نوراي مرت
ترجمة: عدنان بدرالدين
ترجمة: عدنان بدرالدين
في ظروف مختلفة، كان التحالف بين حكومة حزب العدالة والتنمية والحركة السياسية الكردية سيبدو مؤشرا على أمل كبير. وبإعتبار أن المسألة الكردية شكلت على الدوام جانبا مهما من عملية الدمقرطة ، فإن أية مصالحة محتملة مع الحكومة كانت ستكون بمثابة فرصة كبيرة لدمقرطة تركيا ذاتها. بيد أن التحالف المضمر بين الزعيم المعتقل لحزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان والحكومة تفرز مخاطر متزايدة تفاقم أكثر من تعقيد الأزمة السياسية الراهنة أكثر من أي شيئ آخر.
من المفهوم تماما أن الكرد لايريدون الدخول في مواجهة مع الحكومة لأن ذلك قد يعرض “عملية السلام” للخطر. والواقع أن الكرد دفعوا، على مدى عقود من الزمن، أكلافا باهظة للغاية للوصول إلى هذه المرحلة، ولهذا فهم حريصون على أن لايفوتوا على أنفسهم هذه الفرصة بالإنخراط في الصراع الداخلي الذي يشتد أواره داخل الإئتلاف الحاكم المحافظ . علاوة على ذلك، فإنهم متوجسون من إمكانية تحقيق أطراف سياسية ذات نزعه قومية الإنتصار على رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزبه. وأخيرا، فإن حركة غولن معروفة بموقفها الإنتقادي من المفاوضات التي تجرى مؤخرا مع أوجلان، بالإضافة إلى أن أحد الأحزاب المعارضة هو حزب الحركة القومية المتطرف، بينما الحزب الآخر هو حزب الشعب الجمهوري الذي لايعد بأي أمل بالتوصل إلى حل للقضية الكردية. الكرد يعتقدون، وهم في ذلك على صواب، بأن خسارة أردوغان للسلطة سيؤدي إلى إشتداد النزعة القومية، ولهذا يعتقدون بأنهم مقابل دعمهم لأردوغان للخروج من الأزمة الراهنة سيعززون فرص عملية السلام.
بيد أن ذلك يعد على قدر كبير من سوء التقدير لأكثر من سبب: أولا، لأنه لايمكن إلا أن يفهم ككونه “خطوة غير لائقة” من خلال مد اليد لرئيس الوزراء لتبرئته ليس فقط من تحقيقات الفساد الجارية، بل أيضا لسلوكه الإستبدادي في مواجهة المزاعم التي يواجهها. لا أدري إن كان هذا التحالف سيصمد أو أنه سينتهي إلى الفشل، لكن الأكيد أنه سيؤدي، في نهاية المطاف، إلى فقدان الحركة السياسية الكرديه لشرعيتها كحركة تناضل من أجل الديمقراطية ويفقدها ميزتها الأخلاقية، هذا إذا نحينا جانبا الأصوات المنتقدة التي باتت ترتفع، حتى من أوساط الديمقراطيين والليبراليين اليساريين الذي كانوا على الدوام من الداعمين للحركة الكردية، في تعبيرعن إستياءهم من السياسه الكردية التي يفرزها هذا التحالف الغير لائق. وفي الوقت الذي تنزلق فيه تركيا نحو نظام أكثر إستبدادا، فإنه يصعب على الديمقراطيين على نحو متزايد القبول بالحسابات السياسية الكردية.
ثانيا، تبدو فرص إستمرار هذا الحلف في النجاح ضئيلة مقارنة بإمكانيات فشله وذلك لأن حزب العدالة والتنمية سيكون حذرا للغاية في هذا المضمار حماية لنفسه من إنتقادات القوميين، ولهذا فأنه لن يقدم الكثير فيما يخص عملية السلام بالإضافة إلى أن عملية السلام هذه ظلت حتى الآن حكرا على المخابرات التركية وليس هناك في الأفق مايرجح إلى أنها قد تذهب إلى أبعد من ذلك في المدى المنظور، بمعنى أنه على الأرجح سيتوجب على الكرد وزعيمهم أن ينتظروا طويلا قبل الإعتراف بهم كلاعبين شرعيين في مفاوضات سياسية جادة.
صحيح أن حزب السلام والديمقراطية الكردي حريص على أن ينتقد على قدم المساواة كل من طرفي الصراع، أي حركة غولن والحكومة، بيد أن الواقع هو أن الحزب الكردي وأوجلان لم يترددا في وصم القضية برمتها كمحاولة “إنقلاب” على الحكومة منذ البداية. أكثر من ذلك فإنهما إتفقا معها على أن هناك “مؤامرة دولية” تحاك ضد الحكومة ممثلة ب”الدوائر الرأسمالية التي تتخذ من لندن مقرا لها”، وأوساط في شيكاغو، واللوبي اليهودي، واللوبي الأرمني، والقوميين اليونانيين مشخصة هؤلاء جميعا كعوامل فاعلة في مؤامرة ذات أبعاد دولية. وقد شكل هذا الجانب الأكثر إيلاما لدى العديد من القوى الديمقراطية في تركيا التي شعرت بخيبة أمل من الخطاب السياسي الكردي. ويبدو أنه، في نهاية المطاف، وجد أنصار نظرية المؤامرة الأتراك نظيرهم الكردي لفرض السياسات الإستبدادية في البلاد.
أخيرا، وبصرف النظر عن المسائل المبدئية، فإن هناك جرعة كبيرة من سوء التقدير من جانب الكرد عندما يعقدون الآمال على الحزب الحاكم الذي فقد الكثير من شرعيته على الجبهات الداخلية والإقليمية والدولية. السلام الكردي هو قضية إقليمية ودولية، ناهيك عن كونه قضية داخلية بإمتياز، ولهذا فليس بإمكان حزب من شاكلة حزب العدالة والتنمية يعاني من كل جوانب الضعف هذه أن ينخرط في المشاركة في مثل هذه القضية الخطيرة، ناهيك عن حلها.
* المقالة مترجمة عن نصها الأصلي المنشور في الموقع الإلكتروني لصحيفة – حرييت ديلي نيوز- التركية الصادرة باللغة الإنكليزية بتاريخ 27/1/2014 .
بيد أن ذلك يعد على قدر كبير من سوء التقدير لأكثر من سبب: أولا، لأنه لايمكن إلا أن يفهم ككونه “خطوة غير لائقة” من خلال مد اليد لرئيس الوزراء لتبرئته ليس فقط من تحقيقات الفساد الجارية، بل أيضا لسلوكه الإستبدادي في مواجهة المزاعم التي يواجهها. لا أدري إن كان هذا التحالف سيصمد أو أنه سينتهي إلى الفشل، لكن الأكيد أنه سيؤدي، في نهاية المطاف، إلى فقدان الحركة السياسية الكرديه لشرعيتها كحركة تناضل من أجل الديمقراطية ويفقدها ميزتها الأخلاقية، هذا إذا نحينا جانبا الأصوات المنتقدة التي باتت ترتفع، حتى من أوساط الديمقراطيين والليبراليين اليساريين الذي كانوا على الدوام من الداعمين للحركة الكردية، في تعبيرعن إستياءهم من السياسه الكردية التي يفرزها هذا التحالف الغير لائق. وفي الوقت الذي تنزلق فيه تركيا نحو نظام أكثر إستبدادا، فإنه يصعب على الديمقراطيين على نحو متزايد القبول بالحسابات السياسية الكردية.
ثانيا، تبدو فرص إستمرار هذا الحلف في النجاح ضئيلة مقارنة بإمكانيات فشله وذلك لأن حزب العدالة والتنمية سيكون حذرا للغاية في هذا المضمار حماية لنفسه من إنتقادات القوميين، ولهذا فأنه لن يقدم الكثير فيما يخص عملية السلام بالإضافة إلى أن عملية السلام هذه ظلت حتى الآن حكرا على المخابرات التركية وليس هناك في الأفق مايرجح إلى أنها قد تذهب إلى أبعد من ذلك في المدى المنظور، بمعنى أنه على الأرجح سيتوجب على الكرد وزعيمهم أن ينتظروا طويلا قبل الإعتراف بهم كلاعبين شرعيين في مفاوضات سياسية جادة.
صحيح أن حزب السلام والديمقراطية الكردي حريص على أن ينتقد على قدم المساواة كل من طرفي الصراع، أي حركة غولن والحكومة، بيد أن الواقع هو أن الحزب الكردي وأوجلان لم يترددا في وصم القضية برمتها كمحاولة “إنقلاب” على الحكومة منذ البداية. أكثر من ذلك فإنهما إتفقا معها على أن هناك “مؤامرة دولية” تحاك ضد الحكومة ممثلة ب”الدوائر الرأسمالية التي تتخذ من لندن مقرا لها”، وأوساط في شيكاغو، واللوبي اليهودي، واللوبي الأرمني، والقوميين اليونانيين مشخصة هؤلاء جميعا كعوامل فاعلة في مؤامرة ذات أبعاد دولية. وقد شكل هذا الجانب الأكثر إيلاما لدى العديد من القوى الديمقراطية في تركيا التي شعرت بخيبة أمل من الخطاب السياسي الكردي. ويبدو أنه، في نهاية المطاف، وجد أنصار نظرية المؤامرة الأتراك نظيرهم الكردي لفرض السياسات الإستبدادية في البلاد.
أخيرا، وبصرف النظر عن المسائل المبدئية، فإن هناك جرعة كبيرة من سوء التقدير من جانب الكرد عندما يعقدون الآمال على الحزب الحاكم الذي فقد الكثير من شرعيته على الجبهات الداخلية والإقليمية والدولية. السلام الكردي هو قضية إقليمية ودولية، ناهيك عن كونه قضية داخلية بإمتياز، ولهذا فليس بإمكان حزب من شاكلة حزب العدالة والتنمية يعاني من كل جوانب الضعف هذه أن ينخرط في المشاركة في مثل هذه القضية الخطيرة، ناهيك عن حلها.
* المقالة مترجمة عن نصها الأصلي المنشور في الموقع الإلكتروني لصحيفة – حرييت ديلي نيوز- التركية الصادرة باللغة الإنكليزية بتاريخ 27/1/2014 .