من أيلول إلى أيلول

محمد عبدي 
بعدما تكللت ثورة 14تموز علم 1958 بالنجاح تم مباركتها من قبل جميع الشعب العراقي بعربه و كورده و الطوائف الأخرى، و بموجب الدستور العراقي المؤقت تمّ الإقرار بحقوق الشعب الكوردي كشركاء حقيقيين, وسرعان ما تنصل عبد الكريم قاسم عن ما أقره الدستور العراقي من حقوق، و سلك طريق الأنظمة الدكتاتورية الأخرى التي مارست ضد الشعب الكوردي القمعٍ و الاستبداد لكسر إرادته , حيث بدأ بتأجيج صراعٍ كوردي- كوردي وإرسال جحافله العسكرية إلى إقليم كردستان للقضاء على آمال الشعب الكوردي و قضيته العادلة , لذا أطلق البرزاني الخالد الشرارة الأولى لثورة أيلول عام 1961 دفاعاً عن كرامة شعبه ورفضاً للظلم والعبودية، ومطالباً بحق تقرير المصير لشعبه و حرية كوردستان .
أيلول السابقة المنتصرة التي اندلعت في أصعب الظروف و أقساها على الشعب الكوردي حيثُ حققت اتفاقية 11آذار التي بموجبها أقرت حكومة العراق المهزومة تحت ضغط الثورة بحكم ذاتي لكردستان العراق رغم شراستها و شراسة الدول المغتصبة لكوردستان والمتكالبة و المتكاتفة والغير المتفقة علي أي شيء غير عداوة الشعب الكوردي و قضيته!.  واستخدام كافة السبل لحياكة المؤامرات الإقليمية و الدولية, حيث مارست بحقهم أبشع الجرائم ضد البشرية التي هزت عرش الإنسانية بوحشيتها من إبادة جماعية و قصف بالكيماوي وعمليات الأنفال و قتل البارزانيين و تدمير القرى دون أي اعتبارٍ بما أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و بما يحصل لهذا الشعب التواق إلى الحرية كلها تحت ذرائع وهمية و أدت إلى انتكاس آمال و طموحات هذا الشعب.  
أيلول اليوم ليست كأيلول الأمس التي انتهكت حقوق الكورد في ظل المصالح الدولية و المؤامرات الإقليمية, فأيلول اليوم قوية تملك جميع مقومات البقاء و الانتصار على أعداء القضية و تملك جميع مقومات السياسة, فقد عمّقت علاقاتها الدولية على كافة الأصعدة السياسة و العسكرية و الاقتصادية مع كبرى الدول ذات القوة و التأثير في القرار الدولي, فقد بنى جيشا قويا يملك إرادة صلبة يعرف كيف يدافع عن نفسة -لا بل عن العالم و الإنسانية- فقد استطاع أن يقنع العالم أن الشعب الكوردي يستحق كباقي شعوب العالم  تحصيل حقوقه متحدياً كافة الظروف مكتسباً عطفا دوليا و إنسانيا بقضيته و بناء مؤسسات نموذجية, حيث أصبح ملاذاً و قطباً و قبلة لكبار القادة السياسيين و الدول الكبرى للقضاء على أعتى الدكتاتوريات قساوةً في العالم (داعش) مدافعا عن حدوده و شعبه بقيادة حكيمة يرأسها الرئيس مسعود برزاني الذي أصبح شعاعاً يضيء في صفحات البطولة و الملاحم التاريخية, كرس حياته ووهبها لحرية شعبه لكي يرى النور و الحرية و مصراً على الوفاء لدماء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل رفع راية الكورد و رسم حدوده بدمائهم الطاهرة.
أيلول اليوم أعلنت عن استفتاءٍ جماهيري و بقرارٍ من السلطة التشريعية و غالبية الأحزاب ذات الثقل الجماهيري في 25-9-2017 م. لتقرر مصيره بقرارٍ و تصويتٍ جماهيري لإعطاء استقلاله الصبغة القانونية متحدياً كل العراقيل و التهديدات ليعلن للعالم بأن دولة كوردستان قادمة و هي دولة مدنية تقّر بحقوق جميع مكوناته الكوردستانية, أيلول مستمرة للمضي قدماً مهما تعالت الأصوات المناهضة لتقول كلمتها و تكسب الشخصية الدولية الجديدة بإرادة شعبها و قادتها الذين قالوا كفى للعبودية و هزمت عرش الدكتاتورية و الطائفية.
قامشلو 20-9-2017 م.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…