والمعافى والوعي العميق بالتحدي المصيري الذي يتعرض له شعبنا الكُردي ” هكذا مباشرة “،
منذ حين من الدهر، من قبل من يتربص به، وفي الأوج : الهجمة الداعشية المعربة
والمتأسلمة والمشرذمة الفتاكة، على امتداد مساحة تصل شرق الكردي الجغرافي بغربه
الجغرافي، وبالعكس، وكأن الكرد هم أصل بلاء المنطقة في الجهتين وغيرهما، أبعد من
حدود ” كوباني ” مغرباً، ومن حدود ” شنكال ” ومخمور
” مشرقاً، في ضوء المعاش، آن على الكاتب الكردي وفي الداخل الكردي الذي يعيش
هذا التحدي المكثف والمركَّز، أن يقول
” لا “،
وإلا فإنه لن يخسر شرف الكتابة التي يزعم أنه ينتمي إليها فحسب، إنما فضيلة
الانتماء الكردية بالمقابل، لأن التحدي لا يستثني أحداً.
وينمّيه ويربيه ويشد على
” أنيابه ” و” مخالبه ” و” أذنابه “،
طالما أنه في المجمل على تخوم الكردي ويتعطش لدم الكردي، ولشرف الكردي، ولكل ذي
اسم كردي، وحيث إنه لا يميز بين كردي ملتح، كما هو المرئي كردياً، أو أمعط، كما هو
الممكن، بين كردي أدرد، وخلافه، بين كثيف الشعر، وأصلعه، بين طويل القامة وقصيرها،
بين كبير رأس وصغيره، بين مرتدي بنطال أو جلباب، بين حاسر الرأس أو معتمر كوفية،
بين صغير أو كبير، بين مذكر وأنثى، وهذا يتطلب الخروج من الصمت المشبوه، ممن يكون
كاتباً، أو يعرَف باسم الكاتب في نطاق الجغرافيا الكردية، وأن يكتفي ولو بعبارة
واحدة ، رافضاً فيها داعش وأمثال داعش ومرابيي داعش ومرادفات داعش ومسميات شقائق
داعش ..
إذا كان الذي التزم
الصمت في النطاق الجغرافي الكردي، في خانة الكاتب الكردي، وهو يرى بأم عينه ما تقوم داعش به،
وأذناب داعش، وسفلة دعاة داعش، والقتل على النسَب، والعبث بالعِرض الكردي، وتوسيع
دائرة العنف المروع بماركة داعشية
” النخاسة “،
بوجود من ينتظرونها ويحضّرون لها ويهتمون بها، وفي الأوج مأساة ” شنكال “: أكبر من مأساة،
وأوسع من أن يحاط بها حتى اللحظة، وهو يسمع ويتحسس ما يجري، ويحاول التجاهل، فإنه
مذموم التاريخ، رذيله الحضيضي بامتياز، لا يستحق أن يكون في دائرة الكتابة
والثقافة التي يعملها باسمها فحسب، وإنما يكون غير جدير بحمل حتى الاسم الشخصي
والكردي. إنه
” كرت”
نفير عام إلى الكتاب الكرد: الآن الآن الآن وليس غداً، ممن تكون الكتابة
أساساً، منبراً للتعبير عن حقيقة ما هم عليه، وكترجمة لحقيقة ما يؤمنون به، أو
يتوقون إلى تحقيقه، أو يشددون عليه كردياً، حقاً طبيعياً لهم، ولشعبهم الكردي، كحق
أي كان في العيش المؤمَّن عليه، ومع الآخرين بسلام. إن رؤية هذا ” الفقر
” أو ” الإفقار ” الملموسين في المنابر الثقافية الكردية وبلغات
مختلفة، ومن قبل عشرات، لا بل مئات الأسماء التي تتزاحم فيما بينها في مناسبات
متلفزة، وتستعرض صورها وبهلوانياتها القومية والكردايتية، ثم تنشد الركون إلى
الصمت، والانزواء هنا أو هناك، أو تكتفي بعبارات عامة، ومن باب رفع العتب، كما هو
الآن، حيث لا ذكر لهذا الاسم : الجائحة، الوباء، الطاعون المشخَّص داعشياً.. إن كل
ذلك لا يمنح أياً من هؤلاء تلك العلامة التي تدغدغ فيه مشاعره، أو أحلامه أو تداعب
خيالاته، بقدر ما تعرّيه في سوأته الأخلاقية والاجتماعية والثقافية والاثنية في
المتن، ولأن الداعشي المتحول أنياباً ومخالب، لا يوفر أحداً، ولا يتردد في النيل
من أي كان، في صمته، أو اتخاذه هيئات تقربه منه، وتستسلم لنزواته .
لا مجال للتأجيل،
رغم أن حيناً من الدهر قد مر، ولكن إصرار الداعشية ومن وراءها، يحفّز على لزوم وحدة الصف الكردي،
لأن في قولة
” لا لداعش، ومن في مستوى داعش “،
تمايزاً، ومجابهة لداعش، إنما أيضاً، طمأنة كل من يتجبه ” يكون على الجبهة
” مقاتلاً أو حارساً يقظاً في وجه من يحاول التسلل إلى الجغرافيا الكردية،
على أن الداخل ملتحم بجبهته، وما في ذلك من رفع معنويات، والحيلولة دون ظهور كل من
تسوّل له في أن يلوذ بالفرار، أو يبحث عن مخرج له، مفضلاً الهرب على ما عداه،
وليتجرد ذاتياً من كل ما يعرَف به كردياً، أو إنسانياً . أن تكون كُردياً أو لا تكون . تلك هي المسألة !