منطقة عفرين.. ساحة صراع دولية…

عبدالرحمن آبو

مع اقتراب الأزمة السورية من نهايات الحلول المفروضة، وفقاً للقرار الدولي المعني بالساحتين السورية والعراقية…حسب المعطيات، وحسر الصراع وتجذيره بين الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا الاتحادية، بعد ما تم إنهاك الساحتين بما فيه الكفاية…والعمل التدريجي معاً على إنهاء الأدوات التي تم استقدامها و استخدامها في “مرحلة الفوضى” ( تنظيم داعش الإرهابي، وجبهة النصرة وأجنحتها الإرهابية المختلفة، وتنظيم حزب الله المسيس، ومنظومة ب ك ك … وغيرها ضمن اللائحة السوداء، وحتى النظام الديكتاتوري).. تلوح في الأفق خلق بوادر أزمة مؤقتة انتقالية لتكون الجسر المؤدي إلى تطبيق القرار الدولي… 
فتم تكليف فرق ولجان خاصة لخلق الأرضية لترتيبات سياسية وميدانية وخاصة في الساحة السورية، التي تشهد انهيار الدولة المركزية، والتحول إلى ( الدولة الاتحادية- أقاليم فيدرالية )  عبر عمليات الفك والتركيب لجملة المعادلات الميدانية – العسكرية التي سادت مرحلة الفوضى…لترسيخ مناطق النفوذ بين امريكا ( تركيا العثمانية ) وروسيا ( إيران الصفوية الفارسية )…
في مرحلة الأزمة السورية التي قاربت على الثماني سنوات.. عمد النظام الديكتاتوري على تقسيم سوريا إلى ( 29 ) كانتونا، وذلك بتوصية من قاسم سليماني رجل الاستخبارات الإيراني القوي واليد الطولى لملالي قم، بأنظمة وقوانين مقاربة للحالة الاجتماعية، أو الاثنية، أو المذهبية، في تلك المناطق – الكانتونات وذلك بالاعتماد على مجموعات تم استقدامها بعناية مفرطة…ووضع كافة صلاحيات الدولة ( في مرحلة الأزمات ، وأحكام الطوارئ) ،. من ملاحقات تشبه مطاردات الغابة و سجن المعارضين الثائرين الحقيقيين وتكحيلهم بأشد علميات التعذيب، والتفنن فيها ( كما مارستها سلطات قم مع المعارضين الإيرانيين والكورد والعرب والبلوش والآذريين، إبّان الهبات المختلفة التي شهدتها إيران بعد تسعينيات القرن الماضي، بالإضافة لارتكاب المجازر الدموية بدون حسيب أو رقيب ووو…  لإدارة تلك المناطق كسلطات وكيلة مؤقتة لحين انتهاء الأزمة…
نتيجة تلك الممارسات الوحشية من قبل تلك المجموعات التي تم تسليطها على رقاب الشعب السوري ( بكورده وعربه وباقي مكوناته)….تم تفكيك معظم مفاصل الدولة السورية على يد تلك المجموعات المنفلتة…التي تحاول الآن الديكتاتورية جاهدة من إعادة تركيب ما تم تقسيمه، لكن على ما يبدو ونتيجة تحول ساحة سوريا بشكل عام وساحة كوردستان- سوريا إلى ساحة صراع دولية، وما تشهدها مناطق سوريا ككل، وبالأخص منطقة عفرين الكوردستانية، من تهديدات للطورانية التركية، وبقايا أدوات الأزمة من مجموعات عسكرية متشددة التي تعادي جهاراً أي طموح قومي كوردي حقيقي، حسب الاستقراءات لا يمكنها البتة الآن من ارتكاب الحماقة في استحلال منطقة عفرين، فطيلة فترة الأزمة ومراحلها كانت حدودها الدولية الجنوبية المتاخمة لكوردستان- سوريا محمية وأمينة أكثر من اللازم ، لماذا الآن وهي تعرف جيدا الموجود في كوردستان- سوريا كسلطة وكيلة، ومن أية أقبية استقدمت!!!؟   منطقة عفرين تم نأيها عن الصراع في فترات الأزمة والصراع المسلّح الدموي وفقاً لأجندات أطراف الصراع، الآن نفس الحالة هي السائدة بعد أن أنحسر الصراع ليصبح دولياً…قواعد اللعبة الإقليمية  والدولية تغيرت، فهي صادفت الذكرى المؤية المشؤومة لاتفاقية ( سايكس- بيكو )، وكذلك وصول الجمهوريين إلى واجهة القرار الدولي الحاسم بقيادة الرئيس الأمريكي ( دونالد ترامب )..ووجود إرادة دولية قوية لتنفيذ جملة قرارات دولية خاصة بمنطقة الشرقين الأوسط والأدنى، والتمهيد القوي لترتيب إعلان حدث العصر ( ولادة دولة كوردستان المستقلة ) بقيادة المشروع القومي الكوردي والكوردستاني الذي يقوده القائد القومي الرئيس مسعود بارزاني، عبر استفتاء شعبي تمّ إقراره بتاريخ 25-9-2017 وبتوافق دولي ليكون الأرضية القانونية لولادة الدولة الكوردية المستقلة في جنوب كوردستان، تعقبه خطط تدريجية تشمل كوردستان الغربية ولاحقاً كوردستان الشمالية والشرقية  للوصول إلى ولادة ( كوردستان الكبرى )…
الأوضاع الحالية تمهيد للمئوية القادمة لمنطقة الشرقين الأوسط والأدنى، وتحمل معها ترتيبات تقارب طموحات الأغلبية الساحقة من الشعوب المظلومة و المقهورة، والتي توافقت في غفلةٍ من الزمن مع المصالح العالمية، وسيكون لشعبنا الكوردي الخير الكبير، وستشهده قادمات الأيام…
3-7-2017 عفرين  
صحيفة كوردستان العدد 564 تاريخ 15-7-2017

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…