكردي التليد ” بتمزيق سوريا ” الحبيبة “؟ “، وتوتير الجغرافيا أرضاً وسماء، وحتى من قبل من هم داخل المعارضة، أو من هم محسوبون عليها، وعلى أعلى مستوى، حيث المشاهد المرئية والمخدومة بالصوت والصورة ضامنة لأن تفعّل مثل هذه التصورات، والقوى العاملة على الأرض وكيفية توزعها، وفعلها، ودعاياتها، وصلاتها، شاهدة عيان أخرى على هذا ” القرص العنفي الديناميتي المهيَّأ للانفجار “.
في إيران، حيث التركيز السلطوي من جماعة أصحاب العمائم، على أشده، إزاء هذه القوة البيشمركية المتجهة إلى كوباني، والأكثر قابلية للنظر في بنيتها وحاملها السلطوي ” الاستطلاعاتي “، لحظة التكثيف الدعائي المذهبي والسياسي، بجعل ” الأكراد ” منصاعين لألاعيب قوى الاستكبار العالمي، أو إن شئت فقل ” رمز الشر الأكبر: أميركا “، ليتم تجريد الكرد من كل صفة دينية مجاورة ومعايشة تاريخية وجغرافيا ثقافية، ليتم الإجهاز عليهم، بالعكس، إنه الحصان الطروادي المثقَل بمؤامرات الكرد تاريخياً في المنطقة، وثمة من يتجاوب مع ضخ إعلامي مفرنس هكذا، حتى من الكرد المتأسلمين عمائمياً ودون عمائم.
ذلك يستدعي من الكرد، وليس الكرد، الحد الأقصى من اليقظة” جاهزية كاملة، بالمنطق العسكري “، لمعرفة الأرضية التي يلغّمها أعداؤهم بالقول والفعل، قبل أي خطوة يخطونها، وهي ساعة الصفر غير المسبوقة لهم للانتشار، والــ..انتصار…أو..الـ..اندثار..!؟