كذبة الثعابين السوداء في كركوك

إدريس سالم
          الخيانة هي مَن تُكسِر ظهر كوردستان، قبل أن تَكسِرها مصالح الغرب، واستبداد العرب، وتطرّف الدول الإسلامية، فبعد أن خان وأصبح رمزاً للخيانة، ووضع يده مع جماعته في يد الجنرال الإيراني قاسم سليماني أمنياً وعسكرياً لإفشال قيام كوردستان بدولة مستقلة، وتقسيم الإقليم إلى ثلاثة أقاليم مفتّتة هشّة، فيما آلاء طالباني وهيروخان أحمد ساهمتا سياسياً مع الأطراف العراقية الشيعية لدفع العملية العسكرية التي يقودها لاهور وبافيل إلى النجاح، إلا أن العملية فشلت في خلق الفوضى والاقتتال الكوردي – الكوردي، بفضل قوات البيشمركة والقيادة السياسية في إقليم كوردستان، التي احتكمت كالعادة إلى لغة العقل والصبر في الوقت المناسب، إلا أنهم نجحوا في بعض الامتيازات السياسية والمالية. 
بعد تصريحاته وأفعاله التي كانت تخدم أعداء كوردستان قبل أن تخدم شعبها وقيادتها، خرج اليوم لاهور شيخ جنكي بتصريح قد يخدم كوردستان إذا ما فكّكت شيفراته «ذيل الكلب يبقى أعوجاً، حتى لو وضعوه في ستين قالباً»، عندما أكّد أن قوات البيشمركة ستعود إلى كركوك «القوات التابعة تحت إمرته؟!!»، سواء بالحرب أو السلام، ليزرع مرة أخرى، وكالعادة، آلاف الشكوك والظنون حول تصريحاته التي كان الشعب قد تعهّدها منه، بأنها لا تخدم إلا مصالحه الشخصية وأجنداته، التي لا تكلّ ولا تملّ، وتستخدم أيّ فرصة لتقسيم كوردستان إلى أجزاء وأجزاء، وزرع الانقسامات بين شعبه. 
لاهور، وفي كلمته أمام عدد من ذوي شهداء البيشمركة في قضاء رانية يقول بأنهم لن يتنازلوا عن كركوك والمناطق المتنازع عليها، سواء كان ذلك بالاتفاق أو الخلاف، بالطرق السلمية أو بالحروب، وأنهم سيعيدون تلك المناطق إلى كوردستان، ولن يسلّموها لأيّ قوات أخرى، لعلّ الرجل يعيش في كوكب أو قارة أخرى، فليسأل نفسه: «أين كان يوم خانوا كركوك وأهلها؟ أين كان يوم أنزل الحشد الشعبي الشيعي علم كوردستان في كركوك؟ أين كان يوم تركت قواته لمواقعها، فأصبح كوسرت رسول وقواته التي كانت تستعدّ للدفاع عن كركوك وكوردستان وحده أمام ميليشيات الحشد الشعبي والقوات العراقية؟». 
ألا يخجل من نفسه، وكذبته السوداء قد ظهرت معانيها ومقاصدها ودلالاتها للشعب؟ ثم كيف يوجّه سؤالاً استغرابياً للجنرال الأمريكي المتقاعد ”ديفيد بترايوس“ في منتدى حوار المنامة، عن تناقض الدور الأمريكي في العراق من جهة دعم القوات الأمنية ضدّ داعش، ومن جهة أخرى دعم الميليشيات الشيعية وبأسلحة أمريكية في الهجوم على البيشمركة، وهو المتهم من الشعب أولاً ومن القيادة السياسية بأنه من المتهمين بتسليم كركوك إلى القوات العراقية وميليشياتها الشيعية في 16 أكتوبر، وبأدلة منطقية ووقائع حيّة؟
لم يخجل لاهور شيخ جنكي وبافيل طالباني والعصابة التابعة لهما – بعد الخيانة الشنيعة التي ارتكباها في كركوك – ولم يتواريا ويبتعدا عن الأنظار، بعدما سلّما كركوك وأهلها إلى قاسم سليماني في وضح النهار، وقاما بسحب قواتهما من المعركة، ليتركا كوسرت رسول وحيداً أمام قطعان الحشد الشعبي الشيعي الطائفي، بل بدآ ينصبان مؤامرة جديدة على الاتحاد الوطني الكوردستاتي، مرّة بإعطاء وعود وإغراءات لكوادر داخل الاتحاد، وخاصة ذراع كوسرت رسول، لجعلهم ينتمون إلى ذراع عائلة طالباني، وحتى يكسبوا أصواتهم في انتخابات مؤتمر الحزب القادم، ويكونوا أغلبية داخل المكتب السياسي، ويتهموا كوسرت بأنه أصبح ذراع الرئيس مسعود بارزاني، ويضربوا فيه، ومرة بتصريحات نارية تهديدية بكشف ملفات الفساد، التي هو وبافيل من أحد تنانينها.
طالما أن الثعابين بافيل طالباني ووالدته هيروخان أحمد، ومعهما لاهور شيخ جنكي وآلاء طالباني قد ظهروا في صدارة المشهد الكركوكي خاصة والكوردي عامة، وسمحوا لقاسم سليماني أن يتلاعب بهم، فإن مصير الكورد سيكون التفتّت والتبخّر، والعودة للصراع ما لم يتحرّك الاتحاد الوطني الكوردستاني وقيادة وشعب إقليم كوردستان بطرد هؤلاء الخونة المأجورين، وتطهير الصفوف والالتفاف وراء قيادة سياسية قوية، لها جيش واحد وقيادة واحدة، دون المحاصصة أو التوافقية الحزبيتين، وهو ما يضمن بقاء الصف الكوردي موحّداً أمام العالم، وفي وجه أيّ صراع أو حرب مستقبلية، فمحاسبة الخونة والقتلة وفق منطقي القوة ثم القانون هي ضمانة مهمّة لقيام كوردستان. 
كاتب وصحفي كوردي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…