نارين عمر
narinomer76@gmail.com
قبل أيّام وفي طريقِ عودتي من المدرسةِ إلى البيتِ, التقيتُ إحدى صديقاتي, فأخذنا نتبادل بعض الأحاديثِ خلال مسيرنا معاً, وعلى الرّغم من تجنّبي الخوضَ في مسائل السّياسيّين والحزبويّين منذ أمدٍ طويل إلا أنّنا وجدنا نفسنا نتحدّثُ عن الاتحاد السّياسيّ الذي سيتحوّلُ إلى حزبٍ واحد بعد عمليّة اندماجيّةٍ مشهودٍ لها- بحسب أقوال أولي الأمر والنّهي في أحزاب هذا الاتحاد- وعن موعدِ انعقاده, أين؟ ومتى؟ ففوجئتُ بصديقتي ترفعُ يديها الاثنتين عالياً وهي تقول بكلّ خشوعٍ وتعمّق:
narinomer76@gmail.com
قبل أيّام وفي طريقِ عودتي من المدرسةِ إلى البيتِ, التقيتُ إحدى صديقاتي, فأخذنا نتبادل بعض الأحاديثِ خلال مسيرنا معاً, وعلى الرّغم من تجنّبي الخوضَ في مسائل السّياسيّين والحزبويّين منذ أمدٍ طويل إلا أنّنا وجدنا نفسنا نتحدّثُ عن الاتحاد السّياسيّ الذي سيتحوّلُ إلى حزبٍ واحد بعد عمليّة اندماجيّةٍ مشهودٍ لها- بحسب أقوال أولي الأمر والنّهي في أحزاب هذا الاتحاد- وعن موعدِ انعقاده, أين؟ ومتى؟ ففوجئتُ بصديقتي ترفعُ يديها الاثنتين عالياً وهي تقول بكلّ خشوعٍ وتعمّق:
-سوف أدعو وأطلب أمنيّة, قولي معي آمين. فقلتُ لها: ألا يجب أن أعرف الدّعاء قبل أن أشاركك لفظ الآمين.
قالت: لي أمنيّة واحدة وحيدة من “اقليم كوردستان العراق” بأن يعلنَ أنّ مكان انعقادِ المؤتمر التّأسيسيّ للوحدة الاندماجيّة قد انتقل من “هولير” عاصمة الاقليم إلى “ديركا حمكو” أو “قامشلو” بل وإلى “قرية كرزك, Gir zerk”, فأجبتها من باب المزاح: ولماذا لا يكون في قرية “علي كاميش, Elî Gamêș؟ فأجابتْ بعد أن أخرجت من أحشائها زفراتٍ عميقة:
((لا يهمّني مكان الانعقاد تحديداً, المهمّ أن ينعقدَ في سوريا وليس في “اقليم كوردستان)). آه ليت أمنيتي تتحقّق. مع العلم أنّ هذه الصّديقة هي عضو نشيط في أحد أحزاب الاتحاد السّياسيّ وهي مندوبة عن حزبها لحضور المؤتمر, وهذا ما أثارَ الفضول لديّ, وغرس في عبّ فكري ونفسي سؤالاً طائراً:
-لماذا تحاول هذه الصّديقة أن يحقّق لها “اقليم كوردستان” هذه الأمنيّة؟ فما كان منّي إلا أن ألححتُ عليها للإجابة, إلا أنّها رفضتْ, وأجابتني:
عليك أن تتوصّلي بنفسكِ إليها, لأنّها واضحة وجليّة لا تحتاجُ إلى تفكير عميق. حلّفتها بكلّ غال أن تجيبني ولكن دون جدوى. فما كان منّي إلا أن استأذنتها بالانصراف وفكري يطرحُ عشرات الاحتمالات والإجابات:
هل هي تتمنّى ذلك لأنّها تدركُ أنّ هذه الوحدة الاندماجيّة ستقومُ على أسسٍ وأركانٍ هشّة غير سليمة على اعتبارِ أنّ المقوّمات والشروط الموجبة لإقامة مثل هذه الوحدة غير متوفّرة فيها بحسبِ الأعراف والقوانين الرّسميّة المتعارف عليها في النّظام الدّاخليّ لكلّ حزب؟ أم أنّ قيادات هذه الأحزاب في رأيها لا يمكنهم فعل شيءٍ حقيقيّ للحزب الوحدويّ الذي سيتشكّل وهم غير قادرين على تحقيق المطلوب إليها على الصّعيدين القوميّ والوطنيّ لإدراكها الجيّد بأنّ هذه القيادات قد تشكّلت منذ فترة وقبل انعقادِ المؤتمر, وأنّ المؤتمر هو تحصيل حاصل من حيث النّتائج والمسوّغات؟ أم أنّها تتمنّى ذلك لأنّها تدرك وتعي أنّ نصف الأعضاء الذين سيحضرون المؤتمر قد قاتلوا واستبسلوا إلى أن وصلوا إلى غايتهم, مستَخْدمين في ذلك شتّى أساليب الحِيَل والخداع والنّفاق, والبعض منهم صاروا تابعين وأتباع تابعين وأتباع أتباع التّابعين للآخرين محاولين بذلك تحويل المستحيلات السّبعة وربّما الأكثر من سبعة إلى ممكنات؟
وعندما أعياني التّفكير, وخانتني لفظة “أم” في البحث عن إجابة أو إجابات, استشرتُ الآخرين في ذلك, فتلقيتُ إجاباتٍ واستفساراتٍ لا أعلم إن كانت شافية ووافية أم لا؟
البعض أكّدَ على أنّ هذه الوحدة لن تتمّ, وإن تمّت لن تستمرّ في الدّوام, بل وكشفوا عن مخاوفهم من أن نتلقى خبر ولادةِ “أربعة عشر” حزباً بدل “أربعة أحزاب” هذا إذا لم تمّ تثبيت البعض في القيادة, وأهمل القياديون الآخرون, ليردّ البعض الآخر على الفور: قد لا يحصل ذلك لأنّنا نظنّ أنّ القياديين القدامى قد قسّموا الكراسي فيما بينهم, وارتضوا بمبدأ التّوافق وتوزيع المهّمّات. فجأة هبّ أحد الحاضرين هبّة الرّيح القويّة وقال: يا جماعة! كفاكم نقاشاً وحواراً في هذا الموضوع. كفاكم مضيعة للوقتِ, أقسمُ بجماجم معظم القياديين في الاتحاد السّياسيّ بأنّ الحزب القادم هو حزب القياديّين بامتيازٍ, هؤلاء الذين طبّلوا وزمّروا لهذه الوحدة ليحافظوا على بقائهم الذي ظنّوا أنّه بات مهدّداً في الآونةِ الأخيرة, فلا تتعبوا دماغكم بالتّفكير أكثر من ذلك لأنّ المؤتمر سُينجَزُ, والوحدة ستتمّ ولن تحصل خلافات كبيرة لأنّ المعظم اتفقَ على ما خطّطوا له, طبعاً بمباركة بعض الأعضاء الآخرين الذين تمّ اختيارهم في الّلجان المنطقيّة والفرعيّة والمحليّة, ومن ثمّ تمّ اختيارهم واختيار البعض الآخر كمندوبين للمؤتمر. ما إن تفوّه هذا بهذا الكلام حتّى أتمم آخر كلامه بالقول:
-نعم, معظم ما نطق به صاحبنا صحيحٌ. وأضيف معلومة أخرى بحسب ما تردنا من أصحاب الشّأن والأمر بأنّ هؤلاء القياديّين قسّموا فيما بينهم الأدوار بشكلٍ منظّم, حيث أقنعَ البعض منهم البعض الآخر بأنّكم إذا انتخبتمونا في الكتلة الضّامنة فإنّنا نضمنكم كقياديّين في انتخاباتِ القيادة في المؤتمر نفسه, وبذلك سيضمنُ الجميعُ حقّه, مع الإشارة إلى معلومةٍ مهمّةٍ جدّاً تفيد بأنّ القياديّين المخضرمين والمحنّكين قد بحثوا عن الشّخصِ الأضعف في كلّ حزبٍ, ووعدوه بالقيادةِ والرّيادةِ ليكونوا هم المسيطرين على الموقف دوماً, وليصبح هؤلاء الضّعفاء كخواتم سليمان بين أناملهم ثمّ أضاف: طبعاً كلّ ذلك سيتمّ طبعاً عبر عمليّةٍ ديمقراطيّةٍ سليمة وأمام وسائل الإعلام الكوردستانيّة والعالميّة لا تثير جدلاً أو شكوكاً في النّفوس والعقول. ليتابع آخر: لا تنسوا أنّ نصف هؤلاء سيذهبون إلى المؤتمر ليظلّوا في كوردستان, ولن يعودوا إلى ديار الوطن, ورأوا في هذا المؤتمر سبيلهم الأسلم والأكثر ضماناً لهم ولأولادهم فإذا انعقد في سوريا فإنّني أقسم بكلّ غالٍ ونفيس أنّ نصف المؤتمرين بل وأكثر لن يحضروا, وسوف يهربوا ويتهرّبوا ويتحجّجوا بطرق ما هم اعتادوا عليها في مرّاتٍ عدّة من قبل كما فعل بعض القيادييّن من قبل, وكما فعل بعض الكتّاب والصّحفييّن والشّعراء كذلك.
سمعتُ إلى كلّ هذا وحيرة مجنونة حاصرتني من كلّ الجهات, فما كان منّي إلا أن رفعتُ يديّ مثلها إلى الأعلى, وقلت:
((لا يهمّني مكان الانعقاد تحديداً, المهمّ أن ينعقدَ في سوريا وليس في “اقليم كوردستان)). آه ليت أمنيتي تتحقّق. مع العلم أنّ هذه الصّديقة هي عضو نشيط في أحد أحزاب الاتحاد السّياسيّ وهي مندوبة عن حزبها لحضور المؤتمر, وهذا ما أثارَ الفضول لديّ, وغرس في عبّ فكري ونفسي سؤالاً طائراً:
-لماذا تحاول هذه الصّديقة أن يحقّق لها “اقليم كوردستان” هذه الأمنيّة؟ فما كان منّي إلا أن ألححتُ عليها للإجابة, إلا أنّها رفضتْ, وأجابتني:
عليك أن تتوصّلي بنفسكِ إليها, لأنّها واضحة وجليّة لا تحتاجُ إلى تفكير عميق. حلّفتها بكلّ غال أن تجيبني ولكن دون جدوى. فما كان منّي إلا أن استأذنتها بالانصراف وفكري يطرحُ عشرات الاحتمالات والإجابات:
هل هي تتمنّى ذلك لأنّها تدركُ أنّ هذه الوحدة الاندماجيّة ستقومُ على أسسٍ وأركانٍ هشّة غير سليمة على اعتبارِ أنّ المقوّمات والشروط الموجبة لإقامة مثل هذه الوحدة غير متوفّرة فيها بحسبِ الأعراف والقوانين الرّسميّة المتعارف عليها في النّظام الدّاخليّ لكلّ حزب؟ أم أنّ قيادات هذه الأحزاب في رأيها لا يمكنهم فعل شيءٍ حقيقيّ للحزب الوحدويّ الذي سيتشكّل وهم غير قادرين على تحقيق المطلوب إليها على الصّعيدين القوميّ والوطنيّ لإدراكها الجيّد بأنّ هذه القيادات قد تشكّلت منذ فترة وقبل انعقادِ المؤتمر, وأنّ المؤتمر هو تحصيل حاصل من حيث النّتائج والمسوّغات؟ أم أنّها تتمنّى ذلك لأنّها تدرك وتعي أنّ نصف الأعضاء الذين سيحضرون المؤتمر قد قاتلوا واستبسلوا إلى أن وصلوا إلى غايتهم, مستَخْدمين في ذلك شتّى أساليب الحِيَل والخداع والنّفاق, والبعض منهم صاروا تابعين وأتباع تابعين وأتباع أتباع التّابعين للآخرين محاولين بذلك تحويل المستحيلات السّبعة وربّما الأكثر من سبعة إلى ممكنات؟
وعندما أعياني التّفكير, وخانتني لفظة “أم” في البحث عن إجابة أو إجابات, استشرتُ الآخرين في ذلك, فتلقيتُ إجاباتٍ واستفساراتٍ لا أعلم إن كانت شافية ووافية أم لا؟
البعض أكّدَ على أنّ هذه الوحدة لن تتمّ, وإن تمّت لن تستمرّ في الدّوام, بل وكشفوا عن مخاوفهم من أن نتلقى خبر ولادةِ “أربعة عشر” حزباً بدل “أربعة أحزاب” هذا إذا لم تمّ تثبيت البعض في القيادة, وأهمل القياديون الآخرون, ليردّ البعض الآخر على الفور: قد لا يحصل ذلك لأنّنا نظنّ أنّ القياديين القدامى قد قسّموا الكراسي فيما بينهم, وارتضوا بمبدأ التّوافق وتوزيع المهّمّات. فجأة هبّ أحد الحاضرين هبّة الرّيح القويّة وقال: يا جماعة! كفاكم نقاشاً وحواراً في هذا الموضوع. كفاكم مضيعة للوقتِ, أقسمُ بجماجم معظم القياديين في الاتحاد السّياسيّ بأنّ الحزب القادم هو حزب القياديّين بامتيازٍ, هؤلاء الذين طبّلوا وزمّروا لهذه الوحدة ليحافظوا على بقائهم الذي ظنّوا أنّه بات مهدّداً في الآونةِ الأخيرة, فلا تتعبوا دماغكم بالتّفكير أكثر من ذلك لأنّ المؤتمر سُينجَزُ, والوحدة ستتمّ ولن تحصل خلافات كبيرة لأنّ المعظم اتفقَ على ما خطّطوا له, طبعاً بمباركة بعض الأعضاء الآخرين الذين تمّ اختيارهم في الّلجان المنطقيّة والفرعيّة والمحليّة, ومن ثمّ تمّ اختيارهم واختيار البعض الآخر كمندوبين للمؤتمر. ما إن تفوّه هذا بهذا الكلام حتّى أتمم آخر كلامه بالقول:
-نعم, معظم ما نطق به صاحبنا صحيحٌ. وأضيف معلومة أخرى بحسب ما تردنا من أصحاب الشّأن والأمر بأنّ هؤلاء القياديّين قسّموا فيما بينهم الأدوار بشكلٍ منظّم, حيث أقنعَ البعض منهم البعض الآخر بأنّكم إذا انتخبتمونا في الكتلة الضّامنة فإنّنا نضمنكم كقياديّين في انتخاباتِ القيادة في المؤتمر نفسه, وبذلك سيضمنُ الجميعُ حقّه, مع الإشارة إلى معلومةٍ مهمّةٍ جدّاً تفيد بأنّ القياديّين المخضرمين والمحنّكين قد بحثوا عن الشّخصِ الأضعف في كلّ حزبٍ, ووعدوه بالقيادةِ والرّيادةِ ليكونوا هم المسيطرين على الموقف دوماً, وليصبح هؤلاء الضّعفاء كخواتم سليمان بين أناملهم ثمّ أضاف: طبعاً كلّ ذلك سيتمّ طبعاً عبر عمليّةٍ ديمقراطيّةٍ سليمة وأمام وسائل الإعلام الكوردستانيّة والعالميّة لا تثير جدلاً أو شكوكاً في النّفوس والعقول. ليتابع آخر: لا تنسوا أنّ نصف هؤلاء سيذهبون إلى المؤتمر ليظلّوا في كوردستان, ولن يعودوا إلى ديار الوطن, ورأوا في هذا المؤتمر سبيلهم الأسلم والأكثر ضماناً لهم ولأولادهم فإذا انعقد في سوريا فإنّني أقسم بكلّ غالٍ ونفيس أنّ نصف المؤتمرين بل وأكثر لن يحضروا, وسوف يهربوا ويتهرّبوا ويتحجّجوا بطرق ما هم اعتادوا عليها في مرّاتٍ عدّة من قبل كما فعل بعض القيادييّن من قبل, وكما فعل بعض الكتّاب والصّحفييّن والشّعراء كذلك.
سمعتُ إلى كلّ هذا وحيرة مجنونة حاصرتني من كلّ الجهات, فما كان منّي إلا أن رفعتُ يديّ مثلها إلى الأعلى, وقلت:
-آمين يا ربّ العالمين.. آمين يا “اقليم كوردستان”, ولتتحقّق أمنيتها في القريب العاجل على الرّغم من أنّ موعد انعقاد المؤتمر قد حُدّد في بداية شهر آذار, والكلّ هنا يعدّ الأيّام بل الدّقائقَ والثّواني في انتظار المؤتمر الحلم, المؤتمر المنقذ والمخلّص.