ما بين المخفي والظاهر في رسالتَي «بوريس جونسون ومحي الدين شيخ آلي» .!

عنايت ديكو
لقد ودعنا شهر” النوروز”، والربيع يزدهر في الجبال زهوراً وعطوراً . وما زالت الشعوب النوروزية وبمناسبة أعياد الربيع ترسل التهاني والبرقيات والرسائل والتبريكات لبعضها بعضاً، وما زال بعضنا الآخر يحتفل. يرقص. ويغني للربيع وللنوروز . وعلى الجانب الآخر من العالم بَعثَت الكثير من الحكومات والرؤساء والبرلمانات والشخصيات السياسية والعلمية والثقافية والاجتماعية في العالم رسائل التهنئة للشعوب النوروزية ، وكان للشعب الكوردي النصيب الأبرز في تسلمه رسائل التهنئة والتبريكات ، وأيضاً كان له قسطٌ وافرٌ وكبير في إعلاء نار نوروز وشعلته الأبدية . ويأتي هذا كنتيجة طبيعية للتضحيات الجسام والتاريخ النوروزي الكبير الذي يحتضنه هذا الشعب . 
وهذه السنة ومن بين الآلاف من الرسائل والتبريكات النوروزية ، كانت هناك رسالتان مختلفتان في الشكل والمضمون وتحاكيان وتباركان الشعب الكوردي ونوروزه هذا العام ، لكن بمضامينٍ وعلاماتٍ فارقة جداً .
 الرسالة النوروزية الأولى جاءت من السيد ” بوريس جونسون ” المسؤول الأرفع في الدبلوماسية البريطانية ، وقد بعث بتحياتهِ وتحيات الشعب والمملكة المتحدة الى إقليم كوردستان حكومة وشعباً ، مخاطباً السيد ” مسعود البارزاني ” بعبارات مثل ( العزيز. وسيادة الرئيس … ورئيس الاقليم  …). الى نهاية الرسالة من كلماتٍ دبلوماسية منمقة وراقية ، متمنياً لشعب كوردستان العراق التقدم والتطور والازدهار ، ووجهت هذه الرسالة كما قلنا إلى الرئيس البارزاني ليس لصفته الشخصية، بل لأنه يُمثل منصب الرئيس في اقليم كوردستان العراق وأمام العالم وفي المحافل الدولية .
 أما الرسالة النوروزية الثانية ، فجاءت من السيد الأستاذ ” محي الدين شيخ آلي ” تحت اسم ” رسالة نوروز ” . فكانت رسالته حادّة جداً ومفتقرة وبشكل مقصود إلى الأصول والتعريفات والأدبيات والتوصيفات السياسية والدبلوماسية. أي بمعنى أخر عكست رسالته، حالة التناقض والنفور السياسي اللذين يعيشهما التيار الثالث في كوردستان سوريا.  لقد تدخل السيد ” محي الدين شيخ آلي ” مثلاً وبشكل فظّ في الأمور والشؤون الداخلية لكوردستان العراق، عبر وصفهِ قوات ” البيشمركة ” بقوات الحزب الديمقراطي الكوردستاني دون ذكر لاسم حكومة الإقليم بمعناه السياسي . وقام أيضاً من خلال رسالته، بشرعنة قوات حماية شنگال، ولم يقل عنها ، بأن هذه القوات هي تابعة للآبوجية أو لحزب العمال الكوردستاني ، كما وصَفَ البيشمركة ، علماً بأن البيشمركة قوة معترف بها إقليمياً ودولياً ، وتُشكل قوات البيشمركة عماد التحالف الدولي ضد الإرهاب في منطقتنا ، فكيف لا يرى السيد ” محي الدين شيخ آلي ” بأن هذه القوة هي تابعة لحكومة إقليم كوردستان حصراً وليس لشخص مسعود البارزاني أو لحزب الديمقراطي الكوردستاني .؟ ولنقس الأحداث بحسب هذا المفهوم والقاعدة التي خرجت من جعبة السيد ” شيخ آلي “. فلماذا لا يقول السيد ” شيخ آلي ” مثلاً عن الجيش العربي السوري ، بأنه جيش حزب البعث العربي الاشتراكي، أو جيش بشار الأسد  .؟؟!!.
 لقد مرَّرَ السيد ” شيخ آلي ” في رسالته النوروزية كل ما يريده من سياسات وإشارات وتوصيفات إلى الأطراف والتحالفات، ووصلت رسالته فعلاً وبكل أمان الى الطرف الآخر، لكنه لم يدرك بأنه وبهذه الرسالة قد وقع في مطباتٍ معتمة . فكيف يستطيع أن يقفز الى خارج حدود سوريا ويصف قوات البيشمركة بقواتٍ حزبية وهو لا يرى بجانبه وبجانب مقراته الحزبية هناك مكاتب ومراكز حزبية وبيوتاً وأعلاماً تحترق .؟ وهناك منعٌ للاحتفالات بعيد النوروز في منطقة كورداغ .! وكيف لا يرى السيد ” شيخ آلي ” هذا الكم الكبير من المعتقلين والناشطين السياسيين ، ولا يرى أيضاً هذه الهجرة الضخمة والغير مبررة من المناطق الكوردية من سوريا ؟. 
لن أكمل……!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…