شنكال تضع النقاط على الحروف

م. رشيد

    منطقة شنكال جزء عزيز من كوردستان الوطن، وسكانها الإيزيديون مكون أصيل من الشعب الكوردي، والأحداث الأخيرة قطعت الشك باليقين بأن الملاذ الآمن والحضن الدافئ هو البيت الكوردي، ووحدة المصير تحتم على الجميع اليقظة والعودة إلى الجذور بالمزيد من التكاتف والتلاحم، والتخلص من حالة التخلف والخوف والعزلة والتردد والتمزق.. المفروضة عليهم وبصورة خاصةً الشنكاليين، والتي استثمرت كثيراً من قبل الانتهازيين والأصوليين خدمةً لأعداء الكورد والانسانية وتنفيذاً لمخططاتهم العنصرية المقيتة.

    تجتمع في منظومة داعش الإرهابية عصابات متوحشة ومتطرفة من تكفيرييين وشوفينيين ومجرمين، متعطشين للقتل والتشريد وانتهاك الأعراض وسلب الأموال ونشر الدمار والانحطاط، تنفيذاً لأجندات جهات دولية، وما استهدافها لشنگال وأخواتها ،إلا لفرض شروط ووقائع جديدة على الأرض لصالح جهات منخرطة في الصراع الدائر في المنطقة، استكمالاً للهجمات المتكررة على المناطق الكوردية، والضغوطات المستمرة على الإقليم وبخاصة بعد الإعلان عن إجراء إستفتاء لتقرير مصيره.

      في خضم التغيرات والتحولات الجارية في منطقة الشرق الأوسط وما ستؤول إليها، فإن المرحلة مفصلية بالنسبة للكورد عليهم استثمارها، والظروف الراهنة تفرض عليهم الحذر والحيطة، وتوحيد الصف والخطاب، وتجميع كافة الطاقات والإمكانات وعلى كافة الأصعدة وزجها في معركة الوجود المهدد من قبل القوى الظلامية، ووضع الخلافات السياسية والصراعات الحزبية جانباً.
    إقليم كوردستان العراق موضع الأمل ومنطلق النهوض لدى الكورد، وملجأ للمظلومين والمهددين من الأحرار والأبرياء بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية، ومصدر للأمن والاستقرار في المنطقة، بحكم تجربته الديمقراطية الرائدة في الإدارة والبناء والتطوير، إضافة إلى كونه مركز اقتصادي عالمي تنشط فيه الشركات والاستثمارات الدولية والاقليمية، لذلك ينبغي حمايته وتحصينه وتزويده بكافة أسباب الصمود والتصدي والتقدم،  لأنه أنموذج يضرب به المثل ويحتذى به، فالتواصل الدبلوماسي مع الخارج، والتبادل التجاري مع الأسواق العالمية لا سيما تصديرالنفط واستيراد الأسلحة منها بشكل مباشر دون المرور ببغداد مؤشرات واضحة في هذا الاتجاه.
    أثبتت الأحداث الأخيرة أن للكورد أصدقاء أخر غير جبالهم يهبون لنجدتهم من وراء الجبال والبحارليحمونهم ويثبتون أقدامهم، فها قد أصبحوا رقماً صعباً ومعتبراً في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، وشريكاً حقيقياً وفاعلاً في رسم خارطتها المستقبلية وتقرير مصيرها، فقوات البيشمركة التي كانت ومازالت رمزاً نضالياً مقدساً لدى الكورد، ومثالاً رائعاً في التضحية والفداء أصبحت اليوم الوحيدة المنظمة والمؤهلة للتحرك على الأرض، يعول عليها ويوثق بها من قبل المجتمع الديمقراطي المتحضروالمتقدم لدحر الإرهابيين المتمثل بداعش الخطيرة ومثيلاتها وتمشيطهم من المناطق الكوردية في كل من العراق وسوريا، بغطاء وتعاطف أممي وبدعم وتنسيق دولي.
    إن توفر مستلزمات ومقومات الدولة (جغرافيةُ محددة، شعبٌ موحدٌ إرادةً ولغةً..، دستورٌ عصري نافذ، اقتصادٌ داعمٌ، جيشٌ مدافعٌ “بيشمركة”،…)، مع بوادردعم ومؤازرة، ومقدمات اعتراف وشرعية (إقليمية – دولية)، إضافةً إلى وجود قيادة سياسية حكيمة ومتمرسة مخلصة برئاسة مسعود البارزاني, تؤهل إقليم كوردستان العراق ليكون مرجعية لكافة أطراف الحركة الكوردية ومن جميع الأجزاء، وتقدم لها الاستشارة والخبرة والمساعدة وفي كل المجالات.
    المجازر التي ارتكبتها الدكتاتورية البعثية في بارزان وقلعة دزة وغيرها أثمرت بيان 11 آذار1970، ثم عمليات الابادة  كفاجعة حلبجة والأنفال 1986- 1988 وضعت الملف الكوردي على طاولة مراكز القرار الدولية، وبعدها الهجرة المليونية 1991 التي فرضت الحماية الدولية وحققت الفدرالية، واليوم حماقات داعش الارهابية تمهد لإعلان الدولة الكوردية المستقلة، وحل القضية الكوردية في اطار الشرق الأوسط الجديد.

—————-  انتهت  —————–

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…