صلاح بدرالدين
في خضم الأحداث المتسارعة بعد اعلان التحالف الدولي الحرب على – داعش – قفزت أخبار محنة الكرد الايزيديين بسنجار وصمود كوباني – عين العرب ودور رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في الحصول على موافقة تركيا وتخويل برلمان أربيل في ارسال قوات البيشمركة التي تحظى بالسمعة الإيجابية صدارة المشهدين السياسي والإعلامي محليا وإقليميا ودوليا الذي كان مبعث ارتياح كل الحريصين على إنجاح عملية القضاء على أكثر الجماعات الإرهابية خطورة في العصر الحديث ومصدر ترحيب بالدور الكردي في المشاركة بهذه المهمة النبيلة الى جانب القوى الدولية والإقليمية وأثارفي الوقت ذاته حفيظة البعض من خصوم الكرد ورافضي حقوقهم المشروعة وببالغ الأسف بينهم طيف من أفراد – المعارضات – السورية وأعضاء من كبار الضباط المنشقين عن جيش النظام .
المأخذ الأول استند الى رفض ذلك الاهتمام الدولي بحصار – كوباني – والفزعة الجوية في دك جحافل المعتدين الدواعش وغض النظر على سبيل المقارنة بمآسي ودمار وحصار مدن سورية أخرى من جانب النظام مع الاسترسال في الخيال الواسع الآفاق وتخيل وجود مؤامرة كونية لتقسيم سوريا وانشاء دولة كردستان وفي حقيقة الأمر فان المقارنة نفسها خاطئة من حيث المبدأ والمعطيات فمساهمة التحالف الدولي – العربي لفك الحصار عن كوباني تتعلق أولا وآخرا بملاحقة الدواعش قبل أن تكون دعما للكرد الذين يواجهونهم أيضا في أكثر من جبهة ومكان والتحالف قد أعلن مرارا وتكرارا أن وظيفة التحالف محاربة داعش أينما كانت وليست اسقاط نظام الأسد أو دعم الثورة السورية من جهة أخرى يتناسى هؤلاء المعترضون المشككون أن ثلاثة فصائل من تشكيلات الجيش الحر يواجهون الدواعش في قلب مدينة كوباني الى جانب المقاتلين الكرد واليوم أعلنت أربعة فصائل أخرى من هذا الجيش الاستعداد للانخراط في صفوف المدافعين عن المدينة .
المأخذ الثاني يستند متبنوه من أفراد – المعارضات – الى مبدأ عدم شرعية مشاركة قوات البيشمركة العراقية في معركة الدفاع عن كوباني واعتبارها خرقا للسيادة السورية وتدخلا خارجيا في شؤون البلاد في حين أن معارضي ( المجلس والائتلاف ) وقطاعا واسعا من الثوار السوريين ومنذ أكثر من ثلاثة أعوام نادوا ومازالوا ينادون بتدخل دولي وانساني ومناطق آمنة بحماية خارجية أمريكية وغربية وعربية رسمية ومساعدات عسكرية ومالية وسياسية كما أن معارضي ( هيئة التنسيق ) كانوا ومازالوا يرحبون بالتدخل الإيراني والروسي واذا كان التمسك بالسيادة الوطنية مبدأ لاغبار عليه فلاأعتقد أن استجابة البيشمركة لنداء أهلهم في كوباني تعد مساسا بالسيادة اذا علمنا أن تلك القوات تصنف كفدائيين وثوار في حركة تحرر وطني وليست جيوش أنظمة الغرب الامبريالي ونظم الاستبداد الإقليمي ويشرف عليها الرئيس مسعود بارزاني كقائد عام الذي يعتبره قادة – المعارضة – من مجلس وائتلاف كأكثر من صديق بل مرجعية مقررة في تعيين الممثلين الكرد السوريين في مؤسسات الائتلاف والحكومة المؤقتة والمجلس العسكري الأعلى .
المأخذ الثالث من جانب بعض – المعارضين – ينطلق من بطلان الدفاع عن كوباني – عين العرب لأن المواجهة هناك بين جماعتين ارهابيتين من صنع النظام وهما القوات الكردية التابعة لحزب العمال الكردستاني وفرعه السوري الاتحاد الديموقراطي ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية – داعش – واذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن لجماعات معارضة متأثرة بالفكر الطائفي وتحت ذريعة الانتصار للسنة أمام الصراع مع الشيعة أن تتواصل مع – داعش – وتؤيد توجهها في التوسع والسيطرة واقتراف الجرائم ؟ وكيف يمكن لجماعات معارضة أخرى أن تنسق مع جماعات – ب ك ك – السورية وتتواصل مع مسؤوليها في أكثر من موقع ومنطقة ؟ وكل ذلك يدل بالنهاية على تفكك صفوف – المعارضات – وانقسام تشكيلات الجيش الحر وغياب الموقف السياسي الموحد وانعدام القرار المركزي والضبط والربط ومايجري على الساحة الكردية السورية من ضياع وتشرذم وهجرة وفقدان الأمل من جدوى الأحزاب ماهو الا صورة مطابقة لماهو قائم على الساحة السورية العامة والمعارضة منها تحديدا .
والسؤال المطروح بإلحاح كيف السبيل للخلاص من هذا الواقع المأزوم ؟ وكما أرى فان الحل يكمن بالعودة الى الشعب واجراء المراجعة بالعمق وإعادة النظر بكل ماهو قائم من مجالس عاجزة وأحزاب فاشلة ومعارضات فاسدة ومفسدة واللجوء للاحتماء تحت مظلة شرعية قوى الثورة والجيش الحر والحراك الثوري العام للخروج بقيادة سياسية – عسكرية مشتركة لحماية الثورة ومواصلة الكفاح وإنقاذ مايمكن إنقاذه .