المثقف يتحدث عن الظاهرة ولا يتحدث عن الأسباب التي أنتجها – الجزء الثالث

 دلكش مرعي 
ومن بين الأسباب المهمة الأخرى التي أدى إلى فشل المثقف الكردي في غربي كردستان هو محاولته حرق المراحل التاريخية والقفز فوقها فقد حاول أن يرتقي بشعب يعيش مرحلة  التخلف الفكري والتخلف العقائدي والقيمي فقد حاول أن يصل هذا الشعب من هذه المرحلة المتخلفة إلى مرحلة المعاصرة والحداثة عبر أفكار وقوالب ووصفات نظرية جاهزة ومستوردة فقد سلك هذا النهج بدل أن يعالج قيم التخلف تلك وإزالتها وتحرير العقل الكردي منها فقد بنا نهجه على أساس رديء وهش ركّب من خلاله القيم المتطورة تركيباً قصرياً على القيم والبنية الفكرية المتخلفة فأنهار مشروعه الثقافي فعندما تبنى البيت على أساس خاطئ ورديء فالبيت سينهار وسيتحطم وسيكون الضريبة باهظة الثمن 
فالمرأة على سبيل المثال لن تتحرر من القيود المفروض عليها عبر مقال ولن تنتهي جرائم الشرف بحقها إلا عبر تغير مفهوم الشرف ذاته وحصره في إنجاز علمي أو حقوقي  يخدم ازدهار وتطور هذا الشعب ولن يزول الحقد والكراهية والصراع إلا بعد تكريس قيم محبة الإنسان واحترام حقوقه وكرامته وجعل ذلك شرفاً مقدساً للجميع .. فالجسم المعلول لن يشفى عندما تغلفه بعباءة فضفاضة ومزركشة بل سيزداد تلك العلل وينتشر ببقية إنحاء الجسم ..  فالأساس المتين والصلب يبنى فوقه طابقاً بعد الآخر وليس العكس فالمثقف أهمل قيم التخلف التي كانت وراء معانات ومآسي هذا الشعب تاريخياً فكان هذا القيم تعيد إنتاج ذاتها وإنتاج أزماتها على الدوام  فبناء الإنسان يتطلب منهجاً علمياً في التفكير ليتم عبر ذلك إزالة قيم التخلف بشكل علمي وعملي على الأرض وبالتدريج وليس عبر صيغ ووصفات على الورق  .. اختصاراً فأن الفكر والقيم والعقائد المتخلفة لهذا الشعب هي التي كانت ومازالت تنتج التفكك والتشرذم المجتمعي وتخلق الوهن والهزائم وتدفع بالمجتمع نحو التدمير الذاتي وتقضي على روح المقاومة لديه . العلاج الوحيد إزاء هذا الواقع المأساوي وإزاء حالة الإحباط والبلادة الفكرية يتطلب من المثقف إن يشخص قيم التخلف تشخيصاً دقيقاً ويضع الحلول العلمية والعملية  لمعالجة هذه العلل  وبدون هذا التوجه فأن التراث الموبوء سيعيد إنتاج ذاته وأزماته وشخوصه

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…