صفية عمر
ان الشعب الكردي هو من الشعوب العريقة في الشرق وكان له الدور في بناء العديد من الحضارات الشرقية وأنه من الشعوب المتمايزة ثقافياً ولغوياً وقومياً ، ومن الطبيعي ان يعيش على أرضه التاريخية كردستان ويتعايش مع بقية الشعوب المتجاورة بسلام ووئام وأخوة دون أن يلجأ مطلقاً إلى الهجوم عليها أو محاربتها أو احتلال أراضيها بل كان يسعى دوماً بالدفاع عن نفسه ضد كل الغزاة والمحتلين . وانه من الشعوب الذي يعشق الحرية ويتغنى بها ويناضل من أجلها ، وكان يسعى دائماً بمساعدة بقية الشعوب في التصدي للغزاة وقهرها وتحرير آراضيها ، رغم ذلك تعرضت كردستان إلى العديد من الغزوات الظالمة والبربرية وقسمتها في النهاية وفق الاتفاقيات الاستعمارية بين أربعة دول لتجزئة شعبها وإنهاك قواه وسهولة السيطرة عليه .
ان الشعب الكردي هو من الشعوب النادرة في العالم رغم تعداد سكانه وكبر مساحة أراضيه ونضاله وتضحياته الجسام وتعرضه للكثير من الظلم والمعاناة والمجازر البشرية والقهر وتشتته في كل أصقاع الارض وأبرمت بحقه الكثير من المؤامرات والاتفاقيات الدولية أجهضت نضاله بالنيل من حريته استقلال وطنه وبناء دولته أسوة بكل شعوب العالم .
ان الشعب الكردي في جنوب كردستان كان له الدور الأساسي في نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي في مقارعة دكتاتورية صدام حسين وبالتنسيق مع المجتمع الدولي وبالتالي اسقاطها وبناء العراق الجديد ومن ثم التأسيس لمرحلة جديدة تكمن في صياغة دستور عصري حضاري وديمقراطي يتساوى فيه كل مكونات الشعب العراقي على أساس الشراكة الحقيقية في العراق الاتحادي والعمل على بناء الدولة المدنية والقانون ، ولكن للأسف تحولت الدولة العراقية إلى محافظة إيرانية بامتياز وتحولت حكومتها الى حكومة طائفية مذهبية تنفذ أجندت النظام الفاشي في ايران وبدأت تتنصل من تنفيذ الدستور وتعرقله وتعطل كل أنواع الشراكة مع حكومة اقليم كردستان ، رغم ان هذا الدستور ومنطق الشراكة في العراق قد أصيغت بإشراف دولي .
وأن للشعب في جنوب كردستان وقيادته السياسية والعسكرية ساهم وبشكل فاعل في محاربة الارهاب وواجه بشجاعة نادرة في مواجهة أشرس تنظيم ارهابي في العالم وهو تنظيم داعش الإرهابي هذا التنظيم الذي تشكل من أجل محاربته تحالف دولي وكان للبيشمركة الأبطال الدور الحيوي في محاربته وإنهائه وتحرير الكثير من المناطق في كردستان والعراق .
وقد توصل الشعب الكردي في جنوب كردستان وأحزابه السياسة وحكومته وبرلمانه ورئيسه الزعيم الكردي مسعود بارزاني إلى قناعة كاملة بعدم جدوى الشراكة مع حكومة بغداد التي لم تنفذ بنود الدستور العراقي بل ساهمت في تعطيله وعدم تقديم الالتزامات المادية لحكومة اقليم كردستان وسعت الى تجويع الشعب الكردستاني وحرمت عن البيشمركة الأسلحة في الوقت الذي كانت البيشمركة تحارب الارهاب وقدمت في مواجهته آلاف من الشهداء والجرحى ، ان هذه السياسات المجحفة بحق الشعب الكردستاني أجبرت الأحزاب السياسية بقيادة الرئيس مسعود برزاني قائد الأمة الكردية باتخاذ قرار اجراء الاستفتاء لاستقلال كردستان في الخامس والعشرين من شهر أيلول، هذا القرار الذي ينسجم مع الدستور العراقي ومع المبدأ العالمي المنصوص بحق شعوب في تقرير مصيرها، هذا المبدأ الذي وقع عليه كل دول العالم ومنها العراق القديم والجديد ، هذا الحق المشروع والذي تضمنه كل المباديء السامية.
حيث ان حكومة وبرلمان كردستان قررت هذا الإجراء الديمقراطي والذي يحق للشعب الكردستاني ان يقرر مصيره بالتصويت الذي حقق فيه الشعب الكردستاني نجاح باهر وبنسبة ٩٢ ٪ وهي نسبة عالية جداً تمنح الشعب الكردستاني الحق في الاستقلال والتأسيس لدولته المستقلة .
ان المجتمع الدولي وكافة الهيئات والمنظمات الدولية الضامنة لحقوق الانسان مطالب بدعم هذا القرار الذي اتخذه الشعب الكردستاني والسعي الجدي بالعمل على بدأ حوار جدي بين حكومة بغداد وحكومة كردستان لتنفيذ هذا القرار ومساعدة الشعب الكردستاني في بناء دولته والتضامن معه ضد كل هذه التهديدات التي يتعرض له من الدول التي تضطهد هذا الشعب .
وحتى لا تتحول هذه الدول إلى حماة الظلم والقمع والتعسف والديكتاتوريات الرافضة لحق الشعوب في تقرير مصيرها و تتعامل مع هذه القضايا بمعايير مزدوجة، وبالتالي سيكون مستقبل المنطقة مظلماً ، وقد تنجر منطقة الشرق الأوسط لحروب جديدة لا تخدم أحداً . ولهذا ان المجمتع الدولي يجب ان يتحمل مسؤوليته الاخلاقية اتجاه الشعب الكردستاني ويدعمه في استقلاله وسيكون ذلك فاتحة خير على كل مكونات الشرق وسيتلازم ذلك بالاستقرار والأمن والخير ، وغير ذلك سيفقد شعبنا الثقة بالمجتمع الدولي والعالم الحر وسيعتبر داعماً الأنظمة الديكتوتورية والظالمة .
علماً ان شعبنا في جنوب كردستان لن يتراجع عن قراره مطلقاً وسيستمر في نضاله ، وان ارادته أقوى وانه قادراً ان يتوافق مع المصالح الدولية .