قناة «أورينت» السورية المعارضة تؤكّد وتوثّق انزلاقها!

هوشنك أوسي

نشرت صحيفة “الحياة” يوم 29/10/2014، مقالاً لي تحت عنوان («أورينت» السورية المعارضة «تنزلق»). وجاء ردّ قناة “أورينت” في اليوم التالي بعنوان (كاتب كردي “يستعمل”جريدة الحياة لتصفية حسابات سياسية مع أورينت)، اتهمت فيه صحيفة “الحياة” بـ”غياب السياسة التحريرية، والالتزام بالمعايير التي تعتمدها الجريدة”، وأن ذلك أفضى إلى (“استعمال” الكاتب الكردي هوشنك أوسي، صحيفة (الحياة) السعودية، لتصفية حساباته القومية مع تلفزيون “الأورينت”).
بتقديري، صحيفة “الحياة” الدوليّة، المشهود باعتدالها وهامش الحريّة المتاح فيها للتعبير عن الرأي، ليست محلّ اتهام، حتّى تدافع عن نفسها، أو أن ندافع عنها. ذلك أنها تمتلك من المراس والخبرة والتجربة والصيت والتأثير وحجم المتابعة، ما يجعل قناة “أورينت” تجتهد وتثابر لسنوات ضوئيّة حتّى تصل إلى مستوى هذه الصحيفة العريقة.
 زد على ذلك، لا عروبة الصحيفة، أو الجهة الممولة لها، ولا عروبة مدراء التحرير والمسؤولين عن الصفحات السياسيّة والثقافيّة، وحرصهم على العروبة السمحاء البعيدة عن الموروث البعثي، هي محلّ تشكيك أو اشتباه، بقدر ما أن الكثير من المعارضين السوريين، والإعلاميين في المعارضة السوريّة، الآتين من مؤسسات نظام الأسد الإعلاميّة إلى خندق المعارضة ومؤسساتها، هم محل شك واشتباه، وبحاجة إلى صكّ براءة من الموروث البعثي، وإعادة تأهيل وطني أيضاً!. وبتقديري، يجب إبعاد “الحياة” عن التباينات والاشتباكات الفكريّة والسياسيّة والثقافيّة بين السوريين، و”اتهام” الصحيفة أو بعض المسؤولين فيها، بأنهم يميلون إلى هذا الطرف على حساب الطرف الآخر!. فذهنيّة “العسس” و”الوشاية” في مسعى إثارة البلبلة بين رئاسة التحرير والمحررين في “الحياة”، لن تجدي “أورينت” نفعاً في ردّ الانتقادات الموجّهة لها.
وزادت “أورينت”في ردّها بالقول: “فبينما تستخدم (الحياة) نفسها، تسمية (عين العرب) لكوباني في عناوينها الرئيسية، أو التسميتين العربية والكردية للمدينة في مقالات الرأي، يلغي السيد هوشنك وعلى نفقة الممول السعودي (عين العرب) من مقاله هذا على صفحات (الحياة)، ومن مقال آخر منشور في العدد نفسه بعنوان (لماذا كوباني.. وليس نحن؟!) دون أن يقول له أحد شيئاً؛ إذ يبدو أن اللوبي الخاص الذي لا علاقة له بإدارة التحرير المركزية، قد أتاح للسيد هوشنك فسحة لشتم العروبة، على صفحات جريدة (الحياة) وفي أكثر من مقال (مكرر) في العدد نفسه،..”.
أولاً: الإصرار على الاسم الذي اطلقه نظام الأسد الأب على كوباني (عين العرب) منتصف السبعينات، في سياق مشروعه العنصري لتعريب المناطق الكرديّة، اعتبره إساءة للعرب والعروبة، وأنه التزام تام بالموروث البعثي الأسدي العفن. فمن يزعم معارضة النظام، عليه ألاّ يستثني مشاريعه العنصريّة ضدّ الكرد والمناطق الكرديّة في سورية، لا أن يطالب بإسقاط النظام، والإبقاء على مشاريعه وموروثه العنصري والشوفيني – الفاشي!. ولو كانت نهضة العرب والعروبة، وانتصارها ضد الظلم والاستبداد من المحيط إلى الخليج، مقتصراً على تسمية كوباني بـ”عين العرب”!، وأن العروبة لن تقوم لها قائمة إلاّ عبر الإصرار على هذه التسمية، فأن كوباني هي “عين العرب” وترليون مرّة “عين العرب”!
ثانياً: من المعيب جداً والمؤسف أكثر، أن ينزلق الردّ إلى هذا المستوى من الافتراء. فكلا المقالين المذكورين، خاليان من أيّة كلمة او لفظ أو عبارة أو تلميح، يشي بتوجيه الاهانة إلى العروبة، فما بالكم بـ”شتمها”!؟. وكان الأجدى بكاتب الردّ، (!؟) أن يذكر ولو بضع كلمات او عبارات، يستشّف منها إهانة العرب والعروبة!، لا قذف الاتهام، دونما دليل. وعليه، بسقوط الحجّة والبرهان، تسقط التهمة، ما يعني أن الأمر محض هراء في افتراء في اهتراء!.
أمّا الحديث المعيب والعبارات المقززة كـ”على نفقة الممول السعودي” و”اللوبي الخاص الذي لا علاقة له بإدارة التحرير المركزية، قد أتاح للسيد هوشنك فسحة لشتم العروبة”، فينمّ عن عبقريّة “مخابراتيّة – شارلوك هولمزية” في كشف خفايا الأمور!، تعكس مدى الالتزام بأخلاق المهنة، وعدم توجيه الإهانة للزملاء في “الحياة”، كيفما اتفق، قبل توجيهها لي!. هذه العبقريّة الأمنيّة، تليق بخريجي المؤسسات الإعلاميّة التابعة لنظام البعث وحسب، ما يجعلها فوق الردّ و”الشبهة”!.
وأضافت أورينت في معرض ردّها: “يتهم أوسي (الأورينت) بالتعصب القومي والطائفي، بينما ينضح مقاله بكل مفرداته تعصباً قوميا لكرديته… فالمقاومة الكردية في (كوباني) برأيه وحسب التعابير التمجيدية الإنشائية: “لفتت أنظار كل قنوات التلفزة والصحف العالمية وأدهشتها”…
يا مناضلي “أورينت” الأشاوس، أنا لم أفِ مقاومة كوباني حقّها، بقدر ما أوفاها الإعلام العالمي، والساسة والمثقفين والكتّاب في أمريكا وأوروبا، وقسم من الإعلام العربي، والعديد من الكتّاب والمثقفين العرب السوريين واللبنانيين. ثم أنني لم اتهم القناة بالتعصّب القومي والطائفي، بل بالانزلاق نحو هذا الدرك. وبهذا الردّ الذي أتحفتمونا به، تؤكّدون وتوثّقون على أنفسكم الانزلاق. أمّا “تعصّبي لكرديتي”؟، فاترك التحقق من ذلك للقارئ الحصيف، ولزملاء المهنة. ذلك ان مقالاتي المنشورة في صحيفة “الحياة” و”المستقبل” و”الخليج” و”مجلة الشروق” و”معهد العربيّة للدراسات”… ومنابر عربيّة أخرى، في متناول الجميع. علماً أن بعض هذه المنابر ذات توجه قومي عربي، فكيف لها أن تنشر لكاتب يتهجّم على العروبة والعرب ويشتمهم؟، ومتعصّب لكرديّته؟. زد على كل ما سلف، إذا كان هوشنك أوسي، متعصّب لكرديته و”يشتم العروبة” فلماذا اتصلت “أروينت” به مراراً وتكراراً، للمشاركة في برامجها!؟. وقد انتقدكم على شاشتكم، وجهاً لوجه!. من جهة أخرى، أيّة “تصفية حسابات سياسيّة وقوميّة” بيني وبينكم؟. هذا التوصيف، في سياق ردّكم، يؤكّد أن أداءكم حيال الملف الكردي السوري، مشوب بالعنصريّة والتشنّج والتعاطي المغرض!. وإلاّ، أيّ “حساب سياسي” بيني وبينكم، حتّى أقوم بتصفيته؟!.
ووصفت “أورينت” المقالة، موضوع الردّ، بأنه “يليق بنشرة داخلية يصدرها حزب العمال الكردستاني أو حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يناصرهما الكاتب بقوة”. وأن المقال ينطوي على “حجم التعصب القومي الذي يسكن مفردات ورؤية أوسي السياسية التي يريد أن يلبسها بالقوة (لبوساً إعلامياً مهنيا) فالتعصب القومي، والدولة القومية التي تجمع أكراد العراق وتركيا وإيران وسوريا حلال على الأكراد… بينما عند العرب: عنصرية وشوفينية!”.
أولاً: هذه إهانة مكررة لصحيفة عربيّة دوليّة، تعتبر من أهمّ وأبرز المنابر في الإعلام العربي المقروء. 
ثانياً: أين هي “الدولة القوميّة التي تجمع أكراد سورية، العراق، تركيا وإيران”! التي أتى الردّ على ذكرها؟!. فلتتحقق هذه الدولة أولاً، وسأكون مع الدولة العربيّة الواحدة، من الأندلس حتى بلاد الهند والسند!. عشرات المقالات التي كتبتها وذكرت فيها دعمي للدولة الوطنيّة، ورفضي الدولة القوميّة، رغم أن هذه الدولة حق من حقوق الكرد!. وعليه، “لا أعرف كيف أكون واضحاً مع من لا يجيد الانتباه” على حد تعبير روسو؟!.
ثالثاً: الكثير من الأصدقاء والزملاء الكرد والعرب يعرفون موقفي من حزب العمال الكردستاني ورديفه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي، حيث كتبت على مدى ثلاث سنوات خلت، عشرات المقالات النقديّة الحادّة في هذين الحزبين، في الإعلام العربي والكردي، وانتقدتهما على شاشة “أورينت” نفسها. ويمكن أن أورد هنا نموذجاً مقال “حزب الانتحار الديمقراطي” الذي نشرته “الحياة” يوم 25/5/2014، ومقال “دفاعاً عن أردوغان… دفاعاً عن تركيا” يوم 1/1/2014. زد على ذلك، قدّمت استقالتي من قناة “روج” المقرّبة من الكردستاني، احتجاجاً على سياسة البث والتحرير والموقف مع الثورة السوريّة. والكثير من العاملين الكرد والعرب يعرفون هذه التفاصيل، وأكثر منها أيضاً. وبكل تأكيد أن إدارة القناة ورئيس تحريرها، سأل من الموظفين العاملين تحت إدارته؛ من هو هوشنك أوسي؟ وهل له أي انتماء حزبي أم لا؟. وعليه، إمّا أن العاملين يزوّدون إدارتهم بمعلومات مغلوطة ومشتبه بها، أو أن الإدارة تتعمّد إيراد اتهامات ومعلومات غير صحيحة ومغرضة؟!. من جهة أخرى، يبدو أن كل من يهاجم “داعش” والمتورّطين في دعم هذا التنظيم الإرهابي، ويشيد ويدافع عن مقاومة المقاتلين والمقالات البطلات الكرديّات في كوباني، هو مناصر وموالٍ لحزب العمال الكردستاني ورديفه السوري؟!. بالمحصلّة، ليست “أورينت” ولا رئيس تحريرها، ولا الجهة الممولة لها، بالمستوى والتجربة والمراس الوطني والنضالي، ما يخولّها منحي شهادة حسن سلوك وطني وثقافي وصحافي!. نقطة، من أول السطر.
31/10/2014
مقالتي في الحياة
http://alhayat.com/Articles/5363449/-أورينت–السورية-المعارضة–تنزلق-
http://alhayat.com/Opinion/Writers/5363479
رد قناة أورينت
http://orient-news.net/index.php?page=news_show&id=82272

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…