عبدالرحمن مهابادي*
ازدادت شدة الصراعات بين ذئاب ايران في الاونة الاخيرة بشكل كبير وخاصة في الأسابيع التي تلت الانتخابات في الربيع الماضي. لانه لم يكن مخفيا على احد في تلك الايام كيف كانت هذه الذئاب تمزق بعضها بعضا من اجل الوصول الى كرسي الرئاسة. وانها مسألة وقت فحسب كما رأينا،كل تلك الفضائح التي نشرتها تلك العصابات ضد بعضها في تلك الايام , الشعب الايراني لم يحصد اي نتيجة منها فحسب ولكن ايضا ازداد البلاء الواقع عليه منذ فترة طوبلة بشكل اكبر. إن الزلزال الأخير في غرب إيران هو أفضل دليل على حقيقة أن هذا النظام خلال 38 عاما من حكمه،احتجز الشعب الايراني كرهائن بطرق مختلفة وحرمهم من ابسط الاحتياجات والضروريات الأساسية للمجتمع الإنساني.
يمكن سماع صوت تكسيرالعظام داخل هذا النظام الهرم في رسالة أحمدي نجاد الأخيرة إلى خامنئي.حيث كتب: «اليوم، ظروف البلاد خطيرة جدا… بسبب إهمال السلطات وتأثير خطط الأعداء، والانكماش الاقتصادي غير المسبوق، والسيولة، والمصارف، والبطالة، والفقر،و الفواصل بين طبقات المجتمع والإنتاج الذي وصل الى الوضع المزري.. وفي أي لحظة، قد يواجه البلد والشعب ظروفا لا يمكن التنبؤ بها ولا يمكن ادارتها. إن الضغوط الاقتصادية التي لم يسبق لها مثيل، إلى جانب الضغوط السياسية والعقلية والنفسية، سببت الما وتشرذما حقيقيا لكثير من الناس والأسر وجعلت أجواء المستقبل اصبحت أكثر قتامة في أذهان عامة الناس، ولا سيما فئة الشباب».
وفي تتمة الرسالة يقول أحمدي نجاد لخامنئي: «على سبيل المثال، عانى عدد كبير من مئات الآلاف من الناس من إدارة البنك المركزي وأداء المؤسسات المالية والائتمانية المرخص لها من قبل المراكز الرسمية في البلاد الكثير من المشاكل والكوارث التي ابتلينا بها. العمال الذين يعانون من المشقة والفقر قد حرموا من الحق في الحصول على الحد الأدنى للراتب الشهري لعدة أشهر وقد تعرضوا للاضطهاد بشكل مستمر من قبل المسؤولين واعربوا عن احتجاجهم وتم ضربهم واعتقالهم واحتجازهم».
والحقيقة التي يتم تضمينها في هذه المقالة هي أنه في إيران تحت حكم ولاية الفقيه، هي محض للاستياء الشعبي، على الرغم من انه في بداية الامر لم ياخذ طابعا نقابيا اوسياسيا. ولكن بسبب القسوة والاضطهاد الذي سببه النظام على هذا الشعب، اصبحت الشعارات والمطالب تاخذ طابعا سياسيا بشكل اسرع وتضاعف غضب وعنف الناس ضد النظام. والواقع أنه في العديد من الأماكن اصبحت الشعارات تاخذ شكل «الموت لمبدأ ولاية الفقيه، الموت للدكتاتور، الموت لخامنئي، الموت لروحاني واسقاط الجمهورية الإسلامية»، وهكذا.
والحقيقة الآخرى على ضعف وهشاشة هذا النظام، لاتخرج في هذه المرة على لسان الشعب أو المقاومة الإيرانية، بل على لسان أحمدي نجاد. وإذا كنا ننظر بشكل جيد الى حرب الذئاب على السلطة، سوف نصل الى نتيجة اخرى مفادها ان كل واحد من هذه “الرؤوس الثلاثة” المذكورة أعلاه يسعى الى تكثيف الحرب بين “الرأسين الاخرين”. ولكن في الوقت نفسه لا تفضح هذه الرؤوس كل الحقائق والوثائق ضد بعضها البعض. لأن جميع “الرؤوس الثلاثة” قد شاركوا في جميع الجرائم المرتكبة خلال العقود الأربعة الماضية، ولم تكن أي من عصابات ومسؤولي هذا النظام أبرياء منها. ومن هنا نجد ان سبب الحرب بينهما هي صراع على السلطة فقط لا غير ، وليس شيئا آخر!
طالب علي مطهري، نائب رئيس برلمان النظام، الذي يتماشى مع عصابة روحاني، بأن يحاكم أحمدي نجاد علنا. وقد كتب حميد بقائي، نائب الرئيس التنفيذي لمحمد أحمدي نجاد خلال رئاسته، مخاطبا النائب العام للنظام في 27نوفمبر/تشرين الثاني 2017: «اقتراحنا لكم هو انه بما انكم لا تحترمون القانون والشرع والاخلاق في حقوق الشعب فمن الافضل لكم ان تقدموا استقالتكم». وكان القائد في الحرس الثوري المقرب من الحلقة الضيقة لخامنئي “محسن رفيق دوست” قد هدد أحمدي نجاد في نفس اليوم، وفي مقابلة مع وكالة أنباء إيلنا الحكومية، قال: «سنصل لقضية احمدي نجاد قريبا، والقضاء يضع اللمسات الأخيرة على قضيته».
وفي حين أن حروب الذئاب على السلطة تاخذ بالتصاعد والازدياد، فان هذا الامر ليس في معزل عن التطورات السياسية العالمية والإقليمية في المنطقة، وعلى الجانب الآخر فان الغضب وعدم الرضا الشعبي من هذا النظام بالتوازي مع ازدياد حدة صراع الذئاب وتوسعه قد دب الرعب والخوف في قلوب قادة ومسؤولي هذا النظام المعادي للشعب الايراني.
رجل الدين مصباح يزدي، الذي كان أحد الرعاة الرئيسيين لأحمدي نجاد، قد قال سابقا «طاعة أحمدي نجاد من اطاعة الله» ، قال مؤخرا في إحدى مقابلاته: «لا أوافق على سلوك أحمدي نجاد اليوم. لأنني أرى الآن انحرافا في سلوكه».
الآن، السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو : ما هو الحل؟؟ وإلى أي مدى ترجع اصول حرب الذئاب ؟؟، والى اين وصلت حرب الذئاب على الساحة السياسية اليوم؟ للإجابة على مثل هذه الأسئلة، يجب عليك أولا النظر في طبيعة هذا النظام.
والواقع هو أنه طالما ان هذا النظام الطائفي المبني على حكم ولاية الفقيه على قيد الحياة لا يمكن تصور وجود حل وطريقة لانقاذ ونجاة إيران والايرانيين من الهلاك. وبعبارة أخرى، عندما لا تعود سيادة إيران إلى الشعب الايراني، فإن إيران لن تعود بدورها إلى المجتمع الإنساني المعاصر. الناس الممثلة بمقاومة إيران مع صورتها المعروفة مريم ، هذه المقاومة التي سعت منذ 20 يونيو 1981، إلى حل الإطاحة بهذا النظام وقدمت في سبيله ثمنا باهظا، وفي السنوات الأخيرة، وفرت منصة لعرض برنامج بعشرة مواد من اجل (ايران حرة غدا) حتى يراه العالم اجمع.
الآن نرى علامات السقوط والاطاحة بهذا النظام والضرورة لذلك من داخل وخارج النظام ايضا ، والتطورات تتسارع داخل النظام وعلى المستويين الإقليمي والدولي!
*کاتب و محلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com